البحث عن الفنان الاعظم ( 1 )

مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3824 - 2012 / 8 / 19 - 00:08
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

ماهو الفن ؟
ماهو اجمل مشهد رأيتموه فى حياتكم ؟ هل كان غروب الشمس فى المناطق المدارية , سلسلة جبال مكللة بالثلوج , امتدادا واسعا من الازهار فى الصحراء , الالوان الخلابة لغابة فى فصل الخريف ؟
معظمنا لا تفارق مخيلتهم احدى اللحظات المميزة التى فيها اسرت الارض لبهم بجمالها. ونحن نود ان نقضى عطلنا فى اماكن فردوسية ونلتقط صورا للمناظر التى لا تنسى.
فى المرة القادمة التى تحدقون فيها الى هذا الجلال الذى لم يشوه , هنالك اسئلة يمكن ان تتأملوا فيها. الا تشعرون ان شيئا ما ينقص لو كانت كل لوحة فى معرض فنى موقعة باسم " مجهول " ؟ اذا اثارت اعجابكم بعمق نوعية وجمال اللوحات فى احدى المعارض , افلا ترغبون فى ان تعرفوا من هو الفنان ؟ هل يجب ان نكتفى فى التأمل فى الروائع الخلابة فى الارض ونتجاهل " الفنان " الذى خلقها ؟
صحيح ان بعض الاشخاص يدعون انه لا شئ يدعى فنا فى الطبيعة - ان الفن يتطلب مهارة ابداعية بشرية وتعبيرا بشريا عنه. ولكن ربما كان هذا التعريف للفن محدودا جدا. فماهو الفن بالتحديد ؟
من المستحيل على الارجح ايجاد تعريف للفن يرضى الجميع. ولكن ثمة شرح جيد موجود فى قاموس وبستر الجامعى الجديد التاسع الذى يقول ان الفن هو " الاستعمال الواعى للمهارة والخيال المبدع وخصوصا لانتاج اشياء جمالية. " وعلى هذا الاساس يمكننا القول ان الفنان يحتاج الى المهارة والخيال المبدع كليهما. وعندما يضع هاتين الموهبتين موضع العمل يصير قادرا على انتاج شئ يجده الاخرون مسرا او جذابا.
فأشجار السكوية العروية السامقة فى كاليفورنيا , الشعاب المرجانية الكثيرة فى المحيط الهادى , الشلالات المهيبة فى الغابات المطيرة , وقطعان الحيوانات الهائلة فى السافانا الافريقية مهمة للجنس البشرى بطرائق عديدة اكثر من لوحة " موناليزا " لهذا السبب اعتبرت اليونسكو متنزه ردورد ( السكويات العروية ) الوطنى , الولايات المتحدة الاميركية : شلالات ايغواسو , الارجنتين والبرازيل : الحاجز المرجانى العظيم , اوستراليا : ومتنزه سرنغتى الوطنى , تنزانيا. جزءا من " التراث العالمى " للجنس البشرى.
هذه الكنوز الطبيعية تشمل مع الانصاب التذكارية التى صنعها الانسان , ولماذا ؟ الهدف هو الحفاظ على كل ماله " قيمة مميزة. " وتقول اليونسكو انه مهما كان تاج محل , الهند , او " الاخدود العظيم " الولايات المتحدة الاميركية , فهو يستحق ان يحفظ من اجل اجيال المستقبل.
ولكن لا يلزمكم ان تذهبوا الى متنزه وطنى لتعاينوا المهارة الابداعية. فأبرز مثال لذلك هو جسمكم. لقد اعتبر النحاتون فى اليونان القديمة الشكل البشرى مثال الروعة الفنية , وحاولوا ان يتقنوا تصويره قدر المستطاع. وبالمعرفة التى لدينا اليوم عن الطريفة التى يعمل بها الجسم , ينمو تقديرنا اكثر للقدرة الفائقة المطلوبه لخلقه وتصميمه.
وماذا عن الخيال المبدع ؟ انظروا الى التصاميم الرائعة على ريش ذيل الطاووس عندما يرفعه , الى الورود الرقيقة , او الى حركة سريعة الى طائر طنان جميل يتحرك كراقص الباليه. ان ابداعا كهذاا يعتبر فنا بالتأكيد , حتى قبل ان يرسم او يصور. ان احد الكتاب فى الجغرافيا القومية لفتت نظره الخيوط ذات اللون الارجوانى الخفيف التى تحمل المئبر فى زنبقة التكة , فسأل عالما شابا عن القصد منها , وكان جوابه البسيط : " انها تكشف الابداع الذى عند الله. "
لا توجد المهارة والخيال المبدع بكثرة فى العالم الطبيعى فحسب بل كانا دائما مصدر وحى للفنانين البشر. قال النحات الفرنسى الشهير اوغست رودان " الفنان هو صديق الطبيعة المؤتمن. فالازهار تجرى حوارات معه من خلال الانحناءة الجميلة لسويقاتها وتناسق درجات الالوان فى تويجياتها. "
ويقر بعض الفنانين علانية بحدودهم عندما يحاولون مضاهاة الجمال الطبيعى. اعترف ميكال انجلو , المعتبر احد اعظم الفنانين على الاطلاق : " العمل الفنى الحقيقى ليس سوى ظل للكمال الالهى. "
والعلماء فضلا عن الفنانين , يسحرهم جمال العالم الطبيعى. يوضح بول دايفيز , بروفسور فى الفيزياء الرياضية , فى كتابه عقل الله انه " حتى الملحدون غير العاطفيين لديهم غالبا مايدعى احساسا بالتوقير للطبيعة , افتتانا واحتراما لعمقها وجمالها ورهافتها , وهذا قريب من الرهبة ىالدينية. " فماذا يجب ان يعلمنا ذلك ؟
يتعلم طالب الفنون عن الفنان لكى يفهم ويقدر فنه. فهو يدرك ان عمل الفنان هو انعكاس لشخصيته , وفن الطبيعة يعكس ايضا شخصية صانع الطبيعة , الله القادر على كل شئ.
ثمة قصد فى النتاج الفنى لخليقة الله , وهو ليس وليد الصدفة. فبالاضافة الى اغناء حياتنا , تكشف الطبيعة عن مهارات وابداع وعظمة اعظم فنان. المصمم الكونى الله المحب.
" يتبع "

#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل