أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - قطار بلا سائق














المزيد.....

قطار بلا سائق


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3731 - 2012 / 5 / 18 - 12:53
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


هرعت الجماهير إلى محطة القطار حيث يقف قطار يتكون من ثمانى عربات ذات درجات مختلفة الأولى والثانية والثالثة. كانت هنالك عربات للقوات المسلحة والشرطة والقضاة وعربة مخصصة لبقايا الطبقة المتوسطة وعربة للدينيين وعربة للعمال وعربة لأصحاب المعاشات وعربة للعاطلين. لعل البعض يتساءل ما الذى جمع هؤلاء القوم فى قطار واحد؟ الإجابة ببساطة أن حريقا هائلا كان فد اندلع فى أرجاء المعمورة، فهرع الناس إلى محطة القطار واندفعوا داخل القطار وما أن جلسوا فى أماكنهم حتى انطلق القطار بأقصى سرعة وظل كل واحد منهم ممسكا بنقوده ليدفع ثمن تذكرة القطار غير أن المحصل لم يأت كما توقعوا وحين سألوا عن السبب قيل لهم إن المحصل ورئيس القطار تم إيداعهم فى حجز المحطة. وبعد فترة التقوا أحد العمال قادما من العربات الأمامية والذى أكد لهم أن الرجلين لا وجود لهما داخل القطار ففرح الركاب لأن أحدا لن يطالبهم بثمن التذكرة.

هذه الفرحة لم تكتمل إذ سرعان ما اكتشف الركاب أن القطار يسير بلا سائق وأن جميع الإشارات التى تنظم حركة القطارات باتت لا تعمل بعد أن تركها العاملون، كما فر الحراس تاركين المزلقانات مفتوحة وعددها 1275 مزلقان مما يعرض سلامة الركاب للخطر. وقد ازداد الخوف فى قلوبهم بعد أن علموا أن الجنود والضباط المنوط بهم حراسة القطار لا وجود لهم. جلس الركاب واضعين أيديهم على قلوبهم يتساءلون: كيف بالله يسير قطار بلا سائق أو إشارات ولا توجد حراسة داخله، هذا فضلا عن الخطر القادم من خارجه بفضل المزلقانات المفتوحة؟ ظل الركاب على هذا الحال يضربون أخماسا فى أسداس معبرين عن دهشتهم البالغة لما آلت إليه الأمور وعن قلقهم على مصيرهم داخل القطار الذى ينطلق بلا سائق. كان رجل ذو لحية كثيفة يجلس القرفصاء مستغرقا فى تفكير عميق. فناداه أحد الركاب لكى يدلى بدلوه فى هذا الأمر. ألقى الرجل نظرة إلى وجوه الركاب وأشار إليهم بالهدوء والتزام الصمت حتى ينتهى من كلامه. قال لهم الرجل إن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو اختيار مجلس منتخب من ركاب القطار، مجلس يتولى اتخاذ قرارات فورية. وبالفعل وافق الركاب على إجراءات انتخاب المجلس حيث بدأ المرشحون جولاتهم واخذوا ينتقلون من عربة إلى أخرى. أما المرشحون الدينيون فادخلوا الرعب فى قلوب ركاب الدرجة الثانية والثالثة على اعتبار أنهم ممثلون لله وأن عدم انتخابهم يعنى أن القطار سيلقى كارثة حقيقية عقابا لهم على عصيان الله. خشى الركاب من التهلكة فأعطوا أصواتهم لوكلاء الله.

اجتمع أعضاء المجلس الجديد وقرروا البدء فى إصدار قرارات فورية من شأنها توفير الأطعمة والأدوية لركاب القطار لكنهم أدركوا أن ذلك يتطلب إيقاف القطار. فتطوع بعضهم بالتوجه إلى عربة الجرار غير أنهم وجدوا الباب مغلقا. أقترح أحد الأعضاء أن يقوموا بكسر باب كابينة القيادة غير أن الاقتراح لاقى اعتراض البعض على اعتبار أن البحث عن قائد للقطار يجب أن يسبق كسر باب الكابينة. وحذر أحد الحكماء أن سائقا يجب أن يتولى ذمام الأمور خلال نصف ساعة من كسر باب الكابينة وأنه إذا فتح باب الكابينة ولم يتم العثور على سائق خلال هذه الفترة فلينتظر الركاب كارثة محققة. فى هذه الأثناء كان الركاب يتذمرون ويعبرون عن غضبهم من المجلس الذى فشل فى تحقيق أهدافهم وتلبية مطالبهم. وعندما اشتد الخلاف حول كسر باب الكابينة أولا أم البحث عن سائق قطار أولا، اقترح أحد أعضاء المجلس أن يأخذوا رأى ركاب القطار وبالفعل تم تحديد موعد لذلك بعد ساعة واحدة يسعى خلالها كل طرف بطرح وجهة نظره. انتقلت مجموعة الكسر أولا من عربة قطار إلى أخرى حيث دارت مناقشات محتدمة وحين شعر أفراد هذه المجموعة أن حججهم واهية وأدلتهم ضعيفة لجأوا إلى الخطة البديلة أو الخطة ب ومفادها أن الله يحب الكسر أولا وأن المعارضين للكسر يخالفون الشريعة ويغضبون الله الذى سوف ينزل بهم أشد العذاب. عندئذ خاف الركاب من غضب الله فأيدوا الكسر أولا .

وبالفعل تم تنفيذ رأى ثلثى الركاب المؤيد للكسر لينطلق بعدها أعضاء المجلس باحثين عن سائق قطار بين الركاب. لقد مرت عشرون دقيقة منذ كسر باب الكابينة وحتى الآن لم يتم العثور على سائق ولم تتبق سوى عشر دقائق بعدها قد تحدث الكارثة التى توقعها أحد الحكماء.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلد -عك فى عك-
- من عجائب الدنيا: مرتبات أساتذة الجامعات المصرية
- المناظرة التاريخية فى انتخابات الرئاسة المصرية
- الحوار مع الشيطان
- صراع المجالس فى مصر
- ما الذى يحافظ على الكيان النوبى؟
- مصير السودانين بعد الانفصال
- الأقباط وقوة التحمل عبر التاريخ
- المصريون بين الفسيخ والتفسخ
- أنصاف الثورات مقابر للشعوب
- كابوس الانتخابات
- شائعات وزحام حول مقعد الرئيس فى مصر
- حالة الفوضى تسود مصر
- ملامح نجاح الثورات العربية: الثورة المصرية نموذجا
- من ذكريات ثورة 25 يناير
- كابوس النفاق والتملق
- ثورة المرؤوسين فى مصر
- دستور يا أسيادنا والبرلمان الاخواطنى فى مصر
- زلازل مصر واليابان
- طلاب الثورة وثورة الطلاب


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - قطار بلا سائق