أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الدين محسن - نبي الأتوبيس – عليه الصلاة والسلام –















المزيد.....

نبي الأتوبيس – عليه الصلاة والسلام –


صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي

(Salah El Din Mohssein‏)


الحوار المتمدن-العدد: 3784 - 2012 / 7 / 10 - 17:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في منتصف عام 1973 . في القاهرة . خرجت في الساعة 10 مساء .من عملي الاضافي . الذي كنت امارسه بعد انتهاء عملي بالوظيفة الحكومية . لمواجهة أعباء المعيشة . وكان علي أن استقل الاتوبيس . من ميدان التحرير , لينقلني الي مسكني .
دخلت محطة الأتوبيسات فوجدتها هادئة فارغة الا من 3 اتوبيسات فقط . منها الاتوبيس الذي اريده . ففرحت , وصعدت . فلم أجد سوي عشرة أفراد . جلست فوق أقرب مقعد شلغر . انتظرنا قدوم السائق ليمضي بنا , فتأخر , كعادة الأتوبيسات في ذاك الوقت . لا مواعيد لها . وقد ينتظر الركاب المساكين بالأتوبيس لمدة ساعة . ثم يصعد السائق ليصدر فرمانا سلطانيا – لا يحاسبه عليه أحد - : الأتوبيس موش شغال يا أفندية . انزلوا , انتظروا أتوبيس آخر ..
كانت فوضي , والشعب كان تعب من الشكوي , ومن الكلام ,,
بعد قليل . صعد رجل طويل . اسمر , فارع كأنه تمثال فرعوني . بشوش , تبدو عليه طيبة وسماحة . يحمل حقيبة صغيرة فوق كتفه . ظنناه سائق الأتوبيس . خاصة عندما وقف قريبا من عجلة القيادة . نظر الينا بمودة , وقال " مافيش غيركم ! لا بأس نشتغل عليكم " وابتسم .. ( ظنناه سائق الأتوبيس. عندما قال ذلك ) ولكنه :
أنزل الحقيبة من فوق كتفه , وفتحها . فأخرج منها حجرا صغيرا . وضعه في منديل . ثم نفض المنديل فخرجت حمامة , طارت وحطت فوق كتف أحد الجالسين ..
اندهشنا , ولكن صاحب الحجر والحمامة . ابتسم , وقال لمن وقفت الحمامة فوق كتفه . اعطني الحمامة من فضلك .. ( ليتأكد الرجل الجالس معنا , ولنتأكد من انها حمامة حقا ) . فأمسك الرجل بالحمامة التي كانت حجرا , وناولها له . !
لف الرجل . الحمامة , في منديل , ثم نفض المنديل . فسقط حجر بدلا من الحمامة ...! .
ثم وضع الرجل الحجر والمنديل . بداخل حقيبته الصغيرة .
( كل هذا وسائق الأتوبيس لم يحضر بعد . وكان ذلك امرا قد اعتاد عليه المواطنون . كما قلنا ) .
بعدها أخرج الرجل من حقيبته . ورق اللعب – نسميها في مصر " الكوتشينة " –
ووضع الأوراق جميعها فوق الارض . وهي مقلوبة – لا تظهر صورة الورق – و الأوراق مضمومة - , داس بقدمه برقف فوق أوراق الكوتشينة المضمومة . وسأل أحد الجالسين : أية ورقة تود اخراجها من بين الاوراق ؟ فرد عليه : ورقة الولد
طرق بقدمه فوق ورق الكوتشينة - المضموم فوق بعضه جيدا – ثم رفع قدمه , فاذا بالورقة المطلوبة , نخرج بهدو من وسط الأورا وتعلو قليل في الهواء ثم تستدير . وتنزل علي الارض . فرأينا الصورة المطلوبة ...! وبقيت باقي الاوراق مضمومة محزومة تماما , ولا أدني بعثرة .... !
وعاد الرجل . ليسأل آخر . وانت .. أية ورقة تريد أن أخرجها لك ؟
فاختار ورقة أخري ..
فكرر الرجل . نفس العملية بنجاح
وهكذا , وهكذا .. حتي احتار كل منا ورقة , وخرجت الورقة وحدها , من بين الاوراق وطارت في الهواء , واستدارت ونزلت للأرض فتظهر الصورة ...
( كل هذا وسائق الأتوبيس لم يحضر بعد , والمواطنون قد اعتادوا هذه الفوضي . من بعد النكسة . تحت شعار كل شيء للقضية , كل شيء للمعركة . لازالة النكسة وتحرير الارض واستعادة الكرامة .. الخ ) .

استمتعنا بهذه الأعمال العجيبة التي قام بها الرجل .
وسألت نفسي : تري .. لو كان ذك الرجل يعيش في زمن سابق . منذ 1500 عام مضي – مثلا - , او قبل 2000 : 2500عام – مثلا - , وأتي للناس بمثل أعماله تلك , التي قدمها أمامنا في أواخر القرن العشرين الميلادي .. وقال للناس انه نبي مرسل من السماء . للدعوة والهداية . وراح يعلمهم بعض الحكمة القديمة تلك الحكمة المعروفة لدي الانسان القديم بدول الحضارات - – مع بعض اضافات واجتهادات منه – .. أفلن يصدقه الناس ؟
بل أكيد سيجد كثيرين جدا يصدقونه , ويتبعون ديانته ..
وبالطبع سيطالب اتباعه بصوم وبصلاة – يبتكرها , علي ضؤ ما يعرفه من صلوات وطقوس الديانات السابقة – والأهم واهم . بالنسبة : انه سيحدد لهم الزكاة – والعشور – التي يجب أن يدفعها الناس لشخصه .. وربما نصب نفسه خاتما للانبياء والمرسلين . لا نبي ولا رسول بعده .. ..
اكيد كان سيجد من يؤمنون بديانته وبنبوته .- في ذاك الزمن البعيد( ان كنا في زمننا هذا كلما ظهر رجل يقول انه نبي جديد .. فانه يجد له اتباعا ! ) وبمرور السنين والعقود والقرون , سيتولي اتباعه في كل عصر الدعوة لديانتهم ولنبيهم , ولكانوا قد بلغ عددهم في أيامنا الآن بمئات الملايين . لو كانوا هم الاغلبية في دولة ما . لقالوا : ان ديننا هو دين غالبية الشعب , لذا فهو دين الدولة . ويجب ان يكتب ذلك في دستور البلاد ...(!)
وتقوم الخلافات والمشادات والحوارات والقضايا التي لا تنتهي , حودث القتل . بسبب دين الاغلبية ! بينما الحقيقة هي ما يقوله المثل الشعبي المصري " الجنازة حارة والميت ... " .

فماذ فعل " نبي الاتوبيس " هذا الذي حدثناكم عنه . بعدما قدم لنا آياته البينات . معجزاته .. ؟
الجواب : كان رجلا عفيفا . طيبا , أمينا .
اذ قال لنا ببشاشة وبمودة شديدة " باستطاعتي ان أمر بينكم , فانشل ما بجيوبكم جميعا , بدون ان تشعرون . . ولكنني اريد ان آكل لقمتي , أنا واولادي , بالحلال " .
ثم أخرج منديلا , وضعه فوق كفه , ومر بيننا , ليجود كل منا بما يمكنه من المال . . ولم يحدد لنا ما يجب أن ندفعه له . لا طالبنا بعشر ما بجيوبنا " العشور" – وهو قادر علي اخذ ما بجيوبنا بالكامل . نشلا . بدون ان نشعر - , ولا طالبنا بخُمس ما مع كل منا – خُمس الغنائم - . كلا ..
وبكل حب ورضا , أخرج كل منا ما بمقدوره من النقود . ووضعه في المنديل بكف الرجل . فابتسم في وجوهنا بسعادة , وتمني لنا عودة سالمة الي بيوتنا , ودعا للجميع بسعة الررق , وبالبركة وبالخير الكثير .
هكذا حظ ذاك الرجل . انه فارق الزمن فقط , ولكنه لو ظهر منذ زمن قديم , وبقدرته تلك . لكنا الآن نعده نبيا ورسولا كريما . يصاي الناس ويسلمون عليه تسليما كثيرا .

فصلي الله علي " نبي الاتوبيس " .
عليه أفضل الصلاة , وازكي السلام .
*******************************



#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة الروح بالايمان والالحاد
- شعب يبحث عن هويته ! مصر مصرية ؟ أم عربية ؟
- اصلاح الأمم المتحدة ، وفرض علمانية الحكم
- ثأر الشهداء وقميص عثمان
- مُصحف هيروهيتو – 3
- رئيس كندا ورئيس مصر المنتخب
- الي الرئيس المنتخب د .محمد مرسي
- الي رئيس مصر المنتخب د . محمد مرسي
- من بريدنا الالكتروني - 9
- ماذا لو فاز مرسي برئاسة مصر ؟!
- العسكر أمامكم , وتجار الأديان وراءكم , وفي القانون الدولي نج ...
- سموم الأديان تبطل الثورات وتجهض أحلام الشعوب
- المُلقن والممثلون في مسرح السياسة المصرية
- عسكر واخوان = ريا وسكينة
- دعوة للانتخاب
- مسرحية انتخابات الرئاسة المصرية
- وداعا المطربة وردة الجزائرية
- مصر تستيقظ وستنهض ..
- في الساعات الأخيرة قبل اختيار رئيس لمصر 2-2
- في الساعات الأخيرة قبل اختيار رئيس لمصر


المزيد.....




- مجانية.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات الان
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأقمار الصناعية مجانًا ...
- ترامب ينشر صورة -مثيرة للجدل- بزي بابا الفاتيكان
- ترامب ينشر صورة له بلباس بابا الفاتيكان بعد -مزحة- أنه يرغب ...
- أحدث تردد قناة طيور الجنة للقمر الصناعي نايل سات 2025 “نزلها ...
- استعدادا لانتخاب بابا جديد... الفاتيكان يثبت المدخنة فوق سقف ...
- جهود سياسية - دينية لمنع تمدد -الفتنة الطائفية- من سوريا إلى ...
- ألمانيا.. زعيم يهودي يدعو لاتخاذ موقف حازم من حزب البديل من ...
- استعدادا لانتخاب بابا جديد.. شاهد لحظة تركيب المدخنة على سطح ...
- الغويري في بلا قيود: حظر جماعة الإخوان ليس موجهاً للعمل السا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الدين محسن - نبي الأتوبيس – عليه الصلاة والسلام –