أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان (37) : الفقهاء القدامى والختان















المزيد.....

مسلسل جريمة الختان (37) : الفقهاء القدامى والختان


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3807 - 2012 / 8 / 2 - 11:50
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


مكانة الفقهاء القدامى في الشريعة
--------------------
دخلت شعوب مختلفة في الإسلام وكان لا بد من تلقينها التعاليم الدينيّة. فأخذ المهتمّون بالدين صياغة قواعد شرعيّة تحكم تصرّفات البشر في علاقتهم مع الله وفي علاقتهم بين بعضهم البعض. فألّفوا في ذلك المجموعات الفقهيّة الضخمة معتمدين في ذلك على المصادر الشرعيّة التي ذكرناها سابقاً. وعندما لم يجدوا حُكماً صريحاً إعتمدوا على القياس كوسيلة لاستنباط الأحكام. وقد حاول كل منهم إبداء رأيه في المعضلات التي واجهها المجتمع المتنامي جغرافيّاً وفكريّاً. فجاءت كتاباتهم موسوعات شاملة ترد على تساؤلات الناس في كل واردة وشاردة. والمطبوع المتوفّر اليوم منها يعطي فكرة عن مدى جَلدهم في التأليف واتّساع معارفهم.

وآراء الفقهاء لها أهمّية في الشريعة الإسلاميّة. فإجماعهم يعتبر أحد مصادر الشريعة الإسلاميّة. ويقول أبو زهرة في هذا المجال أن الخليفة عمر كان يجمع الصحابة ويستشيرهم ويبادلهم الرأي. فإذا أجمعوا على أمر معيّن سارت عليه سياسته. وفي عصر الإجتهاد، كان كل إمام يجتهد في ألاّ يشذ بأقوال يخالف بها ما عليه فقهاء أهل بلده. وكان الفقهاء حريصين على أن يعرفوا مواضع الإجماع من الصحابة ليتّبعوه. وكان كل مجتهد حريصاً على ما أجمع عليه الصحابة، بل كان حريصاً عند إختلافهم على ألاّ يخرج برأي يكون غير الآراء الدائرة في محيط خلافهم. وأهمّية الإجماع تستند إلى حديث نبوي يقول: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن» وحديث آخر يقول: «لا تجتمع أمتي على ضلالة». ويذكر أبو زهرة تأييداً للإجماع الآية: «ومن يشاقق الرسول من بعدما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولّى ونصله جهنّم وساءت مصيراً» (النساء 115:4). ويعلّق على الآية قائلاً: «إن هذا النص الكريم أثبت أن إتّباع غير سبيل المؤمنين حرام، لأن من يفعل ذلك يشاق الله ورسوله ويصليه الله تعالى جهنّم وساءت مصيراً. وإذا كان إتّباع غير سبيل المؤمنين حراماً فإن إتّباع سبيلهم واجب [...]. فإذا قالت الجماعة المؤمنة هذا حلال، يكون غير متّبع سبيلها من يقول هذا حرام».

ونحن لن ندخل هنا في الجدل حول الإجتهاد وحجّيته. فالذي يهمّنا هو معرفة ما إذا توصّل الفقهاء القدامى إلى رأي موحّد في مجال الختان أم إختلفوا فيما بينهم.

قلّة إهتمام الفقهاء القدامى بموضوع الختان وتناقض مواقفهم
-------------------------------------
المتبحّر في الموسوعات الفقهيّة الضخمة لا بد أن يستغرب قلّة تعرّضها لختان الذكور والإناث. حتّى أنك لتبحث عن كلمة الختان فتكاد لا تجدها فيها. وإن وجدتها فبصورة عرضيّة وهامشيّة، ضمن موضوعات أخرى مثل السواك أو العقيقة أو ضمان المستأجر لما يقوم به. وتعجب عندما ترى أن السواك والعقيقة تحتل مكاناً أكبر من الختان في تلك الكتب. وعلى سبيل المثال، يكرّس الغزالي (توفّى عام 1111) في موسوعته الضخمة «إحياء علوم الدين» خمسة أسطر عن الختان. والفتاوى الهنديّة (ألّفت بين 1664-1672) سبعة عشر سطراً. والكتاب الوحيد الذي توسّع في موضوع الختان هو كتاب «تحفة المودود بأحكام المولود» للفقيه الحنبلي إبن قيّم الجوزيّة الذي كرّس فصلاً كبيراً لهذا الموضوع نقلناه في الملحق الأوّل من كتابنا هذا. وابن قيّم الجوزيّة يجمل لنا المواقف المتضاربة للفقهاء الذين سبقوه وعاصروه حول الختان.

وإذا نظرت في كتب تفسير القرآن مثل «تفسير الطبري» و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي وشروحات السُنّة مثل «فتح الباري بشرح صحيح الإمام أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري» لابن حجر و«نيل الأوطار من أحاديث سيّد الأخيار» للشوكاني، ترى أن هذه الكتب تعطينا صورة لا تختلف عن موقف الفقهاء. فهي تنقل لنا مواقف متباينة حول موضوع الختان ممّا يجعل المرء في حيرة فيما يختار منها. وقد رأينا في الفصول السابقة كيف أن الفقهاء المسلمين إختلفوا وما زالوا يختلفون في فهمهم لنصوص القرآن والسُنّة.

ولا عجب في وجود تناقض حول موضع الختان بين الفقهاء ومفسّري القرآن والحديث ما دام القرآن والسُنّة، المصدران الأساسيان للشريعة، لم يوجّها خطاباً واضحاً يمكن الإستناد عليه. فإذا إضطرب الأساس، فالفروع تأتي على شاكلته.

وقد حاول المؤلّفون المعاصرون تقسيم آراء الفقهاء القدامى حول ختان الذكور والإناث حسب المذاهب الفقهيّة المختلفة. ولكن هذا التقسيم ليس دقيقاً. فأتباع نفس المذهب إنقسموا قديماً وحديثاً فيما بينهم. فنجد من جعل ختان الذكور مجرّد سُنّة وختان الإناث مجرّد مَكرُمَة، كما نجد من جعل ختان الذكور واجباً وختان الإناث سُنّة. وهناك من أوجب كل من ختان الذكور وختان الإناث. وفي عصرنا هناك من رفض كل من ختان الذكور وختان الإناث.

ويجب أن نشير هنا إلى أن تصنيف الختان بين واجب وسُنّة ومَكرُمَة يختلف عن تصنيف الأصوليّين الذين قسّموا التصرّفات إلى خمس: واجب، ومستحب (أو مندوب)، ومباح، ومكروه، ومحرّم. وهذا الإختلاف نابع من أن الفقهاء إعتمدوا في تصنيفهم للختان على أحاديث متناقضة نسبت للنبي جعلت من الختان تارة واجباً وتارة سُنّة وتارة مَكرُمَة. وإن كان واضحاً أن الوجوب هو أعلى درجات الإلتزام، إلاّ أن معنى السُنّة ليس بالواضح: فهي قد تعني الوجوب كما قد تعني الإستحباب أو مجرّد العُرف. وكلمة المَكرُمَة يمكن إعتبارها بمعنى الإستحباب.

نبذات من آراء الفقهاء القدامى
------------------
سوف نعطي هنا بعض الأمثلة من مواقف الفقهاء مع ذكر مذاهبهم، مرتّبين حسب سنة وفاتهم. وسنعود إلى هؤلاء الفقهاء عند تكلّمنا عن حجج المؤيّدين والمعارضين والنتائج المترتّبة على ترك الختان وعلى كيفيّة إجراء عمليّة الختان.

إبن الجلاب (توفّى عام 988، مالكي)
«قال مالك رحمه الله: وعشر خصال من الفطرة، خمس في الرأس وخمس في الجسد: فاللواتي في الرأس: المضمضة والإستنشاق والسواك وقص إطار الشعر والشارب وإعفاء اللحية، والتي في الجسد حلق العانة ونتف الإبطين وتقليم الأظافر والإستنجاء والختان وهو سُنّة في الرجال والنساء».

الطوسي (توفّى عام 1067، شيعي)
«يستحب أن يختن الصبي اليوم السابع، ولا يؤخّر. فإن أخّر لم يكن فيه حرج إلى وقت بلوغه. فإذا بلغ، وجب ختانه ولا يجوز تركه على حال. وأمّا خفض الجواري، فإن فُعِل، كان فيه فضل كبير وثواب جزيل، وإن لم يفعل، لم يكن بذلك بأس. ومتى أسلم الرجل وهو غير مختون ختن وإن كان شيخاً كبيراً».

الباجي (توفّى عام 1081، مالكي)
«والإختتان (أي إختتان الذكور) هو عند مالك وأبي حنيفة من السُنَن كقص الأظفار وحلق العانة وقال الشافعي هو واجب وهو مقتضى سحنون واستدل القاضي أبو محمّد على نفي وجوبه بأنه قرنه النبي (ص) بقص الشارب ونتف الإبط ولا خلاف أن هذه ليست بواجبة، وهذا إستدلال بالقرائن وأكثر أصحابنا على المنع منه ودليلنا من جهة القياس أن هذا قطع جزء من الجسد إبتداء فلم يكن واجباً بالشرع كقص الأظفار [...] واختلف في الشيخ الكبير يسلم فيخاف على نفسه من الإختتان. فقال محمّد بن الحكم له تركه وبه قال الحسن بن أبي الحسن البصري. وقال سحنون لا يتركه وإن خاف على نفسه كالذي يجب عليه القطع في السرقة أنه لا يترك قطعه من أجل أنه يخاف على نفسه. وهذا من سحنون يقتضي كونه واجباً متأكّد الوجوب والله أعلم. وروى إبن حبيب عن مالك من تركه من غير عذر ولا عِلّة لم تجز إمامته ولا شهادته ووجه ذلك عندي أن ترك المروءة مؤثّر في رد الشهادة ومن ترك الختان من غير عذر فقد ترك المروءة فلم تُقبل شهادته [...] وأمّا الخفاض فقد قال مالك أحب للنساء قص الأظفار وحلق العانة والإختتان مثل ما هو على الرجل. قال ومن إبتاع أمة فليخفضها إن أراد حبسها وإن كانت للبيع فليس ذلك عليه».

النزوي (توفّى عام 1162، إباضي)
«إن الختان واجب على كل مسلم لقول النبي (ص) لعبد الله بن عبّاس حين أسلم، ألق عنك شعر الكفر واختتن. قال قتادة وسمعته يأمر من أسلم أن يختتن ولو كان إبن ثمانين سنة، ولمن أسلم أن يظهر فرجه لرجل أن يختنه. للرجل ذلك، لأنه ضرورة، إلاّ أنه يستر فرجه إلاّ موضع الختان. ومن أمر بالختان فلم يفعل قتل، ولا يقتل حتّى يبالغ في التأنّي به. وأمّا النساء فليس عليهن واجباً ويؤمرن بذلك إكراماً لأزواجهن وليس هن كالرجال فالختان للنساء مَكرُمَة وللرجال سُنّة وقيل فريضة».

إبن قدامة (توفّى عام 1223، حنبلي)
«أمّا الختان فواجب على الرجال ومَكرُمَة في حق النساء وليس بواجب عليهن. هذا قول كثير من أهل العلم. قال أحمد: الرجل أشد وذلك أن الرجل إذا لم يختتن فتلك الجلدة مدلاّة على الكمرة ولا ينقى ما ثُم. والمرأة أهون. قال أبو عبد الله وكان أبو العبّاس يشدّد في أمره وروي عنه أنه لا حج له ولا صلاة يعني إذا لم يختتن. والحسن [البصري] يرخّص فيه يقول إذا أسلم لا يبالي أن لا يختتن ويقول: أسلم الناس الأسود والأبيض لم يفتّش أحد منهم ولم يختتنوا. والدليل على وجوبه أن ستر العورة واجب فلولا أن الختان واجب لم يجز هتك حرمة المختون بالنظر إلى عورته من أجله ولأنه من شعار المسلمين فكان واجباً كسائر الشعائر، وإن أسلم رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنه لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه فهذا أولى، وإن أمن على نفسه لزمه فعله. قال حنبل سألت أبا عبد الله عن الذمّي إذا أسلم ترى له أن يطهّر بالختان؟ قال: لا بد من ذلك. قلت إن كان كبيراً أو كبيرة قال أحب إلي أن يتطهّر لأن الحديث «إختتن إبراهيم وهو إبن ثمانين سنة». قال تعالى «مِلّة ابيكم إبراهيم» (المؤمنون 78:22) ويشرّع الختان في حق النساء أيضاً. قال أبو عبد الله وحديث النبي (ص) «إذا إلتقى الختانان وجب الغسل» فيه بيان أن النساء كن يختتن وحديث عمر أن ختّانة ختنت فقال: أبقي منه شيئاً إذا خفضت، وروى الخلال بإسناده عن شدّاد بن أوس قال النبي (ص) «الختان سُنّة للرجال ومَكرُمَة للنساء» وعن جابر بن زيد مثل ذلك موقوفاً عليه. وروي عن النبي (ص) أنه قال للخفّاضة «أشمّي ولا تُنهِكي فإنه أحظى للزوج وأسرى للوجه» والخفض ختانة المرأة».

النووي (توفّى عام 1277، شافعي)
«الختان واجب على الرجال والنساء عندنا. وبه قال كثيرون من السلف كذا حكاه الخطابي وممن أوجبه أحمد وقال مالك وأبو حنيفة سُنّة في حق الجميع [...] وحكي وجهاً ثالثة أنه يجب على الرجل وسُنّة في المرأة. وهذان الوجهان شاذّان. والمذهب الصحيح المشهور والذي نص عليه الشافعي رحمه الله وقطع به الجمهور أنه واجب على الرجال والنساء».

إبن مودود الموصلي (توفّى عام 1284، حنفي)
«الختان للرجال سُنّة وهو من الفطرة وهو للنساء مَكرُمَة فلو إجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه».

إبن تيميّة (توفّى عام 1328، حنبلي)
سئل «عن مسلم بالغ عاقل يصوم ويصلّي، وهو غير مختون وليس مطهّراً هل يجوز ذلك؟ ومن ترك الختان كيف حُكمه؟» فأجاب: «إذا لم يخف عليه ضرر الختان أن يختتن. فإن ذلك مشروع مؤكّد للمسلمين باتّفاق الأئمّة، وهو واجب عند الشافعي وأحمد في المشهور عنده، وقد إختتن إبراهيم عليه السلام بعد ثمانين من عمره. ويرجع في الضرر إلى الأطبّاء الثقات. وإذا كان يضرّه في الصيف أخّره إلى زمان الخريف. والله أعلم». وسئل أيضاً عن المرأة «هل تختتن أم لا؟». فأجاب: «الحمد لله. نعم! تختتن. وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك. قال رسول الله (ص) للخافضة - وهي الخاتنة -: «أشمّي ولا تُنهِكي، فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الزوج»، يعني: لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في الغلفة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت غلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة».

إبن جزي (توفّى عام 1340، مالكي)
«أمّا ختان الرجل فسُنّة مؤكّدة عند مالك وأبي حنيفة كسائر خصال الفطرة التي ذكر معها وهي غير واجبة إتّفاقاً. وقال الشافعي هو فرض ويظهر ذلك من كلام سحنون لأنه علم على الإسلام لقوله تعالى «أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 113:16) وجاء في الحديث «إن إبراهيم عليه السلام إختتن بالقدوم وهو إبن ثمانين سنة، وروي إبن مائة وعشرين سنة».

إبن حجر (توفى عام 1449، شافعي)
إستعرض إبن حجر آراء الفقهاء في صفحات طوال ننقل منها الفقرة التالية:
«قال عطاء [...]: لو أسلم الكبير لم يتم إسلامه حتّى يختتن. وعن أحمد وبعض المالكيّة: يجب. وعن أبي حنيفة واجب وليس بفرض. وعنه سُنّة يأثم بتركه. وفي وجه الشافعيّة لا يجب في حق النساء وهو الذي أورده صاحب المغني عن أحمد. وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعيّة إلى أنه ليس بواجب. ومن حجّتهم حديث شدّاد بن أوس رفعه: «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء» وهذا لا حجّة فيه لما تقرّر أن لفظ السُنّة إذا ورد في الحديث لا يراد به التي تقابل الواجب، ولكن لمّا وقعت التفرقة بين الرجال والنساء في ذلك دل على أن المراد إفتراق الحُكم. وتعقّب بأنه لم ينحصر في الوجوب فقد يكون في حق الذكور آكد منه في حق النساء، أو يكون في حق الرجال الندب وفي حق النساء الإباحة. على أن الحديث لا يثبت لأنه من رواية حجّاج بن أرطأة ولا يحتج به».

المردواي (توفّى عام 1480، حنبلي)
«يجب الختان. هذا المذهب مطلقاً وعليه جماهير الأصحاب [...] يجب على الرجال دون النساء».

العاملي (توفّى عام 1559، شيعي)
«ويجب ختان الصبي عند البلوغ أي بعده [...]. ويستحب خفض النساء وإن بلغن. قال الصادق عليه السلام: خفض النساء مَكرُمَة وأي شيء أفضل من المَكرُمَة».

البهوتي (توفّى عام 1641، حنبلي)
«ويجب ختان ذكر وأنثى لقوله (ص) لرجل أسلم «ألق عنك شعر الكفر واختتن» [...]. وفي الحديث «إختتن إبراهيم بعد ما أتت عليه ثمانون سنة» [...]. وقال تعالى «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16) ولأنه من شعار المسلمين فكان واجباً كسائر شعارهم. وقال أحمد: كان إبن عبّاس يشدّد في أمره حتّى قد روي عنه أنه لا حج له ولا صلاة. وفي قول النبي (ص) «إذا إلتقى الختانان وجب الغسل» دليل على أن النساء كن يختتن، ولأن هناك فضلة فوجب إزالتها كالرجل».

العاملي (توفّى عام 1692، شيعي)
«عن المرادي أنه قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجارية تسبى من أرض الشرك فتسلم فيطلب لها من يخفضها فلا يقدر على إمرأة. فقال: أمّا السُنّة فالختان على الرجال، وليس على النساء».

الدردير (توفّى عام 1786، مالكي)
«الختان للذكر سُنّة مؤكّدة. وقال الشافعي واجب. والخفاض في الأنثى مندوب كعدم النهك لقوله (ص) لمن تخفض الإناث: «أخفضي ولا تُنهِكي» أي لا تجوري في قطع اللحمة الناتئة بين الشفرين فوق الفرج، فإنه يضعف الوجه ولذّة الجماع».

نلاحظ ممّا سبق أن ختان الذكور أعتُبر أكثر أهمّية من ختان الإناث. فأكثر الفقهاء المسلمين أخذوا موقفاً متزمّتا من ختان الذكور فاعتبروه واجباً. وقد مارس المسلمون الختان حتّى في عصر إضطهادهم من قِبَل المسيحيّين في إسبانيا بعد خروج المسلمين منها رغم أن الختان كان وسيلة للكشف عنهم وسبباً لإضطهادهم. وكان المسيحيّون يفرضون على المسلمين الذين يصبحون مسيحيّين عدم ختان أطفالهم تحت طائلة الموت.

وبالرجوع إلى تقسيم الأفعال عند الأصوليّين، يمكننا أن نقول إن الحد الأدنى الذي إجتمع عليه الفقهاء القدامى هو أن ختان الذكور واجباً وأن ختان الإناث مباحاً في حدود عدم الإنهاك. ولا نجد عند أي منهم تحريماً لختان الذكور أو ختان الإناث. وسوف نرى لاحقاً أن الفقهاء قد إعتبروا أن كل من ختان الذكور والإناث تعدّي على سلامة الجسد فيه إيلام. إلاّ إنهم إعتبروا ذلك من المباح شرعاً فلا ضمان إلاّ في حالة تعدّي الحدود المرسومة للختان. وهم لم يروا في الختان ضرراً يمكن معه منعه على أساس القاعدة الفقهيّة: «لا ضر ولا ضرار».

----------------------
سوف استمر في مقالي القادم في عرضي للختان عند المسلمين
يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان (36): الختان في سنة السلف
- مسلسل جريمة الختان (35) : المشككون والرافضون للأحاديث
- مسلسل جريمة الختان (34) : احاديث متفرقة تحث على الختان
- مسلسل جريمة الختان (33) : المسلمون يتحججون بانجيل برنابا
- مبادرة الحق في سلامة الجسد
- مسلسل جريمة الختان (32) : ختان هاجر لتبرير ختان الاناث
- مسلسل جريمة الختان (31) : حديث خاتنة الجواري
- مسلسل جريمة الختان (30) : الختان وسنن الفطرة
- دعوة لزيارة مدونتي وموقعي
- مسلسل جريمة الختان (29) : الختان في السنة
- مسلسل جريمة الختان (28) : ختان الذكور والاناث مخالف للقرآن
- مسلسل جريمة الختان (27) : المسلمون يتحججون بأن الختان صبغة ا ...
- مسلسل جريمة الختان (26) : المسلمون يتحججون بختان ابراهيم
- مسلسل جريمة الختان (25) : الختان في القرآن
- صوم وصلِّي رزقك يُوَلِّي
- مسلسل جريمة الختان (24) : الخصيان في ترانيم الكنيسة
- مسلسل جريمة الختان (23) : الكنيسة بين الختان والخصيان
- مسلسل جريمة الختان (22) : تكريم ختان المسيح وغلفته
- مسلسل جريمة الختان (21) : موقف المسيحيين الامريكيين المعارضي ...
- مسلسل جريمة الختان (20) : موقف المسيحيين الامريكيين المؤيدين


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان (37) : الفقهاء القدامى والختان