وقائع مسروق بن مسروق ( ابن الرايجة)

محمد منير

الحوار المتمدن-العدد: 3675 - 2012 / 3 / 22 - 21:35
المحور: كتابات ساخرة
    

اسمى وصفتى وحالى مسروق بن مسروق.. أنتمى إلى أعرق عائلات مصر وأكثرها ثباتاً على الحال.. فأبى وجدى وجدود جدى كلهم مسروقون..أروى لكم وقائع يومياتى التى أعيشها حاملا خبرة مئات السنين من صبر «مسروق» على ما يراه «مكتوب».

خرجت من بيتنا صباحاً بدافع آرق مبكر داهمنى وأقلق منامى، فسرت فى الشارع منقسما ما بين التأمل المطلق والتفكير المحدد الهدف فى البحث عن سبوبة أجيب بيها عشا العيال.
ظللت أسير على حالى حتى أخرجنى منه مشهد جيراننا المسيحيين، وهم يتشحون بالسواد ويتوجهون مسرعين إلى الكنيسة فسألت وعلمت أن البابا تنيح، لا حول ولا قوة إلا بالله كان راجل طيب وعاقل، وفورا قررت التوجه إلى أقرب كنيسة لبيتنا وتقديم العزاء، وكانت على بعد سير 3 ساعات.
على باب الكنيسة لمحت شخص يبكى بحرقة وجهه مألوف، ولم أجد جهدا فى تذكره أنه الواد محمد المسلم اللى اشتغل شوية عند عم نوفل البقال، وكان مسيحيا وأسلم وصرفت له الجمعية المؤمنة حجرة ومروحة وجوازة.. وسرحت ورجعت بذاكرتى لورا وافتكرت العلقة الموكن اللى كلتها بسبب الواد محمد المسلم لما رحت أبلغ عنه إنه أسلم عشان الحجرة والجوازة والمروحة، ويومها قلت للصول بلال إنه بيمشى بالنميمة بين الناس وموقع ولاد الحارة فى بعض، وتحسست قفايا وتذكرت كيف أن الصول بلال والمخبرين اجتمعوا عليا فى حفلة ضرب من النوع النادر يدفعهم إيمانهم العميق، وهم يتهموننى بأننى كافر واقف ضد شخص هداه الله.. هيييه ذكريات.
ماعلينا دخلت على الواد محمد وهو يبكى وذكرته بنفسى فأخذنى بالحضن، وهو ينهنه قائلا بكلمات متقطعة: «شفت يا مسروق البابا مات ماتت البركة والدنيا اسودت»، دفعته من داخل حضنى فى عنف وقلت له «فوق يا روح أمك وافتكرنى انت قايل ليا على كل حاجة وقفايا لسه معلم بسببك وبعدين مش قوى كده ما أنت اسلمت من بدرى»، رد «لا يا مسروق يا اخويا أنا رجعت لدينى تانى»، سألته مستغربا: «من امتى؟ ورجعت ليه ما انت كنت متروق حجرة ومروحة وعروسة؟»، رد «رجعت من 6 أشهر وربنا هدانى».. نظرت له مستغربا وقلت له «يا ابن العبيطة بقى لما يكونوا بره الحكم تلبد فيهم عشان حجرة ومروحة وعروسة، ولما يوصلوا الحكم تخلع منهم وتسيب خيرهم»، نظر إلىّ وابتلعت عيونه دموعه وابتسم، وقال لى: «إنت اللى ابن عبيطة يا مسروق.. زمان وهما مش فى الحكم كانوا محتاجين ينتشروا وينشروا الدعوة، ويعملوا قلق ويهزوا استقرار المجتمع، عشان كده كانوا بيرشوا علينا عشان ننقل، دلوقت هما اللى عاوزين استقرار ومش فارق معاهم فكرة الانتشار والدعوة واللى عاوزينه خدوه قولى بقى حيرشوا ليه، عشان كده يا مسروق يا حبيبى لاحظ إن مافيش حد بينقل عندهم دلوقت ومشاكل زمان بتاعة تغيير الدين والحب والجواز قلت وحتخلص خالص بعد شوية التنين هما اللى محتاجين يرشوا دلوقت ويرجعوا اللى خرج»، وخرجت دموعه من عينه مرة أخرى ووضع يده على وجهه، قلت له «يابن الرايجة.. وإيه اللى عاد عليك فى المشوار الجديد ده ؟»، نظر إلىّ من بين يده المفرودة على وجهه، وهو يحرك إصبعه بعلامة 3، فسألته «إيه تلت حجرات؟»، رد «لأ شقة بمنافعها وتلت اود مفروشين وتكيبف»، سألته «ومراتك اللى اتجوزتها على سنة الله ورسوله؟»، رد «طلقتها قبل ماارجع على سنة الله ورسوله، واتجوزت جانيت بنت المقدس صموئيل».
فورا جريت ع الصول بلال صراخا «يا عم بلال ما صدقتنيش لما قلت لك إن الواد ده اسلم لغرض ويومها عملت ليا حفلة ضرب واتهمتنى بالكفر وانى واقف ضد واحد هداه الله» وحكيت له ماحدث، فنظر لى فى غيظ، وقال لى «هى البلد نقصاك يا مسروق عاوز تعمل فتنة طائفية.. لكم دينكم وليا دينى يا أخى، عاوز تألب المجتمع علينا ويمكن كمان تزعل الأمريكان، غور فى داهية يا أخى» ونادى المخبرين الذين أعدوا بسرعة حفلة ضرب لا تقل تأثيرا عن الحفلة الأولى، وربما أشد، قلت لنفسى كعادتى «قضا أحسن من قضا».

#محمد_منير (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل