أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - الانقلاب العسكرى المكمِّل















المزيد.....



الانقلاب العسكرى المكمِّل


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 3768 - 2012 / 6 / 24 - 12:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


1: الانقلاب العسكرى الأصلى: كانت تنحية الرئيس السابق مبارك فى 11 فبراير 2011 نتيجة لانقلاب عسكرى جرى خلال الأيام القليلة السابقة لذلك التاريخ، منذ نزول الجيش تقريبا، تحت ضغط الثورة المطالِبة بإسقاط النظام ورحيل مبارك. والسؤال المنطقى، الذى يكشف عن حقيقة وطبيعة ما تبع ذلك، هو: انقلاب عسكرى على مَنْ أو ضد مَنْ؟ ولا شك فى أنه كان انقلابا على مبارك وضده وتخلِّيًا عنه، وعلى وجه التحديد ضد استمراره رئيسا للبلاد. ولأنه كان انقلابا عسكريا تحت ضغط الثورة، وليس مبادرةً من قيادة الجيش فى وضع عادى مستقر وغير ثورى، فإنه لا مناص من استنتاج أن ذلك الجانب من الانقلاب، جانب التخلُّص من مبارك، إنما كان مجرد أداة للانقلاب العسكرى الشامل ضد الثورة السياسية الشعبية. وبكلمات أخرى فإن الانقلاب لم يكن لحماية الثورة من مبارك، بل كان بهدف نزع فتيل الثورة بتحقيق مطلب الثورة الذى بدا أنه الهدف الرئيسى للثورة الذى أجمعت عليه كل قواها.
والحقيقة أن ذلك الانقلاب العسكرى الأول خدع الكثيرين من الثوار بالفعل وأوهمهم بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية جهاز عسكرى محايد سياسيا من أجهزة الدولة وبأنه بالتالى سوف يحقق مطالب الثورة رغم أنه اكتفى بتحقيق جزئى لمطلب واحد هو رحيل مبارك مع حمايته من بقية مطالب الثورة ضده وضد أسرته وضد رجاله، وضد نظامه قبل كل شيء، مع التسويف والتجاهل والرفض لكل المطالب والأهداف الأخرى المتعلقة بإسقاط النظام. ولم تظهر الطبيعة الحقيقية المعادية للثورة على طول الخط للمجلس الأعلى إلا بصورة تدريجية، ولم تتحرر القوى الحقيقية للثورة من الأوهام التى أحاطت بهذا المجلس إلا بصورة تدريجية أيضا.
2: كان نجاح الانقلاب العسكرى الأصلى فيما نجح فيه بفضل التحالف مع الإسلام السياسى: واستطاع الانقلاب العسكرى أن يتمّ فصولا وأن ينجح فيما نجح فيه فى مجال تحقيق مهمته المتمثلة فى تصفية الثورة عبْر الضربات الأمنية من ناحية، وعبْر ضربات الإجراءات والتدابير والتشريعات القانونية والاستفتاءات الدستورية والانتخابات الپرلمانية والرئاسية من ناحية أخرى. وإلى جانب سلبيات هائلة فى صميم تكوين قوى الثورة منها عفوية الثورة وجنينية وعيها وضعف النضج السياسى والفكرى لقياداتها، نجح المجلس الأعلى فى إقامة تحالف كبير مع قوى الإسلام السياسى بقيادة جماعة الإخوان المسلمين. وقد قام ذلك التحالف بفضل الاكتشاف المتزامن لنظام مبارك والإسلام السياسى لضرورة هذا التحالف فى لحظة سياسية فارقة من وجهة نظر كلٍّ من الطرفيْن. فقد أراد نظام مبارك أن يكون تحالفه الجديد الاضطرارى مع الإخوان المسلمين أداة ضرورية لشق صفوف قوى الثورة والعمل على تصفيتها بتوظيف الإخوان المسلمين واستخدامهم لفترة تطول أو تقصر وفقا لمعدلات النجاح فى المهمة المشتركة: تصفية الثورة السياسية الشعبية.
وكانت الثورة الشعبية بكل قواها فى الميدان وكان من الضرورى من وجهة نظر نظام مبارك القيام بشق صفوفها وإخلاء الميدان من قوى الإسلام السياسى أولا من خلال إقامة تحالف كبير معها بحيث لا تبقى فى ميادين التحرير سوى القوى غير الإسلامية للثورة وبالتالى توجيه الضربات القاصمة إلى هذه القوى الحقيقية للثورة. وقد استخدم نظام مبارك هذا التاكتيك لإدراكه، بفضل تجربته التاريخية المتمثلة فى الصفقات الانتخابية وغير الانتخابية السابقة مع الإخوان المسلمين بالذات، وبفضل غريزته السياسية وخبرته السياسية، أنهم وحدهم القوة السياسية الكبيرة والفعالة والمستعدة فوق ذلك لقبول مثل هذا التحالف. وكان نظام مبارك يدرك بصورة واعية أو غزيزية أن الإسلام السياسى ليس سوى تعبير سياسى عن نفس الطبقة الرأسمالية التابعة للإمپريالية فلا يختلف عنه إلا أيديولوچيا. ذلك أن نظام مبارك لا يجهل ممتلكات وثروات وشركات الإخوان والسلفيِّين حيث يمثلون قطاعات رئيسية من الطبقة الرأسمالية المالكة التى لا تُعتبر بمجموعها طبقة حاكمة فى ظل سيطرة حكم الشخص ممثلا فى مبارك وأسرته وحلقة ضيقة (بالمئات على الأقل) من رجاله.
أىْ أن المصالح الطبقية الواحدة لنظام مبارك والإسلام السياسى باعتبارهما ينتميان إلى نفس الطبقة الرأسمالية التابعة هى الأساس الطبقى للتحالف بين نظام مبارك والإخوان والسلفيِّين. وقبل تنحية مبارك عن طريق الانقلاب العسكرى ضده لتهدئة الثورة تمهيدا لتصفيتها، جرى وضع الأسس الرئيسية للتحالف بين نظام مبارك والإخوان المسلمين من خلال تفاوضهم مع اللواء عمر سليمان ممثلا ل مبارك. وهذه الأسس للتحالف هى التى ورثها المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية للاستمرار بنفس هذا التحالف المعادى للثورة.
3: مكاسب وخسائر الإخوان المسلمين من التحالف مع المجلس الأعلى: ومن ناحية الإخوان والسلفيِّين كان هذا التحالف مع مبارك ضروريا للغاية أولا لحماية نفس هذه المصالح الطبقية المشتركة ضد الثورة السياسية الشعبية، ومن ناحية أخرى للقفز على السلطة السياسية حتى مع البدء بنوع من تقاسُم السلطة كشريك أصغر مع نظام مبارك. فماذا كسب الإخوان المسلمون من هذا التحالف من الناحية الفعلية بصورة تُوازِن خسائرهم بسببه وبالأخص بسبب ما ترتَّب شعبيا على وقوفهم مع المجلس الأعلى ضد الشعب والثورة؟
والحقيقة أنهم كسبوا كثيرا: لقد تحولوا من الجماعة السرية المحظورة إلى جماعة معترف بها وإنْ بدون ترخيص قانونى إلى الآن، وهى جماعة يُحْسَب حسابها فى كل خطوة فى السياسة المصرية، على الأقل خلال الفترة الانتقالية، وتحولوا إلى قوة سياسية تتمثل فى حزب ضمن أحزاب سياسية متعددة للإسلام السياسى، وهو الحزب الأكبر عددا والأكثر تنظيما بين كل الأحزاب القائمة، وصار شريكا يُعْتَمَد عليه وبالأخص من خلال تحالفه مع المجلس الأعلى وعلاقاته مع مختلف القوى السياسية فى البلاد، كما استطاع أن يكتسح فى الانتخابات الپرلمانية ليصير حزب "الأكثرية" فى مجلس الشعب و"الأغلبية" الساحقة فيه أيضا بالائتلاف مع بقية أحزاب الإسلام السياسى، وليصير حزب الأغلبية الكاسحة منفردا فى مجلس الشورى، كما صار الحزب الذى قدَّم بين مرشحين آخرين مُوالين تاريخيا له وللإسلام السياسى مرشحا لرئاسة جمهورية مصر حصل على أعلى الأصوات فى الجولة الأولى، وتحتفل حملته الانتخابية الآن بفوزه كما تُظْهِره تجميعات حملة الدكتور محمد مرسى للأصوات التى حصل عليها فى الجولة الثانية.
وبهذا فإن الجماعة السرية المحظورة صار ذراعها السياسى، أىْ حزب الحرية والعدالة، أقوى حزب سياسى علنى فى مصر: حزب الأغلبية الپرلمانية كسابقة تاريخية رغم حلّ الپرلمان مؤخرا، وحزب أعلى الأصوات لمرشحه فى الجولة الأولى من انتخابات رئاسة الجمهورية، وأعلاها إلى الآن فى الجولة الثانية، حتى فى حالة إعلان فوز منافسه بالرئاسة فى نهاية الأمر، كما صار بحكم أغلبيته الپرلمانية الحزب الذى شكَّل الجمعية التأسيسية للدستور مرتيْن وإنْ تمّ إبطال التشكيل الأول ويجرى حاليا إبطال التشكيل الثانى.
فهل تتوازن سابقة الاقتراب من الاستحواذ على مفاتيح السلطة فى البلاد من الناحية الرسمية على الأقل فيما سُمِّىَ بظاهرة "التكويش" مع خسائر الإسلام السياسى نتيجةً للتحالف مع المجلس الأعلى فى مهمة بعينها. وتتمثل الخسارة الأساسية فى تكشُّف حقيقة الإخوان المسلمين أمام القوى الحية للشعب والثورة عندما فتح لهم نظام مبارك ثم نظام خلفائه فرصة التحالف معهما فأعمتهم عن الخسائر المحتملة رغبتهم فى القفز على السلطة أو حتى فى تقاسُمها أو حتى فى التصريح لهم بالوقوف على أعتابها.
فبعد انضمامهم ذى الطابع المزدوج (كقوة من قوى الثورة ولكنْ ليس كقوة ثورية بل كقوة من قوى الثورة المضادة) إلى الثورة بعد تردُّد دام أياما بعد تفجُّرها، واندفاعهم إلى التفاوض على أسس التحالف مع النظام مع عمر سليمان ممثلا عن مبارك ونظامه، تحالفوا مع المجلس الأعلى ووقفوا معه ضد الثورة وحركتها وأنشطتها ونضالاتها واحتجاجاتها من مظاهرات واعتصامات وإضرابات باعتبارها تخريبا تؤثمه الشريعة والقانون، كما شاركوه مختلف خطوات وضع الأسس القانونية وإجراءات التطبيقات والممارسات العملية من تشريعات واستفتاءات وانتخابات. وبوقوفهم ضد نضالات الثورة ومع تجريم احتجاجات العمال والعاملين المسماة بالفئوية وبالتغاضى عن الاعتقالات والملاحقات وحتى المذابح فى محمد محمود فى المرة الأولى، وماسپيرو، ومحمد محمود مرة أخرى ومحيط مجلس الوزراء، وپورسعيد، ومحيط وزارة الداخلية، خسر الإخوان قلب الشعب بالتدريج؛ وهو ما تبلور تماما فى النصف الثانى من عام 2011 حيث سادتْ الشعارات المعادية للإخوان المسلمين احتجاجات الثورة جنبا إلى جنب مع الشعار الرئيسى الذى برز على وجه الخصوص منذ موجة يوليو 2011 ضد المجلس الأعلى، وهو شعار "يسقط حكم العسكر". ولا يتناقض هذا مع قوتهم الانتخابية التى يلعب فيها المال السياسى الدعائى والنقدى والعينى دورا كبيرا بالإضافة إلى مختلف وسائل التزوير، بالطبع إلى جانب قوتهم العددية.
ويمكن القول إن ظاهرة "التكويش" كانت من أسباب الضربات المتوالية التى أطاحت بالإخوان المسلمين. و"التكويش" ظاهرة لا غبار عليها فى حد ذاتها، لأن كل حزب مدفوع بحكم المصالح التى يدافع عنها إلى هذا النوع من السلوك السياسى المتمثل فى محاولة الاستحواذ على رئاسة الجمهورية والپرلمان والحكومة وغيرها من مختلف المواقع والمناصب النقابية العمالية والمهنية والقضائية المتاحة، كما فعل ويفعل الإخوان المسلمون. غير أنه مع التراجع النسبى للثورة وفقا لتقديرات مفترضة للمجلس الأعلى، والإسلام السياسى أيضا، وبالتالى مع تراجع الضرورة القهرية للتحالف مع الإخوان المسلمين، جاء "التكويش" ليكون القشة التى قصمت ظهر البعير، رغم أن ما دفعهم إليه بقوة هو الخوف من المستقبل، وضرورة الطرْق على الحديد وهو ساخن بهدف سرعة التمكُّن على الأرض تمهيدا لحكم الشريعة، كما يقولون، بحيث تصير المكانة السياسية للجماعة وحزبها بالغة الرسوخ فلا يكون بمستطاع أحد إرجاع ساعتهم إلى الوراء.
ومع الضربات الأخيرة القاصمة، أصيب الإخوان المسلمون بصدمة قاسية كبرى تدفعهم الآن إلى مواجهة جماهيرية واسعة مع المجلس الأعلى بالمليونيات والاعتصامات كمحاولة أخيرة لإجباره، عن طريق تسوية سياسية قانونية ما، على عودة مجلس الشعب كما كان، وعدم حلّ الجمعية التأسيسية للدستور والاكتفاء بإدخال أىّ تعديلات على تشكيلها، والتراجع عن القوانين والقرارت والإجراءات الأخيرة والتراجع بالأخص عن الإعلان الدستورى المكمِّل باعتبار كل هذه التدابير القانونية والإدارية تكريسا للسيطرة الشاملة للمجلس الأعلى وانقلابا على المسيرة "الديمقراطية" المزعومة، وهبوطا بمنصب رئيس الجمهورية إلى مستوى لقب الرئيس مجردا من كثير من سلطاته الأساسية، مع تحويل القوات المسلحة إلى دولة داخل الدولة.
والحقيقة أن ما يلائم المجلس الأعلى إنما يتمثل فى إسلام سياسى ذيلى مقلَّم الأظافر، يعلم أن القناعة كنز لا يفنى، فلا يطمع كثيرا فى السلطة أو فى تقاسُمها ويترك السيطرة الفعلية والرسمية للمجلس دون منازعة. غير أن الطمع، مع تجاهل أو تناسى القول المأثور "الطمع ودَّر ما جمع"، جعل الإخوان يندفعون نحو السيطرة على كل شيء مما جعل المجلس الأعلى يعمل على تقليم أظافرهم ويندفع مع استمرار نفس سلوكهم إلى التصعيد ضدهم بالوسائل القانونية والإدارية الرامية إلى إعادة الإخوان المسلمين إلى حيث كانوا فى بداية الأمر: حلّ مجلس الشعب (وحل مجلس الشورى فى الطريق)، ومختلف القوانين والقرارات والإجراءات الجديدة التى تشكل فى مجموعها الانقلاب العسكرى المكمِّل ليس فقط على التحالف مع الإسلام السياسى المعادى للثورة وإنما كذلك على الثورة، كما سنرى. والحقيقة أن الانقلاب العسكرى الأصلى كان بحاجة إلى المزيد والمزيد من الأسس القانونية والإدارية لترسيخ السيطرة الفعلية والرسمية على السلطة والاقتصاد، ولم يكن من الممكن إرساء تلك الأسس إلا بصورة تدريجية، وبعون وتعاون من الإخوان المسلمين.
4: تحالف المجلس الأعلى والإخوان المسلمين فى معركة وضع الأسس الدستورية والقانونية لإعادة بناء مؤسسات الثورة المضادة وتصفية الثورة: ولا شك فى أن هذا التحالف الذيلى من جانب الإسلام السياسى مع المجلس الأعلى كان سلاحا جبارا استخدمه هذا الأخير بفعالية طوال سيرورة عملية التصفية الأمنية والقانونية للثورة السياسية الشعبية. ذلك أن القوة الكبيرة للإخوان المسلمين والسلفيِّين الوهابيِّين وغير الوهابيِّين حمت ظهر المجلس الأعلى طوال عام تقريبا حيث ساعدته فى إعداد التعديلات الدستورية التى كان الرئيس المخلوع قد أمر بإجرائها قُبَيْلَ تنحيته، وساعدته وأيدته فى الاستفتاء عليها بنعم فى 19 مارس 2011، وفى تمرير الإعلان الدستورى الصادر فى 13 فبراير 2011 والذى يتضمن بين أشياء أخرى: "تعطيل العمل بأحكام الدستور"، و"تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة لمدة ستة أشهر أو انتهاء انتخابات مجلسى الشعب والشورى ورئيس الجمهورية"، و"حل مجلسى الشعب والشورى"، وأن "للمجلس الأعلى للقوات المسلحة إصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية"، و"تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور وتحديد الاستفتاء عليها من الشعب"، والإعلان الدستورى "الأساسى" (الذى حل محل دستور 1971) والصادر فى 30 مارس 2011، بالإضافة إلى كثرة من المراسيم بقوانين منها تعديل قانون الأحزاب السياسية الصادر فى 28 مارس 2011، وقانون تجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت الصادر فى 12 أپريل 2011. وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية بالمرسوم الصادر فى 19 يوليو 2011، والإعلانات الدستورية اللاحقة ومنها الإعلان الدستورى الصادر فى 25 سپتمبر 2011 والذى ينص على ما يلى: "ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقا لنظام انتخابى يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والنظام الفردى بنسبة الثلثين للأولى والثلث الباقى للثانى"، والإعلان الدستورى الصادر فى 19 نوڤمبر 2011 والذى ينص على ما يلى: "تضاف مادة جديدة رقم 39 مكرر للإعلان الدستورى الصادر فى 30 من مارس سنة 2011 نصها الآتى ’استثناء من أحكام المادة 39 من هذا الإعلان، تنظم بقانون خاص أحكام تصويت المصريين المقيمين خارج البلاد فى الانتخابات والاستفتاء‘".
وقد انتهى هذا المسار القانونى الذى تواصل قرابة عام كامل بانتخابات مجلسىْ الشعب والشورى فى أواخر 2011 وأوائل 2012. وأخيرا احتدم صراع كبير بين الإخوان المسلمين على رأس الإسلام السياسى والمجلس الأعلى وكذلك بينهم وبين القضاء وبالأخص المحكمة الدستورية العليا خاصةً حتى قبل حكميْه الأخيريْن بعدم دستورية القانون الشهير إعلاميا باسم قانون "العزل"، وبالتالى عودة شفيق إلى جولة الإعادة مع مرسى، وقانون انتخاب مجلس الشعب وبالتالى النص فى صلب الحكم على إبطاله واعتباره غير قائم بقوة القانون؛ أىْ حله الذى رفض الإسلام السياسى الاعتراف به، وسيجرى حل مجلس الشورى المنتخب على أساس نفس القانون عند أول طعن، بالإضافة إلى احتمال حل جماعة الإخوان المسلمين. والآن يصل احتدام الصراع إلى ذروة قصوى مع قرار وزير العدل بمنح الضبطية القضائية لرجال المخابرات والشرطة العسكرية، وبالأخص مع الإعلان الدستورى المكمل الصادر مساء الأحد 17 يونيو 2012، أىْ فى اليوم الثانى لانتخابات جولة الإعادة بل حتى قبل انتهاء التصويت، مرورا بتشكيل مجلس الدفاع الوطنى، ومع أجواء من الشك تحيط الآن بإعلان نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ومع مليونيات جماعة الإخوان المسلمين التى أعلنت اعتصامًا مفتوحًا فى ميدان التحرير حتى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس الأعلى، وعودة مجلس الشعب الذى تم حله واستئناف جلساته.
5: تحالف المجلس الأعلى والإخوان المسلمين فى معركة الهجوم الأمنى والعسكرى المتواصل ضد الثورة: وقد سارت محاولات التصفية القانونية يدًا فى يدٍ مع محاولات التصفية الأمنية للثورة. وإذا كان دور الإخوان المسلمين فى المجال القانونى والتشريعى المتمثل فى إعداد وإقرار أسس بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة دورا إيجابيا مباشرا فعالا من خلال المشاركة الواسعة فى الاستفتاءات والانتخابات الپرلمانية والرئاسية والتشريعات والقوانين المعادية للثورة فقد كان من الطبيعى أن يختلف دورهم فى مجال الضربات الأمنية والعسكرية ضد الثورة نظرا لأن القوة المستخدمة فى الهجوم على الاحتجاجات والنضالات الثورية كانت قوة عسكرية فى يد المجلس الأعلى وليس فى يد الإسلام السياسى. ولهذا تمثَّلَ تقسيم العمل فى هذا الجانب بين المجلس الأعلى والإسلام السياسى فى ترك المهام العسكرية المباشرة للجيش والشرطة وبلطجية النظام مع قيام الإسلام السياسى بدوره الذى كان ضروريا للغاية فى مجال التغطية السياسية للقمع العسكرى وتنظيم حملات التشويه والافتراء والتجريم والتأثيم والشيطنة ضد الثورة والثوار طوال فترة ما بعد الثورة. وهكذا ظل الثوار تحت النيران الكثيفة للمجلس الأعلى بأدواته الأمنية العسكرية المباشرة وتحت النيران الكثيفة لدعاية وإعلام وهجوم الإسلام السياسى، بالإضافة إلى القمع التشريعى المتواصل بصورة مباشرة. وهكذا فإن المذابح التى نظمها المجلس الأعلى و"اللهو الخفى" أو "الطرف الثالث" أو "فلول الحزب الوطنى والنظام" وهى جميعا أدوات تابعة للمجلس الأعلى تواصلت بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع تجاهل أو تأييد أو مباركة الإسلام السياسى بحجة الدفاع عن الدولة أو الوطن أو مصر ضد كل مَنْ تُسَوِّل له نفسه تدمير الدولة والوطن ومصر والشعب والبلاد والعباد جميعا، أىْ ضد قوى الثورة.
6: نجاحات تاكتيكية وفشل إستراتيچى للتحالف العسكرى الإسلامى فى تصفية الثورة: ورغم نجاح هذا التحالف غير المقدس بين المجلس الأعلى والإخوان المسلمين فى إدخال قوى الثورة، والثورة ذاتها، والبلاد جميعا فى نفق مظلم من الإجراءات والتشريعات والاستفتاءات والانتخابات الپرلمانية والرئاسية التى تعرقل الثورة وتحرف حركة الجماهير الشعبية بعيدا عنها، ونجاحه بالتالى فى تضليلها وخداعها وإغراقها فى الأوهام وإيقاعها فى الفخاخ الخداعية، وإضعافها بالتالى فى كثير من الموجات، بالاستفادة بالطبع من عفوية الثورة وعدم نضج قياداتها فكريا وسياسيا، وغياب أىّ رؤية واضحة عن طبيعة الثورة وبالتالى أهدافها الحقيقية، فشل التحالف العسكرى الإخوانى فى تصفية الثورة. ذلك أن الثورة تتجسد فى جماهير شعبية استجابت للشرارة الثورية الشبابية فحوَّلتها إلى ثورة سياسية شعبية كبرى مدفوعة بالرغبة فى تغيير أوضاعها الاجتماعية الاقتصادية المتردية ومن هنا أهدافها المتصلة بالحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية وهى أهداف لم تتحقق بل تردت أوضاع الجماهير الشعبية بصورة أكبر من ذى قبل مع تفاقم البطالة والتضخم طوال سبعة عشر شهرا وهو ما يعنى أن جذوة الثورة تتأجج تحت الرماد وأن الثورة مستعدة للتفجُّر من جديد مع الوصول إلى نهاية النفق القانونى المظلم أو محطة رئيسية من محطاته.
ورغم كل الصراع الحالى المحتدم بين المجلس الأعلى وأدواته القانونية والقضائية والأمنية وبين الإسلام السياسى، ومهما تكن نتائجه، فإن الصراع الراهن بين المجلس والإخوان لا يعنى نهاية كل تعاون بينهما ضد الثورة، ولا استبعاد سيْرهما منفرديْن وضربهما معًا للثورة كلٌّ من جهته، ولا عدم عودتهما إلى تاكتيكات التعاون من خلال الصفقات المحدودة، كما كان الحال من قبل، تفاديا لصدامات غير مرغوبة وغير مضمونة النتائج من كلٍّ من الطرفيْن، وبالأخص من طرف الإخوان بالطبع، وبدواعى حماية المصالح الحيوية المشتركة للطبقة الواحدة ضد الثورة الفعلية، رغم الوضع الراهن الذى يرث ويطوِّر صراعا تاريخيا طويلا مزمنا بين الإسلام السياسى وباقى قطاعات الطبقة الرأسمالية التابعة وقيادتها العسكرية نتيجة للحالة الراهنة البالغة العقائدية و"القطبية" لدى الإخوان، رغم الميول الپراجماتية التى توجبها التطورات والفُرَص التى يجرى التشبث بها والعمل على اقتناصها. ورغم أن التناقض بين قسميْن من طبقة حاكمة واحدة يكون بصورة نموذجية أضعف من هذا الذى نشهده، لا ينبغى أن ننسى أن مثل هذا التناقض يمكن أن يكون فى بعض الحالات أقوى بما لا يقاس مما نشهد الآن، بل يمكن أن يصل إلى حد الاقتتال والحرب الأهلية.
7: الصراع الحالى بين المجلس والإخوان: دخل پرلمان حزب الإخوان المسلمين وأحزاب الإسلام السياسى فى خلافات وصراعات ومشاحنات ومشاجرات مع أطراف عديدة: مع المجلس الأعلى وممثلى الأحزاب السياسية وقيادات الثورة والثوار، وحتى القضاء، نتيجة للتشبث بالسيطرة على التشكيليْن الأول والثانى للجمعية التأسيسية للدستور. ويُعَدّ الدستور بطبيعة الحال أمرا حاسما من وجهة نظر پرلمان الإسلام الإسلامى الذى يطمح إلى كتابة دستور؛ بعيدا عن المدنية، ووفقا لمعايير الشريعة الإسلامية كأساس لبناء دولة دينية مضادة للثورة بحكم طبيعتها الطبقية والأيديولوچية، ونتيجة للأداء الغريب لپرلمان الإسلام السياسى الذى أخذ يبحث تشريعات "شرعية" مثيرة لفزع القوى السياسية والمواطنين بوجه عام، فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تواترت أحاديث وأنباء وشائعات عن الاقتصاد الإسلامى والبنوك الإسلامية، جنبا إلى جنب مع مشروعات قوانين للزواج المبكر جدا والختان ومضاجعة الوداع خلال ست ساعات بعد الموت. ونجح الإخوان فى إصدار ما يسمى بقانون "العزل"، الذى كان الأكثر حظا بين قوانينهم من حيث مصادقة المجلس الأعلى عليه، ونشره فى الجريدة الرسمية، واستبعاد الفريق أحمد شفيق على أساسه قبل قبول تظلُّمه بصورة غير مفهومة. وفى هذا السياق من الصراع العسكرى الإخوانى توالت ضربات المجلس الأعلى بهدف إقصائهم على رأس الإسلام السياسى عن السلطة السياسية.
8: حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون المسمَّى إعلاميا ب "قانون العزل": كان حكم عدم الدستورية بشأن هذا القانون متوقعا لأسباب لا حاجة بنا إلى الخوض فيها هنا. وبالأخص فإن "القوة" التى فرضت قبول تظلُّم أحمد شفيق على اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، رغم "قانون العزل"، كان بوسعها أن تفرض الحكم بعدم الدستورية على المحكمة الدستورية العليا إنْ لم يكن هذا الحكم صادرا عن إرادتها المستقلة، فى بلد ترتفع فيه حتى بين القضاة شعارات استقلال القضاء، وتطهير القضاء، والقاضى الطبيعى. وربما كان من شأن الحكم بالدستورية أن يؤدى إلى إعادة الانتخابات الرئاسية كلها من جديد، على حين أن من المفترض ألا يرغب المجلس الأعلى الحاكم فى ذلك، لينتهى فى الموعد المضروب من مهمة تسليم السلطة من الناحية الشكلية إلى رئيس منتخب.
ورغم الشكوك التى أحاطت بتسليم السلطة فإن إدراك أن تسليم السلطة يمثل رغبة وخطة ومؤامرة المجلس الأعلى (لأن هذا التطور يضاعف سيطرته الفعلية بتوظيف سلطات الرئيس المنتخب لخدمة المجلس الأعلى) من شأنه أن يبدِّد تلك الشكوك. وكانت سذاجات أقسام من الثوار تُوهمهم بأن ضغطهم المتواصل لفرض تسليم السلطة يمكن أن يؤدى إلى التسليم الفعلى، غير مدركين لحقيقة أن التسليم الفعلى لن يحدث فى ظل ميزان القوة القائم بين القوى الحقيقية للثورة والمجلس الأعلى على رأس الثورة المضادة. بل ذهبت سذاجات هذه الأقسام من الثوار إلى حد الضغط على المجلس الأعلى لتسليم السلطة إلى مجلس الشعب أو رئيسه أو هيئة من تعيينه أىْ لتسليمها إلى الإخوان المسلمين على رأس الإسلام السياسى وكانت اقتراحات أخرى لهذه الأقسام من الثوار بتشكيل مجموعة رئاسية أو أخرى تستلم السلطة من المجلس الأعلى تمضى فى اتجاه مقارب بحكم انتماءات عدد من الأشخاص المقترحين. وكانت كل هذه السذاجات مرتبطة بعدم إدراك واقع أن قيادة الثورة المضادة التى تعمل على تصفية الثورة تتمثل فى التحالف بين المجلس الأعلى والإخوان المسلمين على رأس الإسلام السياسى.
ومهما يكن من شيء فقد جاء حكم المحكمة الدستورية العليا بتثبيت أحمد شفيق فى الترشيح لجولة الإعادة ليدفع الإخوان المسلمين إلى موقف فى غاية الغرابة والازدواجية. فقد قبلوا قبل هذا الحكم من المحكمة أن يخوض مرشحهم جولة الإعادة مع أحمد شفيق رغم أنه "معزول" قانونًا، لأن "قانون العزل" الذى أصدره مجلس الشعب وصادق عليه المجلس الأعلى ونُشِر فى الجريدة الرسمية وتم على أساسه استبعاد أحمد شفيق من قائمة المرشحين كان القانون الذى طبقته اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عند استبعاد المرشح المذكور رغم أنها سرعان ما أهدرته عند قبول تظلمه بصورة مخالفة للقانون، رغم أن ذلك القانون لا يؤثر فيه عند الاستبعاد وعند قبول التظلم أىّ حكم لاحق للمحكمة الدستورية العليا تأثيرا رجعيا فى أىّ وقت من الأوقات، لأن رجعية هذا الحكم تنطبق على القانون دون تطبيقه فى وقت سابق بدليل أن تأخير هذا الحكم إلى ما بعد انتخاب أحمد شفيق رئيسا للجمهورية كان محتملا.
ومن الواضح أن قبول الإخوان المسلمين الإعادة مع أحمد شفيق، بدلا من رفض ذلك مهما تكن النتائج القانونية التى تترتب عليه، بالتمسُّك بالنتيجة السياسية التى كانت ستكون بمثابة ضربة سياسية هائلة لانتخابات الرئاسة. وكان من المحتمل أن يكون انسحاب الإخوان المسلمين من جولة الإعادة فرصة غير عادية لصالح علاقات الإخوان بالقوى السياسية وحتى بعض أقسام القوى الثورية فى مصر، غير أن التقديرات الأنانية من ناحية والخاطئة من ناحية أخرى من جانب الإخوان لمقتضيات مصالحهم السياسية دفعتهم دفعا إلى خيار مواصلة السباق الرئاسى رغم أن ذلك سيصيبهم بخسائر جديدة قد تكون مصيرية فى حالة عدم فوز محمد مرسى بالرئاسة، وكذلك فى حالة فوزه برئاسة تكاد تقتصر على لقب الرئيس دون سلطاته مقابل تراجعه وتراجع الإخوان المسلمين عن الرفض الحالى للأحكام القضائية والقرارات والإجراءات الإدارية والقوانين التى أصدرها المجلس الأعلى: حل مجلس الشعب، وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة للدستور، وقرار منح الضبطية القضائية لرجال المخابرات والشرطة العسكرية، وقانون مجلس الدفاع الوطنى، وعلى وجه الخصوص وقبل كل شيء الإعلان الدستورى المكمل، فى أجواء تسودها احتمالات دعاوى أخرى تستهدف حل مجلس الشورى، وأحزاب الإسلام السياسى لعدم دستوريتها، وبالأخص حل جماعة الإخوان المسلمين. فهل يقبل الإخوان المسلمون بهذا الثمن الفادح مقابل لقب رئيس الجمهورية؛ باعتبار أن تراجع المجلس الأعلى عن قوانينه وإجراءاته وإعلانه الدستورى المكمل بالذات يكاد يكون فى حكم المستحيل؟ والحقيقة أننا إزاء حالة نموذجية من "لعبة الجبان"؛ فقد ينتهى هذا التصعيد المتزايد بتراجع الجبان تفاديًا لضربات قاصمة للإخوان المسلمين، رغم أن المجلس الأعلى يرغب بقوة فى تفادى المواجهة الأمنية الواسعة النطاق لكىْ لا يُفسد على نفسه ما يسمونه ب (عُرْس الديمقراطية).
9: حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب (ومجلس الشورى بالتبعية): وكان حكم عدم الدستورية بشأن قانون انتخاب مجلس الشعب متوقعا أيضا ولأسباب لا حاجة بنا أيضا إلى الخوض فيها هنا. وجاء رد فعل الإخوان المسلمين على رأس الإسلام السياسى بالغ الغضب والحدة والتصعيد الجماهيرى على هذا الحكم أو (وفقا لتصريحاتهم) على ما ترتب عليه، ليس فقط لأن حل مجلس الشعب يحرمهم من أهم مكسب حققوه من التحالف مع المجلس الأعلى ضد الثورة، رغم أنه كان محكوما عليه بشلل نصفى أو أشدّ، ورغم إفشال محاولاتهم من خلال مجلسىْ الشعب والشورى لفرض جمعية تأسيسية بهدف فرض دستور ذى طابع إسلامى، بل كذلك لأن هذا الحل جاء متزامنا مع حزمة من القوانين والقرارات ينظر إليها الإخوان على أنها انقلاب من المجلس الأعلى عليهم وعلى التحالف معهم (ضد الثورة)، والحقيقة أنه يمثل الانقلاب العسكرى المكمل للانقلاب العسكرى الأصلى (فبراير 2011) ضد الثورة. وقد أصيب الإخوان بصدمة كبرى عندما رأوا أنه يجرى تحطيم كل مكاسبهم ومطامحهم وأدواتهم السياسية، حيث بدا أنه يتم إخراجهم من اللعبة السياسية بلا پرلمان سبق الفوز به، أو دستور على هواهم كان يبدو وشيكا، أو رئيس للجمهورية يجرى فى نظرهم إما "التزوير" ضده لإنجاح المرشح الآخر أو المجيء بمرشحهم لهذا المنصب كمجرد لقب دون فعالية حقيقية بفضل الإعلان الدستورى المكمل فى المحل الأول.
والأمر الذى يدعو حقا للتأمل هو أن الإخوان المسلمين دخلوا، كما سبقت الإشارة، فى حالة من الصراع والخصومة والتصعيد على مدى أسابيع عديدة مع العديد من الأطراف: المجلس الأعلى، والقضاء بما فى ذلك المحكمة الدستورية العليا، والأزهر، والقوى والأحزاب السياسية "المدنية"، وحتى المواطن العادى. فلماذا اختار الإخوان المسلمون هذه المواجهة الشاملة رغم أنها يمكن أن تنتهى بخسارة فادحة أو ضربة قاصمة أو صفقة تافهة؟ وإلى جانب الغباء السياسى، هناك بالطبع أشياء قد تصل بهذا الغباء إلى ذروة قصوى. هناك بالطبع الغرور المصاحب لتكوين أكثرية منفردة وأغلبية ساحقة مع أحزاب الإسلام السياسى الأخرى فى مجلس الشعب وأغلبية ساحقة منفردة فى مجلس الشورى، وقد تعزز هذا الغرور بالحصول على أعلى الأصوات فى الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية وفيما بعد بأعلى الأصوات إلى الآن فى جولة الإعادة، وفقا لحملتهم وكذلك لمصادر أخرى. وهناك أيضا الصدمة العنيفة المتمثلة فى تجريدهم من كل المواقع التى كسبوها وحتى من أهمية المنصب الرئاسى المحتمل (أو الأكيد وفقا لتقديراتهم ومعلوماتهم وكثير من التسريبات الحالية). كذلك فإن هناك احتمال التوصل إلى صفقة ممكنة تحفظ ماء الوجه وتشكل سابقة فى تاريخهم فى حالة الوصول إلى رئاسة الجمهورية مهما تكن مصابة بالشلل ومكبلة بالقيود. وفى سياق مثل هذا التصعيد قد تؤدى صفقة متواضعة مخزية إلى انقسامات جديدة داخل الجماعة والحزب وفيما بين الجماعة والجماعات الإسلامية الأخرى.
والآن قد يشعر الإخوان المسلمون بأنهم خسروا كثيرا جدا من تحالفهم الذيلى مع المجلس الأعلى ضد الثورة كثمن لمكاسب اتضح أنها مؤقتة للغاية، وهى خسارة لا تعوَّض، وقد يشعر المجلس الأعلى بأنه بدوره يدفع ثمنا باهظا لتحالفه الاضطرارى مع الإخوان المسلمين لتوظيفهم فى مهمة تصفية الثورة رغم قيامهم بهذا الدور على الوجه الأكمل. وكان ذلك التحالف لا مناص منه غير أن المجلس الأعلى قد يشعر بأنه كان سخيًّا مع الإخوان المسلمين أكثر مما ينبغى على أساس أن منحهم القليل ربما كان كافيا للاحتفاظ بالتحالف معهم فترة أطول فى مواجهة ثورة مستمرة. وربما أخذ فى اعتباره إلى جانب ضرورة التحالف مع الإخوان فى تصفية الثورة أن دورهم المعادى للثورة قد يتكفل بإضعافهم لأنه يمكن أن يعزلهم عن الشعب، مع تقدير أنهم فى كل الأحوال سيحترمون تطميناتهم بألا يطمعوا أكثر مما ينبغى، وأن تماديهم فى الطمع ستتم مواجهته بالقوة الإدارية وحتى الأمنية والعسكرية عند الضرورة القصوى.
10: قرار وزير العدل بمنح الضبطية القضائية لرجال المخابرات والشرطة العسكرية: وبدلا من تسليم السلطة التنفيذية لرئيس منتخب للجمهورية، صار لدينا تسليمان للسلطة نتيجة لحل مجلس الشعب: التسليم أو التسلُّم الذى تمّ الآن بالفعل للسلطة التشريعية من الپرلمان إلى المجلس الأعلى، والتسليم المزمع للسلطة التنفيذية من المجلس الأعلى إلى رئيس الجمهورية الجديد. وفى سياق احتياط واضح لردود الفعل المحتملة على ما قد يترتب على حكمىْ المحكمة الدستورية العليا المحتمليْن بعدم دستورية ما يسمى بقانون العزل وبعدم دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب، وقُبَيْلَ جولة الإعادة، بالإضافة إلى دور أىّ توظيف لاحق فى إحكام دستورية أىّ اعتقالات فى المستقبل، جاء قرار وزير العدل بمنح الضبطية القضائية لرجال المخابرات والشرطة العسكرية، هذا القرار الذى يمكن اعتباره بمثابة إعادة لفرض قانون الطوارئ أو تمهيد لذلك بعقوباته التى تصل مثله إلى الأشغال الشاقة المؤقتة (وصولا حتى إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام)، والذى لا يعيد الجيش إلى ثكناته بل يفرض سيطرة الشرطة العسكرية والمخابرات العامة على الحياة المدنية بصورة شاملة.

11: التشكيل الجديد لمجلس الدفاع الوطنى: ألغى المجلس الأعلى قرار رئيس الجمهورية رقم 320 لسنة 1977 بشأن تشكيل مجلس الدفاع الوطنى، وقام بتشكيل مجلس الدفاع الوطنى على الوجه الآتى :"رئيس الجمهورية – رئيسا وعضوية رئيس مجلس الشعب, رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى، وزير الخارجية والداخلية والمالية، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، ورئيس المخابرات العامة، وقائد القوات البحرية، وقائد القوات الجوية، وقوات الدفاع الجوى، ومساعد وزير الدفاع المختص، ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، ورئيس هيئة القضاء العسكرى، ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وأمين عام وزارة الدفاع ويتولى أمانة سر المجلس. كما تضمن القرار أنه يحق للمجلس أن يدعو لحضور جلساته من يرى الاستعانة بمعلوماته أو خبرته من نواب رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أو غيرهم دون أن يكون له صوت معدود".
ومن الجلى أن مجلس الدفاع الوطنى بهذا التشكيل الجديد يضع اختصاصاته فى يد المجلس الأعلى لأنه يضم 6 مدنيِّين هم: رئيس الجمهورية، رئيسا، وعضوية رئيس مجلس الشعب، ورئيس مجلس الوزراء، ووزراء الخارجية والداخلية والمالية، مقابل من 11 إلى 13 عضوا من العسكريِّين (باحتمال جمع أو عدم جمع القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى فى شخص واحد) معظمهم من المجلس الأعلى، ولأن قراراته تُتخذ بحضور الأغلبية المطلقة، وبالأغلبية المطلقة لأعضائه الحاضرين، دون اشتراط لحضور رئيس الجمهورية أو رئاسته لكل اجتماع، ويعنى هذا أن القرارات ستكون للمجلس الأعلى دون منازع. وعند وضع هذا التشكيل إلى جانب القرارات والقوانين الأخرى تتضح الأسس القانونية للسيطرة الفعلية والرسمية للمجلس الأعلى.
12: الإعلان الدستورى المكمل تكريس للسيطرة الفعلية والرسمية للمجلس الأعلى: جاء هذا الإعلان الدستورى الصادر مساء 17 يونيو 2012 مكملا للإعلان الدستورى الأساسى الصادر فى 30 مارس 2011 فأضاف إليه فقراتٍ أو موادَّ جديدة:
أولا: أضاف إلى المادة 30 ما يلى: فإذا كان المجلس منحلا أدى الرئيس اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا . وكانت المادة المذكورة تنص على أن يؤدى الرئيس اليمين "أمام مجلس الشعب"، وذلك لأن مجلس الشعب منحل فى الوقت الحالى بعد حكم الدستورية. ومع أن الإخوان المسلمين يعترضون على هذه الإضافة لأن مجلس الشعب قائم فى نظرهم رغم حكم الدستورية، فإننا لن نقف عندها هنا.
ثانيا: أضاف إلى المادة 53 التى كانت تكرر تقريبا نص المادة 180 من الدستور الدائم (بتعديل عام 2007) وكانت مادة تنص على إنشاء الدولة للقوات المسلحة، وكونها ملكا للشعب، ومهمتها المتمثلة فى حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها، وعدم جواز إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية لأية هيئة أو جماعة (مع إضافة أن الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس وأن التجنيد إجبارى) ما يلى:
أ: المادة 53 مكرر ونصها: يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الإعلان الدستورى بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومدِّ خدمتهم، ويكون لرئيسه، حتى إقرار الدستور الجديد، جميع السلطات المقررة فى القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع". وهذا يعنى أن القوات المسلحة صارت لأول مرة بصفة رسمية "دولة داخل الدولة" لا تخضع للسلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) "حتى إقرار الدستور الجديد"، ونرجو ألا نموت وفى نفسنا شيء من "حتى".
ب: المادة 53 مكرر 1 ونصها: يعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة . وكان الدستور الدائم ينص على أن: "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذى يعلن الحرب بعد موافقة مجلس الشعب". وقد يبرر المجلس الأعلى إحلال نفسه محل مجلس الشعب بأن هذا الأخير منحل حاليا، غير أن النتيجة الحالية على الأقل هى أن المجلس الأعلى يتحكم أيضا فى قرار الحرب. وقد يبرر المجلس هذا بأنه لا يمكن اتخاذ قرار الحرب بدون موافقة القوات المسلحة التى هى أداة الحرب والأدرى بمدى جاهزيتها العسكرية. وبالطبع فإن هذا كان واردا دائما غير أن أحدا لم يورده من قبل فى صلب دستور أو إعلان دستورى، ومن حقنا أن نشك فى أن هذه المادة واردة هنا للتمسك بها فى الدستور القادم، كاحتياط ضد أىّ رئيس قادم قد يكون مُولَعًا بالحرب. وعلى كل حال فإن النظام المصرى ينظر إلى حرب أكتوبر على أنها "آخر الحروب".
ج: المادة 53 مكرر 2 ونصها: يجوز لرئيس الجمهورية فى حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد، تستوجب تدخل القوات المسلحة، وبعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إصدار قرار باشتراك القوات المسلحة فى مهام حفظ الأمن، وحماية المنشآت الحيوية بالدولة، ويبين القانون سلطات القوات المسلحة، ومهامها وحالات استخدام القوة، والقبض والاحتجاز والاختصاص القضائى وحالات انتفاء المسئولية .
وفى الدستور الدائم، كان لرئيس الجمهورية (المادة 74 المعدلة فى عام 2007) "إذا قام خطر حالّ وجسيم يهدد الوحدة الوطنية" أو سلامة الوطن [...] أن يتخذ الإجراءات السريعة [...] بعد أخذ رأى رئيس مجلس الوزراء ورئيسىْ مجلسىْ الشعب والشورى ... إلخ"، ولا ذكر هنا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولا ذكر له أيضا فى المادة 147 من نفس الدستور عند اتخاذ رئيس الجمهورية "تدابير لا تحتمل التأخير" ... "فى غيبة مجلس الشعب"، كما أنه لا ذكر له فى المادة 148 من نفس الدستور عندما "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ". ورغم أن هذه المواد الدستورية وغيرها تعطى رئيس الجمهورية سلطات مطلقة من الناحية الفعلية فإن ما يقيده فى الإعلان يتمثل ليس فى هيئة تمثيلية من نوع ما بل يتمثل فى المجلس الأعلى الذى صار "دولة داخل الدولة".
والحقيقة أن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ هو الذى يسمح بالتدخل على مثل هذا النطاق الواسع للقوات المسلحة فى الحياة المدنية حيث ينص فى المادة 4 على أنْ "تتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه. وإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف إبتداء من الرتبة التى يعينها وزير الحربية سلطة تنظيم المحاضر للمخالفات التى تقع لتلك الأوامر ... وعلى كل موظف أو مستخدم عام أن يعاونهم فى دائرة وظيفته أو عمله على القيام بذلك". وتصل عقوبات ذلك القانون إلى "الأشغال الشاقة المؤقتة" ... "مع عدم الإخلال بأىّ عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول"، كما تنص المادة 5.
ثالثا: أضاف إلى المادة 56 التى كانت تنص على جمع السلطة التشريعية وسلطات رئيس الجمهورية فى يد المجلس الأعلى قبل الانتخابات الپرلمانية، وكان قد تم تسليم السلطة التشريعية للپرلمان عند انتخاب مجلسيه، المادة 56 مكرر ونصها: يباشر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاختصاصات المنصوص عليها فى البند (1) من المادة 56 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 لحين انتخاب مجلس شعب جديد ومباشرته لاختصاصاته . وهكذا استعاد المجلس الأعلى السلطة التشريعية من مجلس الشعب بعد حله بقرار المحكمة الدستورية، وذلك إلى أن يتم وضع الدستور وانتخاب پرلمان جديد.
رابعا: أضيفت مادتان جديدتان إلى المادة 60 من إعلان مارس 2011 الدستورى بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور هما المادة 60 مكرر والمادة 60 مكرر 1:
أ: المادة 60 مكرر ونصها: إذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسة لعملها، شكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال أسبوع، جمعية تأسيسية جديدة - تمثل كل أطياف المجتمع - لإعداد مشروع الدستور الجديد خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض مشروع الدستور على الشعب لاستفتائه فى شأنه خلال الخمسة عشر يوما من تاريخ الانتهاء من إعداده، وتبدأ الانتخابات التشريعية خلال شهر من تاريخ إعلان موافقة الشعب على الدستور الجديد". وهذه المادة تُعِيد سلطة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور إلى المجلس الأعلى كجزء لا يتجزأ من تسلُّمها للسلطة التشريعية من مجلس الشعب بعد حله مع مراعاة الوجود الفعلى حاليا لجمعية تأسيسية مهددة بالانهيار بسبب مخالفتها للقانون وبسبب الانسحابات احتجاجا على تشكيلها ومن هنا اشتراط قيام "مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسة لعملها".
ب: المادة 60 مكرر 1 ونصها: إذا رأى رئيس الجمهورية، أو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو رئيس مجلس الوزراء، أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية، أو خمس عدد أعضاء الجمعية الـتأسيسية، أن مشروع الدستور يتضمن نصا أو أكثر يتعارض مع أهداف الثورة، ومبادئها الأساسية التى تحقق بها المصالح العليا للبلاد، أو مع ما تواتر من مبادئ فى الدساتير المصرية السابقة فلأى منهم أن يطلب من الجمعية التأسيسية إعادة النظر فى هذه النصوص، خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوما، فإذا أصرت الجمعية على رأيها، كان لأى منهم عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا، وتصدر المحكمة قرارها خلال سبعة أيام من تاريخ عرض الأمر عليها. ويكون القرار الصادر من المحكمة الدستورية العليا ملزما للكافة، وينشر القرار بغير مصروفات فى الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره.. وفى جميع الأحوال يوقف الميعاد المحدد لعرض مشروع الدستور على الشعب لاستفتائه فى شأنه والمنصوص عليه فى المادة 60 من الإعلان الدستورى، حتى الانتهاء من إعداد مشروع الدستور فى صياغته النهائية وفقا لأحكام هذه المادة .
ومن الجلى أن هذه المادة يمكن أن تؤدى إلى إطالة المدة الزمنية المطلوبة لتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وبالتالى لإقرار الدستور وانتخاب مجلسىْ الشعب والشورى على أساسه. ويمكن أن يقوم بإطالة هذه المدة الزمنية رئيس الجمهورية، أو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو رئيس مجلس الوزراء، أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية، أو خُمْس عدد أعضاء الجمعية الـتأسيسية.
خامسا: كانت المادة 38 من إعلان مارس 2011 الدستورى ينص على أن: ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقا لأى نظام انتخابى يحدده. ويجوز أن يتضمن حدا أدنى لمشاركة المرأة فى المجلسين ، وحذف الإعلان الدستورى المكمل هذا النص على مشاركة المرأة. وكان الإعلان الدستورى الصادر فى 25 سپتمبر 2011 قد عدَّل المادة 38 من إعلان مارس 2011 الدستورى إلى ما يلى: "ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقا لنظام انتخابى يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والنظام الفردى بنسبة الثلثين للأولى والثلث الباقى للثانى"، وهى المادة التى استندت المحكمة الدستورية العليا إلى عدم احترامها بفتح الثلث المخصص للنظام الفردى للأحزاب أيضا فى حكمها بحل مجلس الشعب، كما سبق أن رأينا. ونجد هنا تخليا مباشرا عن فكرة الثلث والثلثين التى أقامت الدنيا ولم تقعدها إلى يومنا هذا.
ويمكن إجمال ما جاء به الإعلان الدستورى المكمل فى نقاط موجزة:
أولا:
أن يؤدى رئيس الجمهورية اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا إذا كان مجلس الشعب منحلا (إضافة إلى المادة 30).
ثانيا:
أ: اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة "حتى إقرار الدستور الجديد" (المادة 53 مكرر).
ب: يكون إعلان رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة (المادة 53 مكرر 1).
ج: فى حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد، تستوجب تدخل القوات المسلحة، يجوز لرئيس الجمهورية، وبعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إصدار قرار باشتراك القوات المسلحة فى مهام حفظ الأمن إلخ (المادة 53 مكرر 2).
ثالثا:
يباشر المجلس الأعلى للقوات المسلحة اختصاصات مجلس الشعب أىْ السلطة التشريعية والرقابية لحين انتخاب مجلس شعب جديد (إضافة إلى المادة 56).
رابعا:
أ: عند قيام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسة لعملها يشكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة جمعية تأسيسية جديدة (المادة 60 مكرر).
ب: حق كلٍّ من رئيس الجمهورية، أو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو رئيس مجلس الوزراء، أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية، أو خُمْس عدد أعضاء الجمعية الـتأسيسية، فى الاعتراض على نصوص دستورية تقترحها بما فى ذلك عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا (60 مكرر 1).
خامسا: التخلى عن نص حصتىْ الثلث والثلثين للأفراد والأحزاب على الترتيب (تعديلا لتعديل إعلان سپتمبر 2011 الدستورى للمادة 38 من إعلان مارس 2011 الدستورى).
وبإيجاز أكثر فقد جعل المجلس الأعلى من نفسه دولة داخل الدولة من خلال المواد الجديدة والإضافات فيما يتعلق بالمواد 53 و 56 و 60 من إعلان مارس 2011 الدستورى، عن طريق سلطته المطلقة على شئون القوات المسلحة، بالإضافة إلى اشتراط موافقته على إعلان الحرب، وتدخله فى الحياة المدنية، وسلطة التشريع بدلا من مجلس الشعب، وحقه كسلطة تشريعية فى تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور. والواقع أن المجلس الأعلى ظل يتمتع فى الفترة السابقة بحكم الشرعية الثورية التى زعمها لنفسه ليس فقط بالسلطتين التشريعية والتنفيذية بل قام أولا وقبل كل شيء بدور جمعية تأسيسية للدستور وذلك بكتابة الدستور المتمثل فى إعلان 30 مارس الدستورى.
13: ضربات قانونية أخرى محتملة: وكأوراق للتفاوض، أو كضربات فعلية محتملة، ما يزال فى جعبة المجلس الأعلى الكثير: وتشمل الدعاوى القضائية القائمة أو المحتملة حل جماعة الإخوان المسلمين، وحل الأحزاب الإسلامية باعتبارها غير دستورية حيث ينص الإعلان الدستورى الأساسى على ما يلى: "ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى"، وحل الجمعية التأسيسية للدستور، وحل مجلس الشورى. وقد يتوقف مصير الدعاوى القائمة والمحتملة بهذا الشأن على طريقة حل الأزمة الراهنة بين الإخوان المسلمين والمجلس الأعلى.
14: الانقلاب العسكرى المكمل: وفى مجرى احتدام تفاقم هذا الصراع جاءت حزمة القرارات والأحكام والقوانين والإجراءات الجديدة التى يمكن القول إن مجموعة منها موجهة فى المحل الأول نحو إقصاء الإخوان المسلمين والإسلام السياسى، وإنْ كانت تمثل فى مجموعها انقلابا عسكريا مكملا يتوِّج الانقلاب العسكرى الأصلى وكل ما بينهما من مسار قانونى وإدارى ظل يكرِّس بالتدريج ذلك الانقلاب. وكما كان انقلاب فبراير 2011 العسكرى انقلابا ضد الثورة (رغم انقلابه الأقل شأنا على مبارك) فإن هذا الانقلاب العسكرى المكمل انقلاب ضد الثورة أيضا (رغم انقلابه الأقل شأنا على التحالف مع الإخوان المسلمين).
15: أزمة المجلس الأعلى مع الإخوان وأزمة الدولة مع الثورة: أدار المجلس الأعلى مواجهة الثورة وبناء مؤسسات دولة الثورة المضادة بطريقة عديمة الكفاءة فى كثير من الأحيان زارعًا ألغاما تنفجر فى وجهه فى كثير من الأحيان، وينطبق هذا على إدارته لعملية الانتخابات الرئاسية.
ولم يكن المجلس موفقا عندما بدأ بإجراء التعديلات الدستورية أولا كما طلب مبارك قُبَيْلَ تنحيته أو الانقلاب عليه. وصحيح أن معظم تلك التعديلات كانت تمثل مطالب بارزة للمعارضة قبل الثورة، غير أن حدث الثورة كان يقتضى مقاربة متغيرة. وقد فشل المجلس فى معالجة قضية الدستور بطريقة مقنعة لقوى الثورة، فبعد تعطيله فى 13 فبراير 2011 جرى إسناد مهمة القيام بالتعديلات الدستورية المطلوبة إلى مجموعة من رجال القانون ينتمى ثلاثة منهم إلى التيار الإسلامى منهم رئيس اللجنة (طارق البشرى) وينتمى أحدهم (صبحى صالح) عضويا إلى جماعة الإخوان المسلمين. وجرى الاستفتاء على التعديلات فى سياق تحالف وثيق بين المجلس والإخوان المسلمين على رأس الإسلام السياسى، وجرى إقراره فى استفتاء 19 مارس بأكثر من ثلاثة أرباع المشاركين من الناخبين. واستنادا إلى هذه النتيجة أصدر المجلس فى 30 مارس الإعلان الدستورى، الذى صار دستور ما يسمى بالفترة الانتقالية، بعد أن حل محل الدستور الذى تم تعطيله مع أنه لا يعدو أن يكون نسخة مضطربة ومعيبة منه.
وكانت هناك مطالب خلال الشهور التالية بأن يكون الدستور أولا وما تزال تتردد فكرة فحواها أن التفريط فى أن يأتى الدستور أولا بحيث سبقته الانتخابات الپرلمانية والرئاسية هو السبب وراء أزمات الفترة الانتقالية جميعا باعتبار أن ذلك كان وضعا للعربة أمام الحصان. وأسطورة أن الدستور أولا هو الحل ما تزال تتردد أصداؤها إلى يومنا هذا؛ فما هو المحتوى الحقيقى لهذه الأسطورة؟ وبالطبع فإن المنطق السليم هو منطق الدستور أولا، غير أنه لم يكن وليس الآن حلَّ المعضلة. فالقوى الفاعلة الأكثر نفوذا هى التى تضع الدستور وقد وضع المجلس والإخوان بالفعل دستورا هو إعلان مارس 2011 الدستورى.
وعلينا أن نعترف الآن بأنه رغم أن الدستور الديمقراطى هو الذى يلائم الثورة والشعب إلا أن الفاعلين الرئيسيِّين لم يكونوا ليسمحوا ولن يسمحوا الآن بإقرار دستور ديمقراطى أو بدستور أفضل من دستور 1971 أو إعلان مارس 2011 الدستورى! لماذا؟ لأن مهمة الفترة الانتقالية من وجهة نظر الثورة المضادة بمجلسها الأعلى وإسلامها السياسى تتمثل فى بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة. ومعنى هذا هو أن المفترض والمتوقع أن تأتى الثورة المضادة الحاكمة بأسوأ دستور، وأفظع پرلمان، وأبشع رئيس جمهورية. ومَنْ يفكر قليلا فى واقعنا الفعلى سيدرك أنه ما كان ينبغى أن نتوقع من العملية السياسية الجارية لبناء مؤسسات دولة الثورة المضادة غير دستور مثل الإعلان الدستورى، وغير پرلمان مثل الپرلمان الإخوانى السلفى غير المأسوف عليه، أو پرلمان موالٍ للعسكر، وغير رئيس مثل أحد الكابوسين المفروض على الشعب أن يختار بينهما: مرسى و شفيق.
وتكررت الأزمات بحكم صراع المصالح بين الحكام الأصليِّين والجدد، وبسبب المنطق التآمرى الذى يزرع حتى فى مواد الإعلانات الدستورية ألغاما غير دستورية قابلة للتفجير عند الحاجة. وبالطبع فإن ساعة الصراع بين الإسلام السياسى والعسكر كانت ستأتى لا محالة لأن التحالف بين الطرفين لم يكن زواجا كاثوليكيا رغم الانتماء المشترك إلى طبقة رأسمالية تابعة واحدة. وإذا كانت شهية الإسلام السياسى قد انفتحت وتزداد شراهة مع كل مكسب جديد بحيث يندفع بقوة قاهرة نحو ظاهرة "التكويش" المنطقية مع كل حزب ألهاه التكاثر، خاصةً بعد قرابة قرن من الاضطهاد والحظر والسرية فإنه لا يدرك كما ينبغى أنه إزاء نظام شمولى إدماجى منغلق يحتكر السياسة والاقتصاد وثمار الاستبداد والفساد خاصةً فى غمار أزمة ناشئة من ثورة هددت وجوده وأطاحت بالفعل بقيادته ولهذا لا يملك رجاله العسكريون والمدنيون تعويذة ضد الانهيار سوى ترياق الاحتكار والانفراد والفاشية.
وبسبب سوء إدارة المجلس الأعلى لعملية الانتخابات الرئاسية تطورت الأحداث إلى أزمة حادة بين النظام والإخوان. وقد أوقع هذا المجلس نفسه بنفسه فى مأزق. فرغم أن أحمد شفيق من رجال النظام فإنه مأزق لأنه فى حالة وصوله إلى سدة الرئاسة سيكون رئيسا يولد معزولا بحكم القانون الذى يستبعده رغم حكم الدستورية بعدم الدستورية، وستلاحقه الدعاوى القضائية والاحتجاجات الجماهيرية. والحقيقة أن الوضع غير القانونى ل شفيق يحكم على الانتخابات الرئاسية برمتها بالبطلان. وهناك الأزمة الأخرى، الأزمة مع محمد مرسى والإسلام السياسى وبالأخص الإخوان. فأيديولوچيا الإخوان لا تتلاءم مع طبقة عانت رغم فسادها من حكم الشخص الذى لم يسمح لها بالحكم كطبقة، وهى تهفو إلى مواصلة الحياة المنفتحة على العالم المعاصر، ولا تريد أن ترى نفسها حبيسة القفص الحديدى الإخوانى. ولا يطمئن النظام إلى الإخوان من حيث التداعيات الاقتصادية لحكمهم ومن حيث طغيانهم الذى يمكن أن يمتد إلى أبناء طبقتهم والذى يمكن أن يصل إلى حد الانتقام الواسع النطاق.
وإذا هرب المجلس الأعلى من مأزق رَجُله شفيق إلى مأزق خصمه مرسى أو من مأزق هذا إلى مأزق ذاك، فإنه لن يُفلت من المأزق المرير على كل حال. وقد وصل التصعيد مع الإخوان إلى ذروة حافة الهاوية، وهنا نكون، كما سبق القول، إزاء لعبة الجبان. ويمكن ترجيح ألا يتراجع المجلس عن قراراته وإعلاناته لأن هذا سيؤدى إلى إضعاف موقفه مع الإخوان. ولكنْ هل سيقنع هؤلاء بظل سلطة، بلقب رئيس الجمهورية الذى يمكن أن يجلب على الإخوان خسائر جديدة بحكم شلل الرئيس الإخوانى فى حالة فوزه وبالتالى عجزه عن تقديم شيء مهم للشعب. وفى حالة فوز شفيق ستكون هناك شكوك التزوير كما سيكون هناك نوع من التمرد والعصيان إذا صدقنا لغة الويل والثبور وعظائم الأمور التى صار الإخوان يتكلمونها. وسيكون الإخوان جبان لعبة الجبان حتى إذا فاز مرسى وقَبِل المنصب متجاهلا مطالب المليونيات ضد الإعلان الدستورى، وحلّ مجلس الشعب، وتشكيل جمعية الدستور، وغير ذلك. وبالطبع فإن المجلس لا يمكن أن يمانع فى أن يواصل الإسلام السياسى لعب دور منفردا أو بالتعاون معه بشرط ألا يتمادى فى التوقعات المتعلقة بمكاسبه السياسية والاقتتصادية، كما أنه سيعمل على تفادى مواجهة شاملة مع الإخوان فى الوقت الحالى ولن يتورط فى هذا إلا مضطرا للغاية حفاظا على مظهر ما يسميه بعرس الديمقراطية. والسؤال هو هل يعتقد الإخوان حقا أنهم يمكن أن يفرضوا على المجلس كل أو معظم مطالبهم أو الكثير منها فى سياق هذا التصعيد الخطر؟ وهل يمكن أن يكونوا غافلين عن حقيقة أن هذه التعبئة القوية يمكن أن تجعل تراجعهم بالغ الصعوبة أو باهظ الثمن داخل صفوفهم فى حالة الاضطرار إلى التراجع؟ وهل يمكن أن تُنسيهم نشوة المكاسب الجديدة تاريخا طويلا من انزوائهم خشية البطش بهم؟
ومن ناحية أخرى فإنه لا مخرج من مثل هذه الورطة سوى عن طريق صفقة صعبة عمليا أو بدخول طرف ثالث. فعلى أىّ أساس ومع أىّ رئيس يمكن أن يعمل رجل مثل البرادعى الذى تتواتر الأنباء عن اتصالاته المتعددة الأطراف فى الوقت الحالى.
وفيما وراء الأزمة الحالية بين المجلس الأعلى والإسلام السياسى، سواء فاز مرسى بالرئاسة أو لم يفز، وفيما وراء انقلاب المجلس على الإخوان، تكمن أزمة المواجهة الكبرى بين المجلس والثورة، ويبرز الانقلاب العسكرى المكمل بوصفه مرحلة جديدة فى استكمال الأسس التشريعية والقانونية والمؤسسية لبناء دولة الثورة المضادة لتوجيه المزيد من الضربات إلى الثورة وقواها ومزيد من التصعيد ضدها. ويزعم كثيرون فى صفوف قوى الثورة أن صعود شفيق إلى الرئاسة سوف يعنى هزيمة الثورة، وهذه مبالغة بلاغية ساذجة لأن شفيق لن يكون رقم واحد على كل حال فى ظل سيطرة المجلس الأعلى. وبدلا من رفض الدولة العسكرية والدولة الدينية على السواء، وبدلا من الكف عن الجرى وراء هذا النوع أو ذاك من أعداء الثورة، يلوذ بعضهم من الدولة العسكرية بالدولة الدينية ويلوذ بعضهم الآخر من هذه بتلك. وأعتقد أن الموقف السليم كان وسيظل يتمثل فى أن نواجه قيامهم بصورة متواصلة ببناء مؤسسات دولة الثورة المضادة بقيامنا نحن ببناء مؤسسات الثورة، أىْ أدوات ومؤسسات وآليات الديمقراطية الشعبية. وأعتقد أن طريق التصفية التدريجية للثورة فى مصر سوف يتواصل تفاديا لأخطار التصفية العنيفة والحربية على الطبقة الرأسمالية ودولتها ونظامها، وأعتقد أن هذا يمنحنا وقتا يجب أن نستثمره بدلا من أن نتعجل النتائج فلا تأتى بسرعة فنتخبط فى ألوان من الإحباط والحيرة، بدلا من إدراك أن التضحيات الكبرى للشعوب فى ثورات العالم الثالث يمكن أن تقدِّم ثمارها الحلوة بشرط أن نعرف بصورة موضوعية طبيعة هذه الثمار بفضل الإدراك الموضوعى لطبيعة ثوراتنا وسماتها الجوهرية وما يمكن أن تحققه فى فترة محددة فى أوضاع وشروط بعينها، بعيدا عن أوهام الرؤوس الساخنة التى لا طائل تحتها وبدلا من أشباح اليأس والإحباط والخذلان. وأعتقد أن الثورة المستمرة حقا رغم الصعود والهبوط سوف تبدد أوهام الغارقين فى الأوهام وتطرد أشباح الخائفين من الأشباح!
صباح 24 يونيو 2011



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات فى عشية جولة إعادة الانتخابات الرئاسية فى مصر
- محاكمة ثورية للرئيس مبارك وأسرته ورجاله وإلغاء الانتخابات ال ...
- مع متاهات أرقام الانتخابات فى مصر
- مأتم ديمقراطية المجلس العسكرى والإخوان المسلمين فجر الديمقرا ...
- أساطير الجبال والغابات - برنار كلاﭭيل
- هاجس الحرب الأهلية فى مصر
- أساطير البحيرات والأنهار - برنار كلاڤيل
- أضأل امرأة فى العالم - كلاريس ليسپكتور
- أسطورة الفترة الانتقالية وحقائق المسار الفعلى للتطورات فى مص ...
- مقالات مترجمة فى الفن التشكيلى
- أساطير البحر - برنار كلاڤيل
- تسع قصائد للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- سبع قصائد لناظم حكمت
- غنوة
- مشاكل تخلُّف (قصيدة)
- الإعداد للموت (قصيدة)
- أربع قصائد لبورخيس
- الترجمة فى سياق ما بعد كولونيالىّ
- الأب ضد الأم وقصص أخرى
- طريق الآلام


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - الانقلاب العسكرى المكمِّل