رقم قياسي للفقراء الأمريكان

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3489 - 2011 / 9 / 17 - 22:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد

ارتفع معدل الفقر في الولايات المتحدة إلى 15.1% العام 2010- أعلى مستوى منذ العام 1993، حسب تقرير مكتب الإحصاء الأمريكي يوم الثلاثاء. استمر دخل الأسر في الانخفاض بشكل حاد في خضم أسوأ أزمة لفرص العمل منذ الكساد العظيم Great Depression في الثلاثينيات، علاوة على ارتفاع عدد المحرومين من التأمين الصحي.
التقرير، وهو يوثق، انخفاضاً مروعاً لمستوى معيشة ملايين الناس، يٌقدّم لائحة اتهام خطيرة ضد السياسة المدمّرة لإدارة اوباما وكامل الهيكل السياسي الأمريكي. الأرقام الجديدة تغطي سنة واحدة ابتداءً من بداية الانتعاش المفترض في يونيو/ حزيران 2009.
ارتفع معدل الفقر إلى ما يقرب نقطة مئوية كاملة من 14.3 (إلى 15%) العام 2009 (بداية سنة الانتعاش المفترض). كانت هذه ثالث زيادة سنوية في ارتفاع نسبة الفقر، بل والرابعة على التوالي بخصوص عدد السكان ممن يعيشون في الفقر. في العام الماضي كان هناك 46.2 مليون يعيشون في الفقر، على أساس انخفاض دخل الأسرة المكونة من أربعة أشخاص عن 22 ألف دولار في السنة و11 ألف دولار سنوياً للفرد.
كما بلغ عدد مَنْ يكسبون أقل من ضعف معدل الفقر (حوالي44 ألف دولار سنوياً) لعائلة مكونة من أربعة 103 مليون نسمة العام 2010 أو بحدود 34% من السكان.
زادت نسبة الأطفال دو سن 18 عاماً الذين يعيشون في الفقر من 20.7% إلى 22.0%، وبما مجموعة 16.4 مليون طفل أمريكي فقير. وهذا الرقم يعادل سكان نيويورك/ لوس انجلس/ شيكاغو/ وهيوستن مجتمعة.
جملة عدد مَنْ يعيشون في الفقر، تُعادل عدد سكان أكبر خمسين مدينة أمريكية. هناك تصاعد مستمر لأعداد الفقراء في الولايات المتحدة العام 2010، بالمقارنة مع السنوات السابقة منذ العام 1959. ومنذ العام 2007 زاد معدل الفقر من 12.5% إلى 15.1% أو 2.6 نقطة مئوية.
ارتفع معدل الفقر للأمريكان من أصل أفريقي، بشكل سريع، من 25.8% العام 2009 إلى 27.4% العام 2010.
ملايين الناس يعيشون فيما يسمّى "فقر مدقع deep poverty"، بمستوى دخل أقل من 50% عن الفقر الرسمي (دون 11 ألف دولار سنوياً لعائلة مكونة من أربعة أشخاص). ارتفع الفقر المدقع من 6.3% العام 2009 إلى 6.7% العام 2010، وبزيادة قدرها 1.6 مليون، ليضاف إلى مجموع الفقراء الأمريكان البالغ عددهم 20.5 مليون نسمة. في حين يشكل الأطفال دون سن 18 سنة 24.4% من مجموع السكان، (7.5 مليون شخص) يعيشون في فقر مدقع.
وبلغة الأرقام المطلقة، الذين يعيشون في فقر مدقع ومعدل الفقر المدقع، على حد سواء، في أعلى معدلاتهما منذ بدأت الحكومة تبويب هذه الأرقام العام 1975.
كذلك وثّق التقرير الإحصائي استمرار انخفاض دخل العاملين في سياق انخفاض متوسط الدخل الحقيقي للأسرة إلى 49.445 دولار العام 2010. ومنذ العام 2007، لاحظ التقرير "انخفاض متوسط الدخل الحقيقي للأسرة بنسبة 6.4% وانخفض بنسبة 7.1% عن متوسط الدخل الحقيقي للأسرة في أوج قمته العام 1999."
هذه المتوسطات تخفي التفاوت الهائل الذي أصبح سمة أساسية للمجتمع الأمريكي. 20% من الأسر من ذوي الأقل دخلاً وبواقع 20 ألف دولار أو أقل، مع انخفاض حصتهم من الدخل من 3.4% إلى 3.3%، مقارنة بالأسر الأعلى دخلاً الذين يحصلون على 50% من جملة الدخل النقدي.
لاحظ تقرير مركز الميزانية وأولويات السياسة بأنه منذ العام 1999 "انخفض الدخل الحقيقي بواقع 12.1% للحاصلين على 10% من الدخل، مقابل انخفاض بواقع 1.5% للحاصلين على 90% من الدخل. الفجوة بين المجموعتين بلغت قمة مستوياتها.
منذ العام 1999، انخفض الدخل الحقيقي للأسر العاملة بواقع 5.5% للأمريكان البيض من غير الأصل اللاتيني، مقابل 14.6% للأمريكان من أصل أفريقي و 8.9% للأمريكان من أصل آسيوي و 10.1% للأمريكان من أصل لاتيني، وفق تقرير مكتب الإحصاء.
فيما يخص الرجال العاملين بدوام كامل على مدار السنة، بقي متوسط الدخل الحقيقي نفسه حالياً كما كان العام 1973، بمعنى بقاء دخلهم مستقراً (على حاله) على مدى ثلاثة عقود.
البطالة الضخمة Mass unemployment تشكل القوة الرئيسة الدافعة باتجاه انخفاض مستويات المعيشة. وذلك في ظروف استغلال الشركات الكبرى لأزمة فرص العمل بخفض الأجور النقدية والمزايا العينية بالنسبة لأولئك ممن يستطيعون إيجاد فرصة عمل. ومنذ العام 2007 انخفض عددالعاملين بدوام كامل على مدار السنة بواقع 9.4 مليون. انخفاض من دون موازاة without parallel منذ الكساد العظيم.
استمرت هذه الظروف العام 2011. البطالة، وفق الأرقام الرسمية، تقف عند 9.1%. مع أحدث تقرير للوظائف صدر مؤخراً عن وزارة العمل، صافي نمو تشغيل العاطلين بلغ صفراً الشهر الماضي. البطالة الطويلة الأجل بلغت مستوى تاريخياً. زاد نسبة العاطلين من 16.1% إلى 16.3%.
كان عدد الناس من غير الحاصلين على التأمين الصحي في الولايات المحتدة 49.9 مليون العام 2010، وبزيادة قدرها المليون مقارنة بالعام 2009. ارتفاع عدد المحرومين من التأمين الصحي يشكل إدانة لمشروع اوباما "إصلاح الرعاية الصحية" الاحتيالي الذي جسّد ضربة أولى للحد من تكاليف الرعاية الصحية لصالح الشركات والحكومة.
ارتفاع الفقر هو حصيلة طويلة الأمد لدور الرأسمالية الأمريكية، جنباً إلى جنب، مع الحرب الشرسة التي تشنها الطبقة الحاكمة.. والآن بقيادة إدارة اوباما. الإفقار الشامل هو نتاج سياسة متعمدة قادت إلى انتقال سريع للثروة إلى أيدي الشركات والارستقراطية المالية.
هذه المؤشرات للضائقة الاجتماعية الشاملة تأتي في الوقت الذي سُجلت فيه أرباحاً قياسية، وبالعلاقة مع شركات تكتنز نقوداً تُقدر بأكثر من 2 ترليون دولار. كما ودفعت الحكومة ترليونات من الدولارات للبنوك، وتضخيم سوق الأسهم باتجاه باتجاه إنقاذ الأثرياء. هذه الإجراءات التي بقيت بعيدة عن تحقيق الانتعاش الاقتصادي وفي نفس الوقت استمرت معاناة الغالبية العظمى من السكان في سياق تراجعها الكارثي.
وسط إشارات واضحة بانحدار الاقتصاد العالمي في الركود، كان رد فعل الطبقة الحاكمة الدفع باتجاه المزيد من التقشف الواسع النطاق. الولايات والحكومات المحلية في كافة أنحاء البلاد تتوسع في تنفيذ تخفيضات لمعظم البرامج الأساسية التي تعمل على الحد من الفقر. حكومة ولاية مشيغان، على سبيل المثال، وضعت محل التنفيذ إبعاد 41 ألف شخص، بضمنهم ما يقرب من ثلاثين ألف طفل، من المساعدات الاجتماعية ابتداء من الأول من أكتوبر القادم.
وفي الوقت نفسه، وبعد وضع الخطوط العريضة لاقتراح وظائف زائفة phony jobs لن تفعل شيئاً لمعالجة أزمة البطالة، تبنت إدارة اوباما اقتراحاً باستقطاع ترليونات الدولارات من برامج الرعاية الصحية وبرامج التقاعد.
أصرّت إدارة اوباما على اقتراح محل عمل لجنة من الحزبين بشأن عجز الميزانية ينص على وجوب إجراء تخفيضات كبيرة في برامج الرعاية الصحية والدوائية الفيدرالية الرئيسة.
لمحاربة هذه الظروف، يجب على الطبقة العاملة أن تقوم بالصراع الصناعي والصراع السياسي.
الحزب الاشتراكي للمساواة Socialist Equality Party، يدعو إلى اتخاذ تدابير طارئة للقضاء على الفقر، في سياق برنامج عام للتشغيل بترليونات الدولارات وفي أعمال منتجة ذات أجور عالية، بما في ذلك إعادة بناء البنية التحتية، والمتطلبات الاجتماعية الأخرى ذات الأولوية. دخل صالح للمعيشة لتلبية كافة الحاجات الأساسية باعتبارها حقاً اجتماعياً يجب أن يكون مضموناً للجميع.
لدفع تكاليف هذا البرنامج، يناضل الحزب-SEP- باتجاه توزيع جذري للثروة، بما في ذلك فرض ضريبة بواقع 90% على كافة مستويات الدخل التي تتجاوز نصف مليون دولار. حالياً، الشركات تعمل على أساس التعاقد مع الإضراب. يجب السيطرة عليها من قبل الطبقة العاملة لتقوم بتشغيلها ديمقراطياً لمصلحة الحاجات الاجتماعية.
إن تطبيق هذه الإجراءات مسألة مستحيلة في غياب هجوم مباشر على مصالح الأثرياء ونظام الحزبين، من خلال بناء حركة جماهيرية سياسية اشتراكية للطبقة العاملة.
مممممممممممممممممممـ
Record number of Americans in poverty,By Joseph Kishore,uruknet.info,
WSWS, September 14, 2011.

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات