|
في ردم الهوة بين النقد الأدبي والنص
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 04:37
المحور:
الادب والفن
في ردم الهوَّة بين النقد الأدبي والنص:
إبراهيم اليوسف لعله من الواضح، تماماً، أن النقد الأدبي قد حقق إنجازات مهمة،في مختلف مراحل تطوره،خلال العقود الماضية، إلى أن بلغ تلك المرحلة التي بات يستفيد خلالها من المدارس النقدية التي تم تفعيلها في الغرب، على ضوء الأشواط التي قطعتها علوم اللسانيات، خصوصاً مع النظريات السيمائية والبنيوية، ما منح الناقد الحذق، الحريص على تطويرأدواته، التفاعل مع مجمل الإنجازات الجديدة، من أجل نقد أدبي، في مستوى الطموح. وبدهيٌّ، أن في عالم النقد الأدبي، نفسه، ثمَّة اختصاصات متعدِّدة، كماهوحال الأجناس الأدبية ذاتها،إذ هناك نقد الرواية، ونقد القصة، ونقد الشعر، ونقد المسرح،وإن كان هناك خيطٌ مشيميٌَ جامعٌ، بين كل تلك النقود المشارإليها، جميعها، بالإضافة إلى علاقتها بأنواع إبداعات وفنون أخرى، مثل: التشكيل والموسيقا والرقص..إلخ،إذ تتبادل جميها التأثروالتأثير، وهوما وضعنا أمام حالة نقدية، متطورة الأدوات، تلامس المادة الإبداعية، بل تتوغل في صميمها، لائبة على تشريحه في المختبرالنقدي الخاص، إذا توافرذلك الناقد المتمكن من أدواته، والممتلك للذائقة، والثقافة، والخبرة، الأمرالذي دعا كثيرين إلى الإقرار بأن النص النقدي، يرتفع إلى مستوى النص الإبداعي، وهوخلق ثان له،وإن كانت الصنعة،تسم المعالجة النقدية، ولافكاك للنقد منها البتة.
وحاجة الأديب كاتباً كان، أم شاعراً،إلى إضاءات الناقد الماهرتبدوجلية، ليس في مستهلَِ تجربته الإبداعية وحدها، وإنما على امتدادشريط عطائه الإبداعي، إذ لامناص له، من الرأي النقدي، في ما ينتجه، كي يتقرَّى ملامح نصه، ويكتشف بوساطة غوصه، في ثنايا النص، مركزتوتره، ومكامن إخفاقاته،إلى جانب وجود أو عدم وجود زوائد واستطالات وحشو لغوي، بل ودراسة اللغة لديه، باعتبارهاالعمود الفِقري لأية مدونة إبداعية،ناهيك عن اختبارالخيال،والبنيتين االفنية والدلالية،واستقصاء بؤرة الإدهاش، ودواعي الجذب، وغيرذلك الكثير. وإذا كان التزاوج بين المدارس النقدية، يعدّ عامل ثراء لدى الناقد،ويعين نصه الموازي للنص الإبداعي، أن يحيط بما فيه من إضاءات، وشوائب،أثناء ممارسة مبضعه عملية التشريح، وهولايتم إلا بعد تمكنه من الإمساك بتلابيب النص،وتتبع نبضه، وهويصنع حياته الخاصة، وسماته، فإن مثل هذا التزاوج قد يتحول إلى وبال،إذا لم يكن نتيجة فهم واصطفاءمن قبل الناقد النبيه، وهويأخذما يلزم رؤيته، ويعينه إلى الارتقاء إلى اللحظة الإبداعية للنص، وسبرأعماقه، من خلال الاهتداء إلى مفتاح النص،غيرالمستنسخ مع سواه،لأن من شأن فوضى المصطلحات،أن تؤدي إلى زحزحة الرؤية النافذة إلى عمق النص، وكأنه موازأو منتج لفوضى المعيارالتي تؤدي إلى هلاك النصين المتوازيين، في آن واحد،بما يؤدي إلى فعل عكسي، ليتحول النقد من عامل استنهاضي إلى عامل إعاقي هدام...!.
وللنص الأدبي، ثمّة هيبة كبرى، أثناء التناول النقدي، حيث أن من شروط الناقد الفطن أن يكون خبيراًبشأن المجال الإبداعي الذي يندرج النص في فضائه، ولايمكن تطويع هذا النص إلا عبراكتمال جملة أمورفي ذات الناقد منها:فهم النص، وكيفية بنائه، ودلالاته،وموقعه في خريطة الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه، بل وموقع النص في تجربة مبدعه، لاسيماعندما يكون تناول هذا النص جزءاً من دراسة حول تجربة صاحبه، عموماً، بيد أن النص ليسلس بين يدي الناقد، عندما يتوافرالعاملان الذاتي والموضوعي، وهما ينوسان-عادة- بين ذات الناقد والنص.
إن توافرشرطي الثقافة والخبرة لدى الناقد، يبعدانه عن إطلاق الأحكام الارتجالية على النص، حيث ثمة شكوى دائمة من قبل بعض الأدباء، باعتماد الناقد على "الكاتلوك" النقدي، لدرجة أن لسان حال هؤلاء هوأن هذا الأنموذج من النقدعام، ومعمّى، ويمكن أن يصلح لكي يتم استبدال اسم هذا الشاعربذاك، أو هذا الروائي أو القاص بغيرهما، من دون أن يحدث أي تبدل.
مؤكد أن في مثل هذا الحكم ظلماً على الناقد الحصيف، المهجوس بعالمه النقدي، حين تتم مساواته بالناقد الدعي، حتى وإن كان راسخ الاسم، إلا أنه إذا اعترفنا أن هناك نقداً أدبياً ذاحضوربارز،في المشهد الإبداعي،فإن الطحالب النقدية تتواجد على جانبه، متطفلة على النقد والأدب، وقد يستطيع بعض هذه النماذج مواصلة خدعته،إلى أمد طويل، وهويلحق أبلغ الضرربالنقد والإبداع معاً.
وإذا كان النص الأدبي في حاجة مضطردة إلى نظيره النقدي، الذي يتأسس عليه، ويولد، على اعتباركل نص إبداعي يفرز نصه النقدي، وهوما يلغي فكرة الاستنساخ النقدي، فإن ملامسة النص الإبداعي،تكمن في فهم خصوصيتي: النص الأدبي ونقده، وارتكاز وانطلاق الثاني من الأول، وكشف جمالياته، ورؤاه، وآفاقه، في الوقت الذي يتطورهونفسه من خلال ما يحرزه الأدب من نجاحات.
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صناعة الماضي
-
موَّال ديري*
-
حقيبة الحكومة الأخيرة
-
البريد الإلكتروني
-
البريد الإلكتروني2
-
مابعد الأدب؟.
-
ثقافة البيئة.. ثقافة الحياة..!
-
آزادي- أولى جرائد الثورة السورية تشعل شمعتها الثانية*1
-
القصيدةوالكتابة الثانية
-
سرديات مفتوحة على التحول:ثورات الربيع العربي تفرزأدبها الجدي
...
-
بين القلم والكيبورد
-
مشروع غسان تويني التنويري
-
الطائرة1*....!:
-
الطائرة....!:
-
ثلاثية العنقاء والرماد2-3-4
-
ثلاثية العنقاء والرماد2-3:
-
حدود المثقف
-
خطاب لحظة ما بين السكين والرقبة:
-
كيماوي الألفية الثالثة
-
رسالة مفتوحة إلى الأصدقاء في الاتحاد الديمقراطي p.y.d
المزيد.....
-
آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى
...
-
آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
-
ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق
...
-
دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
-
جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي
...
-
أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس
...
-
-جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
-
ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
-
روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
-
تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|