أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حسين - ملاذات الأنذال الأخيرة














المزيد.....

ملاذات الأنذال الأخيرة


احمد حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 21:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقولة غريبة ومثيرة للاستغراب تلك التي يؤمن بها الأميركيين، ربما تكون حصيلة تجربتهم الطويلة مع الحكومات المتعاقبة على حكم الولايات المتحدة، يؤمن الأميركيون بأن (الوطنية هي الملاذ الأخير للنذل) ويقصدون بذلك السياسي الذي يتهرب من تحقيق الأمن والاستقرار السياسي وتوفير الغذاء والحياة الكريمة والإيفاء بالتزاماته التي أعلنها في برنامجه الانتخابي، لائذا بحياض الشعارات الوطنية الفضفاضة، تلك هي صفات النذالة لديهم.
أنها مقولة متداولة، قد تكون محصلة لتجربة عاشتها فئة اجتماعية محدودة اصطدمت بسياسي أو مجموعة من السياسيين الأنذال أو ربما في أحسن الأحوال جيل من أجيال الأمة الأميركية ولا أظنها تجربة شمولية ذاق مرارها الأميركان كافة بمختلف أجيالهم وفئاتهم كما أنها ليست بالصفة المشتركة بين جميع السياسيين، وبالرغم من ذلك شاعت في أوساطهم وباتت أشبه بالقاعدة التي يتجنب لوثتها الكثير من الساسة، وهي كما أراها من وجهة نظري المتواضعة والبسيطة قد تكون مقولة انفعالية انفلتت من فم شخص غاضب أجهدته الحياة بظروفها المتقلبة أو ربما يكون إنسان معارض للحكومة وسياساتها ولا استبعد أن يكون شخصا حكيما أطلق هذه المقولة وروج لها لتكون أشبه بجرس الإنذار تقرعه الذاكرة على أذنيّ كل من تسول له نفسه التهرب من التزاماته والتخفي وراء اللافتات البراقة الكبيرة.
هذا جانب من حصانة الأمة الأميركية ضد الانحرافات السياسية ووسيلة طريفة وحضارية لتحذير الساسة من أوهامهم التي قد تأخذهم بعيدا عن واجباتهم.
لن اقتبس هذه المقولة في حديثي عن العراق لسببين، الأول لكي لا أقع في فخ التعميم، لتعذر الاستثناء، ما يعني أنني سأشمل الجميع وهذا ما لا أحبذه فضلا عن أنني سأعرض نفسي إلى المساءلة القانونية حيث لا قانون يحمي الكاتب أو الإنسان البسيط ويضمن له حق التعبير عن رأيه بحرية على العكس من القضاء الأميركي الذي يرى أن الفعل الشائن الذي قام به المدعو (منتظر الزيدي) تجاه الرئيس بوش ما هو إلا وسيلة للتعبير عن الرأي وفي الوقت نفسه يصنف هذا الفعل أو أي تجاوز لفظي يصدر عن رئيس الولايات المتحدة أو أي مسؤول آخر تجاه المواطن أو الصحفي يصنفه على أنه تعدي وخرق للقانون تترتب عليه عقوبات وغرامات مالية كبيرة لا يستطيع الرئيس أو أي مسؤول آخر التملص منها.
أما السبب الثاني فهو حقي المشروع في الحفاظ على حياتي وسلامتي وتجنيب أسرتي ما قد يترتب على فعلتي هذه من نتائج مأساوية لا تنتهي بموتي ربما.
وبعد أن أبرئت ساحتي من ردة التطاول على عموم الفخامات والرئاسات والسيادات والنيافات والسماحات والفضيلات والحضرات واللوذ بالتبعيض والتقليل، يجوز ليّ الآن أن أمنح نفسي الحق بالحديث بضمير متطامن وحرية محدودة عن الراهن العراقي.
المقولة الأميركية التي قد تكون استنتاج أو وجهة أكثر منها واقعا معاشا هي في العراق تجربة مريرة تتكرر حد القرف في كل يوم وكل ساعة، بل أنها باتت لازمة إعلامية يلوكها البعض بين جملة وأخرى، فضلا عن أنها شذت عن طوق الوطنية لتطال الدين والمذهب والثقافة والفكر والقوم والعرق والقبيلة والعشيرة والعائلة والإقليم والمحافظة والمدينة والحي والزقاق، ولا سقف للجمع والتشظي حتى خرجت المقولة الأصل عن معناها التفريدي المحدد بالوطنية والسياسي.
في بلادنا تكثر الشعارات حتى يعلو ضجيجها على دوي الانفجارات وترتفع اللافتات حتى تحجب عين الشمس لكنها لا تظل غير المنتفعين حين لا ظل إلا ظلها، فيما تتحرق جموع الأمة العراقية تحت لهيب الموت والخوف والابتزاز وحرب الأعصاب الاستفزازية والعوز والتهميش.
لكل شيء مخرج ولا عدم سياسي أو رجل دين أو مثقف أو وجه اجتماعي مخرجا يتنصل به عن مسؤولياته، وإن عدم فالملاذات متوفرة وكثيرة ومتنوعة تناسب كل المقاسات والأذواق، وإن تعدو عدد اللائذين لن تحصوه.
الفرق بين المقولة الأميركية والواقع العراقي شاسع ومؤلم ويترك في النفس غصة، فهناك لا تعاني الأمة الأميركية من فصيلة مفترسة هجينة أسمها القاعدة، أو جماعات خاصة تكتم الموت في مسدساتها، وما من ميليشيات ابتدعت لنفسها دستور رجعي وحكومة يقودها طائش مخبول، وليس في المجتمع الأميركي شيوخ قبائل عششت البداوة في عقولهم حتى ما عادوا يميزون بين الاحتكام إلى العقل والقانون وبين التمرغ في وحل التراث الرث والمفاهيم العقيمة، أو رؤساء عشائر يبيحون لأنفسهم ركوب العذارى القاصرات ويذبحون من تسول لها نفسها البحث عن شريك حياة تعيسة في أغلبها، وفي أميركا لا يجرؤ السياسي على المساس بالدستور أو التلاعب به أو الاستخفاف بخيارات الأمة وركل صناديق الاقتراع خارج الحدود لتعود عليه بما يشتهي، كما أن الساسة هناك يتهربون من تطبيق برامجهم السياسية الدعائية التي لا تؤثر على سياسات الدولة أو مؤسساتها أو حتى مشاريعها وخططها حتى وإن لم تطبق نهائيا، وعلى العكس من ذلك نجد ساستنا يتحاربون بتعطيل قوانين الدولة وليس سياستها فقط بل ويضعون أوتادا فولاذية في عجلات المؤسسات الحكومية ويزرعون الكتل الكونكريتية في كل أرض تتهيأ لاستنبات بذرة الإصلاح ومعالجة الكوارث التي توالت على هذا البلد وأمته.
ولكي لا أترك المجال أمام كل من تسول له نفسه باتهامي بالوقوع في فخ التعميم والإساءة، أؤكد لكل من يظن أنه المقصود بهذا المقال أنه براء من هذه التهمة وأوضح له أن هذه الملاذات التي أتحدث عنها ما هي إلا مسارب ابتدعتها الأمة العراقية للتهرب من التزاماتها وأطمئنه بأن القاصي والداني على يقين تام أنك أنت يا من تظن نفسك مقصود بالحديث تهرول لاهثا وراء هذه الأمة الجحود لتعيدها إلى جادة الصواب، فجزاك الله خيرا.



#احمد_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة العجزة
- ثورة في إيران
- والصباح تسير
- الى مجهولة
- الى حبيبه
- تاره
- في الامس
- تلويحة الجوكر
- عودة الضجيج
- خطوات نحو السلام
- بؤسنا الخارجي
- حزب العمال... الخيار العسكري
- بيانات عسكرية
- حدود العراق أزمة أزلية
- يا ليتني كنت بعثيا فأفوز فوزا عظيما
- البراق النبوي ...وحواشي ذات صلة
- عاصمة المؤتمرات
- أوبئة
- قيامة الحلاج
- آخر الخطى


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حسين - ملاذات الأنذال الأخيرة