تقرير جديد يكشف ارتفاع مستوى الفقر بين أطفال الولايات المتحدة الأمريكية

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3808 - 2012 / 8 / 3 - 01:30
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    

ترجمة
كشف تقرير جديد صادر عن مؤسسة Annie E. Casey Foundation, "Kids Count Databook 2012" انخاضاً حادّاً في ظروف الرفاه الاقتصادي للأطفال في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية.

يتضح من بين الأرقام الواردة في التقرير والأكثر بروزاً، بأن عدد الأطفال الذين يعيشون في الفقر قد ارتفع بما يُعادل المليون طفل فقير يٌضاف إلى أعداد الأطفال الفقراء بين عامي 2010 و 2011. وهذه زيادة مذهلة لفترة عام واحد. ومما له دلالة خاصة أن هذه الزيادة الكبيرة في الفقر واصلت ارتفاعها بإطراد بعد أن أعلنت إدارة اوباما رسمياً انتهاء أزمة الركود الاقتصادي.

بين عامي 2000 و 2010 ارتفع عدد الأطفال ممن يعيشون في ظروف الفقر بحدود 30%: من 12.2 مليون إلى 15.7 مليون. "ألـ 3.5 مليون طفل فقير الإضافي يُعادل تقريباً مجمل عدد سكان Los Angeles"، وفقاً للتقرير.

اعتمد التقرير على تجميع بيانات من مختلف الوكالات الحكومية للولايات الأمريكية وفق نظام معياريً ضمّ أربع فئات: الرفاه الاقتصادي، الأسرة والمجتمع، الصحة، والتعليم. كشفت كافة هذه المؤشرات عن وجود زيادة كبيرة في الضغوط الاقتصادية على الأطفال.

كافة ألـ 22% من أطفال الولايات المتحدة يعيشون حالياً تحت خط الفقر البالغ 22.113 دولار للأسرة على أساس أربعة أطفال، وذلك وفق مقياس العام 2010. وهذا المعيار المصطنع المنخفض أصلاً يترك كثرة من هذه العائلات تٌعاني من الحرمان. ووفقاً للتقرير: "الأسر المشمولة بهذا الحد الأدنى، بحاجة الى دخل يوازي تقريبا ضعف دخل مستوى الفقر الرسمي لتلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء والسكن والنقل والرعاية الصحية ورعاية الطفل.". بحدود 44% تقريباً من الأطفال يعيشون في عائلات تُعاني من انخفاض دخولها، حيث تكسب دخلاً أقل من مستوى خط الفقر.

ويرتبط انخفاض دخل الأسرة على المؤشرات الاقتصادية ذات الصلة التي تفاقمت بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة بـ: توافر العمالة العادية وتكاليف السكن.

يعيش ثلث الأطفال في أٌسر تٌعاني من غياب تأمين فرص العمل- الدوام الكامل على مدار السنة، وبنسبة زيادة 22% منذ العام 2008. وهذا الاتجاه المتنامي ينعكس في إحلال الدوام الجزئي للعمل part-time work محل الدوام الكامل full-time jobs.

كذلك تتزايد حالات ضعف فرص عمل الشباب. بحدود 9% من المراهقين خارج نطاق المدرسة والعمل. فقط 16% من خريجي الثانوسة العامة بعد العام 2008 يعملون بدوام كامل.

على المستوى الوطني، يعيش 41% من الأطفال في أٌسر تنفق 30% من دخلها على السكن، مقارنة بـ 37% من الأٌسر العام 2005. ومما لا يثير الدهشة Unsurprisingly أن الولايات التي تضم هذه النسبة العالية (ارتفاع نسبة الدخل المخصص للسكن) هي كذلك أكثر الولايات التي تضررت من أزمة الرهن، حيث تصدّرت كاليفورنيا القائمة بواقع 54% من جميع الأطفال الذين يعيشون تحت عبء ارتفاع تكلفة السكن، تليها ولاية نيو جيرسي، ونيفادا، وفلوريدا.

إجمالاً، ترسم هذه المؤشرات الاقتصادية صورة قاتمة لظروف الأطفال بعد ركود العام 2008. وفي حين أظهرت مؤشرات التعليم تحسناً في معدلات التخرج ودرجات الاختبار، فعلى النقيض من ذلك اتجهت المؤشرات: الصحية، مؤشرات تعاطي المخدرات بين المراهقة، ووفيات الأطفال نحو التدهور.

من جهة أخرى، معدلات السمنة والسكري لمرحلة الطفولة- ظروف صحية خطيرة مرتبطة بمواد غذائية رخيصة "filler foods" التي تصيب بشكل حصري تقريبا الأسر الأكثر فقراً- هي في تصاعد. بينما لم يتضمن التقرير: مقاييس الصحة النفسية في مرحلة الطفولة، أحداث التورط ضد العدل، وسوء معاملة الأطفال.

جاءت مؤشرات الأسرة والمجتمع مختلطة، مع انخفاض طفيف في فترة الحمل للفتيات في سن المراهقة وزيادة في عدد رؤساء الأُسر الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية.

عموماً، هناك 1.6 مليون طفل يعيشون في أكثر المجتمعات التي ترتفع فيها نسبة الفقر- المناطق التي تعيش أكثر من 30% من سكانها تحت خط الفقر- بالمقارنة مع العام 2000. كافة المؤشرات تعكس التفاوت في ظروف المعيشة بين الأطفال عبر فئات الدخل، حيث تفاقمت نتيجة الحد من الميزانية على المستوى الاتحادي.

بالنسبة للأقليات السكانية، جاءت مؤشرات معايير الرفاه دون المتوسط. لاحظ التقرير أن الأطفال الملونين (السود) دون مستويات نظرائهم من البيض بتسع مرات، حيث يعيشون في مستويات عالية من الفقر في أقصى الجنوب- المناطق الريفية من المدن الصناعية. وهنا يعيش 38% من الأطفال السود في مستوى الفقر. بينما يعيش 32% من الأطفال ذوي الأصول اللاتينية في الفقر.

يستشهد التقرير في مقدمته بدراسة جامعة ستانفورد التي صدرت مؤخراً وكشفت أن "الفجوة في درجات الاختبار المعياري بين الطلاب الأثرياء وبين ذوي الدخل المنخفض قد زادت بحوالي 40% منذ الستينات. وهذه الهوة تتضاعف الآن بين أولئك من أصل أفريقي أمريكي وبين البيض من غير الأصل الأسباني، والتي ازدادت سوءً خلال الفترة ذاتها." وفي مرحلة الطفولة المبكرة، يشارك نسبة صغيرة فقط من الأطفال الفقراء في البرامج النوعية للتغلب على العجز التنموي المرافق للصعوبات الاقتصادية المزمنة، علاوة على انخفاض مستوى تعليم الوالدين."

واحدة من المحصلات الهامة التي ظهرت في التقرير، تتجسد في تنامي ظاهرة عدم المساواة بين الولايات. أقاليم جنوب شرق وجنوب غرب ومناطق الآبالاش Appalachian من البلاد تقع بعيداً خلف مناطق الوسط الغربي والشمال الشرقي فيما يخص كافة المؤشرات. الفروقات بين المستويات العليا والدنيا كبيرة جداً فيما يخص معظم المؤشرات. على سبيل المثال، 10% فقط من الأطفال في New Hampshire يعيشون تحت خط الفقر مقارنة بـ 33% من أطفال ولاية Mississippi.

جاءت مسسيبي الولاية الأفقر فيما يخص متوسط الدخل، وثالث أكثر ولاية من حيث تفاوت الدخل مقارنة بكافة الولايات العام 2008، وذلك وفقاً لمعهد السياسة الاقتصادية Economic Policy Institute. وبالعلاقة مع العديد من المؤشرات: متوسط العمر المتوقع، معدلات وفيات الرضّع، والحالات المزمنة- تتماثل ولاية مسسيبي مع العالم النامي. عبر الجنوب وأبالا شا، يُعاني السكان من ظروف معيشية متماثلة مع بلدان في أفريقيا أو أوروبا الشرقية.

مع استمرار الأزمة الاقتصادية المتواصلة حالياً، تستمر كذلك ظروف التدهور الصعبة التي تواجه الأطفال والشباب. ففي مقدمة تقريره، يصف Patrick McCarthy- الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة Annie E. Casey Foundation- المخاطر التي ستترتب على الجيل الذي نشأ فقيراً على المستوى الوطني للبلاد. إنه يخشى من أن يصبح هذا الجيل من الشباب "أقل قدرة على المنافسة والازدهار في الاقتصاد العالمي. وبالنتيجة إلحاق الضرر "في قوة شعبنا "the strength of our nation". ففي التصنيف الدولي لـ 31 دولة متقدمة developed countries، جاءت الولايات المتحدة في المرتبة 27 بالعلاقة مع مؤشر الفرص الاقتصادية والمساواة.

على أي حال، فالفقر في مرحلة الطفولة ليست قضية وطنية، بل أنها مشكلة عالمية. طبقاً لمنظمة اليونيسيف UNICEF.. هناك أكثر من مليار طفل يعيشون وسط الفقر في كافة أنحاء العالم بالعلاقة مع آثار الأزمات الاقتصادية في الولايات المتحدة وأوربا.. هذه الظاهرة تكشف عدم إمكانية حل القضايا الاجتماعية والاقتصادية في الولايات المتحدة إلا في إطار المنافسة الدولية. ..(!!)..
(((الفقرة الأخيرة تُعبّر عن فكر رأسمالي استعماري يطغى على العديد من مفكري وكتاب العالم الغربي الممعن في استغلال القوى الأضعف محلياً وعالمياً)))
مممممممممممممممممممممممممـ
New report shows rising US child poverty,By David Brown,uruknet.info,July 31, 2012.

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات