جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 08:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن الرب لم يعطنا قلوبنا وعقولنا في الدنيا لكي نستعملها فقط لا غير وإنما أيضا ليحاسبنا عليها يوم الدينونة حين لا نجعلها حكما بيننا وبين الآخرين.
المسيحي المخلص والمسيحي المؤمن بالخلاص يعرفُ من تلقاء نفسه بأنه مذنب إذا أذنب دون الحاجة الماسة لمراجعة نصوص الإنجيل بل يرجع إلى قلبه وعقله وضميره ووجدانه الذي أعطاه الله إياها,فالله لم يعطنا فقط الكتب السماوية بل أعطانا عيوننا وآذاننا وعقولنا وقلوبنا ويجب على كل هذه المعطيات أن تعمل بشكلٍ جيد والذي لا يريد تشغيل عقله وضميره وقلبه فليذهب إلى أقرب مستشفى ليتخلص من كل ما أعطاه الله إياه,ودعونا نتابع: بينما المسلم الحقيقي المؤمن بالإسلام لا يستطيع أن يعرف بأنه مذنب إذا أذنب إلا بالرجوع إلى سور القرآن وآياته وتفسيرات المفسرين وشروحات الشارحين ويأخذ أيضا برأي كل شيخ يمشي في الشارع فإذا قال له أي شخص بأنه مذنب فإنه يعترف بهذا الذنب حتى وإن كان في قرار نفسه يعلم بأنه غير مذنب, وأيضا إذا لم يذنب المسلم وقال له أي شيخ أو إذا قالت له أي آية قرآنية بأنه غير مذنب فإنه يفرح بذلك فرحا كبيرا مع العلم بأنه في قرار نفسه يعلم بأنه مذنب وحجة المسلم بأن ذنبه يقع على غيره كالنصوص الدينية وأصحاب إصدار الفتاوى الشرعية, وهذا هو الفارق الكبير والعظيم بين المسلم والمسيحي وهو يتعدى المفهوم التقليدي للإسلام, فالمفهوم التقليدي للإنسان المسلم بأن الصلاة والصيام وحج البيت والإيمان بوحدانية الله هي الفارق الوحيد بين المسلم والمسيحي,ولكن أنا مع اختباري الدائم ل يسوع وللمسيح تعرفت طوال حياتي على هذا الفرق الكبير والعظيم بين المسلم والمسيحي, فأنا وإن قيل لي بأنني غير مذنب وفي داخلي قناعة بأنني مذنب لا أأخذ برأي الشيوخ ولا برأي المفسرين للقرآن فأعمل على محو الذنب مباشرة من خلال قناعتي بأنني مذنب ويجب أن أكفر عن ذنوبي.
والسبب في هذا الاختلاف يعود إلى الرب الذي يسكن في قلب المؤمن المسيحي ويرافقه أينما ذهب وبذلك من خلال هذا الهاجس يستطيع المسيحي أن يعرف الحقيقة من خلال الله الذي في داخل الإنسان المسيحي فيعرف المسيحي ما له وما عليه, تماما مثل فكرة التعاون بين الأصدقاء وحاجة الناس للمساعدة فإن قيل للمسيحي المؤمن بأن هذا الشخص لا يحتاج للمساعدة فإنه على الفور يراجع نفسه وضميره الحي المستيقظ في داخله فإن قال له ضميره بأن هذا الشخص بحاجة للمساعدة الإنسانية فإنه يمد يد العون له حتى لو لم يكن مسيحيا المهم أن الإنسان يعرف الله من خلال ذاته,والذي يعرف الرب من خلال ذاته فإنه يتطور إلى معارف أخرى متفرقة فيعرف الحق لأصحابه ويؤديه لهم على أتم وجه دون الرجوع إلى آيات الإنجيل, بعكس المسلم الذي يحاول الرجوع إلى القرآن والسُنة في كل شيء حتى وإن كان مقتنعا بقرار نفسه بغير ذلك, وهنا تقع المصيبة الكبرى وهي أن حقوق الناس قد ضاعت كلها هنا وهناك بسبب عدم معرفة المسلم للحق عن طريق اختبار الضمير الإنساني نفسه.
وأنتم وأنا فلينظر كل واحدٍ منا إلى نفسه ليعرف الحق, فالحق واضح مثل وضوح الشمس ولا يوجد إنسان إلا ويعرف بأنه مذنب أو غير مذنب ولكن تضيع الحقوق وتضيع العدالة هنا وهناك بسبب تدخل الأإمة الأربعة في الحكم على الناس والآخرين دون الرجوع إلى ضمائرنا الحقيقية, تماما كالإنسان الذي يعرف بأن عليه دين, فالذي يعرف بأن عليه دين لا يمكن أن يقنعه أحد بأنه ليس عليه دين,وكذلك الذنب وكذلك هي الحقيقة وهكذا هي العدالة الحقيقية وهي تعيش في ضميرنا كما يحيا الرب في داخل كل جسد من أجسادنا فيدلنا على الطريق الصحيح دون اللجوء إلى كتاب ديني أو محامي أو حتى فيلسوف, فإن كنت أنا شخصيا مذنب فإنني سأعترف بذلك حتى ولو قال لي مليون شخص بأنني لستُ مذنبا,وإن كنت أشعر بأنني غير مذنب فلن يقنعني أحد بأنني مذنب حتى وإن قالت لي السنة والكتب الأربعة بأنني مذنب وأنا في نفس الوقت مقتنع في قرار نفسي بأنني غير مذنب.
حتى في المحاكم الشرعية والمدنية في الدول العربية الإسلامية يحكمون في أغلب الأحيان على كثيرٍ من الأبرياء بأنهم مذنبون وفي داخل أنفسهم لديهم قناعة بأن المحكوم عليهم بريئون من الذنب براءة الذئب من دم يوسف,لذلك مجتمعاتنا العربية والإسلامية وبعض الشرائح الغربية تفتقد إلى العدالة بسبب غياب ما يمكن أن نسميه الضمير الحي أو قناعة القاضي فالقاضي نفسه دائما ما يأخذ بالقانون وبالعُرف أكثر مما يأخذ بضميره فلا يدع ضميره يحكم على الناس بل يدع القوانين والكتب السماوية تحكم من غير الرجوع إلى الضمير وإلى القناعات الشخصية التي تكون فيها الضمائر الإنسانية حية.
إن الذي نطلبه من الله لا نعطيه إلى إخواننا,فإن كنا بحاجة إلى المال وطلبناه من الله لا نعطيه أو لا نعطي منه جزء إلى جيراننا وإخواننا المحتاجين له وذلك بسبب غياب الضمير الحي فينا وحتى يحبنا الله يجب أن نعطي لإخواننا ما نطلبه من الله.
وحين يجعلنا القانون نحكم به على الناس بأنهم مذنبون يتحول الذنب إلينا فنصبح نحن المذنبون لأننا قد غيبنا الله من داخلنا تماما وإننا نتحمل ذنوب الآخرين يوم الدينونة الأعظم لأننا لم نوقض الضمير الذي في داخلنا,عليكم أن تعرفوا بأن الله لم يعطِ للإنسان الإنجيل والقرآن وحدهما مع التوراة بل حتى قلوبنا منحها الله إلينا وهي منه وكذلك عقولنا لذلك حين يحاكمنا الله في الدار الآخرة قد لا يستعمل معنا آيات الإنجيل والقرآن بل سيسألنا عن قلوبنا وعقولنا وسيقول لنا :أين كانت عقولكم حين حكمتم على فلان بأنه مذنب وهو غير مذنب, ألم أعطكم عقولا؟ ألم أعطكم قلوبا؟ ألم أعطكم ضمائر حية؟
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟