أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - طوال عمري














المزيد.....

طوال عمري


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3791 - 2012 / 7 / 17 - 22:35
المحور: حقوق الانسان
    


طوال هذا العمر وأنا هاربٌ من كتاباتي التي تتسبب لي بالأذى وأحيانا أنكرها على نفسي وأنكرُ ما تخطه يداي وطوال العمر وأنا أصلي عليكم وأطلب الرضا لكم,وطوال العمر وأنا أُصلي من أجلكم وأطلب الخلاص لي ولكم ,وطوال العمر وأنتم منزعجون مني لأنني أعمل من أجلكم وآسفٌ جداً على إزعاجكم,طوال العمر وأنا أكتبُ من أجل أن تستمتعوا بعذابي ومن أجل أن تضحكوا على طبيعة حياتي, والذين وضعتهم في عيوني تسببوا لي بالأذى والعمى والذين وضعوني تحت أقدامهم رفعتهم للأعلى,والذين أعطيتهم آذاني الصاغية تسببوا لي بالصمم ,وطوال العمر وأنا أحملُ على ظهري صخرة الإله(زيوس),وطوال العمر وأنا أُكفرُ عن ذنوبٍ لم أرتكبها,وطوال العمر وأنا جريمتي الوحيدة أنني أفكرُ كثيرا,وطوال العمر وأنا أُلقي عليكم تعويذة النوم لتناموا وترتاحوا من صخب الحياة وطوال العمر وأنا أتمتم عليكم بتعويذة ألم الأسنان البابلية,وطوال العمر وأنا أنام وحدي وأصحو وحدي, و طوال هذا العمر وأنا أعيش وحيدا ليس لي أخٌ وليس لي أبٌ وليس لي وطنٌ,ولا أملك في جيبي منديلا أمسحُ فيه دموعي ,وطوال هذا العمر وأنا مرميٌ بين الأوراق وبين الكتب وفي ساعات الصباح الباكر أكون في حالة يرثى لها بين الرمال وبين الإسمنت المُسلح وأخشاب الطوبار, وطوال هذا العمر وأنا أبحثُ عن إنسانٍ يسليني حين يعصرني الليل بسواده كامرأة تلفعت بعباءتها السوداء, وحين أنظرُ من حولي ولا أجد أحدا يشاطرني آلامي أنزوي في غرفتي وحدي واضعا يدي تحت رأسي لأبكي من أجل تفريغ شحناتي الزائدة من السعير ومن اللهيب المشتعل في أحشائي, أنا لا أريد أن أستجدي عطفكم عليّ ولكن على الأقل أُحاول تشخيص الحالة النفسية المرعبة التي يمرُ فيها كل مثقف حقيقي في هذا البلد وفي القارة العربية التي يلتقي فيها المثقفون تحت جُنح الظلام وكأنهم يهربون الدخان والسجائر الأجنبية ...طوال هذا العمر وأنا أنتظر أن يأتيني المُخلص بالبشرى السعيدة, طوال هذا العمر وأنا أفكر وأناقش وأجادل ولم أجنِ غير الخسارة المتتالية للأصحاب وللأصدقاء ولأنني أناقش كثيرا وأكتب كثيرا كثرت أخطائي أو آرائي الصائبة وكثُرَ خصومي وتراجع عدد المحبين والمعجبين بي وخسرتُ أهلي وناسي وفي كل يوم يمرُ عليّ أخسرُ فيه صديقا أو حبيبا أو عزيزا عليّ وأتمنى أن يمرَ عليّ يومٌ لا أخسرٌ فيه أحدا من الأحباب الذين أُحبهم وأُودهم وليس من المستبعد أن أخسر عمّا قريبٌ أولادي حين تتلوثُ أدمغتهم في المدارس والجامعات التي تدعي أنها جامعات علمية,ومع كل هذا أنا سعيد جدا بحياتي وأنا سعيد جدا بشقائي وأنا فرحان جدا بخلوتي وبعزلتي التي ضربتها على نفسي وضربها الناس عليّ من جهةٍ أخرى.

طوال هذا العمر وأنا أخسر من أجل أن يكسب الآخرون,وطوال العمر وأنا أسهر الليالي من أجل أن ينامَ الآخرون,وطوال العمر وأنا أموت في كل يوم ألف مرةٍ ومره من أجل أن يحيا الآخرون وطوال هذا العمر وأنا أغادر منزلي كل يوم في تمام الساعة الثامنة صباحا إما للعمل وإما لشراء الخبز من السوق الملاصق لمنزلي,وأعود إلى بيتي منهك من شدة التعب وفي رأسي أكثر من ألف فكرةٍ وفكرهْْ ومن تعبي وشقائي تولد كل أفكاري وحين أرتاح قليلا تأنفُ يدي عن الكتابة وكأنني خلقت للعذاب وللشقاء, طوال هذا العمر وأنا ألعق دمي وجراحي وأتلذذُ على طعم الملح في فمي ولا يوجد أحدٌ من حولي يستطيع أن يوقف نزيفي كل صباح وكل مساء وكل يومٍ أقول غدا يأتيني الذي أحبه ويحبني وغدا يأتيني الذي أنتظره وينتظرني وغدا يأتيني الذي يجبر بخاطري,وطوال هذا العمر وأنا أبحثُ عن صدرٍ أرتمي عليه حين أعود مساء أو في وقت الظهيرة من العمل,وطوال عمري وأنا لا أشكو من الناس بل الناس يشكوني إلى الله مني رغم أني لم أتسبب لأحدهم بالأذية.

طوال عمري وأنا إنسان مقامر أقامرُ بأعصابي وبقلبي وبصحتي النفسية والجسدية, وطوال العمر وأنا أعيش على حافة الهاوية ورجلٌ أضعها في القبر ورجلٌ أخرى أضعها في السجن,وطوال عمري وأنا أحبُ الناس وأتقرب منهم ولكن الكل يبتعد عني وكأنني وباء خطير,وحين يريد أحدٌ مساعدتي ألتقي معه كما يلتقي رجال العصابات والمخدرات مع بعضهم في الأسواق وفي الجبال العالية, وحين أشتري كتابا من السوق أضعه تحت إبطي وأدخلُ فيه البيت سرا لكي لا يشاهده الناس معي حتى أنني أخفيه عن زوجتي وطوال عمري وأنا أنزفٌ عرقاً من جبيني وطوال عمري وأنا ساكتٌ لا أشكو مما ألاقيه أبدا وإن الذي شكوته لكم يوما يا دوب أن يكون نقطة من بحر.

طوال هذا العمر وأنا أنادي أبي كي يساعدني ولكن أبي تحت التراب,لقد عشتُ يتيما وما زالت آثار الصدمة تلاحقني ليل نهار رغم أنني تقدمتُ في العمر وشاب رأسي وصرتُ أبا ومسئولا عن عائلةٍ مكونة من ثلاث بنات وولد.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحماس الديني عن غير علم
- الفادي
- المسيحية والاسلام نظرة عن كثب
- علاقتي بالمسيحيين وباليهود
- المسيح,نظرة من الأفق
- مللتُ
- نظرة جانبية للمسيح
- شكرا للرب
- خلق الكون والقرآن
- الحظ لعب مع المسلمين دورا كبيرا في مواجهة الفرس
- عدت مبتسما
- مقال الاعتزال
- الثقافة والبراءة
- شرب القهوة
- كن عربي الدين عيسوي الأخلاق
- ما معنى كلمة دير وكَفر؟
- اللهجه العاميه جميله
- اللغة العربية يرحمها الله
- احذروا الإسلام
- التضحية بالابن الوحيد


المزيد.....




- بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد ...
- الأونروا: لن نتمكن من إيصال المواد الغذائية لأهل غزة غدا بسب ...
- ماسك: انتخابات 2024 قد تكون الأخيرة بالنسبة للأمريكيين بسبب ...
- نادي الأسير: اعتقال 25 فلسطينيا في الضفة بينهم أسرى سابقون
- السعودية تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين على مقر الأونروا في ...
- التصويت على عضوية كاملة لفلسطين بالأمم المتحدة غدا
- كنعاني: من المعيب ممارسة التهديد والضغط ضد المحكمة الجنائية ...
- هيومن رايتس تتهم الدعم السريع بارتكاب -تطهير عرقي- في غرب دا ...
- 80 منظمة حقوقية تدعو للإفراج عن الناشط المصري محمد عادل
- السودان: هيومن رايتس تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب -إبادة- ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - طوال عمري