أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت السعيد - عن الخلافة وأوهامها (٢)














المزيد.....

عن الخلافة وأوهامها (٢)


رفعت السعيد

الحوار المتمدن-العدد: 3614 - 2012 / 1 / 21 - 11:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وإذ نعود إلى موضوع الخلافة نكتشف منذ البداية أن اسم الخلافة والخليفة صناعة إنسانية استهدفت مصالح دنيوية لا علاقة لها بالدين.

ويروى ابن الأثير فى كتابه «الكامل فى التاريخ» حواراً جرى بين عمر بن الخطاب فى أول أيام ولايته وبين المغيرة بن شعبة فقال «ناداه المغيرة: يا خليفة الله فرد عمر: ذاك نبى الله داوود، فقال المغيرة: يا خليفة رسول الله، فأجاب عمر ذاك صاحبكم المفقود (يقصد أبوبكر) فقال المغيرة إذن نناديك: يا خليفة خليفة رسول الله فقال عمر: ذاك أمر يطول، فما كان من المغيرة إلا أن ناداه يا عمر، فقال عمر: لا تبخس مكانى شرفه، أنتم المؤمنون وأنا أميركم»، وبعدها استقرت تسمية «أمير المؤمنين» لكن مقتل عمر بن الخطاب فتح الباب واسعاً حول رئاسة المسلمين وتبدى هذا الصراع سياسياً وأحياناً قبلياً وسيطرت المصالح الشخصية والقبلية على الخلاف والمختلفين لكنها فى كل الأحوال اتخذت طابعاً دينياً ليكتسى الأمر بالقدسية التى تدفع الإنسان للقتال والتضحية بحياته.

لكن الكثيرين من الصحابة رفضوا الوقوع فى هذا الفخ بما دفع الصحابى الزاهد أبو زر الغفارى إلى الصياح قائلاً «والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هى من كتاب الله ولا سنة نبيه. والله إنى لأرى حقاً يُطفأ، وباطلاً يحيا، وصادقاً مكذباً وأثرة بغير تقى».

أما الصحابى سعد بن أبى وقاص فقد رفض الاشتراك فى هذا القتال معلناً «والله لا أقاتل حتى تأتونى بسيف له عينان وشفتان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر». ولأن الصراع شخصى وقبلى فقد تخطى كل الحدود، فيزيد أرسل جيشه إلى المدينة ليخضع سكانها ويفرض عليهم البيعة، وأباح «المدينة» لجنده ثلاثة أيام فقتلوا وسلبوا ونهبوا ويقال إنهم افتضوا بكارة ألف فتاة وتهلل يزيد فرحاً وارتد إلى قبليته ذات الصبغة الجاهلية، فتذكر موقعة بدر حيث وقف سكان المدينة من الأنصار (الأوس والخزرج) مع الرسول فهزموا جيش أبى سفيان جد يزيد وأنشد:

ليت أشياخى ببدر شهدوا فزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا واستهلوا فرحاً ولقالوا ليزيد لا فشل

وإذ يتفرعن الخليفة ويملى إرادته بحد السيف يكون دوماً بحاجة إلى سند دينى يبرر به ظلمه وقهره للرعية ويتصدر هؤلاء أبو بكر الطرطوشى الذى يبرر استبداد الخليفة قائلاً «فالله سبحانه وتعالى جبل الخلق على عدم الإنصاف فمتى لم يكن لهم سلطان قاهر لم ينتظم لهم أمر، ولم يستقر لهم معاش ومن الحكم التى وردت فى إقامة السلطان أنه من حجج الله على وجوده سبحانه، ومن علاماته على توحيده. العالم كله بأسره فى سلطان الله كالبلد الواحد فى يد سلطان الأرض» إنه يعتبر أن استبداد الخليفة بالسلطة والسلطان هو بذاته دليل على وحدانية الله سبحانه وتعالى، ونمضى مع الطرطوشى لنقرأ «وإذا كان الخليفة قاهراً لرعيته كانت المنفعة به عامة، وكانت الدماء فى أُهبها محقونة، والحرم فى خدورها مصونة، والأسواق عامرة والأموال محروسة» (أبوبكر الطرطوشى- سراج الملوك- الباب السابع- صـ ١٥٦). أما الإمام أبو الحسن الماوردى فيقول فى كتابه الأحكام السلطانية «إن أهل الرأى متى عقدوا البيعة للإمام، لا يجوز لمخلوق نقضها، لأن الرعية عليها بموجب هذه البيعة الطاعة والنصر للإمام ما وسعتهم الطاعة ولا يحل القيام عليه بحال من الأحوال». وكذلك كان الحال مع العديد من فقهاء الخليفة.

أما الشعراء وهم رموز الثقافة فى ذلك الزمان فقد أمعنوا فى تملق الخلفاء ووضعوا كل موهبتهم فى خدمتهم ونقرأ:

إن الخليفة قد أبى

وإذا أبى شيئاً أبيته

وأيضاً:

أبوك خليفة وكذاك جدك

وأنت خليفة وذاك هو الكمال.

والفرزدق يقول:

فالأرض لله ولاها خليفته

وصاحب الأرض فيها غير مغلوب.

ويتفوق عليه جرير فى نفاق الخليفة قائلاً:

ذو العرش قدر أن تكون خليفة

وملكت فاعل على المنابر واسلم

أما ابن هانئ الأندلسى فيتفوق على الجميع فى نفاق يصل إلى حد الهرطقة:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار

فاحكم فأنت الواحد القهار

فكأنما أنت النبى محمد

وكأنما أنصارك الأنصار

وما أردت من هذه الفتاوى والقصائد إلا أن أقدم بعضاً قليلاً من الثمار المريرة للحكم المطلق المغلف بغطاء دينى كثيف يزعم بأن الخلافة هى جزء من شعائر الإسلام بما يجعل الخليفة حاكماً متحكماً لأنه يحكم باسم السماء فيمضى الأمر به إلى «فاحكم فأنت الواحد القهار» ويمضى بنا البعض أو يحاولون إلى ذات المصير.

ولعل هذه السلطة المطلقة هى التى أطمعت الكثيرين حتى الإخوة والأمهات فى الاستيلاء على موقع الخلافة عبر القتل والنتائج الرقمية توضح ثمار هى الشهوة. فعدد الخلفاء الأمويين ١٤ والعباسيين ٢٢. والمجموع ٣٦ خليفة قتل منهم ١٧ غيلة. والكارثة أن القتلة كانوا إخوة أو أبناء عم، بل إن إحدى الأمهات اغتالت ابنها الخليفة لأنه لم يقتسم معها السلطة لتأتى بابن آخر ضعيف.

وما أردت من ذلك كله إلا إيضاح الثمار المريرة لاختراع فكرة الخلافة واختراع سلطانها المطلق المتحدث باسم السماء.

ويبقى بعد ذلك أن نحاول الكتابة عن علاقة فكرة الخلافة بمصر، ففيها ما هو أكثر بطشاً وأكثر إيلاماً.

فإلى لقاء.



#رفعت_السعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ٢٥ يناير.. الشعب.. الحكومة.. الجيش
- عن الخلافة وأوهامها (١)
- هل هى الفوضوية؟
- لماذا تخلّفنا؟
- عيده المئوى .. نجيب محفوظ والمسيحيون
- بيزنس الإفتاء
- مرة أخرى.. هل الليبرالية كفر؟
- الإخوان - الجهاديون - السلفيون .. العلاقات المتشابكة
- محاولة لفهم ما يجرى
- هل الليبرالية كفر؟
- عن الإرهاب الإخوانى
- المتأسلمون وتحالفاتهم
- الشيخ صفوان أبوالفتح
- فلماذا أسميناهم متأسلمين؟
- عن تجديد الفكر الديني
- ومهما كان الثمن.. وكانت التضحيات سنمضي إلى الأمام
- حول تعديل الدستور - جحا الاخر
- حول تعديلات الدستور : جحا .. والجمل .. والحمار ... هل أصبح ا ...
- حول تعديل الدستور:حكاية جحا .. ولجنة الدكتورة أمال
- كائن لامحل له من الإعراب.. يتخطي القواعد ويستولي علي مقاليد ...


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت السعيد - عن الخلافة وأوهامها (٢)