|
هزائم العرب الخارجية - وانتصاراتهم - الداخلية؟!
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 3713 - 2012 / 4 / 30 - 13:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد أن عرف عن الشعوب العربية من الماء الى الماء، ميلها للاستكانة تحت حكم أي استبدادي ، وقبول الأمر الواقع بالسكوت عن احتلال " أراض" عربية غير فلسطين طبعا، وقبول الأمر الواقع أيضا بضياع فلسطين ، وتقبل " اسرائيل" دولة صديقة في المنطقة ، نفتح لزعمائها أبواب عواصمنا ، في القوت الذي يبدي من أسس اسرائيل، الرغبة الملحة في عدم استقبال شارون أو نتنياهو أو القادة المجرمين الآخرين. بعد هذه الحالة التي لا تسر صديقا ، ولا ترضي حتى عدوا ،رأينا نهجا عربيا آخر غير مسبوق في باب الصراع ،لكنه يندرج ضمن الصراع الداخلي الذي يتوجب أن تكون قواعده مدروسة بعناية وحذر شديدين. وحتى لا نضيع في الزحام ، فان الجيوش العربية التى أعدت لحماية الحدود والدفاع عن الأمن القومي العربي المهدد أزليا، فما بالك بوجود اسرائيل في المنطقة ، وزرعها بؤرة سرطانية في فلسطين وتعدى خطرها الى كافة أرجاء الوطن العربي من غزة الى جبال الأوراس بالجزائر ، مرورا بعمان والقاهرة ودمشق وبغداد والسودان ودبي، وغير ذلك من العواصم العربية .كان أداؤها مخجل الى درجة الخجل. هذه الجيوش كانت تنهزم أمام الجيش الاسرائيلي ، الذي كان يحتل ما يرغب به من أراض عربية في سويعات ، ومع ذلك كنا نظهر بمظهر المنتصر ويتنافخ القادة شرفا أنهم حافظوا على قصر الحاكم ووجوده ، كما ان مثقفينا وشعراءنا يتشدقون من رصيدهم اللغوي بقصائد وكتابات تكيل المديح لهذا الحاكم الذي تمكن من الحفاظ على كرسيه ، فيما ضاعت الأوطان. أما الشعوب، فكانت هي الأخرى تلوذ بالصمت عن الاحتلالات وما أكثرها، كما صمتت ابان الجرائم التى ارتكبت بحق الفلسطينيين واللبنانيين وأقامت الأفراح والليالي الملاح ، لأن الله من على الحاكم بالنجاة. هذه هي الصورة النمطية المعروفة عنا نحن العرب ، والتى أفقدتنا أصدقاءنا والمتعاطفين معنا في العالم ، وخاصة بعد هزيمة حرب 1967 التى حسم فيها الأمر لصالح اسرائيل في سويعات عدة لكنها استهلكت دبلوماسيا في الأمم المتحدة ستة أيام ، ولذلك أطلق عليها زورا وبهتانا حرب الأيام الستة. ولا أريد التعريج على حرب رمضان 1973 التى أثبت فيها الجندي العربي قدرته ان هو أعطي القرار السياسي بالمواجهة ، لكن الفرحة لم تتم لأنه تبين أنها مسرحية كتبها " العزيز" هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا اليهودي وأخرجها السادات المقبور فأنتجت معاهدة كامب ديفيد التي أخرجت المحروسة مصر من ساحة الصراع فضاع العرب أيما ضياع. لكن ما يجرى في الوطن العربي منذ سنتين ونيف ، قلب الصورة النمطية المعروفة عنا ، وأظهرنا شعوبا وحكاما شرسين جدا وفوق حدود التصور ،نمارس الصمود والتصدي على وجههما الصحيح ، ولا نفرط بحقوقنا حتى لو سالت دماؤنا ، ومع ذلك فان هذه البطولات رغم ما فيها من تضحيات عبارة عن " مهارات " في الوقت الضائع. فالأنظمة العربية التى كانت تنهزم سريعا أمام الجيش الاسرائيلي ، نراها هذه الأيام تتقمص دور الغضنفر الهصور الذي يدافع عن عرينه ، بغض النظر عن الضحايا التى يوقعها وهي الشعوب. وكانت تونس هي البداية ، فقد تعرض رئيسها المخلوع بن علي الى الخديعة، بسبب عدم مساندة الجيش له ، وقيام مدير الأمن العام بخداعه بحجة أن معلومات وصلته تفيد أن الجماهير تزحف باتجاه القصر وأن الجيش رفض التعاون مع الأمن العام لمواجهة الجماهير. عندها سأله بن علي عن الحل ، فأجابه مدير الأمن العام أن الرحيل المؤقت هو الحل فطلب منه احضار طائرة ، وانهمك هو وزوجته بجمع ما خف وزنه وغلا ثمنه ، وطار الى العربية السعودية. أما في مصر فقد تآمر مدير المخابرات عمرو سليمان على رئيسه مبارك ، وأخرجه من الحكم!بعد أن خلع عليه منصب نائب الرئيس .أما في ليبيا ، فقد حسم الناتو الأمر وقضى على نظام القذافي . ومع ذلك فان حراك هذه الساحات الثلاث ما يزال مستمرا ، بينما نرى الوضع في سوريا قد اتسم بالقتل والدم والدمار والتصميم على مواجهة الآخر. عند بحث الحالة العربية الراهنة ، لا بد من الاعتراف أن هذا التحول ما كان ليتم لولا " الحقن" الخارجي ، بمعنى ان جيناتنا ميئوس منها. فالجامعة العربية التى دخلت على خط ما يحلو للبعض تسميتها " العملية السلمية" مع اسرائيل، شرب مسؤولوها حليب السباع واستنفروا وحفظوا طريق الأمم المتحدة وواشنطن وموسكو وبكين للمطالبة بدعم الشعوب العربية " الثائرة " وفي المقدمة الشعب الليبي والشعب السوري ، في الوقت الذي لم نجد من يحرك ساكنا لنصرة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب ابادة على يد " اللقيطة" اسرائيل. هل هو تغيير ؟ لا أظن ذلك ، لأن من هانت عليه القدس وفلسطين ، لا أظن ان تتحرك لديه جيوب كرامة ، لأن الكرامة العربية ماتت باحتلال فلسطين والقدس. اذن ما الذي يجري في وطننا العربي ؟ انه العبث بنا عن طريقنا لنهب مقدراتنا وكسر ما تبقى واهيا من شوكتنا لتنصيب اسرائيل السيد المطاع على المنطقة الممتدة ما بين غزة حتى باكستان!! " ليس كل ما يعرف يقال، ولكن الحقيقة تطل برأسها"
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الربيع العربي ...نبوؤة روبيرت فيسك1997
-
معركة الأمعاء الخاوية ..ماذا أعددنا لها؟
-
- الربيع العربي - يلغي -العقد الاجتماعي- بين -الدولة- و- الم
...
-
الأسلحة والجوع في أفريقيا .. من المسؤول؟
-
المواطنة الحقة ..أساس الاستقرار والازدهار
-
-الربيع العربي- .انحراف المسار!
-
-العرب المسيحيون-..ليسوا حصان طروادة
-
الفلسطينيون ..اللجوء مستمر !
-
فيلتمان...ماكين..ليفي.. وليبرمان .. أيقونات حريتنا ...وا حسر
...
-
حال العرب لا يسر..لماذا؟
-
هزيمة اسرائيل بالتراكم
-
غراس ..اذ يقتحم عش الدبابير وينتصر للحق
-
فيروز ..ألف معذرة
-
الغيتو والجدر..هل تحمي ساكنيها؟
-
اعادة اعمار العرب..أنعم الله عليكم
-
التلمود هو العائق امام اعتناق اليهود للمسيحية
المزيد.....
-
-الجزيرة- تعلن مقتل مراسلين لها في غارة من بينهم أنس الشريف.
...
-
الجيش الإسرائيلي يقر بقتل الصحفي أنس الشريف في غزة
-
نتنياهو يتمسك بالسيطرة الكاملة على غزة وسط ضغط دولي
-
الإمارات تنفذ الإنزال الجوي الـ68 للمساعدات بغزة
-
سوريا.. تعزيزات عسكرية إلى خطوط التماس مع -قسد-
-
زيلينسكي: موسكو تخدع واشنطن قبل لقاء ترامب وبوتين
-
كيف ردت إسرائيل على تدوينة محمد صلاح عن -بيليه الفلسطيني-؟
-
أنس الشريف: ما الأحداث والتصريحات التي سبقت استهدافه بشكل مب
...
-
صور أولية لاستهداف خيمة صحفيي الجزيرة بغزة واستشهاد طاقمها
-
مشاهد انتشال جثماني مراسلي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|