أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - الاتجار بالبشر















المزيد.....

الاتجار بالبشر


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3764 - 2012 / 6 / 20 - 19:51
المحور: حقوق الانسان
    


خلال زيارتي الأخيرة إلى كردستان حضرت مؤتمراً دولياً مهماً انعقد بالقرب من بحيرة دوكان التاريخية في محافظة السليمانية، بعنوان “المؤتمر الدولي للاتجار بالبشر: آليات وإجراءات فاعلة لمكافحته” وكان قد دعا إلى المؤتمر منظمة التحالف الدولي من أجل العدالة التي يرأسها بختيار أمين وزير حقوق الإنسان الأسبق في العراق، بالتعاون مع منظمة منيرفا الإيطالية ومنظمة القانون Law ووزارة الخارجية الإيطالية، وحضر حفل الافتتاح ممثلون عن حكومة بغداد الاتحادية وحكومة الإقليم الفيدرالية، ووزراء وسفراء وبرلمانيون ومؤسسات مجتمع مدني عراقية وأجنبية، إضافة إلى ممثلين عن منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية .

وصادف وجود وفد لجامعة اللاعنف (بيروت) في كردستان، فتمت دعوته والترحيب به في حفل الافتتاح، وكان صدور قانون من البرلمان العراقي في شهر فبراير/شباط 2012 بخصوص الاتجار بالبشر مناسبة جديدة لبحث هذا الموضوع المهم، علماً بأن موضوع الاتّجار بالبشر لا يعني الدول المتقدمة وحدها، بل يشمل البلدان المتخلفة في الوقت نفسه، خصوصاً انتقال البشر بصورة لا شرعية تجاوزاً لقوانين جميع البلدان .

وانصبّ عمل المؤتمر على مناقشة الإجراءات والخطوات التشريعية لمكافحة الاتّجار بالبشر، لاسيما الرؤية الدولية وأهمية الاطلاع على التشريعات الإيطالية والأوروبية بهذا الخصوص لمكافحة الاتّجار بالبشر، كما تمّ تسليط الضوء على التشريعات العراقية بهذا الخصوص، بما لها من إيجابيات وما احتوته من نواقص تحتاج إلى تكييفها مع الشرعة الدولية بهذا الخصوص، من جانب البرلمان ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في المركز والإقليم .

وناقش المؤتمر بصورة مستفيضة الآليات والإجراءات والتدابير الفاعلة لمكافحة الاتّجار بالبشر، وألقى ضوءًا على الواقع العراقي من خلال مداخلات حددت رؤية الأمن الوطني العراقي ووزارة الداخلية العراقية والقضاء ولجنة الأمن والدفاع . كما تناولت الأبحاث دور المؤسسات الدينية وكذلك دور المجتمع المدني ودور الثقافة والقانون والإعلام في هذا المجال . وعُرضت رؤية سفيرة الفاتيكان والوقف الشيعي والسنّي، إضافة إلى وسائل الإعلام، وخلصت نتائج المؤتمر إلى ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مكافحة الاتّجار بالبشر مع التركيز على دور مؤسسات المجتمع المدني الدولية والإقليمية على هذا الصعيد، خصوصاً إذا اعتمدت على كونها قوة رصد ورقابة من جهة وقوة اقتراح وشراكة مع الحكومات من جهة ثانية .

ولعل أول ما يخطر على بال القارئ: ما الذي نعنيه من موضوع “الاتّجار بالبشر”؟ ذهبت اتفاقية الأمم المتحدة لعام ،2000 التي دخلت حيّز التنفيذ العام 2003 والتي اعترفت بهذه الظاهرة وسعت لتقنينها إلى القول إنها تعني الانتقال غير القانوني من بلد إلى آخر بهدف تحقيق الربح، وذلك طبقاً لفئتين الأولى: التهريب، والثانية: المتاجرة غير المشروعة واحتمال الاستغلال اللاحق للذين يتم انتقالهم من بلد إلى آخر .

وهناك وسائل مختلفة منها الانتقال ثم الاكّراه عن طريق الخداع أو حتى الاختطاف (الاختفاء القسري) ثم الاستغلال بما فيها الدعارة أو العمل غير القانوني أو نقل الأعضاء وبيعها بصورة تجرّمها الغالبية الساحقة من القوانين الوضعية، ناهيكم عن التعاليم الدينية والأخلاقية .

وهكذا تكون الضحية خاضعة للسيد أو أنها إزاء عجز كلّي، فتراها غير قادرة على التحرر، بل هي مقموعة ويمارس عليها سيف الإذعان، خصوصاً عندما لا يكون أمامها من سبيل أو بديل، لاسيما إذا تم إخضاعها بواسطة “القانون” بأخذ تعهّدات أو ضمانات أو حجز جوازات سفرها أو إدخالها بصورة غير شرعية، من دون وثائق مثلاً، ناهيكم عن الإقامة .

وهناك بروتوكولان مكمّلان لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 2000: الأول يتعلق بمنع ومناهضة ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخصوصاً النساء والأطفال (بروتوكول الاتجار بالأشخاص) والثاني بروتوكول (مكافحة تهريب المهاجرين) عن طريق البر والبحر والجو . وكانت الأمم المتحدة قد أعدّت مدوّنة نموذجية صدرت عن مكتبها الخاص بالمخدرات والجريمة بهدف التوصل إلى أفضل النتائج لمسألة الاتّجار بالأشخاص من الناحية التشريعية، وقام مجلس أوروبا بمبادرات بهذا الخصوص سواء ببعدها الإنساني أو الإداري، لكن بعض هذه الإجراءات لها عوارض أخرى قد تتسبب في المزيد من الأضرار بالضحايا، كأن يتم إغلاق الحدود ورفض إدخال المهاجرين أو حجزهم أو إعادتهم بالقوة، الأمر يلحق ضرراً بحقوقهم في الحصول على اللجوء طبقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 وملحقها لعام ،1967 ولعل بعض ضحايا الاتجار بالبشر يتعرّضون إلى استغلال جنسي وإلى امتهان للكرامة الشخصية على نحو أقرب إلى الاستعباد .

لقد أضحت جريمة الاتّجار بالبشر مسألة حقوقية وأخلاقية، إضافة إلى كونها قضية إنسانية أساساً، فلم يعد السكوت عنها ممكناً أو إهمالها مبرراً، بل لا بدّ من العمل على إيجاد حلول مناسبة لها ومعالجة آثارها السلبية، ولعلّ مثل هذا الالتزام يقع على عاتق الدول الأعضاء في الاتفاقيات الدولية، فضلاً عن مسؤولية المجتمع الدولي . وحسناً فعلت الحكومة العراقية والبرلمان العراقي بإقرار قانون لمكافحة الاتّجار بالبشر، خصوصاً وقد أخذ نطاق البحث والاهتمام به يزداد في الفترات الأخيرة، وصدرت العديد من الاتفاقيات الدولية بشأنه وانعقدت الكثير من المؤتمرات الدولية، لدراسة الظاهرة وأسبابها الاجتماعية والاقتصادية وتأثيراتها اللاحقة .

إن الاتّجار بالبشر هو عمل إجرامي ينتهك بصورة صارخة كامل منظومة حقوق الإنسان، والقيم والتعاليم الدينية، ويقوّض أسس السلام المجتمعي والأمن والاستقرار، ولعل العديد من العصابات الدولية اليوم تعمل لاستثمار هذه الظاهرة الخطرة لكسب المزيد من الأرباح غير المشروعة، وهو ما شخّصه مؤتمر فيينا لعام 2008 لمكافحة الاتّجار بالبشر والمؤتمر الإقليمي المنعقد في عمان ،2010 ولا بدّ للدول العربية من المصادقة على بروتوكول منع ومناهضة ومعاقبة الاتّجار بالأشخاص، لاسيما البلدان التي لم توقّع عليه، وضرورة مواءمة التشريعات معه ومع أحكام الاتفاقيات الدولية وضرورة إصدار قوانين وطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر وتحريمه وتجريمه بكل صوره وأشكاله وحماية الضحايا .

وقد أقدمت جامعة الدول العربية على خطوة إيجابية بعد المؤتمر الإقليمي فأطلقت مبادرة لمكافحة الاتّجار بالبشر في مارس/آذار 2010 بالتعاون مع المؤسسة القطرية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، ولا بدّ من وضع سياسات عربية لكل بلد عربي، وبذلك يمكن أن تؤتي الجهود الرسمية بالتعاون مع المجتمع المدني ثمارها وتفلح في معالجة أسباب الظاهرة مثل الفقر والجهل وانعدام تكافؤ الفرص وشحّ الحريات والفجوة بين الشمال والجنوب وعدم الاستفادة من منجزات الثورة العلمية التقنية . ولعل جريمة الاتّجار بالبشر اليوم تسير جنباً إلى جنب مع جرائم المخدّرات وغسيل الأموال والتزوير، وكلّها أصبحت جرائم دولية، ما فوق قومية وعابرة للقارات، وهي شكل مستحدث من أشكال المافيا الجديدة، كما أشار إلى ذلك فرناندو أساور المدعي العام الإيطالي في مؤتمر دوكان المتميّز . وكانت حالة سرقة الأعضاء البشرية من الضحايا الفلسطينيين الذين يتم اغتيالهم من جانب السلطات “الإسرائيلية” التي أسهم في فضحها الصحافي السويدي دونالد بوستروم الذي تعرّض إلى حملة تشويه، فضيحة دولية بكل معنى الكلمة، وهي تندرج في إطار الاتفاقيات الدولية التي تضع مسؤوليات على عاتق الحكومات والمجتمع الدولي لمعالجة آثارها ووضع حد لها، ناهيكم عن إنزال أشد العقوبات بمرتكبيها .

* باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوسف سلمان يوسف ..(فهد)-( 2 – 3 )
- يوسف سلمان يوسف ... فهد ( 3 – 3 )
- تعويض الضحايا!
- يوسف سلمان يوسف -فهد-...(1 – 3 )
- زمن الفتاوى ومغزاها
- خمسة آراء بصدد المسألة الكردية في العراق
- السياسة في معناها
- حلّق في فضاءات شاسعة وسبح في بحور واسعة-*الجزء الثاني
- الحق في الجمال
- الأسرى الفلسطينيون والوعي النقدي المطلوب!
- المساءلة والحقيقة في بعض تجارب العدالة الانتقالية
- المفكر السيد الصدر حلّق في فضاءات شاسعة وسبح في بحور واسعة*( ...
- اشتراكي جديد في قصر الإليزيه
- الهوّية وأدب المنفى !
- الدولة البسيطة والدولة المركّبة
- الربيع العربي والأقليّات
- ليبيا: الفيدرالية المدنّسة والمركزية المقدّسة
- مواقف خاطئة للحزب الشيوعي
- القضاء الدولي والقضاء الوطني: علاقة تكامل أم تعارض؟
- نقد قيادة الحزب الشيوعي


المزيد.....




- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون
- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - الاتجار بالبشر