|
- الربيع العربي - يلغي -العقد الاجتماعي- بين -الدولة- و- المواطن-
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 18 - 22:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أبسط ما يمكن أن يقال بالنسبة لما يجري حاليا في الوطن العربي، ومنذ بدء ما يحلو للبعض أن يسميه" الربيع العربي" ،هو أنه ألغى ما كان يفترض ان يكون بين الدولة و" المواطن" في الدول العربية وهو العقد الاجتماعي. ذلك الرباط المقدس، الذي يزين ويضمن في الوقت نفسه، العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ويرفعها الى درجة القداسة ويغلفها بالطمأنينة وبالأمن والأمان،ويعطي للحياة نكهة مميزة تدفع المواطن للابداع والتميز ،ويرى المواطن نفسه محميا ببنود هذا العقد. كما أن الحاكم أيضا لا يأبه لعسسه وأجهزته الأمنية لأنه يعلم جيدا أن قوانينه أعطت كل ذي حق حقه ،وبالتالي لا داعي لعسكرة المجتمع من الداخل بل يوجه كل اهتمامه الى حماية الحدود، وتحقيق أكبر المكتسبات لشعبه،وهذا ما نفتقده نحن في الوطن العربي. نظرية العقد الاجتماعي التي أخطا أولو الأمر منا عندما درسونا اياها في المدارس ،وبعد أن كبرنا وجدنا ،أنها غير موجودة على أرض الواقع،هي منظومة متكاملة تتحدث عن كافة أسس المواطنة الحقة ،وأولها حقوق الانسان ،وهي حصيلة الفكر الاجتماعي المتطور منذ بدْء الخليقة حتى يومنا هذا. تكمن أهمية هذه النظرية في أنها فصلت السياسة عن اللاهوت في الغرب ،وألغت الاستبداد ،ناهيك عن تحقيقها لحقوق الانسان والمواطنة بصورتها المعروفة. لست في وارد تفسيرها دينيا حسب ما يحلو للبعض القول أنها جاءت ضد الدين ،ولكنني سأ كيّفها على المواطنة ،فهذا ما ينقصنا في الوطن العربي ،ويبدو أننا مجبرين سنشكو قريبا من تطبيق البعض للدين في المرحلة المقبلة بعد رؤية من جيروا "الربيع العربي "لصالحم وتبرعوا بنفس دور المطاح بهم في التعاون مع أمريكا والجنوح الى " السلم " مع اسرائيل. ولأننا في الوطن العربي نفتقد المواطنة وحقوق الانسان والعقد الاجتماعي أصلا ،فانه يحق للبعض أن يطلق علينا رعايا لا مواطنين . يحلو للبعض أن يقول أن الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو ،هو بطل العقد الاجتماعي ،رغم اسهاماته فيه ،ولكن يجب ارجاع الفضل لأهله والاعتراف بأن الفيلسوف المسلم ابن خلدون ،هو صاحب العقد الاجتماعي . ولكي لا نبدو كمن يظلم أحدا أدلى بدلوه، وأضاف شيئا ايجابيا، فانني أقول أن روسو فتح باب الديمقراطية بمفهومها الحديث في اجتهاداته وأكد سيادة الشعب . وهنا يجدر بنا التوقف عند الحالة العربية التي تجاوزت حالة الوباء الديكتاتوري، لتتقمص ما هو أبعد من ذلك ،وتصل الى مرحلة انسحاق الشعب أمام الحاكم . العقد الاجتماعي بتبسيط مفهومه ،هو أبعد من الديمقراطية ، تلك الحالة السياسية المعروفة ،ويتخطاها الى التكامل الاجتماعي ،الذي يعد أفضل رابط مجتمعي يربط الفرد بمجتمعه وبالتالي بوطنه وهنا تتحقق المواطنة بأبهى صورها. وبذلك يتفوق روسو على سابقية جون لوك وتوماس هوبز اللذين خاضا في هذا المجال وتحدثا عن الملكية الخاصة التي أحدثت فرزا طبقيا في المجتمع. العقد الاجتماعي ،هو وثيقة يخطها العقلاء والحكماء ، لبناء مجتمع متكامل، لا يعلو فيه أحد على آخر ولا تسوده البغضاء والشحناء،وتسوده المساواة ومن بعدها المحبة لأنه لا فرق بين مواطن وآخر ،وتحترم فيه حقوق الانسان ،أي يتم فيه تطبيق المواطنة الحقة الكاملة ،وعندها يكون لدينا مواطن حر مبدع. كما تلغى في مجتمعنا شريعة الغاب المعمول بها في الوطن العربي منذ انشاء الدولة القطرية قبل نحو مئة عام ،وتكون الحرية احدى ماسات تاج الحكم ،لأنه لا حياة بدون حرية ،علما أن الحرية تنتزع انتزاعا ولا تمنح من أحد . ولعل العقد الاجتماعي في حال تطبيقه يعطي الضمان الكامل للحاكم قبل المحكوم ،شرط أن تكون هناك ديمقراطية حقة وتبادل سلمي للسلطة ،وعندها سيسود الأمن والأمان ،وسيكون للمحبة مكان فسيح ،وسيتحدث المواطن العربي عن الشعر والجمال والأدب والفن والطقس بدلا من أن يطحن نفسه قبل النوم بالنقاش العقيم حول أسباب هزائمنا.وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة المعنين من امراض الضغط والسكري الناجمة عن الشعور بالنقص والقهر. قبل كل شيء يجب الغاء كل ما يتعلق بأمن الدولة في الوطن العربي ،واستبداله بأمن الوطن والمواطن ،وأن يتحول الجيش والشرطة الى حماية الوطن والحدود ،بدلا من تكريس العمل لحماية أمن الحاكم ،لأن الحاكم العادل ،سيكون في بؤبؤ عيون شعبه ولن تطاله أي قوة غاشمة خارجية ،ولن تقبل أي جهة داخلية مهما كانت التآمر عليه .
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسلحة والجوع في أفريقيا .. من المسؤول؟
-
المواطنة الحقة ..أساس الاستقرار والازدهار
-
-الربيع العربي- .انحراف المسار!
-
-العرب المسيحيون-..ليسوا حصان طروادة
-
الفلسطينيون ..اللجوء مستمر !
-
فيلتمان...ماكين..ليفي.. وليبرمان .. أيقونات حريتنا ...وا حسر
...
-
حال العرب لا يسر..لماذا؟
-
هزيمة اسرائيل بالتراكم
-
غراس ..اذ يقتحم عش الدبابير وينتصر للحق
-
فيروز ..ألف معذرة
-
الغيتو والجدر..هل تحمي ساكنيها؟
-
اعادة اعمار العرب..أنعم الله عليكم
-
التلمود هو العائق امام اعتناق اليهود للمسيحية
المزيد.....
-
-الجزيرة- تعلن مقتل مراسلين لها في غارة من بينهم أنس الشريف.
...
-
الجيش الإسرائيلي يقر بقتل الصحفي أنس الشريف في غزة
-
نتنياهو يتمسك بالسيطرة الكاملة على غزة وسط ضغط دولي
-
الإمارات تنفذ الإنزال الجوي الـ68 للمساعدات بغزة
-
سوريا.. تعزيزات عسكرية إلى خطوط التماس مع -قسد-
-
زيلينسكي: موسكو تخدع واشنطن قبل لقاء ترامب وبوتين
-
كيف ردت إسرائيل على تدوينة محمد صلاح عن -بيليه الفلسطيني-؟
-
أنس الشريف: ما الأحداث والتصريحات التي سبقت استهدافه بشكل مب
...
-
صور أولية لاستهداف خيمة صحفيي الجزيرة بغزة واستشهاد طاقمها
-
مشاهد انتشال جثماني مراسلي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|