أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - مللتُ














المزيد.....

مللتُ


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3786 - 2012 / 7 / 12 - 00:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قالت لي اليوم ابنتي برديس ذات التسع سنوات (اقرفت من العيشه معاكوا) بسبب عدم تنفيذ طلباتها فقلت - موجها كلامي لها ولنفسي ولكل من أعرفهم-:مللت أنا من مشاهدة نشرات الأخبار ومن متابعة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية ومللتُ حتى من نشرة أخبار الطقس وارتفاع الحرارة في دمشق وحلب وحمص...مللتُ من هذا العُهر القابع فينا ليل نهار ومللتُ من السكين وهي في حلقي ومن لحمي الذي تنهشهُ الكلاب...ومللتُ من تقطيع لحمي عن طيب خاطرٍ مني,مللتُ من منظر سُفرة الطعام وهي ممددة أمامي ولقد وصل بي الحال أن أنظر للطعام كما أنظر لجثةٍ ميتةٍ..مللتُ من هذا العمر ومن هذه الحياة, ومللتُ من قراءة الموشحات التي أكتبها في كل يوم,مللتُ من سماع نفس الأسطوانة في كل يوم ومن أفواه أغلبية الناس,مللت من التكرار الكثير لتفاصيل الحياة المملة التي تخلو من التجديد والابتكار والإبداع,مللت من كثرة مشاهدتي للناس وهي تمشي مثل الرسوم المتحركة,مللتُ من منظر أبو شحاده وهو يقف على باب داره صبحا ومساء ومللتُ من رده للسلام عليّ في كل وقتٍ وحين, مللت من كتاباتي ومللت من ذوقي ومللت من عصياني للملل ومللتُ من الروتين المتكرر ولا أعرف أين أذهب صباحا ومساء ,مللتُ من منظري كل يوم وأنا رايح جاي في بيتي مثل أم العروس دون أن أفعل أي شيء,ومللتُ من وقوفي وجلوسي في آخر النهار على باب البيت وكأنني أنتظر رسولا أن يأتيني بالخطاب المبين, سئمتُ ومللت من قراءة الكتب ومراجعة أوراق اعتمادي ككاتب مميز بين الكتاب على موقع الحوار المتمدن, مللتُ من صوتي وضجيجي ومللتُ من سكوتي على أكثر السلوكيات إثارة للأشجان وللأحزان, مللتُ من منظري اليومي وأنا أقف أمام المرآة لأمشط شعر رأسي بيدي ولأغسل وجهي بماء الحياة حتى قررت ليلة الأمس من حلق شعر رأسي على الصفر لكي أعمل تغييرا(لوك جديد) لمنظري, مللتُ من الردود على رسائل المعجبين والحاقدين والثائرين ضدي,مللتُ من ثورتي على الموروث الديني مللتُ من هجومي وحدي على جيشٍ بأكمله ولستُ أدري هل أنا شجاع لهذا الحد أم أني غبي أو متهور؟ لستُ أدري, مللت من انتظار أن يأتيني الغائب برسالة من عالم الغيب الذي لا يطلعُ عليه أحد, مللت من كثرة مشاويري في بيتي من غرفة إلى غرفة ومن الحاسوب إلى غرفة النوم لقيادة وسادة النوم على أكثر من السرعة المسموح بها دون أن أربط على كتفي وخصري حزام الأمان, مللتُ جدا من نفسي ومن حياتي كلها وسئمتُ وقرفتُ كثيرا ومللتُ كثيرا من خيلي التي تعبت من حملاتي التنويرية والفكرية لتنوير الجانب المظلم من حياة الناس حتى شعرت بأن حياتي أصبحت سوداء ومعتمة وكل هذا ثمنا لتنوير الملايين من الناس, لقد تعبت من سهري وتعبتُ من جنوني وتعبت من الأمراض والعقد النفسية التي تكالبت على ظهري, تعبتُ ومللت من كيبوردي ومن مقالاتي التي أتكئ عليها ,مللتُ من صوتي ومن غنائي في الحمام وحدي كلما دخلته ولستُ أدري لماذا لا أستعذب صوتي في الغناء إلا في الحمام وهنالك الملايين مثلي يستعذبون صوتهم بالعربي وبالإنكليزي وبالصيني وبالهندي وبالياباني وبالسنسكريتي كما أستعذبه وأطربُ عليه في الحمام!!! تعبت جدا من مطاردة الأشباح و تعبتُ من ملاحقتي لهم ومن ملاحقتهم لي, تعبت ومللتُ من خيالي الذي يرافقني أينما ذهبت,مللتُ من الوسواس القهري الذي يلحُ في طلبي ومللتُ من مخيلتي العجيبة, مللتُ من كثرة الأفكار... تعبت من نومي ومن صحوتي وتعبت من الأفكار التي تعبث وتلعب في رأسي, مللت من هذا الحزن الكبير الذي يسيطر على كل سلوكياتي, مللت من شرب ماء عيوني, آهٍ من عيوني لو تسمح لي يوما بأن أنام على فرشة (عميناح ) وأرتاح , تعبت من نظرات الناس لي وتعبتُ من نظراتي الغريبة لنفسي أمام المرآة,مللت من شخصي الطيب الذكر, مللت حتى من رد السلام على الناس, مللتُ من فكري ومن شقاوتي آهٍ لو أنني ما زلت صبيا, تعبت جدا من كل شيء...تعبت من رسم صورتي اليومية ومللتُ جدا من كثرة أشواقي لشخصية لم ألقاها في حياتي إلا مرة واحدة, مللت من ليلي ونهاري وكله في الآونة الأخيرة أصبح عندي مثل بعضه فليلي يشبه نهاري ونهاري يشبه ليلي ووقت الظهيرة عندي مثل وقت العشاء أو غياب الغسق الأحمر, مللت من طعام الإفطار والغداء والعشاء فأنا اليوم عبارة عن أكل شرب كَتَبَ نامَ, مللت من سهري أمام المكتبة وقراءة شكسبير و(الصادق النيهوم) مللت من كل المسرحيات وأكثر مسرحية مللت منها تلك المسرحية الهزلية التي تصور لي تاريخ حياتي حين تعود بي الذكريات إلى أيام الماضي, مللت جدا من سهوي ونسياني على قارعة الطريق ومللتُ جدا من سماع نواقيس الخطر التي تدق في أذني ليلا ونهارا وخلف كل مقال أكتبه, مللت من الرجوع إلى الماضي وقراءة التاريخ مللت من التاريخ نفسه ومن الجغرافيا ومللت حتى من نفسي, مللت جدا ولا أعرف كيف لي أن أتخلص من الملل.

تعبتُ ومللتُ من تصوير نفسي بشتى الأفكار والألوان تعبتُ ومللت من الملل نفسه وتعبت من الشعور الدائم بالتعب, مللت من كل شيء يخطر على بالي, مللت من أزرار قميصي الذي أرتدهِ كل يومٍ من أجل النوم, مللت من منظر بدلتي العسلية اللون وهي معلقة في وسط الخزانة ولم أرتدها منذ أكثر من ستة أشهر على أقل تقدير, تعبت ومللت من مناداة الناس لي بنداء يا:كاتب ويا شاعر, مللت من كتابة الشعر وقراءته مللتُ من خطواتي ومللت من حرارة جسمي التي ترتفع كل يوم حتى أنني أشك بأنني أنا هو سبب كل الاحتباس الحراري الذي يهدد الكرة الأرضية.
مللتُ ولا أقول إلا ما قاله الأصمعي:

وغرّدَ القِمري

مللاً في مللِ



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة جانبية للمسيح
- شكرا للرب
- خلق الكون والقرآن
- الحظ لعب مع المسلمين دورا كبيرا في مواجهة الفرس
- عدت مبتسما
- مقال الاعتزال
- الثقافة والبراءة
- شرب القهوة
- كن عربي الدين عيسوي الأخلاق
- ما معنى كلمة دير وكَفر؟
- اللهجه العاميه جميله
- اللغة العربية يرحمها الله
- احذروا الإسلام
- التضحية بالابن الوحيد
- أرض الخطاة
- حول مسيلمة وفاطمة وخالد
- كلمات يؤمنون بها ولا يعملون بها
- حول خالد بن الوليد
- الملائكة الجميلة لا تحارب
- ارحموني


المزيد.....




- -ميت غالا 2025-.. ما تحتاج إلى معرفته عن أكبر ليلة في عالم ا ...
- مجزرة كشمير.. كواليس ما يدور بذهن القيادة الباكستانية عن هجو ...
- الأردن.. وفاة 4 أطفال بحريق سكن مسجد والأمن يكشف تفاصيل
- بيدرسن: ندعو إسرائيل إلى وقف هجماتها على سوريا فورا وعدم تعر ...
- محكمة أميركية تصدر حكمًا بالسجن 53 عامًا على قاتل الطفل الفل ...
- السر المقدّس: لماذا بنى المصريون القدماء الأهرامات؟
- بوتين يعترف بوجود -رغبة بتوجيه ضربة- لكنه يقاومها
- الحوثيون يعلنون قصف إسرائيل: كل الأمة ستتحمل تبعات الصمت عما ...
- أوليانوف: رفض أمريكا والاتحاد الأوروبي التوسط في الأزمة الأو ...
- الجيش الباكستاني يعلن نجاحه في اختبار صاروخ أرض-أرض بمدى 450 ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - مللتُ