أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفعت السعيد - محاورات يونانية قاسية














المزيد.....

محاورات يونانية قاسية


رفعت السعيد

الحوار المتمدن-العدد: 3718 - 2012 / 5 / 5 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت أثينا تبتسم ابتسامة واهنة، كسيدة جميلة خرجت لتوها من جراحة صعبة، ويحيط بها فى ذات الوقت صخب انتخابى يعرف الجميع أنه سيطيح برؤوس كثيرة.

وفى ظل ذلك كله كان انبهارى المرتجف بالاحتفال المهيب بمراسم منحى الدكتوراه الفخرية من واحدة من أعرق جامعات العالم، وهى تزهو بذلك وتعرف قدر نفسها وتتسمى باسم تستحقه «الجامعة القومية الكايو زيسترسكية الأثينية» وبهذاالاسم تنتسب إلى اسم مؤسس الوطن اليونانى.

وحول ذلك كله كان كثير من الحضور يحيط بمن يتصورون أنه يمتلك الإجابات الحاسمة حول ما يجرى فى مصر، لكن دهشتى تراكمت إذ تكاثرت الأسئلة حول قضية عادل إمام، هل سيسجنونه؟ هل عندكم طالبانيون؟ وما هو مصير الفنانين والفنانات؟ وتهتز لحية بيضاء لمن يبدو أنه فنان حقيقى لتقول هل سيدمرون آثار الفراعنة؟ وتقول سيدة جميلة بقدر ما هى متوترة وكأنها تؤنبنى: إذا كنتم لا تريدون هذه الآثار الفرعونية الجميلة أرسلوها إلينا ونعدكم أن نحافظ على هيبتها. وفى كل الحوارات الصحفية والتليفزيونية وهى عديدة كان عادل إمام حاضراً، ولكن واحداً من دبلوماسيين أوروبيين عديدين أخرجنى من زحام هذه الأسئلة المحرجة إلى سؤال أكثر إحراجاً: أغلبنا جئنا لنحضر هذه المناسبة الرائعة، أن يحصل مصرى على هذا الشرف من جامعة عريقة، فأين السفير المصرى؟ ورد دبلوماسى آخر: لعله يحتسب من أيام قادمة؟ أما أنا فقلت هذه القاعة العريقة تمتلئ بعدة مئات من الحضور ولا شك أن أحداً لم يشعر بغياب أحد؟

ثم توالت الأسئلة: فتى هندى الملامح يدرس الفلسفة الإغريقية، قال أنا مسلم فكيف سيخاطبنى الخليفة الذى سيأتون به؟ قال طالب آخر سيخاطبك بلغة القرآن، ولكننى لا أعرف العربية. ثم قال: أنا إسماعيلى المذهب فهل سيكون لى مكان عند هذا الخليفة؟ قلت وهم الخلافة لن يتحقق، فإن تحقق اذهب إليه واسأله، فقال: أخشى أن يقطع رقبتى.

وتبدأ مراسم الاحتفال فى قاعة تشعرك روعتها بكثير من الخوف، وأعترف أننى كنت خائفاً فعلاً وعندما انتهت المراسم وفيما أخرج من القاعة متعثراً فى الروب المزركش وعلى كتفى شارة هذه الدرجة العلمية، وبعد أن استمعت إلى المراسم الصادرة بها، وإلى كلمات رئيس الجامعة ونائبته عميدة كلية الفلسفة، وإلى خطاب مطول لعميد كلية الدراسات التركية والآسيوية الحديثة قال فيه عبارات أربكتنى عن ثورتنا الجميلة وكيف أن البعض يستولى عليها، وقال نحن نطالبك بصفتك العلمية هذه بالسعى إلى حشد الجهود المصرية لاستعادة الثورة ونطالبك بالعمل على حماية الثقافة والفلسفة والتفكير العلمى الحر والإبداع الأدبى والفنى.. كان قلبى يتسارع فأى عبء ثقيل هذا؟

وبعد انتهاء المراسم بدراسة موجزة ألقيتها حول: «مقارنة بين محاولات أسلمة الدولة فى تركيا ومصر» عاد الاحتشاد حولى وكالعادة تأتى التهنئة فى البداية ثم الأسئلة القاسية، سفير أوروبى قال كنت مرتبكاً ولم تبتسم أبداً. وكانت إجابة صامتة، فبالفعل ارتبكت جداً خاصة عندما قال البروفيسور مازيس فى خطابه، فى هذه القاعة بالذات سبقك إلى هذا الشرف اثنان من رواد النضال الليبرالى ففى مطلع القرن الماضى وقف مكانك أحمد لطفى السيد، وفى منتصفه كان طه حسين فى ذات المكان وها أنت تكمل أضلاع المثلث الذهبى، وبالطبع ارتبكت وبدأت كلمتى قائلاً أنا لا أستحق هذا الشرف، واقتحم الحوار شاب ملتح يعلق على كتفه كاميرا توحى بحجمها أنه صحفى، فلطمنى بسؤال لم أجد له إجابة: كنت فى ميدان التحرير عندكم منذ عشرة أيام، وجدت باعة ووجوها توحى أنها لا تعرف الثورة ولا علاقة لها بها، وهمس أحدهم يسألنى إن كنت أريد أجود أنواع المخدرات.. وأشياء أخرى، فهل يتعمد البعض عندكم ترك الميدان هكذا ليهدروا مكانته فى أعين العالم وأعين التاريخ؟ ولم أجب.

ثم كانت زيارة فى اليوم التالى إلى مقر قيادة سلاح البحرية اليونانية وهى بحكم الجغرافيا والتاريخ سلاح مهم جداً لليونان.

فى القاعة أكثر من مائة من أهم قادة البحرية، اهتمامهم بها يجرى فى مصر يفوق التصور، وسألنى ضابط كبير إذا حكم الإخوان مصر فهل ستكون هناك انتخابات تالية؟ أم سيكونون كحماس وتكون آخر انتخابات؟ قلت متحرجاً لست أعتقد أن مصر ستسمح لهم بذلك. وتوالت الأسئلة الحاسمة والمدركة للحقيقة. ثم اصطحبنى قائد سلاح البحرية إلى مكتبه وهو رجل رائع وهادئ يتدفق ذكاء، وقال: تعلمت أن البحر بلا حدود، بإمكانك أن تدور فيه إلى الأبد، وتعلمت أنه متقلب ظلمة وعواصف وهدوءاً مخيفاً ثم هدوءاً مريحاً، ثم شمساً. فمتى ستشرق الشمس على وطنكم من جديد، قلت بالعربية إن شاء الله. وفهمها، ورددها كما قلتها.



#رفعت_السعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق الأقباط والمرأة.. بين ادعاء التسامح والمساواة
- على ذكر كتابة الدستور .. دستور منذ الزمن الفرعونى
- كيف صنعوا دستورهم؟ .. تركيا .. العلمانية (٢)
- كيف صنعوا دستورهم .. الهند - جنوب أفريقيا؟
- عن المادة ٢٨
- رجل هذا الزمان
- عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ ( ...
- عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ ( ...
- عن نفى الأقباط من ديارهم
- عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ ( ...
- أوامر سلفية فى ٢٥ يناير
- الملك فؤاد.. وأوهام الخلافة
- عن الخلافة وأوهامها (٣)
- عن الخلافة وأوهامها (٢)
- ٢٥ يناير.. الشعب.. الحكومة.. الجيش
- عن الخلافة وأوهامها (١)
- هل هى الفوضوية؟
- لماذا تخلّفنا؟
- عيده المئوى .. نجيب محفوظ والمسيحيون
- بيزنس الإفتاء


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفعت السعيد - محاورات يونانية قاسية