أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح جبار محمد - الجرس














المزيد.....

الجرس


صالح جبار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3700 - 2012 / 4 / 16 - 00:50
المحور: الادب والفن
    


الجرس

توالت السنوات بلا عدد احسبه .. لكني ما زلت احمل أملا كبيرا في النفاذ نحو الحياة الدافقة
تطلعت طويلا في المرأة , لمحت الشيب المترعرع في ثنايا لحيتي وراسي ... لأبدو مثل رخامة بيضاء ...
فجأة انتابني الضجر مضيت نحو السرير المزوي في الركن البعيد .. تمددت فقراتي المتعبة على الفراش , لم اشعر بالطمأنينة رحت اسمع صدى نبضات قلبي المتناسلة مع الخواطر المثالة , في أتون الأيام المستمرة بفوران لايتوقف ...ترقب لعل الفرج آت , تناغمت ذكرياتي , مع عبق الود , حين يحوي الأجساد المنهكة , نبحث باستمرار , عن رزق كفيف , يملء قربة المعدة ويثوي عند قرصات الجوع , لكنها تبقى مشرئبة , نحو الحنين المتجذر في النفوس الطيبة ...
تمنيت الليلة , تأتيني زوارق الغياب , وندهن الجدار نذرا بحناء الوداعة ... لعل من رحلوا , يتنفسوا الدرب , وتدلهم حيطان العبث على تواريخ منسية لذاكرة ينهشها الخرف .
يتواءم الليل مع نبضاته المتدافعة , نحو الشيخوخة , ثمة أمل يطوي الفزع الملتاث , يمضي نحو تخوم تتداعى عندها وصمة الهذيان ..
شراع يطوي المسافات , برفيف أدرك معه .. عدة عملي تحمل عني آهة , تند في حرقة زفير اعتراضاتي المستمرة ..
سرت نحو باب المنزل الموصد باستمرار .. للتأكد بأن جميع إفراد أسرتي لم يغادروا الدار فقد كنت أخشى عليهم , من هول الانفجارات المتلاحقة بتواصل مفزع ..ربما لايترك لديهم فرصة للنجاة , فنحن نعيش حياة من نوع أخر ...
عدت ثانية , حيث رائحة القهوة والشاي المعطر .. لطالما كنت اسمع كلمات الثناء والمديح على الشاي الذي اصنعه , استلم الإكراميات الصغيرة , لأجل ذلك , فأقوم بإخفائها في جيب سري لسروالي الأسود ... لأني أعي أن زوجتي ستبحث في ملابسي, لتأخذ ما ادخرته .. وهي تصرخ :
( لم يعد الراتب يكفي .. لأن الدروس الخصوصية وأسعار الوقود .. تمتص المعاش)
انتبهت للجرس المثبت على الجدار الأصم إمامي يرن ... نهضت بلا اكتراث , تحركت مفاصلي , شعرت بها تتحرك وحدها في الفضاء بدون نقطة ارتكاز ... والبلاطات تتمطى مثل بالونه منفوخة .. حاولت مد يدي نحو الباب المتراخي بإهمال واصل إلى الرتاج الذي يحمل بصمات الهدوء ... دفعته , لم يصر منذ أن دهنته في الشتاء الماضي ,خفت صوته .. لكني أحس بصريره يصدر من مفاصلي الموجوعة ..
تذكرت لقد شاهدت البارحة , في الباب الشرقي , عند باعة الأرصفة , أنبوبة دهان للمفاصل والأعصاب .. أتذكرها جيدا لصقت عليها صورة إنسان بلا جلد .. خلته يشبهني , ما جعلني أتمتم داخلي : آه يا أخي ..
أمور العمل لم تعد كما كانت في السابق , شحت الإكراميات , و البعض يعاملني بخشونة ما جعلني امتعض من أساليب المحيطين بي .. كنت اخفي اضطرابي وراء منظر وقور بسحنتي الداكنة ..
نهرني صاحب العمل بشدة , تمنيت لو أنفذ بجلدي المسلوخ من الزاوية إلى غير رجعة , لااستطيع فعل ذلك, وخلفي( كوم لحم ...) كما تردد زوجتي دائما
في الخارج صوت الرصاص يسمع بوضوح , تطلعت من النافذة , الناس يهربون بفزع موجع , جثة ملقاة على الجانب الأخر من الشارع .. شعرت بالخوف , أحسست بقرب نهايتي ...
مرة أخرى رن الجرس ... لم اعره اهتمامي , فكرت بمصيري و عائلتي , خالجني هاجس بطعم الغرابة , هل استطيع الوصول إلى شارع ( أبو نواس ) لأحتمي بمقر الأمم المتحدة !!
لابد من وسيلة لذلك .. هبطت من البناية الجاثمة وسط الهلع ودوي الانفجارات اقتربت من الباب الرئيسي .. الشارع مقفرا , الأ من بقايا صحف وأوراق متطايرة ... أشلاء ممزقة .. بلا ملامح محددة .. هالني المنظر , فكرت طويلا قبل الخروج نحو المجهول
حاولت أيقاد قنديلا في تجاويف ذاكرتي وأتساءل:
لابد من قانون يوقف النزيف المجنون .. يعطيني وإفراد أسرتي الحماية من الطوفان المتشظي في الإرجاء بلا رادع ...
تركت الجرس يرن مضيت وسط الأهوال , اسحق الزجاج المتكسر على امتداد الطريق , أقاوم رغبة عنيفة بالبكاء من المنظر البائس
ازت بالقرب من راسي رصاصة , سمعت احدهم يصرخ بي , كان مختبئا خلف برميل القمامة ... بعدها اهتز المكان بدويا مخيفا
استلقيت على ظهري المحدودب الشقوق تخترق جلدي الممزق ... لم اشعر بألم مفاصلي بحثت بأصابع مرتجفة , عن مساماتي التي أودعتها تحت الملابس , لم اعثر عليها , ارتدت يدي , تحمل سائلا لزجا , بلون الدم ..
حل الظلام في عيني , سكن النبض في جسدي , سمعت أصوات أبواق متلاحقة ..
شعرت كأني أطير بخفة عجيبة ... تسألت : هل أحلم
حاولت فتح أحداقي .. لمحت نورا يأتيني من فوق جسدي المسجى , يلسع عيوني أعدت اغماظها ... سمعت صوت باب يفتح , وهمهمات لم افهمها ... عاودت بعناد , فتح أجفاني المغلقة , شاهدت من وراء ضباب عيوني أناس يحملوني بتؤدة لمحت خلفهم سيارة إسعاف... تساءلت مع نفسي : هل الجرس ما زال يرن .. ؟
دسست يدي في الجيب السري لبنطالي الأسود .. أتحسس نقودي ثم هدأت ...



#صالح_جبار_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصدع القلاع/ قصة تفاعلية
- محاولة مختبر السرد العراقي بعمل قصة بانزياح الثنائيات
- اليرابيع العمياء
- مقاطع حمادي التفاعلية
- رياح السموم وإشكالية الجغرافية
- براعة الحوار الثنائي في النص القصصي
- اللعبة
- المسافر
- مضغ اللبان .. قصة قصيرة
- نشاط مختبر السرد العراقي
- محاولات مختبر السرد العراقي
- العابرون نحو مدى الحرية
- القصة التفاعلية – التداولية
- قراءة في (همس الدراويش) لصالح جبار
- في حوار خاص مع القاص المبدع صالح جبار محمد
- توما هوك
- دثار القرابين
- صناعة ألازمة الثقافية
- صدى العصي
- السلام عليكم


المزيد.....




- دربونة العوادين.. زقاق الموسيقى الذي عبر منه كبار الطرب العر ...
- مخرج فيلم -سوبرمان- يقول إنه وجد -أعظم نجم في العالم-
- “متوفر قريباً” موعد إعلان تنسيق الدبلومات الفنية 2025 جميع ا ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور صدورها عبر ...
- صناع سينما وثائقية: أنظارنا تتجه نحو غزة ولن نتوقف عن التوثي ...
- أفريقيا تحظى بأهمية متزايدة لدى اليونسكو بعد تهميش طويل
- تامر حسني مُعلقًا على حريق سنترال رمسيس: -فيلم ريستارت يتحقق ...
- رابط رسمي نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول عقب ظهورها ...
- من الركام إلى الولادة.. إعادة تعريف التمثيل الوطني الفلسطيني ...
- من الجرح نصنع الحياة.. كيف تشفي الكتابة الإبداعية والمسرح أر ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح جبار محمد - الجرس