سيادة الشعب نظام حكم متطور.

سالم اسماعيل نوركه

الحوار المتمدن-العدد: 3728 - 2012 / 5 / 15 - 00:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

حين نريد فهم ماضينا القريب قد لا يتطلب الآمر أرسال نظرة إلى الوراء وإنما الحاضر في جوانب منه يتحرك فيه الماضي وبأمكاننا رؤية المستقبل من خلال الحاضر وهذه قد يتصور البعض دعوة لعدم دراسة الماضي وهذا تصور غير صحيح والعكس صحيح تماما ،نحتاج إلى دراسات معمقة للحياة بشكل عام وللتاريخ بشكل خاص وإلى الحركة الواعية لفهم الكثير من الأشياء من حولنا ولفهم أنفسنا ونحدد إهداف مشتركة في السياسة والإقتصاد والمجالات الأخرى لا أن تأتي الأمور كما تشاء ،بل كما نشاء نحن ،علينا أن لا ننتظر الحلول لتأتي كيفما تشاء ،وإنما كيفما نشاء نحن مجتمعين ،لا نستطيع أن نعمل كفريق واحد وطرف ما يريد منا أن نتبع خطواته وإن ذهبت بنا إلى (الجحيم)!حيث لا يكون الإنسان حرا إلا في خياراته الخاصة وبشرط أن لا يجلب الضرر للآخرين أما في الخيارات العامة فالموضوع مختلف ومن الواجب عليه أن يستشيرويتريث ويعطي المجال لإشباع الموضوع بالدراسة المعمقة ويبلور مع الآخرين القرار السليم الذي يخدم الشعب ولهذا البشرية أهتدت لصيغة البرلمانات ولسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية وللسلطة الرابعة(الصحافة)بعد أن جربت الإستبداد والقمع وحكم الفرد(السوبر!)وهي اليوم تعيش سيادة الشعب تلك السيادة التي تأتي بالحكومات وتسقطها .
أوربا لم تصل إلى ما هي عليها من نظم الحكم المتطور إلا من خلال مرور بمحطات قاسية وصعبة من سلطة البابا المطلقة ومن سلطات ملوك كانوا يحكمون الرعية بلا ضوابط ولا قيود وظهرت في أوربا قياصرة وأمبراطوريات كانوا يعينون الوزراء ويطردوهم متى شاء القيصر أو الإمبراطور ويأمر بالقاء القبض أو السجن أو ينفي أو يعدم من يريد دون أن يستشير أحدا على الأرض.والبعض منهم كان له السلطة الشخصية حتى على البابوات في فترة من الفترات وشهدت أوربا فترات لا ينصب الإمبراطور إلا بتذكية من البابا ،هذه هي قصص التاريخ في أساليب الحكم التي كلفت أوربا أنهار من الدماء وبعد كل المآسي والويلات نتيجة للتفرد بالسلطة من قبل الحكام كان لابد إنتزاع القدسية من مثل هؤلاء الحكام والدعوة إلى صيغ جديدة في الحكم وبروز الرآي العام والدعوة لتأسيس البرلمانات وظهور مفكرين وفلاسفة وعلماء ورجال الفكر السياسي الذين قلبوا نظم التفكير وأساليب العيش والحكم وأستمر دولاب الأصلاح السياسي إلى أن أختفى تمجيد الفرد .
لقد عاشت أوربا في فترات من الزمن فضائح واضطرابات ومجاعات وحروب داخلية وخارجية بين دولها وشهدت أوربا محاكم عسكرية تقضي بسرعة تنفيذ الحكم بالموت والرمي بالرصاص وقتلى وجرحى أبرياء وفي فترات حُكٍمَ على المعارضين الذين كانوا يظهرون لأسباب السياسية والإقتصادية أو الذين جاءوا بأفكار نيرة بالضد من أفكار رجال الدين المتخلفين بالهرطقة وعندنا كان مثل هؤلاء يتهمون بالزندقة ولابد أن يضرب أعناقهم بالسيف تطبيقا لأمر (الخليفة).
عاشت أوربا فترات مظلمة كان فيها حقوق الإنسان مهدورا وعاشت وشهدت حروب طائفية وحروب عبثية والدكتاتورية والفاشية والعنصرية وعشنا نحن أيضا فترات مشابهة في كثير من التفاصيل لتلك التي كانت سائدة في أوربا أيام زمان مع بعض الإختلاف ولكن الإختلاف الكبير بين أوربا وبيننا هو إنهم تخلصوا من تبعات الماضي وإستفادوا من دروسه واليوم يحققون التقدم والإزدهار والنضج في أنظمة الحكم والتطور في كل جوانب الحياة أما نحن يبدوا إننا مازلنا لم نهجر الماضي ونلعن ما نحن فيه من الحال وهو من صنع أفكارنا .
من أول الذين نادوا بسيادة الشعب هو جون لوكjhon lock بعد أن تبلورت ثورة البرلمان الإنكليزي بشكلها الأخير عام 1688 ومن خلاصة قوله(إن الملك لم يرسل من قبل الله ليحكم الشعب كيف شاء إنما جاء للحكم بأتفاق عقده معه الشعب وخوله فيه تنفيذ قرارات الأمة.فإذا ما حاد يوما عن طريق أو تعدي نصوص الإتفاق أو أساء إلى شعبه بصورة مستمرة فللشعب أن يسقطه من عرشه)وما يؤخذ على جون لوكjhon lock إنه كان يقصد بالشعب هم (أصحاب الثروة من الرعية فقط).
فهل يعقل إن من يتربع على دست الحكم بالحديد والنار وبأستفتاء 99،99% ولعدد من العقود هو منتخب من الشعب أم إنه (أرسل من قبل الله ليحكم الشعب)فإن كان الأخير مجازا،فكيف يستخرج (من جحر الجرذان)من أرسله الله ليحكم!.
ما نحن بحاجة اليه هو فهم الماضي والإتعاض من تجاربه وإلى أساليب سليمة توحد البلاد طوعا لا كرها فالوحدة الناتجة عن الكره لا تسير بالبلاد والعباد ولو خطوة واحدة إلى الأمام وإنما تمضي بنا خطوات إلى الخلف.

#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل