أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - شهادة لآخر الجنود المنسحبين















المزيد.....

شهادة لآخر الجنود المنسحبين


عادل علي عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 3590 - 2011 / 12 / 28 - 10:09
المحور: الادب والفن
    


(احتلال) – مونودراما ، فلاش بك -

لقطة 1:
- جاك .. قف ، لا تصور رجاء .. انتظر حتى يكتمل جمع الأطفال ..
- جاك ، كم تبقى لديك من قناني الماء ؟..
- ماذا ؟ ، عشرة فقط ؟
- إذن ، سلط العدسات عليها بطريقة فنية ذكية ...
- او.. او .. اجلها أكواما ..
- ها .. ها هم .. ها هم قادمون ..
- تذكر جاك ، إن العالم ينظر إلينا ، الفضائيات ، الوكالات القنوات
- الـ ..... الو .. الو .. ارم القناني الآن ؟ .. ارميها ببطء ؟ ..
- لا تنسى أن تسلط العدسة على من يتزاحم لانتشالها ...
- (ولكن ) ... لم أر رجلا واحدا مع المتجمهرين ؟!!
لقطة 2:
- جاك : ماذا لديك الآن ؟
- ماذا ، راديو عدد 3 ؟ ..
- نعم نعم ، صور هذه اللقطة مع هذا الشاب وهو يتسلم مني الراديو ..
- ولا تنسى انه سيردد ثلاث مرات : عاشت أميركا .. ويلوح بشارة النصر !
لقطة 3:
- جاك : إذا تجولتم في طرقات المدينة ، لا بأس أن تبتسم ابتسامة سينمائية .. ولكن لا تثق بأي بشر - .. نعم ، فالكل عدو .. وتذكر ومثلما قلت لكم ، في حالة أي هجوم ، او حتى مضايقة ، فانشر رصاصك على كل الاتجاهات .. ارم (شامي ..عامي ) المهم أن تقتل اكبر عدد من الأشخاص .. جاك هذا هو ما يحد من تخرصاتهم .
لقطة 4:
- جاك : أثناء الجولات اليومية اظهر بكامل لباسك العسكري .. وتذكر بأنك تجسد شخصية (رامبو) .. أما سبابتك فعلى الزناد .. لا تنسى أن يكون وضعك هوليوديا .. (Position –positive ) .. واحرص على أن تبتسم ، بلا ابتسام .
- جاك : وزع قناني الماء على الجميع
- اظهر ذلك بطريقة الكرم الفرجيني
- جاك : إذا صافحت أحدا احرص على لبس قفازاتك .. او اغسل يديك بالماء والديتول .

لقطة 5 :
- جاك أتتذكر ذلك المكان ..
- هناك .. قرب تلك السدرة الوحيدة
- أتذكر السيارة التي تقل العائلة
- لم انس (جاك) تلويحة الأطفال من خلف زجاج تلك السيارة
- (جاك) : كانت السيارة تزاحمنا .. او اعتقد أنها ... لا ادري
- المهم أن عجلتنا المدرعة سحقت عليها .. ومضت
- (جاك) : سيبقى ذلك المشهد يطاردني ... يساور أحلامي
لقطة 6 :
- الو جاك ، على الرغم من علمي الأكيد بأن أجهزة اتصالنا مراقبة ، لكن هناك أمر يشغلني .. فها - نحن نصل الحدود .. ذلك تقاطع مجسر سفوان .. قطعنا مئات الكيلومترات ..
- جاك ، لم أر جسرا أقمناه ، او مدرسة عمرناها .. او قناة .. عذرا جاك هناك وشوشة على الخط !
- جاك : انتهى
لقطة 7 :
جاك : لا أنسى ذلك اليوم الذي كلفنا به سوية برمي القمامة خلف محرقة السيخ والهندوس في الشعيبة
كنت أتطلع إلى تجار المزابل ، وهم يركنون عرباتهم متزاحمين عليها ..
هل تذكر ماذا امرنا القائد في حينه .. قال : ساوموهم .. ارموا الأكوام على رؤوس التجار مقابل بيعها .. ولكن في اليوم الثاني لم يحضر أي احد إلى مكان رمي النفايات .. ولكن القائد المتعنت أصر على رأيه .. ورجعنا في اليوم الثاني إلى المعسكر .. انتشرت رائحة غريبة في عموم الثكنة .. أخيرا رميناها خلف محرقة السيخ والهندوس في الشعيبة .

لقطة 8 :
جاك : أثناء مداهمتنا لذلك المنزل .. لمحتك يا جاك .. ههه .. هــــهـ......ــه .. لمحتك بعدما فتشت ذلك الدرج الأنيق وأنت تضع حزمة الدولارات في جيبك .. ولكن السؤال يا جاك : هو من أين لهم هذه الدولارات ؟

لقطة 9 :
- الو جاك : الصور التي التقطتها كاميرتك غير واضحة
- هل كانت يدك ترتجف ؟
- ماذا .. هناك خلل في الذاكرة !
لقطة 10 :
جاك : سينتظرك الأهل والأصدقاء هناك .. ستستقبل استقبال الفاتحين . . وستلتقط الحسناوات عشرات الصور معك ..سترش الفودكا والمارتيني على رأسك ... ستتكلم بلا شك عن بطولاتك .. ستتكلم .. ولكن لا تذكر أي شيء عن أمرنا ونحن نرصد تلك الأشلاء الساكنة المنحدرة نحو البحيرة .. ارسم علامة الصليب .. وبارك انتعاش الأسماك .



(انسحاب)

(شهادة أولى)
تحت جنح الرماد يلوذ الحزن / المساءات التي لبست حلة الليل / تمضي إلى ضفاف الذكرى / لكن الحزن الشاهد راح يتربص ظلها / ها هم يرحلون / ليس سوى غبار الخيبة / وسطوة التاريخ الداعر / عيونهم التي ترصد الضباب / تهاجر في حدقاتها / يشخص فيها الهاجس القديم/ الليل السراب الذي بات يؤشر على الجريمة / ضراوة النيران .. احتدامها / وهي تمط ألسنتها في الهشيم / هناك في زوايا ذلك الكوخ المتوحد تشخص الذكرى / تختلط مشاهدها الهلامية مع سحب الدخان / وسيول النيران المنهمرة .. الممتزجة مع الآهات / تلك الأنات المتقاطرة تصدح في العراء / الطوابير المتراصة ترتمي متبعثرة كالخرق القديمة / سيولا تطيح بالعبارات المتلعثمة / وهي تلتحم بلهجة عجمتها .

(شهادة ثانية)
انطلق رتل الدورية بعدما أفصحت ساعة الصفر عن إفلاسها / النياسم الترابية المتعرجة ملآى برائحة ما تبقى من دخان الأمس / الزمر المترنحة تطوف على أكتاف الشوارع الإسفلتية / الحراب التي تتقدمنا تؤشر على وجهة الشمس / كان التماعها البريقي يتحدى سطوة القرص اللاهب / وهو يداعب التماع العيون القلقة وهي تتحدى ذلك اللمعان الصلف / القرى التي تلتحم بصمتها / ترصد ذلك السراب الكاكي وهو ينحدر في الأفق / صورة الخوذ المتحركة واخامص البنادق المتراقصة مألوفة للقرى الشاخصة بالموكب الغريب / القرويون الذين اعدوا عدتهم للمجزرة الجديدة / يلبسون أكفانهم التقليدية / فلا غرابة من الموت / هم عقدوا قرابة لن تضيع / حينما تتوجه الهمرات المتباطئة / يطلق الأهالي شعارات الشهادة قبل تحقق الموت / كان النسوة الموشحات بالفاجعة يرصدن الارتال المتقدمة وهن يطلن النظرات إلى الرجال الذين ينتظرون الموت / الأمهات اللواتي أسكرتهن توجسات الأمس / رحن يتبارين بالنواح .... كانت الملحمة مروعة / فلم تشفع لهم حصون الزرائب وحتى الربى البعيدة او قيعان الأودية والأخاديد النائية / لم يقلل صراخ الأطفال او عويل النسوة او صخب الشيوخ من هول المذبحة او يعطلها .. او حتى يقلل من بشاعتها / لكن القرى القريبة أشهرت رايات السواد / الرجال الملثمون لم يميزوا بين لون المخاخ او دماء الأعضاء فهيمنة السواد كانت منتشرة على طول المشهد / وضاعت معالم الأجساد .

(شهادة أخيرة ) :
هم مروا من هنا ، وعادوا من نفس المكان .. هم عبروا على أجسادنا إخوتنا ، جالوا بمدننا .. اجتازوا صحارى عروبتنا .. خرقوا مفازاتنا الحصينة ، بعثروا شرايين خرائطنا ، ورسموا دراما ملاحمهم على امتداد الطين المفخور بلفح حضارتنا .. هم شيدوا مائة وخمس من القواعد الحصينة المحصنة ، لكنهم تركوها واتجهوا صوب قواعد إخواننا الباقية الثابتة .. سينامون .. نعم سينامون هانئين ، بوداعة الحملان .. فهناك عيون ستحرسهم .. تحرسهم ولا تنام .. ستخزنهم ، تخمرهم ، وتحيطهم بسور سليمان .



#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفوف (5)
- اخيرا مات محمود واقفا
- طفوف 4
- طفوف (3)
- طفوف (2)
- طفوف (1)
- كتاب الحوارات - لعبة التضاد
- كتاب الحوارات ( بقايا الأثر)
- كتاب الحوارات (اقتفاء الطيف)
- 100قصة من 6 كلمات
- ادباء المزاح والضحك والسخرية
- بقايا سخام
- وطء على الجمر
- هناك في القبر
- الرصيف الثقافي
- مرثية لابن الرومي
- سرة ام مجيد
- المربد ..التاريخ والابداع
- ملحمة كلكامش
- طوة الغيب / الكتاب - الانتشار والاندثار -


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - شهادة لآخر الجنود المنسحبين