أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - الفصل العاشر رحيل رفيق العمر زكي خيري ودوام حضوره















المزيد.....

الفصل العاشر رحيل رفيق العمر زكي خيري ودوام حضوره


سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 13:06
المحور: سيرة ذاتية
    



في صباح 18/شباط/1995 , وكان السبت ووداد معنا وكالعادة بعد مزاولة التمارين الرياضية البسيطة نجلس على الفطور الذي يمتد الى اكثر من ساعة تتخلله المناقشات السياسية حول اهم الاحداث العالمية والوطنية . ثم ذهب زكي لاكمال مقالته لمناقشة مقالة عبد الرزاق الصافي نشرت في طريق الشعب ترمي شعبنا بالتخلف, استاء منها كثيرا . وانشغلت ببعض الاحاديث مع ودودة ثم باعداد الطعام . وبعد استراحة الغداء قمنا بجولتنا المعتادة , رغم الثلوج المتراكمة على الارض التي كانت قبل اشهر خضراء يانعة . فالبستها البساط الابيض الذي يعكس اشعة الشمس التي نادرا ما تظهر في اشهر الشتاء في السويد, والاشجار باغصانها المطعمة بالثلج وكانها نقوش من الدانتلة البيضاء في محيط ازرق . كنا نتمتع بجمال الطبيعة في كل فصولها وتثير فينا ما تثيره من ذكريات وافكار جديدة ويسرح كل منا بفكره حينا ونشترك احيانا بالاعجاب بما حولنا او بالافكار التي تتوارد على خواطرنا . ويحب زكي دائما ان يستوقفني للاستماع الى ما يستجد من ارائه. وكأنه لايكتفي بالاستماع الى كلامه بل يحب رؤية ما يتركه كلامه على وجهي من تعابير!!
وفي تلك الليلة جلس كعادته لمشاهدة برامج التلفزيون وكانت وداد وصديقها وليد يتحدثان وانا اراعي الجميع باحضار الشاي تارة والفواكه تارة اخرى . وما ان استرحت قليلا حتى شعرت بحنين لمشاركة يحيى لتجمعنا . فاتصلت به تلفونيا وكالعادة ادعو زكي ليتحدث اليه ايضا. وكعادته يمزح معه ثم طلب منه بعض الكتب عن الاقتصاد الامريكي. وكان يحيى بعد ان حصل على الماجستير للمرة الثانية في جامعة برايتون في لندن بتفوق, بعد حصوله عليها من معهد تمريازف في موسكو , عمل مستشارا افتصاديا في احدى الشركات الامريكية في مجال تحويل الصناعات الحربية الى صناعات مدنية في روسيا . وفي الساعة الثانية عشر ذهبنا للنوم . وبعد ساعة ايقضني زكي , قائلا , لا استطيع النوم !! وجلسنا نتحدث فقلت له تمدد على الفراش ونتحدث. قال , لا استطيع!! فكلما تمددت اشعر بالاختناق !! فاعطيته بعض الادوية الخاصة به والتي قرر تركها منذ شهر , دون ان اربط قراره هذا برحيل اخته زكية خيري قبل اربعين يوما بالضبط !! دون ان يعبر عن حزنه صراحة رغم كل ما كان يكن لها من مشاعر الحب . ولكنه شعر بالارتياح عندما اقمنا لها تأبينا عاما في النادي العراقي وقدمت فيه كلمة مؤثرة عن تاريخ نضالها الطويل وتصميمها البقاء في الوطن لرعاية شؤن عائلة تضم ما لا يقل عن الخمسين شابا وشابة من الابناء والاحفاد تحصنهم بالوطنية وتشد لحمتهم العائلية في اقسى ظروف الارهاب والحصار الاقتصادي. وفي اخر مكالمة لها معنا قالت, انا لا زلت على العهد وقد سميت حفيدي الاخير , فهد, !! رغم انف الاعداء!!
وفيما كنا نتحدث كانت تواجهنا مكتبة زكي خيري وقد اصبحت عامرة بالكتب وانا اعلم كم يحب الكتب وكم تألم لفقدان مكتباته لعدة مرات على يد الانظمة التابعة المتتالية في العراق. فقلت له, ها ان مكتبتك اصبحت عامرة , قال , نعم ولكن ينقصها الكثير ولاسيما استكمال مؤلفات لينين والاجزاء المتبقية من مراسلات ماركس وانجلس التي جلبناها اخيرا من يتيبوري . وتحدثنا طويلا وكان بين فترة واخرى ينهض ويتمشى . وسألني اخيرا, اليس من الافضل ان نستدعي الاسعاف !! قلت وفي هذه الساعة المتأخرة !! ومن سيفحصك قبل الصباح !! لننام قليلا ثم نرى. لم ادرك خطورة الوضع لانه كان يتحدث بشكل اعتيادي وضننت انه مجرد ارق !! فاعطيته حبة منوم واخذت واحدة لكي ننام . وبعد فترة وجيزة ايقضني قائلا , لا استطيع النوم استدعي الاسعاف!!
استدعيت الاسعاف ولم الحظ على وجهه اي تغيير وبقي واقفا الى جانبي وانا اتصل بالاسعاف وسألني هل اغير ملابسي استعدادا للذهاب الى المستشفى !! قلت كلا لاداع لذلك فانهم سيستبدلونها بملابس المستشفى . وفيما ذهبت لاعداد ما يتطلبه من لوازم الحلاقة . فقد تعود زكي وفي كل الظروف على ان يحلق يوميا ويتعطر بالكولونيا. وفي تلك الاثناء حضرت سيارة الاسعاف وذهب بنفسه ولوحده الى السيارة. ولحقت به دون ان اشعر باي شيءغير اعتيادي ودعوني للجلوس الى جانب السائق دون ان يسمحوا لي بالصعود الى جانبه. واخذوا يسألوني عن امراضه فشرحت لهم وكان ذلك عاديا. ووصلنا الى المستشفى وانا لم اشعر باي شيء غير عادي! ونزلت لارافقه الى داخل المستشفى . ولكنهم منعوني قائلين , لقد انتهى فور خروجنا من البيت !! وسنحاول انعاشه بالصدمات الكهربائية , وخلال خمسة دقائق سنبلغك بالنتيجة!! قلت وانا اصرخ, ماذا حدث ! لقد خرج اليكم بمفرده وعلى رجليه !! لم يعد هناك حتى من يسمعني فقد ذهب الجميع وتركوني وانا ارتجف فزعا من هول الصدمة. وبعد خمسة دقائق جاءوا ليبلغوني , لقد انتهى!! وانا اصرخ كيف!! ولماذا!! وبعد فترة احضروه الي وهو نائم بهدوء وكعادته يده اليسرى تحت راسه واليمنى على صدره . ماذا افعل!! ناديته كعادتي, بابا استيقظ هيا اكمل ما كنت تكتب . وسألوني بمن تريدين الاتصال!! فقلت بابنتي في البيت . اتصلوا بها ولم اعلم كيف تلقت الخبر . ولكنها جاءت بعد ان اتصلت بالشخصية العراقية المعروفة بمواقفها الانسانية وشعورها بالمسؤلية الاجتماعية تجاه الجالية العراقية في السويد, عموما والشيوعيين خصوصا , عبد الواحد.
جاءت وداد وقد هزتها الصدمة من الاعماق وجففت دموعها ولا تدري ما تقول لي وعلامات الاستفهام ترتسم على ملامحها. جاء عبد الواحد ومعه اثنين من رجال الدين وبدأوا بقراءة القرأن وحضر ابو سرباس وبعض الرفاق . وجاءوا ليأخذوه الى المشرحة فرفضت !! قالوا اذا يجب اخذه الى الثلاجة حتى تقرروا كيفية اجراء الدفن!!
لا ادري كيف عدت الى البيت بدونه!! وانا غير مصدقة ما حدث . هل صحيح رحل زكي خيري !! هل يمكن لذلك الحضور الدائم ان يغيب !! هل يمكن لتلك الطاقات المتدفقة ان تتوقف!! وجاء يحيى لتوديع والده وليقف الى جانبي وهو يعرف عمق العلاقة بيننا وجاءت اختي كلير لتقف الى جانبي في محنتي . كما حضرت نوال ابنة اخته زكية ولم يفارقني رفاق ستوكهولم . ونشرت الخبر نشرة , الجسر, التي تصدرها منظمة الحزب الشيوعي في جنوب السويد وانتشر الخبر بسرعة في جميع انحاء العالم وبدأ التساؤل متى واين سيوارى!!



#سعاد_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دخولي عصر الانترنيت بفضل زكي خيري واحبائي يحيى ووداد
- اممية الشيوعي تعزز وطنيته
- سعيت لتعزيز الثقة بشعبنا وبالانسانية في احلك الازمات
- قضايا الوطن ومعاناة شعبنا ومصير البشرية هي محور حياتنا العائ ...
- استئناف حياة الغربة في السويد وانتمائنا الى اتحاد الادباء ال ...
- اهم العوامل الموضوعية لازمة الحزب عدم مواكبة الحركة الشيوعية ...
- تحديدي العامل الذاتي الرئيس لازمة الحزب الشيوعي وتجديد القيا ...
- في المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي والصراع الفكري لمواجه ...
- الى المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي العراقي في كردستان
- في معسكر سكوتشير للاجئين
- الفصل التاسع اللجوء الى السويد
- اللقاءالاول بحبيبة ونعيم اكبر اخوتي في براغ
- دعوة رابطة الكتاب والصحفيين العراقيين لحضور الاسبوع الثقافي ...
- فشل انتفاضة اذار 1991 ادمى قلبي
- انتفاضة اذار /1991 عززت ثقتي بشعبنا لانها اول كفاح ثوري في ا ...
- حرب الاحتلال الامريكي للعراق تحت شعار تحرير الكويت احلك ايام ...
- الصراع على الجبهتين الوطنية والاممية واثاره على العائلة
- في مؤتمر رابطة الكتاب والصحفيين العراقيين خارج الوطن في جيكو ...
- الابعاد الى براغ
- ابعادنا عن وطننا الثاني سوريا


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - الفصل العاشر رحيل رفيق العمر زكي خيري ودوام حضوره