حرية القول هل يساء استعمالها (2)

مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3821 - 2012 / 8 / 16 - 09:34
المحور: حقوق الانسان
    

نحن الان فى القرن ال21. ولاشك ان هذا القرن يحمل معه امالا ومثلا وقواعد اخلاقية جديدة. مع افكار عن ابتكارات تكنولوجية ومطالبات بحريات اكبر. والاراء التقليدية لدى الحكومات والاديان والناس بدأت تفسح المجال لأصوات ومطالب جديدة. وفى اماكن كثيرة يطالب بالحاح بازالة القيود الموضوعة على على حرية القول والتعبير بصرف النظر عن العواقب.
وماكان مرفوضا وممنوعا لدى مقدمى البرامج الاذاعية والتلفزيونية ورقبائهخا - اللغة البذيئة والمشاهد والحركات الاباحية - صار الان شائعا فى بلدان كثيرة ويمارس تحت غطاء حرية القول.
والاشخاص المهرة فى استعمال الكمبيوترو سواء اكانوا راشدين ام اولادا, صاروا بامكانهم ان ينقلوا صورا حية لاعمال جنسية فاحشة الى قارات اخرى فى ثوان قليلة وان يتحدثوا الى مرتكبى جرائم جنسية ومتحرشين بالاولاد, وهؤلاء يطلبون اسماء وعناوين لعقد لقاءات سرية.
. والاغانى التى تحتوى على كلمات تلمح وتشجع على الانتحار وقتل الوالدين والشرطة والمسؤولين الحكوميين تسمع الان يوميا فى الراديو والتلفزيون او توجد على تسجيلات يستمع اليها الاولاد.
قليلون من الذين يطالبون بحرية مطلقة للقول يختلفون فى الرأى مع قاضى المحكمة العليا اوليفر ويندل هومز الاصغر الذى ذكر قبل اكثر من نصف قرن فى قرار شهير كان كان نقطة تحول فى قضية حرية القول : " ان حماية القول فى اشد مظاهرها لا تحمى انسانا فى مسرح يصرخ كذبا ان هنالك حريقا مسببا بذلك الذعر. " والعواقب الناتجة من عمل كهذا معروفة. فكم هو غير منطقى اذا ان لا يكترث هؤلاء الاشخاص انفسهم للجملة التالية فى ذلك القرار عينه ويتحدوها بعناد, فقد قال هومز : " المسألة فى كل قضية ما اذا كانت الكلمات المستخدمة قد استخدمت فى ظروف - وكانت من طبيعة - تسبب خطرا محدقا واضحا بحيث تنتج اذى خطيرا فى مسائل يحق للكونجرس ان يتخذ الاجراءات للحيلولة دون حدوثها.
ذكرت مجلة تايم : " لقد تعود معظم الامريكيين على الابراز العلنى للشهوة الجنسية - حتى انهم لا يكادون لا يلاحظون وجود الاباحية. " ولكن الجنس الصريح والكمبيوتر اجتمعا وخلقا بعدا ومعنى جديدين لكلمة الاباحية, فقد صارت شائعة وتغلغلت فى مجتمعات العالم بأسره.
وتصف مجلة تايم احد انواع الاباحية عبر الكمبيوتر بانه مزيج من من المواد المنحرفة التى تشمل صورا عن تقييد الشريك فى الجنس, السادية, الماسوشية, التبول, التبرز, واعمال جنسية مع حظيرة مليئة بالحيوانات. " وظهور مواد كهذه فى شبكة عامة للكمبيوتر بحيث تكون فى متناول الرجال والنساء والاولاد حول العالم, يرسم علامات استفهام خطيرة حول اساءة استعمال حرية القول.
تثور ثائرة مؤيدى الحريات المدنية بسبب الجهود التى يقوم بها الكونجرس لوضع قيود على امور كالاباحية عبر الكمبيوتر, انسجاما مع قرار القاضى هومز والمحكمة الاميريكية العليا. ذكر استاذ فى الحقوق فى جامعة هارفرد : " ان هذا انتهاك مباشر للتعديل الاول. " وحتى المدعون العامون المتمرسون يهزأون بذلك, كماعلقت مجلة تايم, قال احدهم : " لن يصمد ذلك امام الفحص حتى فى محكمة الجنح. " واعلن عضو فى الكونجرس الاميركى : " انه انتهاك لحق الراشدين فى الاتصال واحدهم بالاخر. "
تثير حرية القول جدالا كبيرا فى فرنسا فى الوقت الحاضر, كتب المؤلف الفرنسى جان مورانج فى كتابه عن حرية القول : " لا شك ان تاريخ حرية القول لم ينته بعد وستستمر فى اثارة الانقسامات . . . فلا تكاد تمضى سنة لا يطلق فيها فيلم او مسلسل تليفزيونى او حملة اعلانية تثير ردود فعل عنيفة وتحيى من جديد الجدال القديم الذى لا ينتهى بشأن الرقابة. "
وذكرت مقالة ظهرت فى الصحيفة الباريسية لو فيجارو ان فرقة راب موسيقية تدعى ( خدمة مريرة ) تحث المعجبين بها على قتل رجال الشرطة. تقول كلمات احدى اغانيها : " لا سلام ما لم ترقد الشرطة بسلام. " وذكر الناطق باسم الفرقة : " فى اسطوانتنا نقول لهم ان يحرقوا مراكز الشرطة ويضحوا يالشرطيين, وهذا امر عادى جدا. " ولم يتخذ اى اجراء ضد فرقة الراب.
وتؤيد فرق الراب فى اميركا ايضا قتل رجال الشرطة, ويعلنون حقهم فى ذكر تعابير كهذه تحت غطاء حرية القول. وفى انجلترا وايطاليا وفرنسا وغيرها من الدول الاوروبية وحول العالم ايضا, يطالب اناس كثيرون بعدم فرض قيود على حرية التكلم علانية ولو كان القول " من طبيعة . . . تسبب خطرا محدقا واضحا. " فمتى سيسنتهى هذا الجدال, ومن سيكون الرابح ؟
" يتبع " المقال الاخير.

#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل