|
طوافات عرفانية (1) صوم الكلام
عادل علي عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 13:23
المحور:
الادب والفن
طوافات عرفانية (1)
صوم الكلام عادل علي عبيد
هناك ../ على سفح النفس / تنوء قبرة بوحدتها / توغل بغربتها / تسكن مساحة الروح / هائمة تنوح .. / تسهم بالأفول / تنأى عن ذلك الصخب المريب / الذي يتوجس مسافات العقل والفعل / تستتر بظلها المفضوح / وتخفي شيئا من وجودها / تنشر استغاثاتها / لكن ثمة هتافات تناهز الضجيج / الضجيج الملتبس مع زحام الشك / الريبة التي تساور القلوب / توزع كشافات التقصي على امتداد أمارات التوجس / ومساحة المسافات المنتهكة / .. هناك / حيث الظواهر الدلالات ، راحت تحث الخطى متحرية فيض المداد / وجاهدة في كشف ظلمات الأوراق / ناصعها الذي يتماوج مع الاصفرار الزمني / .. على أديم الطرقات الممتدة / قبع ذلك الراهب بجلبابه القماط ، وخرقته التي تستر بقايا عظام / راح يتلو بصمت مفضوح تراتيله الترانيم / بهمهمة الخيول المتوجعة / تتسابق مفرداته المتعثرة وهي تلتف على لسانه المخشوشب / ذلك الذي يلهج ليل نهار بذكر خالق الوجود / المحرك الآلي / الأزلي / الهيولي / مفرداته التي تبحث عن مخارج لمآزقها المتجددة / الإثم الذي يقض ليله الطويل / والغور في الشك الملتبس مع توجس الذات / راح يبحث عن زمن الهزيمة / الأرواح التي تستبين نزعاتها / جالت تطوف بمحرابها متأرجحة بين الشهوة والعزوف / هناك ، تتمايل القبرة / نعم ، فثمة هزة أشعلت تلك القشعريرة الخجلة / العيون السكرى راحت تجول / تطوف بلا قرار / في فضاءاتها المزدانة بجموح الخيال / تبحث عن محطتها المغادرة / .. دون جدوى / فما عاد للنفس قرار ! / ناعسة تارة / وتارة في هيام / كم جرى النور بأحداقها / بلا استئذان / الجزع الذي راود أحلام القبرة / والسقم الذي هيمن على المكان / راح التفكر يخرق عبابه الثقيل / يتحسس أغنياته النادبات / لم يخلف عباب التأمل سوى لوحة من العذوبة والجمال / وراحت غرابة المواقف تفتق وجه الخيال / وتزيح شارد المشاهد نحو عالم يضج بالصخب المستديم / لم ندرك لحظة أثرا للهدأة / فحسبك سيدي ذلك التعنت الذي تتجاهر به نفسك / ودونك ذلك التعالي الذي لا يفضي إلا للهزيمة / نفسك المحتجبة خلف روحك / وروحك المتوارية خلف نفسك / تصرخ بحيرتها / وهي تفيض بزعيق تيهها / الخفاء الذي راحت تمتطيه وصولا إلى نشيد عالمها القلق / وعالمها الغيبي / ووجودها الذي استطال إلى العنان الشاهق / والفردوس الذي يقبع في الأقاصي البعيدة / الفيوضات التي تجتاحك تترك فيك نشوة تمتزج بين الارتجاف والدفء / بين الحقيقة والوهم / الوجود والعدم / الألفاظ التي أرغمته على الكلام / خرجت تتعثر بمعالم الوجود / وهي تخترق بريق العبارات وشعاع المعاني / راحت كشافات الشعر تفصح عن الق التوصيف / بمعان مجردة توحي للسمع جمال الأغنيات / وتثبت الحقائق / لامعة تترك شعاعا مستلا من خيوط الشمس / تبان مقاصدها جلية كصفاء البحيرات / تسلك سبلا مزدانا بزاد العارفين / إرادتهم ، إصرارهم الذي حجم أدوات الأفعال / الألطاف التي حصلوا عليها شاهدة مؤيدة لفعل ذلك الارتياض المستديم / وهو يجوب في دنيا المعارف والعرفاء / الوجد الذي يضغط على هوى الروح ويسحق غمرات النفس ، راح يتلو صلوات وأناشيد / وطوافات تطوي القريب البعيد / بضاعتهم العامرة بالتقوى / وانجذابهم إلى ما يبعد النفس عن مراحل الشهوات / أجنحتهم المرتعشة لم تستر سوى وجود هش / غادر ريشه من فرط اشتعال الدهشة / الغفلة التي تعتري النفوس تقترب خطاها من السن النار / تصطلي بحكايا الإثم / منغمرة من هول مشاهد الشهوات / المسوخ التي استهلكت صورها / أتحفت النفس بالتفكير / بالهيام في متاهات النفس والوجود / وراحت تمني أيامها وهي تحلم بعشبة الخلود / او تحصل على شيء من إكسير الحياة / فمثلهم سيدتي قد اغتر بفهمه غير عالم بما يحيطه من جهل يطبق حتى على بقايا أنواره / فالجهل وحده من ينخر ذاكرة العارفين / ويثقب جدر الفهومات ، ويخترق غليظ حجر القلاع الحصينة / فلا بيان او توضيح يكشف جلي الحقيقة / ولا حجب تحول دون شعاع تلك الأنوار / المقتربات من أفكارنا راحت تنأى بعزلتها وهي تغادرنا وتطوي شعاب الزمن / لم تدركها خطانا السابحة فينا / راحت تتألق وتغوص في رمال الزمن من دون أن تخلف عبارات للوداع / فما زالت خطانا الوئيدة تبحث عن أولى المحطات / وهي لا تدركها على الرغم من قريب المسافة وبسيط الطريق / إن خطانا المتخبطة بطرقنا المتشابكة لم تفصح عن معالم السبيل .
#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فاضل حسن الكعبي ..غربة الموت أم موت الغربة
-
وقائع الجلسة المفتوحة التي عقدها مركز معلمات وتطوير الأعمال
...
-
طفوف (6)
-
شهادة لآخر الجنود المنسحبين
-
طفوف (5)
-
اخيرا مات محمود واقفا
-
طفوف 4
-
طفوف (3)
-
طفوف (2)
-
طفوف (1)
-
كتاب الحوارات - لعبة التضاد
-
كتاب الحوارات ( بقايا الأثر)
-
كتاب الحوارات (اقتفاء الطيف)
-
100قصة من 6 كلمات
-
ادباء المزاح والضحك والسخرية
-
بقايا سخام
-
وطء على الجمر
-
هناك في القبر
-
الرصيف الثقافي
-
مرثية لابن الرومي
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|