|
ما مصير الحوار الإجتماعي المغربي راهنا، في ظل رفض القوى المحافظة المعادية للتغيير الإجتماعي التقدمي : الحقل التعليمي كنموذج ؟
محمد بقوح
الحوار المتمدن-العدد: 3742 - 2012 / 5 / 29 - 08:36
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
لا شك أن الحكومة المحافظة الحالية، كانت و لا تزال مدعوة للنهوض بالمستوى الاجتماعي للمغرب الراهن. و حين نقول مدعوة، فنحن نعني أن الاهتمام بالقطاعات القريبة جدا، من الفئات الاجتماعية المتضررة عن قصد، بالسياسات العمومية غير المحايدة، التي مارستها و فرضتها الحكومات السابقة، لصالح إثراء و تشحيم بطون الطبقات الحاكمة البورجوازية و الرأسمالية، المهيمنة اقتصاديا و سياسيا، على ما هو اجتماعي في المغرب الحديث. و نقصد بالخصوص الحقل التعليمي و الصحي و السكن و التشغيل، و الوظيفة العمومية و الجماعات المحلية و القضاء.. و اليوم يلاحظ أن شدة الاحتقان الاجتماعي قد زاد على حده كما يقال، و وصل إلى مستوى خطير، لا يمكن تصور عواقبه القريبة أو البعيدة. فأصوات الاحتجاجات الشعبية ترتفع، و قوة الإضرابات التعليمية تتعالي، و لا تزال مستمرة و متصاعدة، تضج بها شوارع العديد من المدن المغربية، و عبر جميع جهات المملكة. فمشكلة الزنزانة 9 لا تزال مطروحة و مهملة. و الأستاذات و الأساتذة المضربون و المحتجون، في إطار تنسيقيتهم التعليمية المناضلة، لم يستسيغوا تجاهل الحكومة المتعمد لكل مطالبهم المشروعة. و كذلك قضية الأساتذة المجازين، في إطار السلك الابتدائي و الإعدادي، الذين يستعدون هذه الأيام للتصعيد في نضالهم المستميت، ضد عدم اهتمام حكومة بنكيران بملفهم المطلبي، المنسي منذ سنوات مضت، و الذي أوردنا أهم بنوده و عناصره، في إحدى فقرات هذا الموضوع سابقا. و هو ملف على كل حال وقع عليه حيف كبير، و تظلم واضح و أكبر، من حيث تطبيق الدولة المغربية لسياسة الميز و التفريق غير المفهوم.. و غير المبرر، على مستوى نظرتها التمييزية إلى قيمة الشهادة الجامعية المغربية الواحدة ( الإجازة التعليمية )، باعتبارها تحرم كشهادة ( أي الإجازة ) من حقها القانوني، و تضيّق على قيمتها المعنوية، سواء المهنية أو الجامعية، في واقع السلك الابتدائي و الإعدادي، في المقابل تتمتع نفس الشهادة الجامعية في السلك الثانوي، بكامل حقوقها التشريعية و الجامعية و الإدارية. و هذه هي المفارقة الغريبة، التي لا تزال الحكومة المغربية الحالية، باعتبارها حكومة ( اجتماعية )، لم تعط لها أي اهتمام يذكر. و سيبقى هذا المشكل التربوي و الاجتماعي مطروحا، في انتظار ظهور مستجد نوعي، عقب ما سيأتي به النظام الأساسي الجديد المرتقب للهيئة التعليمية المغربية. و هنا ك أمر آخر لا يقل غرابة من سابقه، و المتمثل في منع الأستاذات و الأساتذة، إلا من سلك طريقا مغايرة، من الولوج إلى الفضاء الجامعي، قصد استكمال تعليمه العالي، و نيل الدكتورة الوطنية، دعما للكفاءة التربوية الميدانية، و مواكبة للمستجدات المعرفية المتطورة، و أساسا انفتاحا فعليا على البحث العلمي و المنهجي العميق، في إطار العلوم الإنسانية المتقدمة. و نسجل هنا أيضا، انشغال النقابات بالبعد السياسوي و المصلحي، أكثر من انشغالها الجدي بالقضايا المصيرية للشغيلة التعليمية و العمالية المغربية. و هذا واضح من خلال مسيرة ( الكرامة ) ليوم الأحد 27-12-2012 . كما تبدو هذه الحقيقة المرة من خلال استفادة العديد من هؤلاء المحسوبين على ما يسمى لدينا بالنقابة و الحزب، من جديد تغيير الإطار، إثر مرسوم وزاري جديد. لكن يجب التأكيد هنا أيضا على خلفية عمل الوزارة الحالية، تماما كسابقاتها، بمنطق يخالف معيار الكفاءة الحقة، ليس بمعنى الخبرة و التجربة، و لكن بمعنى إبداع معرفة في الميدان، و خلق نوع من التميز الفعال. و هو القصد الذي يشير إليه الدستور المغربي الجديد. نعود لنتساءل : هل يمكن أن نتحدث هنا، في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المجتمع المغربي، عن حوار اجتماعي من نوع ما، يشرع الآن قبل الغد في عملية اغتياله المنهجي، و بالتالي سيكون مصيره كباقي مصير الحوارات الاجتماعية الفاشلة السابقة، و التي لم تؤت بأكلها المنشود ؟؟ حيث مرت من ساحات و شوارع المدن، و القاعات المغربية المكيفة.. بضجيجها المعهود، دون أن تؤثر في الواقع الفعلي للإنسان المغربي المتضرر، أو تحقق له أي نوع من المكتسبات المعنوية أولا، و المادية أخيرا، تلك التي يلاحظ أنه اليوم في طريقه إلى فقد العديد منها، و التي انتزعها بالصراع إلى وقت قريب. و ذلك باسم الظروف الصعبة للمجتمع الدولي و العربي في الوقت الراهن.
#محمد_بقوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمكنة ناطقة : فعل الكتابة و الصيرورة
-
جدلية الثابت و المتغير في التفكير الفلسفي
-
إشكالية أزمة التعليم المغربي و المراهنة على تكريس الخطاب على
...
-
قصة قصيرة : مندوب وزارة الصحة
-
الفكر التربوي عند عبد الرحمن بن خلدون
-
قراءة دلالية في رواية جنوب غرب طروادة جنوب شرق قرطاجة لابراه
...
-
قصة قصيرة : اللغم المقدس
-
مفهوم الجوهر في فلسفة سبينوزا
-
المطالب الحيوية لأساتذة التعليم الإبتدائي و الثانوي الإعدادي
...
-
قصة قصيرة : مرينا في المنطاد
-
المسألة التعليمية من منظور محمد عابد الجابري ( 2 )
-
المسألة التعليمية من منظور محمد عابد الجابري ( 1 )
-
أمكنة ناطقة : وَلْحُرّي
-
شعر : من أكون ..؟
-
تجليات التجديد و التطور في فلسفة السوفسطائيين
-
حوار على هامش الكفاءة المغربية ( 1 )
-
قراءة نيتشه لفلسفة سقراط ( 2 )
-
قراءة نيتشه لفلسفة سقراط ( 1 )
-
تراجيديا السياسة العربية.. عن ما جرى و يجري للعجوز و الحيتان
...
-
مدينة الدشيرة الجهادية بالمغرب تضع العنصر البشري في صلب الأي
...
المزيد.....
-
بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل
...
-
ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
-
شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط
...
-
مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
-
بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي (
...
-
الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج
...
-
ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ
...
-
خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق
...
-
-إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا
...
-
صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|