أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - محمود عباس والخوارج















المزيد.....

محمود عباس والخوارج


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1081 - 2005 / 1 / 17 - 11:25
المحور: القضية الفلسطينية
    


-1-
المهمة الصعبة في الزمن الرديء

المهمة التي يتولاها محمود عباس الآن كرئيس للسلطة الفلسطينية من أكثر المهمات صعوبة منذ فجر القضية الفلسطينية إلى الآن. فقد رحل عرفات بعد أن ترك خلفه أكواماً هائلة من الزبالة الفلسطينية ومن المشاكل المعقدة وإرثاً سلبياً يعجز عن حله العشرات من أمثال محمود عباس، خاصة بعد أن أصبحت القضية الفلسطينية منذ عشرات السنين معبداً قدسياً لتنصيب كهنة السياسة الفلسطينية الكبار، دون أي اعتبار أو التفات لصالح القضية الفلسطينية نفسها التي بدأت تذوب كقُمع الآيس كريم (البوظة) بين أيدي السياسيين الفلسطينيين الذين لم يكونوا مخلصين لها اخلاص اليهود لقضيتهم وبناء دولتهم.

لقد ضحى عرفات بالعرض السياسي المغري الذي لن يتكرر في مباحثات كامب ديفيد عام 2000 حرصاً على زعامته الجماهيرية، وحتى لا يكون ضحية للسلام كما كان السادات 1981 وكما كان اسحق رابين 1995. لقد افتدى السادات مصر بحياته، وافتدى رابين اسرائيل بحياته، أم عرفات فلم يجرؤ على هذا الفداء الغالي. وفضّل أن يموت على فراشه كما يموت البعير من أن يُقتل بطلاً للسلام.

وهكذا كان.

كذلك تفعل اليوم الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة.

إنها تريد لفلسطين المستحيل، وبذا فهي لا تريد لفلسطين شيئاً، ولكنها تريد أن تحقق لنفسها مجداً وزعامة سياسية على حساب فلسطين التي تذوب يوماً بعد يوم بين أصابع الانتحاريين كقُمع الأيس كريم كما قلنا.



-2-


محمود عباس بين الشرعية ولائها

لقد رصد الراصدون السياسيون بأن كل بادرة للسلام ولتنفيذ خارطة الطريق المرفوضة و"الملعونة" من قبل الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة، يسبقها تفجير هنا وهناك وعمليات انتحارية هنا وهناك، لاعطاء المبرر لشارون ولحكومته لوقف أي مباحثات أو خطوات ايجابية قادمة في طريق انشاء الدولة الفلسطينية.

ولقد تساءل العفيف الأخضر ذات يوم قائلاً في عنوان مقال له:

متى ينتهي الحلف المقدس بين شارون والفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة؟

ونحن نتساءل هنا:

ألم تقاطع الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة الانتخابات الرئاسية؟

ألم تعلن الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة أن محمود عباس رئيساً غير شرعي وغير مفوّض من الشعب الفلسطيني عبر بيانات سمعها وقرأها القاصي والداني؟

ألم تنسف الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة بعملية معبر "كارني" الانتحارية في قطاع غزة الأمل الأول الذي برق ومحمود عباس يضع راحته على القرآن الكريم ويقسم اليمين الدستورية؟

إن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس ما زالت تعيش في وهم كبير، وهو وهم اقامة الدولة الفلسطينية، في وسط يريد أن يبقي فلسطين مليشيات ومغامرات وليس دولة ومؤسسات.

فكيف يمكن للدولة الفلسطينية أن تقوم ورئيس السلطة الفلسطينية رئيس غير شرعي وغير مفوّض برأي الحكام الحقيقيين للشارع الفلسطيني وهي الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة ؟

وكيف يريد عباس غداً السفر إلى غزة للتفاوض مع الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة وهؤلاء لا يعترفوا به؟

-3-
السلام بين الفلسطينيين أولاً

إن على محمود عباس أن يقيم السلام أولا بين السلطة الفلسطينية وبين الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة، قبل أن يفكر في اقامة سلام مع اسرائيل!

إن السلام مع اسرائيل أهون بكثير من السلام بين السلطة الفلسطينية وبين الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة!

لماذا؟

1- لإن السلام مع اسرائيل تحكمه شرائع ومعادلات سياسية دولية. بينما السلام مع الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة لا تحكمه أية شرائع. فكم من وعود أعطتها الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة لعرفات، ولم تف بها؟

2- لإن القرار السياسي في اسرائيل تحكمه مؤسسات دستورية ديمقراطية تتخذ قراراتها بعقلها وبحساباتها الواقعية الدقيقة، في حين أن القرار السياسي للفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة تحكمه الغرائز والعواطف والشهوات السياسية والدهماء في الشارع الفلسطيني المتشنج ذي الجروح النرجسية العميقة.

3- لإن السلام مع اسرائيل تضمنه دول كبرى وعظمى ويشهد عليه العالم. وهذا ما حصل بين اسرائيل ومصر في معاهدة كامب ديفيد 1978. وهذا ما حصل مع الأردن في معاهدة وادي عربة 1994، أما سلام الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة فلا يحكمه حاكم . فأنت تتفاوض مع أشباح ومليشيات وعصابات وليس مع دول وأنظمة سياسية دستورية.



-4-


من الأقوى عباس أم عرفات؟

لم اعتد أن أكون متشائماً. ولكني في الحالة الفلسطينية القائمة الآن أبدو متشائماً اليوم. فلا أظن أن محمود عباس سيكون أقوى من عرفات في حل عسكرة الانتفاضة، ونزع سلاحها وجرّها إلى مائدة المفاوضات.

لقد عجز ياسر عرفات بكل رصيده الوطني، وبكل خبثه السياسي، وبكل دهائه السلطوي، وبكل خبرته الطويلة في تطويع الأضداد، وبكل ماله السائب، وبكل لغته الملتوية، ومفرداته الشعرية الرومانسية، وبكل ما يملك من أجهزة أمنية (13 جهازاً أمنياً) أن يقنع الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة بالقاء سلاحها والاندماج في السلطة الوطنية الفلسطينية، وبلقاء اسرائيل على مائدة المفاوضات وليس على المعابر الانتحارية، ولكنه فشل في ذلك.

فكيف نطلب من محمود عباس الرئيس العَلماني، المتلبس بالكرزاوية (نسبة لكرزاي الأفغان) الملوثة أصابعه بحبر اتفاقية أوسلو "الغادرة" و "الملعونة" والمرفوضة حتى هذه اللحظة من الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة أن ينجح فيما فشل فيه الرئيس الدرويش، والقائد الأسطوري الخالد، وأبو الثورة الفلسطينية، وقائد النضال والمسيرة، والشهيد العتيد.. الخ؟

إن مهمة محمود عباس مع الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة أصعب بكثير من مهمته مع حكومة شارون!

ولن تتصالح حكومة شارون مع السلطة الفلسطينية ما لم تتصالح السلطة الفلسطينية مع نفسها؛ أي مع الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة أولاً.

-5-
الخوارج الجدد

لن تدع الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة التي أصبحت بمثابة فرقة الخوارج الجديدة في تاريخ العرب الحديث لمحمود عباس أن يتقدم خطوة ايجابية واحدة إلى الأمام بعد أن قاطعت انتخابه ولم تعترف بنجاحه ولا بمشروعيته وأطلقت صواريخ القسّام عليه وهو يحلف اليمين الدستورية!

نعم، أن صواريخ القسّام لم تطلقها الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة على المستعمرتين الاسرائيليتين نتساريم وسديروت، وانما أطلقتها على أرجل محمود عباس لكي تكرسحه، وتحول بينه وبين وصوله إلى مائدة المفاوضات مع اسرائيل. وهذا ما فعلته الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة في الماضي وفي عهد وزارة محمود عباس التي استمرت مائة يوم.

-6-
محمود عباس بين نارين

إن مفاوضات السلام لا يمكن لها أن تُعقد وصوت الرصاص من قبل الجانبين يلعلع في الخارج.

إن لعلعة صوت الرصاص لا يدع لطرف أن يسمع الطرف الآخر، فما بالك أن يفهمه أو أن يستوعب كلامه.

السلطة الفلسطينية لا تستطيع بامكاناتها الأمنية الحالية الضعيفة الآن أن تنـزع سلاح الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة. وما يطلبه شارون من محمود عباس هو المستحيل.

فالفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة تطلب المستحيل حين تقول لإسرائيل عودي إلى حدود 1967.

وشارون يطلب المستحيل من محمود عباس حين يطالبه بنـزع سلاح الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة.

ومحمود عباس بين نارين، ويُشوى ويتقلّب بين مستحيلين.

والسلطة الفلسطينية الحالية لا تستطيع الاصطدام والتصفية الدموية للفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة.

والسلطة الفلسطينية لا تستطيع فتح سجونها لعناصر الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة.

والسلطة الفلسطينية لا تستطيع تحويل الفصائل الفلسطينية الأصولية الدينية والقومية المسلحة إلى أحزاب سياسية ممثلة بالسلطة.

إذن، أين الحل؟

لا أعلم.

ولا أنتم تعلمون.

كل ما أعلمه أن ذهاب محمود عباس غداً إلى غزة هو الدخول في نفق مظلم وطويل ، لا خروج منه إلا بمعجزة.

فهل محمود عباس هو النبي السياسي الفلسطيني من أرض الأنبياء، وصاحب المعجزة في شعب لا يريد غير المعجزات؟

[email protected]



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة الأعراب في أسباب الإرهاب
- محمود عباس والطريق إلى الدولة الفلسطينية
- -الإصلاح من الداخل- دعوة طفولية ساذجة لتطييب الخواطر وتقليل ...
- عراقٌ نادرٌ بين الأمم
- -منتدى المستقبل- خطوة على طريق -الشرق الأوسط الكبير-
- نحن والغرب: الشركاء الأعداء
- المثقفون والطغيان في المؤتمر الثالث للفكر العربي
- الواقع العربي المرير وأسئلته
- الانتخابات العراقية بين كفر المقاطعة ومعصية الاشتراك
- بشائر مؤتمر شرم الشيخ
- إنفلاج الصُبح في الفلّوجة
- هل يُصبح محمود عباس -غاندي فلسطين-؟
- نجاح -الجمهوريين- انتصار لمشروع التغيير العربي؟
- 3000 توقيع على (البيان الأممي ضد الإرهاب) ماذا تعني؟
- أسماء الدفعة الثانية من الموقعين على - البيان الأممي ضد الار ...
- أسماء الدفعة الأولى من الموقعين على (البيان الأممي ضد الارها ...
- خيبة العُربان والإرهابيين في الانتخابات الأمريكية
- الالتباس التاريخي في إشكالية الإسلام والحرية
- هل سيورّث عرفات سُهى الخلافة الفلسطينية
- لماذا كان -البيان الأممي ضد الارهاب- ولماذا جاء الآن؟


المزيد.....




- -حماس- تعلن وفاة أسير إسرائيلي يحمل الجنسية البريطانية
- فيضانات مدمرة تضرب أفغانستان وتخلف 200 قتيل
- ما صحة المزاعم المحيطة بمقتل رجل الأعمال الإسرائيلي في الإسك ...
- -الوقت ينفد-.. حماس تنشر فيديو لرهينة إسرائيلي في غزة
- أكثر من 300 قتيل في فيضانات مفاجئة في شمال أفغانستان
- قناة إسرائيلية تشبّه الليلة الماضية بالأيام الأولى للحرب في ...
- بوتين يصدر مرسوما بهيكلة الحكومة للهيئات الفدرالية للسلطة ال ...
- -يوروفيجن-: تأهل إسرائيل إلى النهائي يفاقم الانقسام ويؤجج من ...
- شاهد.. سرايا القدس تسقط مسيرة إسرائيلية وتسيطر عليها بغزة
- تفكيك الكيان الصهيوني على مستوى النموذج


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - محمود عباس والخوارج