في مسألة القياس و التقييم

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 01:02
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

لربما مسألة القياس و التقييم قديمة بقدم الانسان فرغم وفرة الموارد الطبيعية شعر الانسان في نقطة معينة من حياته بشحتها او بانتهائها في يوم من الايام الى ان وصلنا اليوم الى نقطة رهيبة من حياتنا و بدأنا نقيس تلك المواد الجوهرية التي لا يمكن الاسغناء عنها كالماء و الهواء ايضا. قياس شيء معين يعني دائما تحويله الى بضاعة اي تبضيعه.

ليس القياس فقط مسألة اقتصادية و لا يشير فقط الى طمع و جشع الانسان بل ايضا الى عدالة الانسان لان تقسيم الربح و المال بشكل عادل و حكم المحاكم (يقاس بالمال او بالسجن او بالاعدام) مسائل اجتماعية ايضا و لكن اينما وجد القياس ليس الغش ببعيد و الا لماذا يغش الطلاب في الامتحانات؟ يمكن ان نفهم مسائل اجتماعية اخرى مثل الثأر و الزواج والطلاق ايضا من زاوية اقتصادية تقاس (التعويضات و المهر و النفقة الخ) اضافة الى نواحي تفرضها التقاليد و الثقافة و لكن مها تأملت فيها لا تستطيع الا ان تربطها بالقياس (السن بالسن و العين بالعين).

لكل شيء قياس سواء كانت مادة او قيمة او حرارة. فمثلا نقيس وزننا بانتظام لمراقبته و نقيس ضغط الدم و النبض و نسبة الكولسترول (الدهن) في الدم و نقيس الغرفة لاجل ترميمها او تأثيثها و تقيس الامتحانات سعي الطلاب و نجاح المعلم و نقيس درجات الحرارة والوقت يوميا. نظم القياس حياتنا بشكل جذري عندما بدأنا بتقسيم الوقت الى ثواني و دقائق و ساعات و ايام و اسابيع و سنين و قسنا عمر الانسان و قسمنا المكان الى بيوت و غرف و حدائق و ومدارس و قسنا القيمة بالعملة النقدية الخ. اينما نذهب لا نجد مفر من القياس.

ليست هناك مشكلة مع القياس بحدود او بعبارة اخرى يصوننا القياس من تجاوز الحدود و لكن المجتمعات الغربية على وشك ان تكون ضحية مرض القياس الذي بدأ ينتشر في كل مكان مثل مرض معد لدرجة تجاوز القياس جميع المقاييس وتحول الانسان ايضا الى بضاعة. يجرى تبضيع الجامعات الاوربية على قدم و ساق اليوم و تتعرض الطبقة العاملة الى تقييمات appraisals سنوية منتظمة و الى ضغوط كبيرة من ناحيتين:
اولا performance اي ضغط مستوى الانتاج
ثانياdeadlines اي ضغط الالتزام بالمواعيد و الجداول الزمنية

و اخيرا لا اعلم مدى تأثير الضغط الديني الاسلامي (لحدته و خلقه الشعور بالذنب) بقياس اعمال الانسان في الدنيا لاجل الفوز بالجنة او التعرض الى عقوبة الجهنم (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) على صحته النفسية او الجسدية لعدم وجود دراسات بهذا الخصوص؟

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل