أهمية استخدام التقويم البديل Alternative Evaluation في العملية التربوية

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

الحوار المتمدن-العدد: 3697 - 2012 / 4 / 13 - 13:52
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

أهمية استخدام التقويم البديل Alternative Evaluationفي العملية التربوية
دعت التوجهات الحديثة فى مجال التقويم التربوى إلى نوع من التقويم يعرف بالتقويم البديل ، ذلك التقويم الذى يعتمد على الافتراض القائل بأن المعرفة يتم تكوينها وبنائها بواسطة المتعلم ، حيث تختلف تلك المعرفة من سياق لآخر وتقوم فكرة هذا النوع من التقويم على إمكانية تكوين صورة متكاملة عن المتعلم فى ضوء مجموعة من البدائل بعضها أو جميعها.
والتقويم الحقيقى هو التقويم الفعلى للأداء لأننا بذلك نعلم إذا ما كان الطلاب قادريين على استخدام ما تعلموه فى مواقف الحياة المدرسية التى تقترب كثيراً من مواقف الحياة الفعلية ، وإذا ما كانوا قادرين على التجديد والابتكار فى المواقف الجديدة ولهذا النوع من التقويم خاصيتان هما :
أ- يوفر للطلاب والمعلمين التغذية الراجعة والفرص التى باستطاعتهم استخدامها لمراجعة أدائهم لهذه الأعمال أو أعمال مشابهة لها .
ب- يقوم على مهمام أصيلة أى المهام التى تعلم الطلاب الأعمال التى تواجه الكبار فى مجال عملهم.
ويحدد أبو علام أهم خصائص المهام الحقيقية التى تستخدم فى التقويم البديل :
1- الواقعية : فالموقف أو المواقف المستخدمة تطابق الطرق التى تختبر بها معرفة الفرد وقدراته فى مواقف الحياة الفعلية.
2- تتطلب الحكم والتجديد : إذ يجب على الطالب أن يطبق المعرفة والمهارة بحكمه وفاعلية لحل المشكلات غير المنظمة.
3- تحاكى المضمون الذى تختبر فيه أعمال الكبار سواء كان ذلك فى مكان العمل أو الحياة الشخصية.
4- تقوّم قدرة الطالب على استخدام المعلومات والمهارات بفاعلية ومهارة للتعامل مع مهمة معقدة.
5- تسمح بفرص للتدريب والممارسة والحصول على التغذية الراجعة لما يمارسه من أعمال.
6- تتطلب من الطالب العمل فى الموضوع بدلاً من تسميع أو استرجاع ما تعلمه ، بل يجب عليه أن يكتشف ويعمل ضمن المقرر الذى يدرسه سواء كان فى العلوم أو الاجتماعيات أو غيرها من المواد.
وتقوم فكرة التقويم البديل على الاعتقاد بان تعلم الطالب وتقدمه الدراسى يمكن تقييمها بواسطة أعمال ومهام تتطلب انشغالاً نشطاً مثل البحث والتحرى فى المشكلات المعقدة ، والقيام بالتجـارب الميدانية ، والأداء المرتفع . هذه الطريقة لتقويم أداء الطالب تعكس تحولاً من النظرة الإرسالية للتعلم إلى النظرة البنائية للتعلم.
وتوجد عدة أشكال للتقويم البديل منها :
(أ) تقويم الأداء : Performance Evaluation :
على عكس الاختبارات التقليدية التى تركز على الحقائق والمهارات الدقيقة فإن تقييم الأداء يصمم ليختبر ما هو أهم من ذلك ، وهو قدرة الطالب فى استخدام المعرفة والمهارات فى المواقف الواقعية المختلفة ، وتقييم الأداء ليس شيئاً جديداً ، فهو موجود منذ قرون عديدة ، عندما كان أصحاب الحرف يقومون بتقييم تلامذتهم عن طريق ملاحظتهم لهم فيما كانوا يؤدونه من أعمال .
وجاء الاهتمام بتقويم الأداء كرد فعل مباشر للانتقادات الحادة التى وجهت إلى الاختبارات المقالية والموضوعية بصيغتها التقليدية المعتادة ، والتى لا تقيس فى الغالب سوى العمليات العقلية فى أدنى مستوياتها، ونظراً لأن تنمية القدرات والعمليات العقلية العليا تمثل هدفاً رئيساً من أهداف أى نظام تعليمى فإن عدم وجود اختبارات مناسبة ودقيقة لقياس مثل هذه القدرات يعنى أن المربين فى موقف صعب ، إذ لا يمكن لهم إصدار أحكام صادقة وموضوعية ودقيقة على مدى امتلاك المتعلمين لهذه القدرات ومدى نموها لديهم .
وحددت أهداف تقويم الأداء فيما يلى :
أ- تزويد مبادئ التواصل والمهارات الرياضية .
ب- تزويد المفاهيم الأساسية والمبادئ من جميع مواضيع حقول المعرفة .
جـ- جعل الطالب فرداً يعتمد على ذاته .
د- جعل الطالب عضواً منتجاً فى أسرته وفى مجتمعه .
هـ- جعل الطالب مفكراً وقادراً على حل مشكلاته .
و- الربط بين أجزاء المعرفة المختلفة .
أن تقويم الأداء يتطلب من التلاميذ أن يطبقوا ما تعلموه ، بأن يؤدوا مهاماً وأعمالاً فيزيقية وأن ينتجوا منتجات عيانية يمكن ملاحظتها وتقويمها ، وبما أن التلاميذ يطبقون فعلاً تعلمهم لحل مشكلات حقيقية ، فإن كلمة أصيل authentic كثيراً ما تستخدم للإشارة إلى هذا النمط من التقييم ،لأنه يستعمل مهام الحياة الحقيقية بدلاً من مواد اختبارية مصطنعة .
وتتمحور الخطوات التى يمر بها إعداد اختبارات تقويم الأداء ضمن أربع خطوات ، حددها الدوسرى على النحو التالى :
1- الغرض من التقويم : ويتحدد الغرض فى هذه الخطوة بناء على القرارات التى ستبنى على نتيجة التقويم ، والأفراد والجهات ذات العلاقة بنتائج التقويم ، والاستخدامات المستهدفة من التقويم : الترفيع ، التسكين ، التصنيف ، التنافس ، إعطاء الدرجات الفصلية أو النهائية ، وسمات الطلاب واحتياجاتهم والفروق بينهم ..
2- تحديد الأداء المطلوب قياسه : وتتضمن هذه الخطوة تطوير معايير متميزة لكل من أبعاد التمرين المطلوب تطويره ، تساعد فى دقة اختيار التمرين ، وتوزيع الدرجة فيما بعد على مكوناته المهمة.
3- تصميم تمارين الأداء : وهذه عبارة عن جملة من التعليمات أو توصيف للأحداث التى يتعين على الطالب القيام بها وتتيح فرصة ملاحظة أدائه .
4- تحديد الطريقة التى سيحكم بها على مستوى الأداء ، والأسلوب الذى يتم به تسجيل الدرجات : وتشمل هذه الخطوة نوع الدرجات المطلوبة فى ضوء الغرض من الاختبار ، ومن سيقدر الدرجة أو يحكم على مستوى أداء الطالب على التمرين ، والطريقة التى تسجل بها الدرجات .
ويضيف ميهرنز ولهمن أن هناك أسباب عديدة تجعل تقويم الأداء هو أفضل أشكال التقويم التربوى منها :
أ- يزداد مدى صدق الاختبار من خلال تمثيل السلوك باستخدام تمثيلات واقعية لأجل استنباط السلوك الحقيقى .
ب- إن تمثيل العديد من الأنماط السلوكية يتيح لنا الحصول على استنتاجات عامة وشاملة حول تطور الطلاب. أما الاختبارات التقليدية فتمثل نوعاً واحداً فقط من السلوك .
جـ- إنها توفر أداة قياس بديلة سهلة التطبيق .
د- يمكن الحد من الانحياز المحتمل تجاه أقليات الطلاب ، إذ أن اختبار الأداء معد بعناية جيدة .
(ب) حقائب التقويم Portfolios :
تضم حقائب عمل المتعلم سجلات تراكمية تحتوى على مجموعة كبيرة من الوثائق تكون بمثابة أدلة يتم تجميعها عن مستوى معارف وخبرات المتعلم ، ومهاراته واتجاهاته وقيمه واستعداداته ، وذلك أثناء عمل هذا المتعلم مع المعلمين ومشاركته لهم فى إنجاز مهام وأبحاث وتقارير معملية ، أو متابعة ومناقشة الأخبار والتقارير العلمية ، أو عمل أوراق بحثية . ويمكن فى ضوء هذه الوثائق تحديد مستوى قدرات المتعلم ، حيث يستند إليها إى جانب وثائق ومؤشرات أخرى فى إصدار الحكم بدقة وموضوعية على مدى تمكن ذلك المتعلم .
وحقائب التقويـم هى حقائب للمتعلم تحتوى على مجموعة من المقتنيات التى تخبرنا عن جهود الطالب وتقدمه وتحصيله الدراسى فى مجال من مجالات المنهـج ، هذه المقتنيات تتضمن مشـاركة الطالب وإسـهاماته فى اختيار محتوى الحقيبة ، والإرشادات التى اتبعت فى الاختيار ، والمعـايير للحكم على العمل ، والدلائل التى تشير إلى التأملات الذاتية للطالب .
حقائب التقويم إذن هو جمع نسقى أو نظامى لأعمال التلميذ أو الطالب خلال فترة طويلة من الزمن ، وتحقق خمسة أهداف متمايزة هى أنها تتيح :
* للمدرسين تقييم نمو التلميذ وتقدمه .
* للمدرسين التواصل مع بعضهم وأن يكونوا على دراية أكثر بمستوى التلميذ خلال السنوات المختلفة .
* للمدرسين والموجهين أن يقوموا البرامج التعليمية .
* للتلاميذ أن يصبحوا شركاء مع المدرسين فى عملية التقييم .
* للآباء والمدرسين أن يتواصلوا ويتفاهموا بفاعلية أكبر عن عمل التلميذ .
وهناك ثلاثة أنواع مميزة من حقائب تقويم الطالب : النوع التمثيلى Exemplary Folio وهو مجموعة من الأمثلة تراكمت عبر فترة زمنية تمثل أحسن الأعمال الممثلة للطالب ، والنوع العملياتى Process Folio ، الذى يضم أمثلة لعمليات النمو المعرفى لتعليم الطالب ، والنوع الموحد Combined Folio ، الذى يضم حقيبتين صغرتين ، كل منهما تضم محتويات مختارة من النوعين السابقين .
ويعتمد نجاح حقائب التقويم على عوامل متعددة ، من أهمها تطوير مهارات المعلمين وتغيير اتجاهاتهم نحو أساليب التعلم التى تركز على الحفظ والتلقين إلى أساليب تركز على النمو الشامل للطالب وإعطائه الثقة فى أهمية تحليله لأدائه وتقويمه الذاتى وتوثيق إنجازاته وتتبع نموه بنفسه ، ومشاركة المعلمين والآباء والطلاب فى لقاءات دورية لمناقشة الصحائف الوثائقية للطلاب ، وتصميم إجراءات التقييم الوثائقى الشامل من حيث كيفية جمع المعلومات والبيانات ، وتحليل محتوى الصحائف ، وتحديد محكات تقييمها والحكم على نوعيتها ، والإفادة من نتائجها وبذلك تصبح هذه الصحائف الوثائقية أداة فاعلة فى التعليم والتقويم .
(3) التقويم متعدد القياسات Evaluation Multiple Measures :
وهو هذا النوع من التقويم الذى لا يعتمد على مؤشر واحد أو أسلوب قياس واحد فى إصدار الحكم على المتعلم ، بل يعتمد على أكثر من أسلوب قياس ، وعلى أكثر من مؤشر لإصدار الحكم على مستوى أى عنصر من مدخلات وعمليات ومخرجات النظام التعليمى وتمتاز تكنولوجيا القياسات المتعددة بالعديد من المزايا حددها آسب فى الآتى :
* تساعد فى إيجاد طرق لحل المشكلات الفنية المرتبطة بمهام الأداء المتكامل فى برامج التقويم القائمة على قياسات واسعة النطاق.
* تتيح استخدام كل من اختبارات المهام الأدائية ، والاختبارات مرجعية المحك ومرجعية المعيار ، وأحكام المعلمين وآرائهم ، وغير ذلك لقياس مستوى إنجاز المتعلمين الدراسى .
* تتيح إصدار الحكم بدقة وموضوعية على مدى تقدم المتعلم فى العملية التعليمية ، ومدى جودة أى عنصر من عناصر منظومة التعليم .
* تتيح استخدام أنواع عديدة من أساليب ووسائل التقويم ، فتجعل برامج التقويـم ذات مستوى عال ، وتعمل على تحسين وتطوير تلك البرامـج ، فتزيد بالتالى من جودة عمليات التقويم ونوعيتها ، مما يؤثر إيجابياً على عمليتى التعلم والتعليم داخل حجرات الدراسة .
* تساعد فى بناء نظام واحد ودليل واحد لمتابعة مستوى الأداء التعليمى لجميع مؤسسات التعليم بإقليم أو عدة أقاليم فى بلد واحد ، بل فى عدة بلدان .
إن تعدد وتنوع مصادر التقويم يعتبر من الأسس التى ترتكز عليها الاتجاهات الحديثة فى عملية التقويـم التربوى ، وعليه يقترح الوابلى أن منحى التقويم ذو القياسات المتعددة يمر بثلاث مراحل رئيسية هى :
(1) مرحلة التقويم والتشخيص : وفيها يتم التحقق من وجود التخلف العقلى باستخدام اختبارات مقننة وأساليب قياس أخرى غير مقننة فى مجالات القدرة العقلية والسلوك التكيفى ، والجوانب النفسية والانفعالية ، والجوانب الصحية والبدنية والبيئية.
(2) مرحلة التصنيف والوصف : وفيها يتم وصف وتصنيف احتياجات الفرد حسب مستويات الدعم المحددة فى التعريف وليس وفقاً للتصنيف التقليدى الذى يعتمد على القياس النفسى كالتخلف العقلى البسيط ، والمتوسط والشديد .
(3) مرحلة بناء نموذج للاحتياجات المطلوبة : وتمثل هذه المرحلة نتاجاً للمراحل السابقة حيث ينبغى أن يشمل النموذج المقترح جميع ما ورد من وصف لجوانب القوة والضعف ، وتحويل هذا الوصف إلى أهداف تعليمية عامة وخاصة تشكل فى مجملها البرنامج التربوى والتعليمى المبنى على أساس الاحتياجات الفردية ، وعلى ما حدده فريق العمل المتبادل من مدخلات شاملة ومتبادلة ضمن ذلك البرنامج .

#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات