أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - نعم لقد انتخبنا أخيراً ! الدرس العراقي الرائع للعرب















المزيد.....

نعم لقد انتخبنا أخيراً ! الدرس العراقي الرائع للعرب


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 1100 - 2005 / 2 / 5 - 12:24
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


استعادة الامل

عندما سألني الصديق الاستاذ جهاد الزين قبل عشرين يوما عن امكان اجراء الانتخابات العراقية ونحن نهاتف بعضنا بعضا قلت له: انني متأكد من انها ستحصل ولكنني كنت اتخوف من اجرائها على بحر من الدماء كما كان الارهابيون قد توعدوا الناس.
وبقيت يائسا وقنوطا والزمن يقترب من يوم الثلاثين من كانون الثاني 2005. كنت اخشى على العراق والعراقيين من حجم التهديدات التي صدرت بحق من سيدلي بصوته بكل حرية. وقد تبين لي انها لم تكن عملية سياسية عادية تجري كبقية العمليات الانتخابية في اي بلد من بلدان العالم، بل انها بدت عملية تاريخية لصراع الارادات بين قسمات المجتمع العراقي المتنوع وقوى ظلامية متمردة اتخذت من اميركا والمحتل الاميركي سببا لقتل العراق والعراقيين. وما زالت تقتل وتحز الرؤوس بكل بشاعة من دون اي رادع يردعها او ادانات تسكتها او اية علاجات. بل العكس اذ انها تلقى ترحيبا ومباركة من جانب احزاب واتجاهات ونقابات وحتى سلطات في بلدان عربية وغير عربية مسترخصة الدم العراقي والارواح البريئة.
لقد حل يوم الثلاثين من كانون الثاني، فانطلق العراقيون يرسمون مستقبلهم بارادة مشتركة. لقد خرج العراقي ليقول للعالم كله : ها انا ذا انتخب العراق الذي كان وسيبقى منطقة واحدة لا يمكنه ان ينقسم ابدا مهما اراد الخصوم ومهما بغى الاعداء الجدد ! كنت مهموما كيف سيخرج اهل العراق من بيوتهم تحت وابل من النيران كي يذهبوا ويسجلوا جملة هائلة من المعاني الرمزية القيمة التي افتقدوها لخمسين سنة مضت وذهبت عبثا من عمرهم. ولم اكن اهتم لمن يتفلسف متسائلا : كيف تتم اية انتخابات في ظل الاحتلال؟ اذ انني انصحهم بأن يقرأوا تاريخهم العربي جيدا، ويدركوا بأن اي حكومة منتخبة قادرة على ان تفاوض وتقرر وتعبر عن ارادة شعب. وان انتخابات غالبية بلدان العالم قد جرت في ظروف احتلال ابان القرن العشرين. وقد حصلت على استقلالها من خلال المفاوضات سلما. اتمنى ان تكمل انتخابات العراق التي جرت في ظروف صعبة للغاية عملية بناء الدولة واطفاء الديون وبناء الاجهزة واعادة الاعمار واستقلال البلاد.

لقد كان الثمن غاليا !

نعم، نصف قرن ذهب هباء منثورا من حياة العراق الذي ما كان له ان يكون هكذا اليوم لولا المأساة التي ألمّت به والكوارث التي مرت عليه والحروب التي اندلعت واشتعلت واكلت الاخضر واليابس. نعم، لقد افتقد العراقيون كثيرا من معانيهم ورموزهم، وكأنهم بعثوا اليوم من جديد وهم في حمأة التمزقات والالام والجروح. لقد حققوا برغم كل التحديات اشياء جميلة، وبرعوا في ان يتوحدوا ولو لم يكونوا مجتمعين على الدرب الواحد.

لقد حلقوا لأول مرة في السماء كالطيور التي حبست في اقفاصها دهورا طوالا... وكم كنت اتمنى على كل اولئك العراقيين الذين امتنعوا لأي سبب من الاسباب، ان يشاركوا في ترشيح انفسهم واحزابهم واطيافهم، ويشاركوا في فضاء سمائهم، كي يحققوا لأنفسهم مشاركة جديدة في الحياة الجديدة التي لم يعرفها غيرهم من جيرانهم واشقائهم من نواح كثيرة لا حصر لها. ولكن الثمن الذي دفعوه كان غاليا على امتداد اربعين سنة من الحكم العسكري والديكتاتوري الفاشي.

كنت اتابع مجريات ما كان يحدث على ترابنا الوطني ساعة بعد اخرى منذ الصباح الباكر حتى ساعة متأخرة من النهار يوم الثلاثين من كانون الثاني (الماضي) لقد استعدت معنوياتي العالية بعد اكتشافي أن العراقيين لم يكونوا اصحاب صولة في الميدان فحسب، بل كانوا شجعانا صناديد في تحدي الموت وتحدي الارهاب وتحدي كل الصعاب. اكتشفت كم هي المعاني الجميلة التي فاز بها من بلغ من الكبر عتيا. وكم وجدت المرأة العراقية الشابة الفارعة والعجوز المنحنية شغوفة بأن تدلي بصوتها الحر. ولعل اقسى منظر رأيته على شاشات التلفزة رجل مسن بيده ورقته الانتخابية وهو يبكي بحرقة من شدة الفرح، وكأنه قد حصل على كنز من الكنوز. صحيح ان هناك احجاماً من قبل ملايين العراقيين عن المشاركة، ولكن يبدو ان الهجمة الارهابية المرعبة كانت وراء ذلك. ومع ذلك، فان ثمانية ملايين من العراقيين قد عبروا عن ارادتهم من دون اي اطواق ولا ترصّد لا بالترهيب ولا بالترغيب !!

إن الانتخابات التي جرت في العراق، وخروج ثمانية ملايين عراقي للإدلاء بأصواتهم للمرشحين، هو دليل ساطع على ان العراقيين جميعا يرفضون الارهاب رفضا قاطعا ذلك الارهاب الديني الذي تسلل اليهم من شتى المنافذ والحدود والاطراف. وعلى عناصر الارهاب ان تفهم بأن لا مكان لها لا في العراق ولا في اي مكان عربي او غير عربي. فهو بضاعة فاسدة لا يمكن استخدامها مهما كانت الظروف.

حالة استثنائية

يمكننا القول، إن الانتخابات العراقية حالة استثنائية في اصلاح ليس البيت العراقي وحده، بل البيت العربي والعالم الاسلامي برمته، ولا ابالغ إن قلت أن الانتصار الذي حققه العراقيون يوم الثلاثين من كانون الثاني 2005، سوف لا يعكس اثره على العراق والعراقيين، بقدر ما سيفيد العرب وعالمهم الواسع افادة كبرى. فلقد خرج العراقيون بملايينهم الثمانية يمشون على الاقدام برغم كل التحديات القاسية وتحت وابل من النيران والقذائف والرصاص وقد فتحوا صدورهم لها من اجل ان يقولوا: لا للارهاب الديني الذي ان تمكن وترّسخ في العراق من دون اي استئصال، فسوف يمتد دون محالة الى اماكن وبلدان اخرى. وها نحن نجد ما الذي يفعله في السعودية، وما فعله قبل ايام في الكويت. ان العراقيين اثبتوا للعالم كله شجاعتهم السياسية وذهبوا الى صناديق الاقتراع من دون اي طغيان او اوامر او خوف كي يجد كل عراقي وكل عراقية كلمة حرة لكليهما يقولانها بعد ان تنوعّت الخيارات امامهم، وتعدّدت الاتجاهات ازاءهم.

درس للآخرين؟

ان الفراغ السياسي الذي خلفه النظام السابق لا يمكن ان تملأه اية لعبة سياسية! لقد كان الناخبون العراقيون جادين فعلا في عمليتهم السياسية التي جعلتهم في موقع الاستجابة للتحديات الجديدة التي فرضت عليهم. لقد بدأوا، عملا تاريخيا في ظروف صعبة جدا، وكما اجمعت آراء غالبية المحللين والمراقبين الدوليين، فإن مجرد تحقيق العراقيين مثل هذه النسب من المشاركة معناه قدرتهم على اجتياز الصعاب من اجل بناء المستقبل. وان ارادتهم من اجل الاصلاح قوية جدا ولو كانت في ظل الاحتلال الاجنبي. وربما كان الاحتلال الاجنبي تحديا من نوع آخر لابد ان يلقى استجابة من نوع ما من جانب العراقيين. وهناك حافز قوي لصناعة حكومة عراقية قوية تنبثق من ارادة الشعب. وسواء اختلف العراقيون في الاساليب والاليات والطرائق السياسية، فانهم قد اجمعوا على انهم يؤمنون بالتغيرات الجديدة وانهم يتطلعون الى احداث تحولات تاريخية مؤثرة. انهم يتطلعون الى صناعة قرارهم بانفسهم بعد صراع الارادات التي عاشوا في ظلها اشهرا طوالا. علما بأن تطلعات العراقيين الى الديموقراطية والتجديد انبثقت من عهد بعيد.

كلها دروس وعبر من تجربة تاريخية قدمها العراقيون للاخرين، وسواء نجحت ام اخفقت، وسواء قبلها عراقيون ورفضها آخرون منهم، فانها ستبقى معلما حقيقيا بارزا على طريق التحولات التي اتمنى ان يستفيد منها العرب في تجديد انفسهم، وانطلاق الشعوب من اقفاصها كي تعبر عن نفسها. فهل سنعيش تجربة اخرى مثلها في مكان آخر تأتي بأجندة داخلية لا بقوة مطرقة خارجية؟ اشك في ذلك!



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمناسبة اربعينية الراحل التونسي محمود المسعدي :الموحيات الخل ...
- الاعلام العربي :دعوة تحّولات من بشاعة المؤامرات الى خصب الشف ...
- معايدة سياسية وفكرية لغسان تويني لمناسبة العام الجديد 2005
- أدونيس : الشاعر السوري الغامض : مشاركات في المرافضات والتحول ...
- دعوة صريحة من اجل غلاسنوست عراقي
- رسالة جديدة الى العراقيين : التفكير بالبعد الثالث بعيدا عن خ ...
- عاتكة الخزرجي : قيثارة العراق : شاعرة وقت الشفق .. حالمة عند ...
- عبد القادر القط :استاذ الادب العربي والنقد المقارن :مفهوم تأ ...
- نزار قباني : شاعر الرسم بالكلمات الرائعة : نسف البنى الاجتما ...
- المسيحيون العراقيون : وقفة تاريخية عند ادوارهم الوطنية والحض ...
- محمد شكري : الروائي المغربي المعروف صاحب الخبز الحافي :اعترا ...
- البنية الفوقية والبنية التحتية : المفاهيم المستترة والمعاني ...
- الى متى تبقى بلقيس في قفص الاتهام ؟ وهل من ركائز عراقية جديد ...
- حنا بطاطو : مؤرخ العراق المعاصر مؤرخ غريب الاطوار لن يكتب أح ...
- الدكتور سّيار الجميل لم يوّقع على اي بيان او رسالة اصدرهما ا ...
- الحريات الشخصية قبل غيرها: هل يفهم العرب معنى الصداقة والعلا ...
- نازك الملائكة : رائدة الشعر العربي الحر- هل تنبأت عاشقة ليل ...
- لمناسبة رحيله : الفيلسوف جاك دريدا : رائد الفلسفة التفكيكية ...
- نقولا زيادة المؤرخ المثقف : زهرة التفكير وخضرة الروح
- هل نقرع الاجراس من اجل الدفاع عن المسيحيين العراقيين ومصيرهم ...


المزيد.....




- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...
- خبير عسكري يكشف مصير طائرات F-16 بعد وصولها إلى أوكرانيا
- الاتحاد الأوروبي يخصص 68 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفلسطي ...
- شاهد: قدامى المحاربين البريطانيين يجتمعون في لندن لإحياء الذ ...
- وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا
- سوريا.. أمر إداري بإنهاء استدعاء الضباط الاحتياطيين والاحتفا ...
- طبيب: الشخير يمكن أن يسبب مشكلات جنسية للذكور
- مصر تنفذ مشروعا ضخما بدولة إفريقية لإنقاذ حياة عدد كبير من ا ...
- خبير أمني مصري يكشف عن خطة إسرائيلية لكسب تعاطف العالم


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - نعم لقد انتخبنا أخيراً ! الدرس العراقي الرائع للعرب