أكفر بكم

احمد حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3677 - 2012 / 3 / 24 - 01:57
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

اليوم رأيت قلب بغداد النابض ميت، منطقة الباب الشرقي، ساحة التحرير، مغلقة بوجه المركبات والدراجات النارية والهوائية، والسابلة، هذه المنطقة التي يعتاش فيها ومنها آلاف العوائل ومئات الآلاف من الأفراد، وجدتها مغلقة بوجوههم، لأن عبيد الخضراء استقدموا أسيادهم العرب ليسترضوا أسيادهم غير العرب.
قيل إن الكفر لا يقترن بغير الآلهة، وهم آلهة مرصوفة في معبد الخضراء، أكفر بكم وبأضرحتكم وتفٍ على سدنتكم.
آلهة معتكفة في المفاوز والصوامع، وأخرى منزوية في الكهوف والمغارات، وغيرها مركونة في الخيم والدواوين بانتظار الجزرة لتركض تسوقها العصا، ومنها ما اصطف أمام الأبواق النشاز الناعقة بوقود المال العام، عمائم سوداء وبيضاء وخضراء وحمراء، قبعات وطرابيش وغِتر، رؤوس حاسرة سوداء وشيباء وصفراء وصلعاء، شعور مقلوبة إلى الوراء ومصفوفة إلى أحد الجانبين أو يفرقها مشط ناعس، دشاديش وجبب وزبونات وبدلات وأربطة عنق وبناطيل جينز، عطور فاخرة وباهظة ومكياج مترف ومجوهرات وساعات فاحشة.
اخترتم لأنفسكم المريضة إلهاً مثلكم، فهنيئا له بكم وهنيئا لكم به، فالطيور على أشكالها تقع، وقع عليكم ووقعتم عليه، وعلينا وقعت الواقعة، التي ليست لوقعتها كاذبة، وقد صدقتنا بوقعة سحقتنا تحت وطئتها، لم تكذبنا، وهي وقعة خافضة رافعة، خفضت الأمة العراقية بمجدها لصالح إذلاء رفعتهم على أكتافٍ أنهكها الحرمان والعوز والصبر واليأس.
وقعتنا رجت الأرض رجا، فارتتجنا معها حد الغثيان وفقدان التوازن، فيرانا الناس سكارى وما نحن بسكارى ولكن عذاب الضمير لشديد.
الجبال هي الأخرى بست بسا، إذ أن هناك في كل عصر ومكان بسابسين يبسبسون لآذانٍ لا تسمع غير بسيس النمل، لكنها صماء عن عواء الضباع والذئاب والكلاب، فهي تخشى تلك الحيوانات، غير أنها لا تتورع عن سحق الحشرات بجيوشها.
لا ضير أن تقطع أعناق الكسبة ومن يتقاضون أجروهم لقاء ما ينجزونه بأيديهم وإن تعطلت أيديهم رغم أنوفهم فلا أجر لهم، الآلهة الخضراء اختارت أن يكون هذا الأسبوع أسبوعا للنظافة، فهي لا تريد أن ترى إيدٍ متسخة حتى وإن كان هذا الإتساخ بحبر الأوراق النقدية، لكنها في الوقت نفسه تنتشي بتلوين أيدٍ امتهنت استجداء القادة الضرورات، أكثر من 600 مليار دينار صرفت لتجميل شارع قبيح لاستقبال طغاة أقبح، لن يمكثوا سوى 3 ساعات، لكن لم تصرف 600 ألف دينار في السنة أي بمعدل 50 ألف دينار في الشهر لمرأة اضطرت بسبب الجوع إلى بيع ابنتها الصبية لتنقذها من الفقر والحرمان ولتطعم بثمنها أشقائها من الصبيان والصبايا اللاتي تنتظر واحدة منهن دورها في سوق النخاسة.
اليوم أكفر بكم جميعكم بلا استثناء، وبأديانكم بلا استثناء، وبمذاهبكم بلا استثناء، وبأنبيائكم وأوصيائكم وأوليائكم وأئمتكم وعلمائكم ومراجعكم وشيوخكم وحاخاماتكم وآبابكم وأمرائكم بلا استثناء، وبمرتزقتكم بلا استثناء، وبميليشياتكم بلا استثناء، وبجيوشكم الحمقاء بلا استثناء، وبعبيدكم بلا استثناء، وبأبواقكم الصحفية والإعلامية بلا استثناء، وبأتباعكم بلا استثناء، وبناخبيكم بلا استثناء، وبكل ما يمت لكم بصلة بلا استثناء.
وحوش الأديان يفجرون أجسادهم الخاوية ويحرقون أنفسهم اليائسة في سبيل عقائد بائسة، اخترت أن أفجر كلماتي وأحرق أصابعي لكي لا أؤذي أحدا. طز...

#احمد_حسين (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات