أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جواد بشارة - مقابلة مع مؤلفي كتاب : - 11 أيلول/سبتمبر: لماذا تركوهم ينفذون؟ -















المزيد.....



مقابلة مع مؤلفي كتاب : - 11 أيلول/سبتمبر: لماذا تركوهم ينفذون؟ -


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 258 - 2002 / 9 / 26 - 05:55
المحور: مقابلات و حوارات
    


 / باريس 24/9/2001

لم تشأ المخابرات المركزية الأمريكية سي آي أيه CIA أن تمنع وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول  ، وكانت تعرف بتحضيرات قراصنة الجو لتنفيذ هجمات انتحارية بإسقاط طائرات نقل مدنية على أهداف محددة، وكانت المخابرات المركزية تعرف تلك الأهداف المستهدفة ، كما تعرف الكوادر العليا  والوسطى  لشبكة اسامة بن لادن وأماكن تواجدهم، وكانت تلاحق وتراقب عدداً من قراصنة الجو المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية لكنها لم تشأ اعتقالهم بل ولم تحاول الأجهزة الأمنية الأمريكية سواء مكتب التحقيقات الفيدرالية أو المخابرات المركزية حتى منعهم من المضي قدماً في تنفيذ مخططهم الإرهابي وكان المجال مفتوحاً أمامهم للانتقال من التخطيط إلى التنفيذ لأن هذه الهجمات تعود بالنفع والانعكاسات الإيجابية لبعض النخب العسكرية والسياسية الأمريكية  في الجهاز الحاكم ، ومن الإسقطات الإيجابية للهجمات أنها إستقطبت جل الرأي العام الأمريكي إلى جانب مشروع الحرب الطويلة الأمد  التي سميت بالحرب الوقائية أو الإستباقية، ضد المنظمات والبلدان التي تسد الطريق أو تعرقل مشاريع الهيمنة الأمريكية . هذه باختصار شديد وببضعة كلمات ملخص أطروحة  مؤلفي كتاب الحادي عشر من ايلول / سبتمبر : لماذا تركوهم يفعلون أو ينفذون ؟ وهما بيتر فرانسين  وهو صحافي يساري بلجيكي يعمل في صحيفة سوليدير  و بول دوفوس رئيس رابطة معاداة الإمبريالية . وبمناسبة صدور كتابهما هذا الأسبوع أجرينا معهما هذه المقابلة بالتعاون مع صحيفة سوليدير البلجيكية:

س : كيف جاءتكم فكرة تأليف كتاب مختلف عمّا تقدمه وسائل الإعلام الأخرى عن أحداث الحادي عشر من ايلول / سبتمبر ؟
بيتر فرانسين : منذ الساعات الأولى من يوم 11 أيلول  / سبتمبر ، حيث بدت القضية غامضة وغير واضحة تثير الكثير من التساؤلات لدى المراقب . كيف أمكن لمجموعة من تسعة عشر شخصاً إختطاف أربع طائرات مدنية دون أن تعترض طريقهم الطائرات العسكرية الأكثر تقدماً وتطوراً أو تتصدى لهم وسائل الدفاع الجوي الأكثر فعالية وإحكاماً في العالم والأكثر تدريباً واستعداداً لمواجهة مثل هذه الإحتمالات بل وحتى الاحتمالات الأخطر منها كالهجمات العسكرية والصاروخية النووية  والتقليدية والكيمياوية، منذ نهاية الحرب العالمية وخلال الحرب الباردة ؟  فلماذا لم تتحرك في الوقت المناسب قبل وقوع الهجمات ؟ وقد نشرت عدة جهات متخصصة  بالشأن الأمريكي بيانات ومقالات وآراء تقول أنه ما كان يمكن لمثل هذه الهجمات أن تقع بدون تعاون أو تواطؤ أو تهاون من قبل أجهزة مخابرات وأجهزة أمنية متمرسة متواجدة في نواة الآلة الأمريكية العسكرية ولكن لم يكن لدى أية جهة حينذاك أي دليل قاطع أو مقنع ومعقول  لمثل هذه الفرضية وإنعدام التفاصيل التي تثبتها.
من هنا أعد فريق صحيفة سوليدير ملفاً أولياً عن الإرهاب وكيفية إستخدام الولايات المتحدة لهذه الوسيلة لأغراضها السياسية والعسكرية منذ عام 1945 . وقد جاء في هذا التقرير بوضوح إن الجيش الأمريكية والمخابرات الأمريكية لجأوا في مناسبات كثيرة إلى وسيلة الإرهاب لدفع الرأي العام باتجاه محدد يقصدونه . والمقصود  بالإرهاب هنا هو اللجوء إلى تفجيرات بالقنابل ، واختطاف طائرات ، واغتيالات وتصفيات جسدية واختطاف أشخاص وأخذ رهائن ، ونسف المباني، وقد وظفت الولايات المتحدة هذه الأساليب في عدة أماكن من العالم في كافة القارات وبضمنها أوروبا الغربية منذ الحرب العالمية الثانية . وفي هذه الحالات لم يعد للأخلاق  أو الضمير وجود في نفوس الأمريكيين الذي يتبعون مقولة : الغاية تبرر الوسيلة . المهم بالنسبة لهم تحقيق الغايات السياسية المنشودة . وقد إنكشفت عدة حقائق في الأسابيع والشهور التي أعقبت حدوث الهجمات الإنتحارية والتي لاتتطابق مع الرواية الرسمية . لنأخذ مثال  البنتاغون فحول مبنى البنتاغون كانت هناك أربع بطاريات للدفاع الجوي مجهزة بأحدث الصواريخ والمعدات المضادة للطائرات والصواريخ في لحظة سقوط الطائرة المدنية على مبنى البنتاغون وكانت هناك ملاحقة  ومتابعة جوية ورادارية منذ الدقائق الأولى بعد انقطاع الاتصال مع برج المراقبة وقبلها كانت هناك طائرتان قد اصدمتا ببرجي مركز التجارة العالمية وكان الجيش في حالة التأهب القصوى ومع ذلك لم تتحرك بطاريات الدفاع الجوي التي من المفترض أنها تحمي مبنى البنتاغون، ولم تفتح نيرانها ولم يكلف أحد نفسه بتفسير ذلك أو تقديم أجوبة منطقية ومعقولة ومقنعة . لنأخذ مثال آخر يتعلق هذه المرة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية السي آي ايه . فهي تعرف الخاطفين وتعرف مقرات إقامتهم في الولايات المتحدة الأمريكية وأوقفت لبعض دقائق بعضاً منهم بتهمة مخالفة أنظمة السير والحال إن المخابرات الأمريكية تدعي عكس ذلك وإنها لم تكن تلاحقهم أو تراقبهم وتجهل تواجدهم في الولايات المتحدة الأمريكية وعندما اثبتنا العكس بالوثائق والأدلة الدامغة لاذت الوكالة بالصمت وعدم التعليق أو الرد لذا أصبح من حقنا أن نفترض ونستدل من ذلك أن المخابرات المركزية تعمدت تركهم أحراراً يتجولون ويتنقلون بحرية تامة داخل الولايات المتحدة الأمريكية ويواصلون تعلمهم وتدريباتهم على قيادة الطائرات المدنية وهي تعلم تمام  المعرفة أن بعضهم إرهابيين كامنين من الخلايا النائمة كما هو مدرج على ملفاتهم في سجلات الوكالة خاصة وأنهم لايعيشون بسرية أو في الخفاء بل علناً ولديهم أوراق ثبوتية وإجازات قيادة للسيارات وأماكن سكن شرعية مستأجرة وصناديق بريد وتلفونات حيث يمكن العثور على عناوينهم وأسماءهم في دليل التلفونات .
وفي شهر ايار/ مايو اكتشفنا بأن الرئيس جورج بوش الإبن ومعظم أعضاء حكومته يعرفون قبل ستة أو سبعة اسابيع من تاريخ 11 ايلول / سبتمبر إن أعمالاً إرهابية قيد التحضير ضد الولايات المتحدة الأمريكية  وقد حذرت  خمسة أجهزة أمنية ومخابراتية عالمية أخرى السي آي أيه من مخاطر وقوع هجمات محتملة ومتوقعة داخل الأراضي الأمريكية ولم تكن معلومات عامة بل تفاصيل مخابراتية دقيقة جداً ومفصلة تصل إلى درجة الإنذار . ولم يكن مجهولاً سوى التوقيت أو ساعة الصفر وما عدا ذلك فكل شيء كان معروفاً لديهم . من وكيف  وماذا  ولماذا ؟ فمن الفاعل ؟ هم يعرفون جيداً أنها مجموعة من تنظيم القاعدة الذي خلقوه ودربوه وسلحوه بأنفسهم . وكيف ؟ بواسطة طائرات مدنية يتم اختطافها وتنفيذ هجمات إنتحارية ضد مركز التجارة العالمية  والبنتاغون والبيت الأبيض وقد تأكدنا من صحة هذه المعلومات وقررنا تأليف كتاب حولها.
س: ما قلتموه ليس جديداً ولم يكشف سراً لم يكن معروفاً فكتاب تييري ميسون " الكذبة المريعة " أصبح ناراً على علم وحقق مبيعات هائلة فبماذا تختلفون عنه؟
بيتر فرانسين: كانت فرادة تييري ميسون أنه أول من تجرأ على السير ضد التيار السائد ولم يكن ذلك بالأمر اليسير لأنه عندما صدر كتابه في شهر آذار/ مارس كان هنكا مناخ الرواية الرسمية هو السائد مع إنتشار بعض التساؤلات والشكوك التي تتهم المواقف الرسمية وضلوعها في هذه القضية وقام تييري ميسون بإلقاء الضوء على عدد من الحقائق الخافية على القاريء والمتابع والتي فضلت الحكومة الأمريكية إخفائها وإطباق الصمت عليها . وقد أصبح طرح التساؤلات أمراً أيسر اليوم . كتاب تييري ميسون جريء ومهم لكنه مليء بالافتراضات ولم يقدم أدلة غير قابلة للدحض بل تساؤلات مشروعة ومنطقية تحتاج إلى أجوبة لاتستطيع الحكومة الأمريكية تقديمها لكننا نعتقد أنه في هذا الموضوع يجب تقديم أدلة قاطعة لاتقبل الشك أو الدحض . فأطروحته المركزية في كتابيه " الكذبة الرهيبة  وفضيحة البنتاغون " تتلخص بأنه لاتوجد هناك اية طائرة سقطت فوق مبنى البنتاغون بل إن منظمة من اليمين المتطرف الأمريكي هي التي قامت بالعملية وضربت البنتاغون بصاروخ لكن هناك عناصر عديدة لاتدعم هذه الفرضية فهناك عشرات الأشخاص شاهدوا الطائرة وهي تسقط أو يدعون أنها طائرة ركاب مدنية من طراز بوينغ بينما يقول ميسون إن ما شاهده هؤلاء إن هو إلاّ صاروخ مجنح وليس طائرة ركاب ضخمة . فيما يتعلق بي لا أتجرأ على كتابة مثل هذا الكلام .  في حين إن تييري ميسون لم يركز كثيراً على هجمات  البرجين التوأمين فقد حدث بفعل سقوط طائرات مدنية ولكنها لاتدخل في إطار أطروحته المتعلقة بتحرك مجموعة يمينية متطرفة للإطاحة بالحكومة الأمريكية وهذا يجعل من الصعب أو شبه المستحيل فهم وإدراك دوافع المخابرات  والجيش خاصة وإنه أشار إلى فرضية توجيه الطائرات بجهاز توجيه لاسلكي من داخل المبنيين لإسقاط  الطائرتين فوقهما . أما كتابنا فيقتصر على الحقائق الدقيقة ولايتجاوز عدد صفحاته 185 صفحة 59 بالمائة منها تستند إلى وقائع وتصريحات مدونة لرئيسي المخابرات ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكيين ولزعماء سياسيين وسيناتورات وقادة عسكريين وخمسة بالمائة فقط تحليلات وتفسيرات للإستشهادات والأحداث . يتيح الكتاب إمكانية تكوين فكرة عن مغزى أحداث 11 أيلول/سبتمبر ، وفضح طبيعة الإمبريالية الأمريكية  وهجومها وأهدافها ودوافعها المغرضة وهذا هو أهم اختلاف بين كتابنا وكتابه بل وكل كتاب آخر عن أحداث أيلول/ سبتمبر.
س : بعد شهور من وقوع الأحداث ظهرت اكتشافات وحقائق تطعن بالأطروحة الرسمية فكيف كانت ردة فعل المخابرات  المركزية والبوليس الفيدرالي والحكومة الأمريكية حيالها ؟
بول دوفوس: مافتأوا يتقهقرون بمواقعهم الدفاعية فمنذ اللحظة الأولى للحوادث وهم يرددون "أنها مفجأة للجميع ، ولم نكن نعلم شيئاً"، وكل من اعترض على مثل هذه التصريحات ردوه بقسوة وفرضوا عليه الصمت المطبق وبقي خط الدفاع هذا قائماً حتى شهر آيار / مايو وعندما انكشفت الأمور وظهرت الحقائق للسطح أضطر المسئولون الأمريكيون إلى التراجع إلى خط دفاع تبريري ثاني وصاروا يقولون : نعم كانت هناك مؤشرات ، وإشعارات من طرف أجهزة مخابرات أخرى لكنها كانت عائمة وغامضة وغير دقيقة ولم نكن نعرف أين ومتى وكيف " .. وقد قاوم خط الدفاع التبريري الثاني هذا أسبوعاً واحداً وتبين أنهم على علم بكل شيء وبحذافيره بما في ذلك اليوم والساعة بالضبط  . ووصلنا إلى خط الدفاع التبريري الثالث والأخير الذي يقول " إن المخابرات المركزية السي آي أيه ومكتب التحقيقات الفيدرالي لم يتعاونا بما فيه الكفاية فيما بينهما ولم ينسقا نشاطيهما وأدعى كل منهما قلة الإمكانات المادية المتاحة لهما وشحة العاملين المتخصصين " وهذا بحد ذاته عذر أقبح من فعل وقع كشفنا في كتابنا خطل وزيف هذا الإدعاء وذكرنا ضخامة الإمكانات المادية والبشرية الموجودة تحت تصرف هذين الجهازين الأمنيين العملاقين وركزّنا على طبيعة وآلية التعاون بينهما فقد تضاعف عدد الأشخاص المكرسين لمكافحة الإرهاب أربع مرات خلال ثلاث سنوات في كلا الجاهزين منذ تفجيرات الإرهابيين ضد سفارات الولايات المتحدة الأمريكية في أقريقيا عام 1998 حيث حظي اسامة بن لادن بأولوية خاصة فقد خصصت وكالة المخابرات المركزية شعبة خاصة ومتخصصة مكلفة بملاحقته ومتابعة نشاطاته كذلك نفس الشيء في الأف بي آي . بل ابتكرت الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس بيل كلينتون جهازاً أمنياً خاصاً للتنسيق بين هذين الجهازين الفيدراليين فمن العبث والحال هذه الإدعاء بإنعدام الإمكانيات لدى الأجهزة الأمنية الأمريكية . فالسي آي أيه وحدها كرست ثلاث مليارات من الدولارات لمكافحة الإرهاب أي أكثر من الميزانية الكاملة للجيش البلجيكي وزادت الحكومة الأمريكية هذا المبلغ بما يعادل نصفه فأصبحت ميزانية شعبة مكافحة الإرهاب في السي آي أيه أربع مليارات ونصف المليار دولار لذا يمكن الاستنتاج إن الذي حصل هو التعمد في وقوع الهجمات الإنتحارية وتسهيل تنفيذها بدلاً من منعها .
س : إذن كانوا يعرفون جيداً بما سيحصل ؟
بيتر فرانسين : كانت المخابرات الأمريكية تملك التفاصيل الكاملة وأسماء الإرهابيين وقراصنة الجو وكانوا يلاحقون سراً على مدار الساعة بعض هؤلاء وتم توقيف أحدهم وهو زعيمهم محمد عطا في حادث سير تجاوز السرعة المحددة بنظام السير في أمريكا ولم يكن معه رخصة قيادة سيارة ومع ذلك منحه شريف المنطقة مهلة ثلاثين يوماً للمثول أمام مركز البوليس وتقديم رخصته للقيادة لكن محمد عطى لم يفعل ذلك ولم يحضر لمركز البوليس وسجل إسمه على الكومبيوتر باعتبار أنه مطلوب . وبعد فترة قليلة تم توقيف محمد عطا مرة أخرى بتهمة تجاوز السرعة المحددة ودقق شرطي السير في إسمه على الكومبيوتر الشخصي المحمول فكانت الدهشة إن إسمه محي من قائمة المطلوبين  الذين يبحث عنهم البوليس من الكومبيوتر المركزي للبوليس  الفيدرالي والمحلي أليس هذا  أمراً غريباً ؟ وهناك حدث آخر يتعلق بإثنين من قراصنة الجو الإنتحاريين الذين نفذوا الهجمات ، حيث قامت جهات أمنية بطلب من المخابرات المركزية الأمريكية بملاحقتهم وتصويرهم سراً بالفيديو أثناء زيارة لهم إلى ماليزيا ولكن عند عودتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية توقفت عمليات الملاحقة والتصوير كما تدعي وكالة المخابرات دون أن تقدم أي سبب أو تفسير لذلك . وفي 11 ايلول / سبتمبر لم ترسل قوات الجو الأمريكية سوى طائرتين مطاردتين بصورة متأخرة ومن قاعدة بعيدة وكأنهم لايريدون إعتراض طائرة البوينغ المخطوفة في الوقت المناسب قد يحدث خطأ بسيط من هذا النوع مرة واحدة ولكن ليس عشرة أخطاء في نفس الوقت ومن الممكن أن يكون للحوادث الأخرى دوافع سياسية مقصودة ولكن من المهم معرفة من المستفيد من تلك الهجمات الإنتحارية ؟
بول دوفوس : بالفعل هذه نقطة غاية في الأهمية  فبعد العمليات الإنتحارية حصلت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على %42 زيادة على ميزانيتها العادية المرتفعة اصلاً ووصلت ميزانية الجيش إلى معدلات خيالية ومن هنا يمكن الاستنتاج إن الرابح الكبير من هذه الحوادث ومفعولها النفسي المدوي هو الجيش والمخابرات وكل من يريد الحرب الدائمة والحرب الوقائية والهيمنة على العالم في الولايات المتحدة الأمريكية .
فمن الصعب تطوير وإعداد استراتيجية حربية عدوانية في بلد في مناخ ديموقراطي يتمتع بحريات واسعة لذا ينبغي إيجاد مناخ آخر من القلق والخوف والحقد والانتقام والاستنفار والقوانين الاستثنائية والهاجس الأمني واستشهدنا في كتابنا بتصريحات مستشار الأمن القومي السابق في عهد الرئيس كارتر زبجنيف بريجنسكي  الذي كتب 1997 :" إن الولايات المتحدة الأمريكية ديموقراطية أكثر من اللازم في داخلها حتى تكون أوتوقراطية في الخارج كي يمكنها أن تحكم العالم وتهيمن عليه " وبذلك يضع بريجينسكي الصلة بين منطق الحرب والسياسة الداخلية .
س : من الأمثلة الصارخة على تلك القيود المفروضة على الحريات المدنية عهد المواطنة أو Patriot Act وهو قانون أقّرّ بعد أحداث الحادي عشر من ايلول ، فهل كان يمكن لمثل هذا القانون أن يُسَن بدون الحادي عشر من أيلول؟
بودوفوس: كان الحادي عشر من أيلول ذريعة للكثير من التسريع السياسي والعسكري لخطط كانت موضوعة ومعدة سلفاً . يتعين علينا أن لاننسى أن العالم تغيّر جوهرياً وبالعمق في سنة 1989بعد سقوط جدار برلين  ، وبعده بسنتين إثر إنهيار الاتحادة السوفيتي فالقوة الموازية والمعادلة للعنجهية الإمبريالية العدوانية قد زالت . وأنطلق عنان كل شيء وأفلت الأمر وأصبح العالم تحت رحمة الولايات المتحدة وملكاً لها وليس لأي جهة أخرى منافسة لها . ومنذ العام 1989 وأمريكا متورطة ومنزجة في حربها ضد العراق ويوغسلافيا والشيشان وطاجاكستان وجيورجيا وأرمينيا وأذربيجان والكونغو  والصومال  وبالطبع أفغانستان. والقائمة طويلة ومثيرة ولكن على لائحة النخبة الأمريكية تتربع مجموعة من الدول التي سميت بالدول المنبوذة أو الشقية أو المتمردة أو الخارجة عن بيت الطاعة الأمريكي وعلى قمتها تأتي دول محور الشر ، وعلى رأس دول محور الشر تقف العراق . بعد الحادي عشر من ايلول قال جورج بوش الإبن  ودونالد رامسفيلد  وديك شيني بأن هذه الحرب التي بدأت بأفغانستان لضرورات إعلامية ونفسية، ستدوم على مدى جيل كامل ولايمكن إشعال مثل هذه الحرب الطويلة الأمد دون أن يكون وراءها رأي عام مؤيد وداعم ومساند وبدون توحيد النخبة الحاكمة حول هدف عسكري محدد. وهذا هو هدف أحداث الحادي عشر من ايلول وقد تحقق بالفعل ومن تبعاته تفكيك ما تبقى من الديموقراطية الموجودة في الواقع الأمريكي. من هنا أعتقد بأن الـ patriot Act ممكناً بدون الحادي عشر من ايلول ولكن مع كثير من الإعتراضات أكثر مما يوجهه اليوم . فتلك الحوادث سرّعت من العملية التي كانت قد بدأت في سنة 1989 وتحول نظام القطبين إلى نظام القطب الواحد. فقد تم إقناع الرأي العام بأن البلد مهدد وبذلك ظل عدد قليل من الناس من يعتقد بخطورة ذهاب أو مصادرة الحريات وسمح لوزير العدل الأمريكي بالقول بحرية وبلا تردد : " إن من يتباكى على الحريات أختار أن يقف في معسكر الإرهابيين " .
س : ذكرتم في كتابكم كيف نشرت صحيفة نيويورك تايمز تظاهرة سلمية في واشنطن حيث كان فيها 25000 شخصاً حسب تقديرات المنظّمين و 7000 حسب تقديرات البوليس الأمريكي وكان عنوان المقال : " المتظاهرون يطالبون بالسلام مع الإرهابيين " ويبدأ المقال بالعبارات التالية: " تظاهر بضعة مئات من الأشخاص في شوارع واشنطن " فما هو رأيكم بصورة عامة بالإعلام في الصحافة الأمريكية ؟
بول دوفوس : من يفتح فمه فهو خائن . حتى شهر أيار / مايو الماضي كان هذا هو الخط الإعلامي السائد في الولايات المتحدة الأمريكية وإن ما قرأناه في الصحف الأمريكية في الأيام التي تلت أحداث الحادي عشر من ايلول / سبتمبر يصل إلى درجة الجنون والهوس. فتقرأ عبارات من قبيل : " أطلقوا عليهم الرصاص بين أعينهم " أو " ألقوهم في الغازات السامة " أو " لتحصد قاذفاتنا كل شيء في طريقها " تخيل لو إن ضحايا الولايات المتحدة الأمريكية في العالم وهم كثيرون وبعد إحدى الجرائم الأمريكية وما أكثرها في كولومبيا ، لاووس ، أفريقيا الجنوبية ، زمبابوي، فلسطين ، فيتنام ، الكونغو ، أفغانستان ، العراق ، الخ ، خرج سكان وقادة هذه البلدان ليقولوا أو يكتبوا : " أزيلوا واشنطن من الخارطة " أحرقوا الأمريكيين كما تشوون اللحم على الجمر " ماذا ستكون ردة فعل الأمريكيين ؟ لكن الولايات المتحدة الأمريكية تسمح لنفسهاما لم تسمح به لغيرها بذلك وقد اعترف بعض الصحافيين المعروفين بأن مهمتهم هي كسب اصطفاف الشعب الأمريكي إلى جانب بوش وقد زار مدراء القنوات التلفزيونية مستشارة الأمن القومي الأمريكية كونداليزا رايس بغية تلقي التعليمات والتوجيهات منها حول ما يجب عمله وما لا يجب أن يفعلوه .
س : كانت نتائج وانعكاسات الحادي عشر من ايلول / سبتمبر وخيمة على الحريات العامة لكن الجيش الأمريكي لايأسف على القرارات التي أتخذت في أعقابها
بول دوفوس: من البديهي أنه لايأسف يكفيك أن تنظر الزيادة المهولة التي حصل عليها لميزانية الدفاع . وفي الحقيقة إن هذا التطور كان قد بدأ من الفترة الرئاسية الثانية من عهد الرئيس السابق بيل كلينتون. ولم يفعل جورج دبليو بوش سوى التعجيل بعملية الزيادة المنتظمة سنوياً والجيش  والصناعات العسكرية جزء جوهري من هذه الصيرورة. وخلال الفترة التي سبقت الحملة الإنتخابية الرئاسية لعام 2000 كانوا يصرحون بأن الميزانية العسكرية يجب أن ترتفع بنسبة 4-4،5 % من الناتج الوطني الخام وكان الجنرال جيمس جونس القائد العام للبحرية الأمريكية، أهم المدافعين والمتحمسين لهذه الزيادة الكبيرة حيث يصل مقدار الميزانية إلى 438 مليار دولار لو إرتفعت فقط بنسبة 4% فمبالك  عندما وصلت نسبة الزيادة التي أعلنها جورج بوش بعد 11 سبتمبر  إلى 37% ؟ ستصل ميزانية الدفاع في السنوات الخمسة القادمة إلى أكثر من 470 مليار دولار والظريف بالأمر إن الجنرال جيمس جونس عيّن قائداً لقوات الحلف الأطلسي في أوروبا ومن المحتمل إن الاتحاد الأوروبي الواقع تحت تأثير الحلف الأطلسي سيتبع نفس المنطق الذي يوجه الولايات المتحدة الأمريكية. ويصبح على الأوروبيين أن يؤيدوا زيادة هائلة في الميزانيات العسكرية الأوروبية علىحساب التنمية الإجتماعية  والمدنية .
س: ما يثير دهشتي إنكم أعلنتم بأنكم لاتعرفون أجوبة كاملة على كافة التساؤلات. فقد بقي هناك كثير من الغموض وعدم الدقة بشأن ما حدث فعلاً في الحادي عشر من أيلول ، فيما يتعلق بهاني حنجور ومهاراته في قيادة الطائرات.
بول دوفوس : هذه قصة محيّرة. فحسب الرواية الرسمية الأمريكية إن هاني حنجور كان يقود الطائرة التي سقطت فوق البنتاغون . وقبل خمسة عشر شهراً كان هذا الرجل يتابع دروساً في الطيران وكان تلميذاً سيئاً واضطر لمتابعة دروس إضافية للتغلب على أخفاقاته السابقة وحاول 37 مرة لكي ينجح في امتحاناته وأخيراً منحوه دبلوم لقيادة طائرة صغيرة بمحرك واحد. والفرق شاسع بين طائرة بمحرك واحد وبوينغ 737 وهو كالفرق بين دراجة هوائية وسيارة. والحال وحسب إدعاء مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية  الأمريكتيين ، ماذا فعل  هاني حنجور في يوم 11 أيلول ، بعد خمسة عشر شهراً من حصوله على الدبلوم بالكاد ؟، قام من على ارتفاع 2130 متر بإنقضاض مريع و بالتفاف حلزوني ليصل إلى ارتفاع ثلاثة أمتار عن سطح الأرض ويتفادى الأشجار وأعمدة الكهرباء ويندفع بسرعة 700 كلم في الساعة ليصدم واجهة البنتاغون . وبما أننا لسنا طيّارين فقد لجأنا إلى خبراء في الطيران المدني في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية وقالوا لنا إن تسعة طيّارين من كل عشرة من المتمرسين على قيادة البوينغ غير قادرين على تنفيذ مثل هذه المناورة التي هي بحكم المستحيل ومن بين هؤلاء شهادة الرئيس المصري حسني مبارك وهو طيار عسكري سابق. لذلك وعلى عكس ما كتب تييري ميسون في أطروحته ، قلنا أننا لانعرف ماحدث بالضبط . لكننا نعرف منذ فترة من الزمن أن القوة الجوية الأمريكية عملت ومنذ سنوات ، على تكليف الصناعات العسكرية الأمريكية بتطوير ما عرف بتكنيك الـ global hawk وهي تقنية تتيح إمكانية قيادة طائرات بدون طيّارين. وقبل ستة أشهر من وقوع الأحداث في 11 ايلول ، أجريت تجارب ناجحة على هذه النوع من تقنيات القيادة الجوية لطائرات بلا طيارين فقد اقلعت طائرة من طراز بوينغ من الولايات المتحدة الأمريكية وهبطت على بعد 13000 كلم في جنوب استراليا .دون أن يكون هناك أحد فيها وتستخدم القوات الجوية الأمريكية هذه التقنية حالياً في أفغانستان وسوف تستخدمها في العراق بكل تأكيد لتفادي خسائر مقتل طياريها. نحن لاندعي إن هذا التكنيك استخدم في تنفيذ الهجوم على البنتاغون لكننا لانعرف شيئاً عن ذلك وقد يكون ممكناً .
س: كتبتم في كتابكم أن لديكم ما يكفي من الأدلة يمكنكم من القول بأن المخابرات الأمريكية والأجهزة الأمنية والبوليس الفيدرالي متواطئون وإن الأمريكيين اثبتوا جدارتهم بمعرفة الإرهابيين وهم في الخارج أي خارج الأراضي الأمريكية ، ولكن أن يصل بكم الأمر بالقول إنهم مسؤولون عن وقوع أعمال إرهابية ضد شعبهم فهذا عصي على الاستيعاب
بيتر فرانسين : الإرهاب ضد شعب في الخارج ليس ممكناً في الغالب بدون إرهاب ضد الشعب في البلد نفسه. خذ حرب فيتنام كمثال حيث فقد 60000 جندي أمريكي حياتهم فيها من هنا يمكننا القول إن حرب الجنرالات الأمريكيين ضد فيتنام كانت حرباً ضد الأمريكيين أنفسهم . لكن التفكير  السياسي ـ العسكري  للجنرالات يذهب إلى ابعد من ذلك بكثير. وأنصع مثال على ذلك ما حدث عام 1962 بعد عامين من إطاحة الدكتاتور الكوبي باتيستا عندما بدأ فيدل كاسترو ورفاقه ببناء بلد اشتراكي مستقل. لم يكن ذلك يروق للنخبة الأمريكية الحاكمة آنذاك حيث لايمكن أن يقبلوا ببلد شيوعي في حديقتهم حسب تعبيرهم . نظّموا أولاً غزوة خليج الخنازير بقوة 1400 مرتزق بغية طرد كاسترو من السلطة وإطاحته. وقد فشلت العملية فشلاً ذريعاً بعد ذلك طورت القيادة العسكرية العامة في الولايات المتحدة خطة من شأنها أن تستخدم كذريعة لشن حرب شاملة ضد كوبا . فاقترح الجنرالات ضرب طائرات مدنية أمريكية بركابها المسافرون لقضاء عطلاتهم أو بوجود طلاب على متنها ومن ثم يصنعون أو يبتكرون براهين ويفبركون إثباتات على تورط الكوبيين في تلك الهجمات على المدنيين الأمريكيين الأبرياء وبعد نشر أسماء الضحايا في الصحف الأمريكية سيتفجر الغضب الأمريكي وتكون ردة فعل الرأي العام الأمريكية هائلة حيث سيرى من الطبيعي بل ومن اللازم شن حرب ضد كوبا هذا هو تفكير القيادة الأمريكية في ذلك الوقت والذي لايختلف كثيراً عن تفكيرها ورؤيتها اليوم. وقد اقترح القادة الأمريكيون مهاجمة مباني  وقتل ناس في الشوارع ووضع ذلك كله على عاتق ومسؤولية الكوبيين لكن الخطة الجهنمية هذه لم تحظ بموافقة الرئاسة حيث وجدها جون كندي آنذاك  تحمل مخاطرة كبيرة وربما كان ذلك أحد الأسباب الكثيرة لإغتياله .وهذا يظهر بجلاء الحد الذي يمكن أن يذهب إليه الجنرالات والمخابرات والبيت الأبيض لتحقيق مآربهم السياسية. فكل شيء مسموح حتى إرهاب الجماهير  من أبناء الشعب الأمريكي ذاته.
س: تحدثتم أيضاً عن عقيدة حربية جديد’ فماذا تقصدون بذلك ؟
 بيتر فرانسين: قبل أحد عشر عاماً إبّان حرب الخليج الثانية ناقش الجنرالات الأمريكيون بسرية تامة إمكانية اللجوء إلى استخدام السلاح النووي وقد علمنا بذلك الآن في تقرير أرسل للكونغرس بتاريخ 31 ديسمبر وقد كتب هؤلاء الجنرالات إن السلاح النووي ليس سلاح ردع فحسب بل هو سلاح ينبغي استخدامه عند الضرورة ويقول هؤلاء الجنرالات إنه : " في المستقبل، وفي حال وقوع صراع مسلح يمكن أن يعرضنا لخسائر استراتيجية أو يعرضنا لهزيمة عسكرية في هذه الحالات يمكننا استخدام السلاح النووي " وقد أقرّوا ذلك ووافقوا عليه بالإجماع ونص الوثيقة موجود على الإنترنيت . وهذه علامة على أن التفكير العسمكري الأمريكي قد إنحاز وتحول إلى جهة اليمين المتطرف هذا إلى جانب معزوفة أو عقيدة الحرب الوقائية أو الاستباقية الخطيرة . وبذلك إنتهت عقيدة سياسة الردع التي لجأت إليها وطبقتها الإدارة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية . والتي تتمثل بالجملة التالية :" من يتجرأ على مهاجمتنا سنمحوه من على وجه الأرض" الجميع يعرف ذلك ويتجنبه . ولكن قبل أيام صرّح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر  لصحيفة البايس الإسبانية : " لو حدث في مكان ما من العالم شيء لايعجبنا فسوف نتدخل عسكرياً فقد عفى الزمن على مفاهيم السيادة الوطنية وسلامة الأراضي الوطنية " وبهذا الكلام يوضح كيسنجر للعالم مقدار حجم الفاتورة التي يدفعها العالم ثمناً لسقوط جدار برلين ولولا هذا الحدث وما ترتب عليه من خروج الاتحاد السوفيتي من حلبة المنافسة والردع المقابل لما تجرأ كيسنجر على ترديد مثل هذا الكلام واستخدام مثل هذه اللغة .
س : ورد في كتابكم جملة قالتها النائبة الجمهورية دانا روهاباشير سنة 1998 : " ساندت الولايات المتحدة كلياً الطالبان وإذا حاولت جهة أخرى مساعدة أية قوات أخرى في أفغانستان فإن  وزير خارجيتنا سوف يضع العصي في الدواليب " فهل أفغانستان بهذه الأهمية القصوى حتى تعلن الولايات لمتحدة هذه الدرجة من الدعم للطالبان ؟
بول دوفوس : لدى أفغانستان حدود مشتركة مع الصين ومع الاتحاد السوفيتي السابق فمنذ عام 1917 ووصول لينين والبولشفيك للسلطة ،كانت افغانستان قاعدة لمهاجمة الجمهورية الإشتراكية الشابة  وفي ذلك الوقت كانت بريطانيا هي التي تستغل أفغانستان ومن ثم جاء دور الألمان ، وبعد الحرب العالمية الثانية جاء دور الأمريكيين لإستغلال أفغانستان كنقطة إنطلاق لشن هجمات ضد الاتحاد السوفيتي. وابتداءاً من عام 1950 أستخدمت أفغانستان ضد الصين ايضاً . وحاول الأمريكيون مراراً وتكراراً إحكام سيطرتهم عليه وقد نجحوا في ذلك نسبياً مع حكومة قرضاي اليوم. فمنذ عام 1978 دعموا المجاهدين وبالأخص القائد الحربي  قلب الدين حكمتيار وكانوا يأملون بأن هذا الرجل سيتمكن من توحيد البلاد تحت سيطرته. وبعد فشله حتى بعد طرد السوفييت من أفغانستان لجأ الأمريكيون إلى قوى أخرى لتحقيق هذه الغاية وكان اختيارهم للطالبان .
وأفغانستان مهمة للأمريكان كذلك لأنها ممر مهم لايمكن تفاديه لخطوط أنابيب النفط القادمة من جمهوريات آسيا الوسطى وبحر قزوين . والشركة الأمريكية العملاقة يونوكال هي المكلفة بتنفيذ مشروع مد أنابيب النفط عبر الأراضي الأفغانية ولكن الصعوبة ناجمة عن تقسيم البلاد بين زعماء  الحرب الأهلية الذين يفرضون قوانينهم حيث لايتوفر الأمن والاستقرار وحاول الطالبان حل الإشكال والسيطرة على البلاد وتوحيدها لكنهم فشلوا عند ذلك أعرب الأمريكيون عن رغبتهم في حكومة أئتلاف وطني تضم كافة الأطراف المتناحرة وعندما رفض الطالبان العرض أو الأمر الأمريكي باتت الحرب مؤكدة ولا مناص منها قبل وقوع أحداث الحادي عشر من ايلول ويتذكر الجميع جملة المفاوض الأمريكي في أفغانستان : " إما أن تقبلوا  بسجادة من الذهب أو بسجادة من القنابل .
س: الفصل الأخير من كتابكم يحمل عنوان : " الحرب الأمريكية الأخيرة " لماذا ؟
بيتر فرانسين : إذا ما فحصنا قائمة الدول التي أعتدت عليها أمريكا وحاربتها منذ عام 1989 والقائمة التي وضعها جورج بوش في رأسه ليشن عليها حروباً قادمة ولدت في رأسي فكرة إن أمريكا قوى عظمى متجبرة تشن حروبها متى شاءت وأينما شاءت وكيفما شاءت . ولكن عند التدقيق وجدت إن أمريكا قوية عسكرياً لكنها ضعيفة اقتصادياً وهي دولة مفلسة تقريباً  بصورة افتراضية ، وديونها الخارجية تتجاوز ديون باقي دول الكوكب ولا يمكن أن تسمح الولايات المتحدة لأحد من الدول الخروج عن دائرتها الإقتصادية بأي ذريعة من الذرائع وإلاّ انهار اقتصادها . وعلى الصعيد السياسي أيضاً نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية ضعيفة في أفريقيا  وفي آسيا حيث تتحول العديد من البلدان نحو الصين لأن هذه الأخيرة تبدو وكأنها محمية من أزمة اقتصادية مدمرة قد تعصف بها مثلما هو حال دول كثيرة أخرى وعلى رأسها روسيا المعاصرة. وفي كولومبيا تفلت الأمور من بين أيدي الأمريكيين وقد يغوصون في فيتنام جديدة . وحتى في داخل الولايات المتحدة هناك حركات يمينية إنفصالية معادية للفيدرالية ، وهناك حركات معادية للعولمة . وبالرغم من كل ذلك يصرح بوش إن الحرب ضد أفغانستان هي بداية لحرب طويلة الأمد ضد أهداف عديدة ولكن مع كل مرحلة من هذه الحرب تزداد المقاومة ضراوة وإذا لم تخسر القوة الأمريكية الحرب عسكرياً فمع الخسائر التي ستتكبدها سوف تتعرض لنكسات سيكولوجية خطيرة فسوف تدحرها قواتها العسكرية ذاتها ويحاربها شعبها وجنودها في يوم ما . وهذه رؤية متفائلة لكنها ليست قريبة العهد حسب قانون  ظهور وإندثار الإمبراطوريات في عالمنا الأرضي منذ بداية الحضارة البشرية.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإتحاد الأوروبي وإشكالية التضامن مع الولايات المتحدة الأمير ...
- فرنسا ومعضلة التواد الإسلامي على أراضيها بعد أحداث 11 أيلول ...
- تقرير عن النفوذ الفرنسي في أفريقيا
- الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001 لماذا سمحوا لقراصنة الجو ...
- " إختيار كبش الفداء " أضواء جديدة على كتاب "بروتوكولات حكم ...
- مشاريع التسلح العراقية: واقعها ومخاطرها
- د. نصر حامد أبو زيد ومسألة التأويل وفلسفته
- أبعاد الحملة الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية
- العراق: لعبة القط والفار في تهريب النفط العراقي
- حقيقة الحوار بين الأديان
- حرب المخابرات لن تقع؟
- الإسلام في مرآة الإعلام الغربي الإسلام الأصولي والإسلام العص ...
- اليورانيوم المنضب ّ: الحرب غير المرئية
- النظام السياسي الإسرائيلي
- هل بدأ العد التنازلي لمصير نظام صدام حسين في العراق فعلاً ؟
- زمن المرارة بين واشنطن والرياض
- الإسلام والأصولية التاريخية
- الشرق الأوسط بين طموحات الأمريكيين وعجز الأوروبيين واستسلام ...
- الانتفاضة الفلسطينية في مرآة الإعلام الإسرائيلي
- الحق القديم : وثائق حقوق الإنسان في الثقافة الإسلامية


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جواد بشارة - مقابلة مع مؤلفي كتاب : - 11 أيلول/سبتمبر: لماذا تركوهم ينفذون؟ -