أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - البريــدُ الـلـيـلــيّ














المزيد.....

البريــدُ الـلـيـلــيّ


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1100 - 2005 / 2 / 5 - 13:16
المحور: الادب والفن
    


هذه الرسالةُ – النصُّ ، وصلتني البارحةَ . كنتُ عائداً من مشرب القـريةِ
بعدَ أن أدّيتُ طقســي المســائيّ باحتسـاءِ كأسـي الكبيـــرة
من البيرة السوداء . عند أُولــى درْجات السُّــلَّــمِ ، في مـنزلي ،
وجدتُ الـمُغَـلَّـفَ ، وكان شِــبـه مدعوكٍ . كان الأمرُ مفاجِـئاً
إذْ ليس من بريدٍ في مثل هذه الساعة ، كما أن الـمغلّفَ كان بلا طوابـعَ
أو أختامٍ . قلتُ : البريدُ أمرٌ غامضٌ عبر التاريخ . سككُ البريدِ ( كــما
سـمّـاها الفرزدقُ ) كانت للملِك . للخليفــة . لِـظِلِّ اللــــه .
إذاً ، ثـمّـتَ ما يصلُ بين البريدِ واللامعقولِ … خُذْ هذه الرسالةَ مثلاً …
مَـن كتبــها ؟ المـرسِـلُ لم يذكر اســمَــه . كلّـفني المشقّةَ .
ومع قراءتي الرسالةَ ، فهمتُ أنّ أُمّــةً كاملةً من الجــنِّ كانت في المتْنِ.
خمسةَ عشرَ قرناً من الجنونِ … ما شأني أنا بهذا ؟ أنا المترهِّبِ في منـزلٍ
ريفــيٍّ ، في رَبْــضٍ من أرباضِ لندنَ ؟ النرجسُ البرِّيُّ مبكرٌ جـداً ،
وأســرابُ السنونو أيضاً . المـطرُ المنهمرُ دوماً ينهمرُ دوماً ، وأنا شِـبهُ
دائخٍ . قلتُ : فَلأَمضِ مع الرسالة . امضِ ، فرُبّـتَـما هدأتْ هواجسُكَ .
على أي حالٍ … أنا لم أتوقّـفْ في قراءتي ، لأتَـثَـبّـتَ من النصوصِ ،
وأدقِّـقَ في روايـتِــها . خُذي عَـبَـراتِ عينِكِ عن زَماعــــي
وصونِـي ما أذَلْـتِ من القناعِ . أآلِـفةَ النحيبِ كم افتراقٍ أجَـدَّ فكانَ
داعيةَ اجتماع . وليستْ فرحةُ الأوباتِ إلاّ لموقوفٍ على ترَحِ الـــوداعِ .
أُسـائلُها أيَّ الـمَـواطنِ حَـلَّتِ ، وأيَّ بلادٍ أوطأتْـها وأيَّــةِ …؟
وماذا عليها لو أشارتْ فودّعتْ إلينا بأطرافِ البنانِ وأومَـتِ . ولي دونكم
أهلونَ : سِـيْـدٌ عُملَّـسٌ ، وأرقطُ زهلولٌ وعيفاءُ جَـيهَـلُ . تمنيتُ أني
بين روضٍ ومنهلٍ مع الوحشِ لا مِـصراً حللتُ ولا كَــفْـراً . ولَـمّـا
قضينا من مِـنىً كلَّ حاجةٍ ومَسَّـحَ بالأركانِ مِـن هو ماسحُ ، وشُدّتْ
على حُدْبِ الـمَـطايا رِحالُـنا ، ولم يعرف الغادي الذي هو رائحُ …
أخذْنا بأطرافِ الأحاديثِ بيــننـا ، وسالتْ بأعناقِ الـمَـطيِّ الأباطحُ .
لقد زِدتَ أوضاحي امتداداً ولم أكُـنْ بهيماً ولا أرضى من الأرضِ مَـجْـهَلا
ولكنْ أيادٍ صادفَـتْـني جِـسـامُـها أغرَّ فأوفتْ بي أغرَّ مُـحَـجَّـلا .
إذا الـملِـكُ الجبّــارُ صَـعَّـرَ خدَّهُ مشَينا إليه بالســــــيوفِ .


كأنكَ لم تسـمَعْ بقتلِ مُـتَـوَّجٍ مـليكٍ ، ولم تسـمَعْ … رمى واتَّــقى
رميي ، ومِـن دونِ ما اتّـقى هوىً . ما كان ضرَّكَ لو عفوتَ وربّـما يعفـو
الفتى وهو الـمَـغِـيظُ الـمُـحْـنَقُ . ظلّـتْ سيــوفُ بني أبيه تنوشُـهُ
لِـلّـهِ أعراضٌ هناكَ تُـمَـزِّقُ ! لَـربّـيـتُـهُ حتى إذا آضَ شَـيظَـمــاً
أخا الفحلِ واستغنى عن المسحِ شــاربُـهْ ، تَـغَـمَّـطَ حقي ظالماً ولوى يدي
لوى يـدَهُ اللهُ الذي هو غالبُـهْ . ربّـيـتُـهُ مثلَ … حتى إذا آضَ كالفُـحّـالِ
شــذَّبَــهُ أبّـارُهُ ونفى عن متـنِـهِ الـكَـرَبا ، أضحى يمزِّقُ أثوابـي
يؤدِّبُــني … أبعدَ شـيبيَ عندي يبتغي الأدبا؟ أعائشُ : لولا أنني كنتُ طاوياً ثلاثاً
لألقيتُ ابنَ أُمِّكِ هالكا ، غداةَ ينادي والرماحُ تنوشُـهُ كوقع الصياصي ، اقتلوني
ومالِـكا ! قومي همو قتلوا أُمَـيمَ أخي ، فإذا رميتُ أصابَـني ســهمــي
ولَـئِـنْ عفَـوتُ لأَعْـفُـوَنْ جللاً ، ولَـئِنْ قسوتُ لأُوهِـنَنْ عَـظْـمي !
إليكِ ، إليكِ يا بغدادُ عنِّـي
فإني لستُ منكِ ولستِ منِّـي
ولكني وإنْ كـثُـرَ التجنِّـي
يَـعزُّ عليَّ يابغدادُ أني …
فلِـمَـنْ تغنِّـي والمقاهي أغلقتْ أبوابَــها ؟
…………...........
…………………
…………………
مطرْ
مطرْ
وفي العراق جوعْ .


لندن 4/2/2005



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كــلامٌ فــارغٌ
- وَشْـــمُ الذئبِ
- الأَتْــباعُ يختصمــونَ
- القـصـيدةُ قد تأتــي …
- القصيدةُ قد تأتــي …
- بابانِ لِـبيتِ الـلّــهِ
- أبو إبَـــر … أبو طُــبَــر
- أطاعَ غناءَ الحوريّـاتِ
- عــرَبـةٌ ذاتُ ثلاثةِ جِــيادٍ
- بطاقةٌ إلى ممدوح عدوان
- الحصـــانُ والـجَـنِــيْـبَـةُ
- إذاً … خُــذْها عندَ البحرِ
- - الحوار الـمتـمدِّن - : رئةُ الحريةِ ورايــتُــها
- لا قهوةَ في الصباح
- اســـتِــجــابةٌ
- بِــيانُــو كوندولــيزا رايس
- الــنَّــقيــضُ
- تَـعْـشِـــيـقٌ
- الــماندولــيــن
- نــبْــتـةُ الوردِ الإيرلنديّ


المزيد.....




- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - البريــدُ الـلـيـلــيّ