أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - الفكر، المفكر والثورة:















المزيد.....

الفكر، المفكر والثورة:


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 3788 - 2012 / 7 / 14 - 14:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عندما تركض الأفكار بين الناس محاولة أن تترك آثارها المتعلقة بأهداب الحياة راسمة خرائط الغد..يضعها من يعتقد أنه يملك خبرات تكفيه ليصوغ احتمالات ماسيقع، . .أويسطرها أجوبة على تساؤلات من صميم الحدث ..الأفكار إن صَلُحَت تحولت إلى ثمار ناضجة تمنح الصحة والإشراق للمجتمع .... تتحول لغذاء ورغيف خبز يومي في صحن الفقير...يشبع جوعه، تتحول إلى معاول تكسر الأصفاد وجنازير الطغاة ..تتحول لحليب يغذي الأطفال ليكبروا ويصبحوا كوادر وطنية تبني وتعمر بلداناً انتظرتهم طويلاً..
الأفكار السليمة أعمدة تقوم عليها الأوطان وتكتب التاريخ منتمية لمبدعيها.."صناع التاريخ"..تتحول لعلوم وإبداعات حين تجد من يرعاها ويغذيها ويمنحها حرية القفز والجري والتطور، لكنها تذبل كما الزهور حين تُقطف من أشجارها لتوضع في مزهريات الصالونات..تخفت رائحتها وتذبل أوراقها ثم تَصفَّر وتموت..كل مايدخل العلب ويغلق دونه الهواء يصاب بالعفن والتخلف..بل الموات..هي من يمسك بيد التلميذ يفتح عيونه على العالم يبهر الداخل إلى عالمه وأجوائه..يحتويه ويحتضنه حين يتبادل حاملي الأفكار الإحترام والتقدير لكل مُنتَج يُبذل من أجل العام والخاص في المجتمع..من أجل نمو العقل البشري وانفتاحه على معارف الكون وتبادلها ..لأن الفكر الكوني مشاع لايعرف حدوداً ولا فواصل..لاوجود لجدران تحول بين تواصل الفكر..اللهم إلا إذا امتدت إليها سطوة الحرمان الاستبدادي..فأوصدت أمامها أبواب النفاذ ، رغم أن هذا العالم اليوم تحول بفضل هذا الجهاز الذي أجلس أمامه إلى قرية صغيرة يمكن لكل ساكنيها أن يتعارفوا ويتآخوا باعتبارهم سكان هذه القرية الكونية..لو عرف فلاسفة ومفكري هذا الكون كيف يقدموا إنتاجهم دون أن تلعب به الأهواء الأيديولوجية والمصلحية والسياسية التي تتحكم بها أسواق التجارة فتُدخل الفكر في بورصاتها وتحوله لمادة وسلعة تباع وتشترى فيصبح المفكر وسيلة بيد المستبد وناطقاً بلسانه ومُسَوقاً لتطرفه وجرائمه بحق مواطنه وبحق الإنسانية جمعاء...فبقدر ماتهدم الأفكار المتشنجة حولاء الرؤيا، العمياء عن البحث في حقيقة الأشياء والأحداث وكشف المستور من الخفايا والدسائس ..وتشويه صورة النقاء والمحبة...تشويه قيم الإنسان والخلق..وسلب القلوب والعقول لصالح نخاسة الاقتصاد وجشع سياسة القوة والبطش والفتك بالضعفاء ...بحيث لاتسمح لهم بموطيء قدم ، أو قدرة على إثبات الوجود كما لاتمنحهم فرصة الإبداع والوصول للمعلومة ومدارسها..حين تحتكرها باسم السلطة أو باسم رأس المال..وتميز فيظهر صراع الانسان الطبقي ..مما يفقر الفقير ويثري بفحش الغني الذي لايشبع..حين يتمكن مفكر ما..من شق طريقه بصعوبة في عالم الجشع والفحش الخلقي والسياسي وتسلط الديكتاتورية..يمكنه ـ حتى كفرد ـ أن يقدم الكثير في عالم التكنولوجيا اليوم ــ رغم أنها لم تصل لكل البيوت ولم يتعرف بعد كل فقرائنا على عالمها ــ لكن جزءاً غير يسير يتمكن الآن من نهل المعارف والفكر من مصدره الأصيل..إن لم تتلقفه قبل أن يشتد عوده أيدي الفكر الأعمى والعابث الذي يلعب " بالبيضة والحجر " مستخدماً الدين وإلتزام المرء فيه منذ نشأته وتأثير محيطه عليه ليزرع فيه نزعات دون الوطنية يضخمها وينفخها لتطغى على روابط المواطنة ، فينزع عنه هويته الأسمى من أجل الهوية الأدنى، ولاشك أن لسلطة الاستبداد التي يستخدم فيها سلطة قانون لم يختره المواطن ولم يكن مصدره..دوراً بات معروفاً لدى كل حصيف عن مدى ارتباط بعض رجال الدين بسلطة الاستبداد، فيسهل مهمتهم ويدفع بهم للظهور ويشجعهم على العمل في المجتمعات غير المتطورة ، بل يمكنهم من القبض على عقل المواطن باسم سلاح الدين وسلطة الايمان، وكل محاولة للخروج من شرانق رجال دين مرتبطين بقهر الانسان مُسَّخرين لعبوديته بدلاً من إخلاصهم للايمان والعبادة تلقى استنكاراً وتكفيراً ..ويُرمى صاحبها بكل أنواع التخوين الوطني!..فنجد رجل الدين قد أصبح رجل سياسة ! ورجل السياسة لبس لبوس الدين كي يبتلع ماتبقى لدى المواطن من حس وطني وانتماء نقي.....إذن بقدر ماتبني الأفكار المنطلقة من مصدر نقي يروم السلام والسلامة..يزرع بذوراً في تربة بور أو عذراء ..يمكنها أن تصنع المعجزات...لكن كيف يمكنها أن تجري وتعيش حين تكون التربة معشوشبة بكل الحشائش الضارة ؟ ..لقد أثبتت ـ حتى الآن ــ الثورة السورية ومفكريها من شباب نضجوا فيها أو من مفكرين مخضرمين لعبوا ويلعبوا في تطويرها وتنميتها دوراً ملحوظاً وتُلقى على عاتقهم الكثير من المسؤوليات باعتبارهم ..مَن يفكر ..مَن يرى ويبصر ببصيرة ثاقبة ..مَن يدرك بوعي بعيد المنظار ويستشف خطورة الأحابيل وقدرة الاستبداد على تسخير كل السبل الممكنة ليبقى ويتصدر ويتسيد ويعيد المواطن لقفص العبودية ، وفي هذه المرحلة الحرجة جداً والمفصلية من عمر ثورة مر عليها سنة ونصف قدمت ضحايا يقارب عددهم العشرين ألف شهيد، ومفقودين يفوق عددهم الخمسين ألف..ومعتقلين بمئات الألوف بين خروج من السجن وعودة إليه أو تغييب داخل جدرانه، ناهيك عن الجرحى والمعاقين..أما المشردين بلا مأوى والمهجرين خارج وداخل الوطن فقد اصبحوا بالملايين!!...كل هذا الهول وهذا الزمن ، الذي يمر على الثورة يُدخلها بمصيدة الفكر الضحل والعقل المريض الأسود ..إن لم يأخذ المفكر الوطني دوره الفاعل ويبذل كل جهد ليله ونهاره كي يكون في الخط الأمامي لتنقيه الرؤيا وتوضيح اللبس وكشف الألاعيب والوسائل المتداخلة إن مِن فعل أجهزة أمن طاغية لاتعرف طريقاً سوى الاستغلال والقهر والاضطهاد والايقاع بكل ساذج وبسيط ، أو من أصابع خارجية سمحت لها الفوضى أن تدخل عباءة الثورة وتفتعل الألاعيب لتكسب موقعاً يخدم هذا الطرف أو ذاك...لكن المؤسف والمؤلم في واقعنا السوري أن الصراع بين المفكرين أخذ أبعاداً سياسية تشد وتشذ عن دورالمفكر وتضعه في بعض الأحيان عائقاً بدل أن يكون تنويرياً..فبين من يدافع عن الاستبداد بحجة الخوف من الإسلاموية، ومن يقف بين بين، قدم مع الاستبداد وقدم مع الثورة فلاثبات ولا أصالة!..وهناك دون شك من يقف مع الثورة ويجهد في نجاحها..إنما ما أراه أنهم قلة ــ مع الأسف الشديد ـ فالبعض تأخذه رهبة الخوف من القادم والبعض الآخر مقتنع بأن الشعب يعرف طريقه وإن أخطأ فكما تمكن من القضاء على الاستبداد الأسدي فإنه كذلك قادر على عدم الإفساح لطغيان الإسلاموية أن تجد ترتبتها في وطننا وعدم قدرة مايزرعه الاستبداد من بعد طائفي لكل حركة تبدر عن الثورعلى التسلل داخل صفوف الثورة، وأنها بالتالي قادرة على الإطاحة بكل من يحاول تحقيق نصر ما أو مكاسب على حساب وحدة الوطن والتراب السوري، لكني واثقة ومن هنا أرفع الصوت..أن الفكر السليم الباحث عن مصلحة الوطن هو المنتصر عندما تكون غايته الوطن ويبتعد عن الذاتية والمصلحة الأيديولوجية...فيقف مع الشعب وثورته ..لأنها لم تأت من رحم الأحزاب ولن تقع بأيديها..وسيكون للثورة أحزابها ..حين تضع دستورسوريا الحرة الديمقراطية، سوريا لكل أبنائها...كونوا مع الوطن كي يكون الوطن معكم ويسير بهديكم ..فتكونوا له الأبناء البررة والنور ليبصر طريقه.
ــ باريس14/7/2012



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرة سياسية بمناسبة انعقاد مؤتمر أصدقاء شعب سوريا الباريسي ...
- إلى الشاب السوري القابض على الجمر:
- عالم يساهم في تأثيث بيت البربرية:
- خاطرة الوصايا الستة!
- وصية لابني السوري:
- لعيون منصور وابتسامة ريتا أبازيد:
- من طقس درعا البارحة:
- لاتدخل المتن، وابقَ في الحواشي!
- إليكم شعاع من ضوء قلبي وبصيرتي:
- مخطوطات وحدوية!
- شهداؤنا
- مصفاة المحبة
- المرسل إليه - توفاه الله-!
- تحت قمصان حقوق الإنسان:
- الأرض لنا والفتى ولدنا:
- إله محايد!
- عالّم!
- حاء الحرية وحاء الحريق!
- المجلس الوطني السوري، الأخوان المسلمين، وروسيا!
- هل من ضوء في نهاية النفق؟


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - الفكر، المفكر والثورة: