محمد ضياء عيسى العقابي
الحوار المتمدن-العدد: 3729 - 2012 / 5 / 16 - 07:45
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
إستحالة سحب الثقة أم الإنقلاب العسكري هو المانع يا صدريون؟
محمد ضياء عيسى العقابي
[إتهم عضو كتلة الاحرار النيابية النائب محمد رضا الخفاجي رئيس الوزراء نوري المالكي بـ "محاولة اخذ الرئاسة بقوة السلاح في حال سحب الثقة عنه وخلق فتنة داخلية بين اعضاء الكتل السياسية."]
ورد هذا الخبر في تقرير نشره موقع "عراق القانون" الإلكتروني بتأريخ 15/5/2012.
مقدماً أقول للسيد النائب الخفاجي وعموم التيار الصدري ما يلي:
- إذا كانت لديك أدلة لإتهام رئيس الوزراء فإطرحها عسى أن يقتنع بها الجمهور.
- إتهامك رئيس الوزراء بإستخدام القوة لرفض الإمتثال لقرار برلماني بسحب الثقة منه هو "تطوير" تعيس لأطروحة النائب الصدري الآخر السيد أمير الكناني الذي قال في فضائية الحرة بتأريخ 1/5/2012 بأنه لا توجد آلية لضمان تنفيذ أي قرار أو قانون يصدره مجلس النواب. لقد ناقشتُ وفندتُ أطروحة السيد الكناني في مقالي المنشور حالياً بعنوان: "إغراء التيار الصدري إلى اللعب بالنار"(1). علماً أن تنويهات السيد الكناني قد فاقت في تجنيها على رئيس الوزراء، أسوأَ الصحف الموالية للإحتكارات النفطية وإسرائيل.
- صاحب السياسة المستقيمة يتساقط على جانبي خط سيره المتآمرون وذوو النوايا الطغموية(2) الشريرة، فيحسبه الجهلة بأنه مشاغب يتسبب ب" خلق فتنة داخلية بين اعضاء الكتل السياسية". سؤالي لك، يا سيد الخفاجي: إذا كان السيد المالكي يخلق الفتن، فأين وزراء ونواب وممثلو الصدريين في اللجنة القيادية للتحالف الوطني من كل هذا؟ لماذا لم تنتقدوه والنقد أساس التقويم والإصلاح والتطوير؟
- إذا صحت الأنباء عن توجه زعيمكم السيد مقتدى الصدر إلى أربيل بتوجيه إيراني لتخريب إتفاق شرير يعقد بين تركيا والسادة البرزاني وعلاوي والنجيفي، فهذا أسلوب تآمري خاطئ. الأسلوب الصحيح لمواجهة التآمرات (وما أكثر ما فات منها وما أكثر ما سيأتي، إلى أن ييأس أعداء الديمقراطية ويعترفوا بسواسية البشر وحقوق الإنسان ويحترموا الديمقراطية) يتجسد بتكاتف القوى الديمقراطية، دينية وعلمانية، وإنتهاج الشفافية وإستكمال البناء الديمقراطي وتمرير القوانين النافعة الشعب وخاصة الفقراء(3) وإحترام الحريات العامة، عندئذ سيتساقط على جانبي هذه المسيرة أي تآمر مهما بلغ من القوة والخبث.
- آمل من قياديي التيار الصدري ألا يركبهم الغرور ويصدقوا، بجد، بأنهم قد أسروا قلوب الطغمويين بكلمات الإطراء المعسولة؛ وبالبساط الأحمر الذي مدوه للسيد مقتدى. هذه كلها محاولات كيدية لإستدراجكم لخلق فتنة داخل التحالف الوطني الذي إذا إنفرط عقده تشظى العراق وحلت الكوارث. هذه كلها أحابيل إستشاريي التخريب الذين توفرهم شركات النفط والسعودية وإسرائيل لحلفائهم في الداخل العراقي. فحذارِ حذارِ.
- كفى الصدريين تخريب وإساءة لطائفتهم الشيعية قبل غيرها بدءاً بإشاعة مفهوم "الحوزة الناطقة" وتشكيل "جيش المهدي" والتحرش بالمكونات المتآخية منذ قرون في مناطق الجنوب والوسط من مسيحيين وصابئة، وإشاعة المفاهيم "النضالية" السخيفة من قبيل ما صرح به الشيخ عبد الهادي الدراجي، القيادي السابق في التيار الصدري، عام 2005 مفسراً أسباب "مقاومة" الأمريكيين بالقول: "كي لا يقول السنة إن الشيعة جبناء". إن الطغمويين وقوى أجنبية تراهن على فشل الشيعة في قيادة العملية السياسية والصدريون يوفرون الدليل تلو الآخر لإثبات ذلك. أما إتهام المالكي بتشييع العراق فهو السهم الذي ينتظره التكفيريون والسعوديون والشيخ عرعور للبدأ في معركة الكوفة.
- السنة وجميع طوائف المجتمع العراقي ليسوا بحاجة لرعاية وحماية السيد مقتدى الصدر أو أي شخص آخر فالكل يرعاهم ويحميهم الدستور والنظام الديمقراطي، فليحترمهما السيد الصدر وفي ذلك خدمة جليلة للناس بأطيافهم.
- آمل من كل قلبي أن يبتعد قياديو التيار الصدري من الإشارة إلى السيد مقتدى وكأنه مقدس، وخاصة عند ظهورهم في وسائل الإعلام. كفى ما ألحقتم بالشيعة من مهازل وخزعبلات يندى لها الجبين.
وإن كان ما طرحه النائب الخفاجي من باب الرأي والتحليل، فهو مخطئ مائة بالمائة لسببين:
أولاً: بتقديري، لو طُرح على مجلس النواب الآن مقترح بسحب الثقة من الحكومة فسيكون الإصطفاف كالتالي: التيار الصدري (40 نائباً) وما تبقى من إئتلاف العراقية (60 نائباً تقريباً) وقسم من تحالف الكتل الكردستانية (ربما 20 نائباً) أضف لهم (20) نائباً من هنا وهناك ليصبح المجموع 140 نائباً والمطلوب (163) نائباً بالأقل لنجاح قرار سحب الثقة. لذا سيفشل المقترح.
ثانياً: وإذا حصل قرار سحب الثقة على أكثر من 163 صوتاً فيعني هذا أن عدداً غير قليل من نواب التحالف الوطني (إضافة إلى النواب الصدريين) صوتوا لصالح سحب الثقة، وهذا إحتمال غير متوقع أبداً بل على العكس إذ أتوقع أن بعض النواب الصدريين سوف يصوتون لصالح المالكي (وهو مرشح التحالف الوطني الذي نجح نجاحاً باهراً وأثبت جدارة عالية ما يوجب على كل حريص دعمه وهناك مسؤولية كبرى في خذلانه) لأن أغلب الديمقراطيين، من إسلاميين وعلمانيين، يدركون أن المعركة بالأساس لا تستهدف المالكي شخصياً بل هي معركة بين التحالف الوطني وشركات النفط وإسرائيل اللتين تسعيان إلى تشتيت أكبر فصيل ديمقراطي وهم الشيعة (لأنهم القوة الوحيدة القادرة على الوقوف بوجههما) ليتسنى لهما السيطرة على النفط وتأجيج حرب مع إيران لضرب منشآتها النووية.
للأسف، وكما تشير المؤشرات، أغرت شركات النفط زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود البرزاني بدعم الإنفصال عن العراق وتشكيل دولة كردية مقابل سعي ذلك الحزب إلى تشتيت التحالف الوطني عن طريق ضرب حكومة المالكي وسحب الثقة منه، لهذا تحالف السيد مسعود مع السيد علاوي ورفاقه، الأعداء الستراتيجيين للقضية الكردية وللفيدرالية والمادة (140) من الدستور، كما صرح البرزاني بأن "شركة أوكسن موبيل تعادل عشرة فرق عسكرية وهي إذا دخلت بلداً فلا تخرج منه" وهو تهديد نفطي مبطن موجه للمالكي، كما أقرأُه.
كحقيقة، من حق السيد البرزاني أن يبحث عن حلفاء خارجيين وداخليين لمساندة طموحات الشعب الكردي على إقامة دولته القومية، شريطة ألا يسبب ضرراً للغير وخاصة للعراق وشعب العراق الذي تعاطف بأغلبيته مع القضية الكردية على طول الخط. إن التفاهم السياسي للسيد البرزاني مع شركات النفط، والذي تشير كثير من المؤشرات إلى وجوده، يضر العراق من الجوانب التالية:
1- يمنح شركة النفط أوكسن موبيل دوراً سياسياً في العراق وقد يمتد إلى المنطقة عبر التحالف التقليدي بين شركات النفط العملاقة وإسرائيل (رأس حربتها في المنطقة) والرجعية العربية وتركيا،
2- يساهم في توحيد القوى المناوئة للديمقراطية العراقية والمدعومة من الخارج من دول تضيرها هذه الديمقراطية وإستقرار العراق (السعودية تريد إثارة صراع طائفي في المنطقة لإبعاد الإستحقاق الديمقراطي وحقوق الإنسان عن نظامها الشمولي. وتركيا تريد قيادة المنطقة سياسياً والهيمنة عليها إقتصادياً. وإيران أيضاً تريد الهيمنة على العراق. الأردن يريد الإستفادة الإقتصادية من ثروات العراق بعد إستباحته لمعالجة أزمة الإقتصاد الأردني الفاسد والمتهالك).
3- قد تترتب على كل هذا كوارث إنسانية على أيدي الطغمويين والتكفيريين لا يعلم إلا الله مداها.
ثالثاً: وإذا ما سحبت الثقة من حكومة المالكي، فأنا واثق أنه سيكون سعيداً لتسليم المسؤولية إلى من ينتخبه مجلس النواب وأسخر تماماً من فكرة إعلان العصيان المسلح على البرلمان وعلى تحالفه وإئتلافه وحزبه وعلى جميع الإعتبارات الأخرى للأسباب التالية:
1- إنه واثق بقدرة الشعب على إحباط أية محاولة لإلحاق أي اذى بالعملية السياسية والنظام الديمقراطي اللذين له الفضل الأكبر في تدعيمهما،
2- سيضيف إلى رصيده وساماً آخر بكونه يسلم كرسي الحكم بأمر البرلمان سلمياً بعد ست سنوات ونصف وهو على رأس مجلس الوزراء حقق أثنائها منجزات كثيرة وفي غاية الأهمية والخطورة إذ قاد المسيرة بإتجاه صيانة وتعزيز النظام الديمقراطي الفيدرالي وقصم ظهر الإرهاب وإخراج القوات الأجنبية وإستعادة السيادة كاملة ورفع معدل الدخل الشهري للمواطن العراقي من ربع دولار إلى (300) دولاراً. وسينصفه تأريخ العراق الموصوف بصعوبة المراس منذ العهد السومري.
3- بتقديري، ينتظر السيد المالكي دورٌ لا يقل خطورة عن منصب رئيس مجلس الوزراء ألا وهو التركيز على ترتيب البيت الداخلي على نطاق حزب الدعوة وإئتلاف دولة القانون ليرتقي بهما إلى المستوى الحزبي اللائق لقيادة بلد ذي حضارة عريقة ومُثُلٍ عليا وثروة طائلة، وهي عوامل قادرة على أن تُبَوِّء العراق مكانة مرموقة بين الأمم الديمقراطية وتُمَكِّنَه من شق طريق حضاري مبتكر للمسلمين والعرب يخرجهم من قرون الظلام والتخلف الفكري والمادي ويحقق مجتمع العدالة الإجتماعية والكفاية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على المقال "إغراء التيار الصدري إلى اللعب بالنار"، برجاء مراجعة الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=16387
(2): للإطلاع على مفاهيم: "الطغمويون والنظم الطغموية" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الرابطين التاليين:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
(3): كان النواب الصدريون من بين النواب الذين أعاقوا تمرير قرارات لسنتين متتاليتين تسمح للحكومة بتنفيذ قروض مُيسَّرة قدمتها مجموعة دول على رأسها اليابان وكوريا الجنوبية لبناء وتجديد كامل البنى التحتية للعراق من مساكن ومدارس ومحطات كهرباء ومحطات مياه وشبكات صرف صحي وغيرها وذلك خوفاً من إرتفاع شعبية المالكي كما صرحوا هم علانية!!!.
#محمد_ضياء_عيسى_العقابي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟