أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان (38) : عواقب عدم الختان في الاسلام















المزيد.....

مسلسل جريمة الختان (38) : عواقب عدم الختان في الاسلام


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3808 - 2012 / 8 / 3 - 09:39
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


ذكرنا في مقال سابق عواقب عدم الختان في اليهودية (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=313668). فما هي عواقب غير الختان في الاسلام؟

عقاب مخالفة الشريعة
-------------
كما هو الأمر عند اليهود، يرى رجال الدين المسلمون أن الشريعة هي التي تقرّر ما هو شر وما هو خير وهي التي يجب أن يتّبعها الإنسان. فالله هو المشرّع الذي يسن ما يجب على المرء عمله أو تفاديه. وكما عند اليهود، مخالفة الشريعة لها عواقبها في رأي رجال الدين المسلمين. فالشيخ الشعراوي يقول فيمن يرفض تطبيق الشريعة الإسلاميّة:
«وأنا لو لي من الأمر شيء، أو لي من حُكم تطبيق منهج الله شيء لأعطيت سنة حرّية فيمن يريد أن يرجع عن إعلان إسلامه أن يقول: أنا غير مسلم. وأعفيه من حُكم الدين في أن أقتله قتل المرتد».

وقد تم فعلاً قتل المفكّر المصري فرج فودا في 8 يونيو 1992 على يد شخص ينتمي إلى جماعات إسلاميّة بسبب موقفه الرافض من تطبيق الشريعة الإسلاميّة. وقد برّر الشيخ محمّد الغزالي (توفّى عام 1996) هذا القتل في شهادته أمام محكمة أمن الدولة المصريّة. كما قرّرت محكمة مصريّة تطليق الأستاذ الجامعي أبو زيد من زوجته بسبب محاولة تقديم تفسير للقرآن يختلف عن تفسير رجال الدين. وقد أقرّت محكمة النقض المصريّة هذا الحُكم في قرارها الصادر في 5 أغسطس 1996. وقد فر كل من أبو زيد وزوجته من مصر إلى هولندا خوفاً على حياتهما بعد أن إتّهمه المتزمّتون بالردّة.

وكما هو الأمر بالنسبة للأوامر الدينيّة الأخرى، للختان نتائج تختلف حسب تصنيفه الفقهي. فالذين يعتبرون الختان أمراً مباحاً، لا يرتِّبون على تركه أيّة نتيجة دينيّة أو دنيويّة. والذين يعتبرونه مستحبّاً (أو مندوباً)، يأثِّمون من يتركه. والذين يعتبرونه واجباً، يبنون على ذلك عواقب وخيمة تصل إلى قتل من يتركه، كما أنهم يقدحون في صلاته وإمامته للصلاة وشهادته وذبيحته وزواجه ويرفضون دفنه في مقابر المسلمين (كما سنرى في المقال القادم). أمّا الذين يحرّمون الختان، خاصّة ختان الإناث، فإنهم يرون ضرورة معاقبة من يقوم به. وهذا ما سنراه في النقاط التالية ضمن النقاش الديني.

الختان بين المباح والمستحب
-----------------
إن الذين يقولون أن الختان مباح أو مستحب، (أو مندوب) يعنون فقط ختان الإناث الذي يدور الجدل حوله. أمّا ختان الذكور، فهو في نظرهم من المسلّمات. والذين يبيحون أو يستحبّون ختان الإناث قديماً أو حديثاً، يرون أن القرار ليس بيد من تمارس هذه العمليّة عليها، بل بيد وليّها الذي قد يكون والدها عندما تكون قاصرة، أو زوجها بعد بلوغها. فإذا قرّر الولي ذلك، فهو يفرضه عليها فرضاً ولا يتركها تقرّر بذاتها.

يقول الدكتور زكريّا البرّي:
«إن عدم ختان المرأة لا يترتّب عليه إثم ديني، إذا كان بناء على ما يرجّحه المسلم أو يطمئن إليه على ضوء النصوص الدينيّة، ونصيحة الطبيبات والأطبّاء والأمناء المختصّين».

ويقول الدكتور محمّد رمضان:
«ليس هناك دليل شرعي قوي يوجب أو يؤكّد على ممارسة هذه العمليّة - ختان أو خفض البنات - بل لا يوجد ما يدل على أنه سُنّة. حتّى لو أخذنا بالروايات الضعيفة الواردة، فكل ما تؤدّي إليه أنه مباح. وتارك المباح أو المندوب في رأي الفقهاء ليس عليه إثم».

ويقول الشيخ حسن مراد منّاع:
«ترك الختان للبنات لا يوجب الإثم كما أن من إختار الختان لا إثم عليه كذلك بل فعل السُنّة».
ويقول محمّد إبراهيم سالم، رئيس المحكمة العليا الشرعيّة، أن ختان البنات «ليس فرضاً، ولا واجباً ولا سُنّة بل هو مندوب من الخير عمله ولا عقاب على تركه».

أمّا الطنطاوي فيقول:
«إن الفقهاء إتّفقوا على أن الختان في حق الرجال، والخفاض في حق النساء أمر مشروع، ثم إختلفوا في وجوبه. فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك هو مسنون في حقّهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه».

الختان واجب يجبر ويقتل تاركه
-------------------
التيّار الذي يرى وجوب الختان يقول بإمكانيّة تنفيذه جبراً على البالغ الذي يرفض ذلك. وإذا أمعن في رفضه دون عذر مقبول، يحق قتله. وهذا ينطبق على ختان الذكور، وعند بعضهم أيضاً على ختان الإناث.

يذكر إبن مودود عن الطحاوي (توفّى عام 933) قوله:
«والختان للرجال سُنّة وهو من الفطرة وهو للنساء مَكرُمَة فلو إجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه».

ويقول النزوي (توفّى عام 1162):
«إن الختان واجب على كل مسلم لقول النبي (ص) لعبد الله بن عبّاس حين أسلم، ألق عنك شعر الكفر واختتن. قال قتادة وسمعته يأمر من أسلم أن يختتن ولو كان إبن ثمانين سنة [...]. ومن أمر بالختان فلم يفعل قتل، ولا يقتل حتّى يبالغ في التأنّي به، وأمّا النساء فليس عليهن واجباً ويؤمرن بذلك إكراماً لأزواجهن وليس هن كالرجال فالختان للنساء مَكرُمَة وللرجال سُنّة وقيل فريضة».

ويقول الأنصاري (توفّى عام 1520):
«يجب الختان في حي بعد البلوغ والعقل لانتفاء التكليف قَبلهما فيجب ذلك فوراً بعدهما ما لم يخف فيه فيؤخّر إلى أن يغلب على الظن السلامة منه ويأمره الإمام به حينئذ، فإن إمتنع أجبره عليه».
ويقول البهوتي: «وإن ترك الختان من غير ضرر وهو يعتقد وجوبه فسق [...] لإصراره على ذلك الذنب». وهو يرى أن لولي الأمر أن يأمر من لم يختتن.

ويعيد علينا الرستاقي (قرن 17) قول النزوي السابق الذكر مضيفاً:
«أن لأب الصبي أن يجبره على الختان إذا كره الصبي ذلك. ولا بأس على الصبي بالختان ما لم يبلغ حتّى يقع عليه الخطاب. والعبد واجب على سيّده ختانه وأن يأمر بذلك إذا كان بالغاً، وإن كان صبيّاً فليس عليه ذلك. وقال محمّد بن الحسن إن الصبيّة اليتيمة تأمر أمّها أو من يقوم بأمرها أن يختنوها».
هذا ونشير إلى أن سحنون يرفض إعفاء الشخص من الختان حتّى وإن كان في ذلك خطر عليه فهو «كالذي يجب عليه القطع في السرقة أنه لا يترك قطعه من أجل أنه يخاف على نفسه».

وفي عصرنا، أعاد شيخ الأزهر جاد الحق في فتواه الأولى مرّتين العبارة التالية:
«والختان للرجال سُنّة وهو من الفطرة وهو للنساء مَكرُمَة فلو إجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه». وأمّا في فتواه الثانية، فقد أعادها ثلاث مرّات. وهذا الأمر ينطبق حسب هذه الفتوى على ختان الذكور وختان الإناث.

أمّا القرضاوي، فيسن القتال فقط على من يرفض ختان الذكور:
«أمّا الختان للذكور فهو من شعائر الإسلام، حتّى قرّر العلماء أن الإمام لو رأى أهل بلد تركه لوجب عليه أن يقاتلهم حتّى يعودوا إلى هذه السُنّة المميّزة لأمّة الإسلام».

والدكتور يحيى إسماعيل، الأمين العام لجبهة علماء الأزهر يقول:
«إن الذين ذهبوا إلى القول بالإستحباب قالوا: إنه من الفطرة ومن شعائر الإسلام، وأنه لو أجمع أهل بلدة على تركه حاربهم الإمام كما لو تركوا الأذان».

وهكذا نرى أن القتل يجري حتّى في حالة إعتبار الختان مستحبّاً فقط وليس واجباً. ويذكر الصبّاغ في كتاب ضد ختان الإناث آراء الفقهاء في ختان الذكور وفي نهايتها يقول: «وقد ذكر كثير من العلماء أنه (أي ختان الذكور) من شعائر الإسلام وخصائصه. فلو أجمع أهل بلدة على تركه حاربهم الإمام كما لو تركوا الأذان».

ويقول المرصفي:
«الكبير الذي لم يختتن، سواء أكان مسلماً وترك الإختتان حتّى كبر، أم أسلم وهو غير مختون، فالحُكم الذي نراه في هذا [...] أنه يجب عليه الختان، ويجبر عليه إن أباه وامتنع منه، لكن ذلك مشروط بسلامة العاقبة، فإن خيف عليه الهلاك، وقرّر ذلك طبيب مسلم عدل، فإنه يسقط عنه وجوب الإختتان، كما يسقط الصوم عن الشيخ الكبير الذي لا يقوى عليه».

ومؤيّدو الختان يعتبرون الذين ينكرون ضرورة ختان الذكور خارجون عن الشريعة ومرتدّون يستحقّون أيضاً القتل. وهذا هو أحد أسباب تقديم القاضي الليبي مصطفى كمال المهدوي للمحاكمة بالردّة. وقد طالب واعظ الجامع النبوي في المدينة المنورة إصدار فتوى من رجال الدين المسلمين بردّة المهدوي وحرق كتابه كما ذكرنا سابقاً. وكثيراً ما نقرأ في كتابات مؤيّدي ختان الإناث إتّهامات خطيرة ضد معارضيهم. فهم في نظرهم خونة متعاملون مع الغرب ضد الإسلام ويريدون المساس بشرف المرأة وبالمجتمع.

القدح في صلاة وإمامة وحج وشهادة وذبيحة الأغلف
-------------------------------
يقدح الفقهاء في صلاة وإمامة وشهادة وحج وذبيحة الأغلف إذا كان راغباً عن الختان. ولكنّهم لم يذكروا دائماً شرط عدم وجود العذر في كتاباتهم. لذا لا يمكن معرفة ما إذا كانوا يقبلون غير المختون الذي لا عذر له. ونحن نستشهد ببعض أقوالهم بالتسلسل حسب سنة الوفاة.

يعلّق البخاري (توفّى عام 870) على الآية «اليوم يحل لكم الطيّبات وطعام الذين أتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم» (المائدة 5:5):
«قال الزهري: لا بأس بذبيحة نصارى العرب، وإن سمعته يسمّي لغير الله فلا تأكل، وإن لم تسمعه فقد أحّله الله لك وعلم كفرهم. ويذكر عن علي نحوه. وقال الحسن وإبراهيم: لا بأس بذبيحة الأغلف».

ويروى الشيخ الصدوق (توفّى عام 991) حديث لأبي الجوزاء:
«الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم لأنه ضيّع من السُنّة أعظمها ولا تُقبل له شهادة ولا يُصلّي عليه إذا مات إلاّ أن يكون ترك ذلك خوفاً على نفسه».

وقد جاء في الهداية للمرغيناني (توفّى عام 1197):
«وتُقبل شهادة الأغلف لأنه لا يخل بالعدالة إلاّ إذا تركه إستخفافاً بالدين لأنه لم يبقى بهذا الصنيع عدلاً».
وينقل إبن قدامة قول إبن عبّاس: «لا تؤكل ذبيحة الأغلف، وعن أحمد مثله» ولكنّه يضيف:
«والصحيح إباحته فإنه مسلم فأشبه سائر المسلمين. وإذا أبيحت ذبيحة القاذف والزاني وشارب الخمر مع تحقيق فسقه، وذبيحة النصراني وهو كافر أغلف، فالمسلم أولى».

ويذكر القرطبي (توفّى عام 1273) عن عكرمة: «لم يطف بالبيت بعدُ على مِلّة إبراهيم إلاّ مختوناً». ويضيف:
«إستحب العلماء في الرجل الكبير يسلم أن يختتن. وكان عطاء يقول: لا يتم إسلامه حتّى يختتن وإن بلغ ثمانين سنة. وروي عن الحسن أنه كان يرخّص للشيخ الذي يسلم ألاّ يختتن، ولا يرى به بأساً ولا بشهادته وذبيحته وحجّه وصلاته [...] وروي عن إبن عبّاس وجابر بن زيد وعكرمة: إن الأغلف لا تؤكل ذبيحته ولا تجوز شهادته».

ويقول النووي (توفّى عام 1277):
«ذبيحة الأغلف مذهبنا أنه حلال. وبه قال جماهير العلماء. وقد إحتجّوا بعموم قول الله: «فكلوا ممّا ذكر إسم الله عليه» (الأنعام 118:6). وبأن الله أباح ذبائح أهل الكتاب ومنهم الأغلف فالمسلم أولى».

ويعيد القرّافي (توفّى عام 1285) قول إبن العبّاس: لا تؤكل ذبيحة الأغلف ولا تُقبل صلاته وترد شهادته ويذكر عن النبي قول: لا يحج البيت حتّى يختتن. وينقل عن مالك: من ترك الختان من غير عذر لا تجز إمامته ولا شهادته لأنه ترك المروءة وهي تقدح فيهما.

وينقل البهوتي (توفّى عام 1641) عن أحمد أن إبن العبّاس كان يرى عدم صلاة وحج غير المختون. ولكن البهوتي يقول إن الحنابلة يرون أنه تصح الصلاة خلف الأغلف لأنه ذكر مسلم عدل قارئ فصحّت إمامته كالمختتن.

ويرى الرستاقي (القرن 17) ضرورة إعادة صلاة الأغلف:
«سئل عبد الله عن الرجل يبقى من ختانه شيء لم يكن أوتي عليه أيكون أغلف أم لا. قال إن كانت الحشفة ظاهرة أو شيء منها فليس هو أغلف. وإن لزمه إعادة الختان لزمه بدل الصلوات التي صلاّها وهو أغلف مذ بلغ رجلاً. وأمّا شهر رمضان فلا نرى عليه فيه إعادة».

وما زال الكتّاب المسلمون يكرّرون علينا في أيّامنا ضرورة الختان للصلاة:
«إذ إن وجود الغلفة كما هي يؤدّي إلى النجاسة الدائمة نتيجة المفرزات الدهنيّة والسيلان الشحمي المقزّز للنفس ممّا ينجم عنه الرائحة المنتنة الكريهة، فضلاً عن وجود سلس البول، وهذا كلّه يقدح في صحّة الصلاة، ومن ثم تكون إزالته واجبة لأن ما يؤدّي إلى الواجب فهو واجب».

ونجد قولاً مشابها بخصوص ختان الإناث عند الدكتورة نور السيّد رشاد. ونعيد القارئ إلى ما قلناه في الفصل السادس بأن الختان هو تطهير من النجاسة وأثر ذلك على الصلاة.

القدح في زواج الأغلف
-------------
رأينا سابقاً كيف أن اليهود قد جعلوا الختان شرطاً للزواج. ونحن نجد صدىً لهذا الفكر اليهودي عند بعض الفقهاء المسلمين.

وقد توسّع الرستاقي (القرن 17) في هذا الموضوع. فهو يقول إنه إذا تزوّج أغلف بامرأة ودخل بها قَبل أن يختتن، فرّق بينهما. وإذا إختتن بعد زواجه ولكن قَبل أن يدخل بها، فهناك رأيين: رأي لا يفرّق بينهما، ورأي يفرّق بينهما ويفرض عليه أن يتزوّجها بعد الختان بنكاح جديد. وإذا كان للزوج عذر لعدم الختان كالمشرك الذي يسلم في الشتاء فخاف على نفسه إذا إختتن من البرد، هناك من يقبل عذره وهناك من لا يقبله. والمسلم الأغلف لا يحق له الزواج لا من مسلمة ولا من ذمّية «لأنه ما لم يختتن فيشبه [...] المجوسي من المشركين لا بأهل الكتاب. قال النبي: من تشبّه بقوم فهو منهم». ويذكر الرستاقي هنا قول إبن عبّاس أن الأغلف لا يزوّج. ويضيف الرستاقي أن الأغلف المسلم لا ولاية له، لا بتزويج نفسه ولا بتزويج أحد من نسائه. فإن زوَّج الأغلف إمرأة فُرّق بينها وبين زوجها إلاّ إذا دخل فيها. وإن كان الأغلف أحد الشاهدين على النكاح لم يجز النكاح.

وفيما يخص ختان الإناث، يقول البهوتي (توفّى عام 1641) إن للزوج الحق في إجبار زوجته المسلمة عليه كإجبارها على الصلاة.

وبعد أن إستعرض آراء الفقهاء القدامى، أبدى السكّري رأيه كما يلي:
«إذا قد ثبت لنا بالدليل القاطع أن وجود الغلفة عيب منفر لأنه جماع الأقذار والأوساخ، فإنه ممّا لا شك فيه أن هذا العيب يثبت للزوجة الخيار في أن تفسخ عقد النكاح فيما بينها وبين زوجها للأسباب الآتية:
أوّلاً: إن الغلفة وإن كانت لا تمنع الإستمتاع بين الزوجين إلاّ أنه يثبت بها إنتقال المرض أو يخشى تعدّيه إلى الزوجة [...] لا سيما وأن هذا الموضع ذو حساسيّة شديدة تستقبل العدوى بيسر وسهولة.
ثانياً: إن الزواج شُرِّع في الإسلام لأجل تحقيق غايات سامية، أبرزها المودّة والرحمة بين الزوجين، فضلاً عن تحقيق الإحصان بالعفّة عن المحرّمات.
ومن ثم فإن عدم ختان الزوج منفر للزوجة ومقزّز لنفسها فيحصل التنافر بين الزوجين، ويحل الشقاق محل الود والوئام وبالتالي تتفكّك الأسرة وينحرف أفرادها.
ثالثاً: إن المرأة دائماً تتطلّع إلى زوجها كقدوة وأمل لها في حياتها. فهي تريد أن ترى منه كل ما يحبّبها فيه من حسن جمال الصورة، وطيّب ريحه وجميل معاشرته لها ظاهراً وباطناً، تماماً كما يتطلّع هو إلى ذلك. وعدم نظافته بالإبقاء على غلفته بما لها من روائح كريهة وأضرار صحّية مناف لذلك كلّه. وبالتالي يؤثّر على العلاقة بين كل منهما.
وممّا يؤثر عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في هذا السبيل قوله: «يعمد أحدكم إلى إبنته فيزوّجها القبيح!! إنهن يحببن ما تحبّون» وفي رواية: «لا تكرهوا فتياتكم على الذميم من الرجال فإنهن يحببن من ذلك ما تحبّون».
وبعد فإننا نخلص من هذا إلى أن الراجح والذي نختاره من الآراء هو الرأي [...] القائل بثبوت الخيار للزوجة التي زوجها أغلف لأن الإسلام دين النظافة والطهارة ويرفض الأوساخ والأقذار».
وقد أعتُبِر الختان بين المسلمين ضرورة للزواج حتّى في زمن إضطهادهم في إسبانيا قبل خروج المسلمين منها. ففي عام 1582 تم حرق مسلم (مورسكي) في مدينة «سورجوس» لأنه ختن نفسه إرضاءاً لصهره الذي فرض عليه هذا الشرط قَبل موافقته على زواجه من أخته.

وتقول نعمت أبو السعود أن في مصر تحت الإحتلال التركي كان إذا حدث وتزوّج رجل تركي من إمرأة مصريّة، تصر الزوجة على طهارة بناتها. وكان يحدث أيضاً إذا تزوّجت إمرأة تركيّة من رجل مصري أن تجري لها عمليّة الختان قَبل زواجها منه. كما كان يحدث حين يتزوّج رجل سوداني من إمرأة مصريّة أن يصر الزوج على ختان بناته على الطريقة السودانيّة.

وقد ذكر بوحديبة: «وقد تقبّلت تونس في السنوات الأخيرة إحتمال زواج المسلمة بغير المسلم، والغريب أن ما إستهجنه البعض إنحصر في كيفيّة مضاجعة رجل غير مختن لامرأة مسلمة». ولنا عودة لهذا الموضوع في مقال قادم عندما نتكلّم عن علاقة الختان بالزواج.

----------------------
سوف استمر في مقالي القادم في عرضي للختان عند المسلمين
يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان (37) : الفقهاء القدامى والختان
- مسلسل جريمة الختان (36): الختان في سنة السلف
- مسلسل جريمة الختان (35) : المشككون والرافضون للأحاديث
- مسلسل جريمة الختان (34) : احاديث متفرقة تحث على الختان
- مسلسل جريمة الختان (33) : المسلمون يتحججون بانجيل برنابا
- مبادرة الحق في سلامة الجسد
- مسلسل جريمة الختان (32) : ختان هاجر لتبرير ختان الاناث
- مسلسل جريمة الختان (31) : حديث خاتنة الجواري
- مسلسل جريمة الختان (30) : الختان وسنن الفطرة
- دعوة لزيارة مدونتي وموقعي
- مسلسل جريمة الختان (29) : الختان في السنة
- مسلسل جريمة الختان (28) : ختان الذكور والاناث مخالف للقرآن
- مسلسل جريمة الختان (27) : المسلمون يتحججون بأن الختان صبغة ا ...
- مسلسل جريمة الختان (26) : المسلمون يتحججون بختان ابراهيم
- مسلسل جريمة الختان (25) : الختان في القرآن
- صوم وصلِّي رزقك يُوَلِّي
- مسلسل جريمة الختان (24) : الخصيان في ترانيم الكنيسة
- مسلسل جريمة الختان (23) : الكنيسة بين الختان والخصيان
- مسلسل جريمة الختان (22) : تكريم ختان المسيح وغلفته
- مسلسل جريمة الختان (21) : موقف المسيحيين الامريكيين المعارضي ...


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان (38) : عواقب عدم الختان في الاسلام