أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - طفوف 4















المزيد.....


طفوف 4


عادل علي عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 3579 - 2011 / 12 / 17 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


طفوف

(4)
عادل علي عبيد



الزنابق التي تعبس حدّ الارتواء
ترتمي ظمآى على الأحجار الساكنة
تنتشي بأصوات الهزيمة
سيدي لماذا الصمت الطويل ..
والنفس حبلى بالكلمات ؟
سيدي قد هدك الوهن ؟
هل استفاق جرحك من الضماد ؟
يصعقك رخيص الكلمات
لا يهمك سيل الإطراءات
وعسيل الجمل ..
الشعارات الرنانة
فهناك لقاء الرب لا محالة
وذلك الهجير الصلف يجتاح الرقاب
فالأصوات التي تمتطي صهوة اللغات
كالأهازيج الكسيرة
اصطدمت من جديد بحاجز اللسان الكبير
إذ لا عصفور في هذه الفيافي النائية
لكنما قبرة تنوح
وحمام على القباب جريح
الفاخت يردد أغنية الطفولة
قد سبقنا في استشعار القضية :
( ياقوقتيــــــــ ..
ويردد الأطفال : وين أختي
بالحلة .. استشرب ؟) ( (58)
هوذا الوعد يا أطفال
فالقراب المثقوبة قد نضبت
ولم يبق إلا خرير السراب
هدية السبايا والعطاش
يذوب القلب بين الجوانح اللاهبة
ها هو اليأس يطوي شعابنا والقفار
النزيف غير المنقطع .. والأنين الطويل
ينتظر الإجتثاث ..
سيدتي ...
هلا علمت متى انغلاق أبواب الزمن ؟
ومتى تستريح أمتي من سيول المحن ؟
ومتى يشعر غريبنا بأن قفار الجولان ..
وكثبان الجزيرة تنبيء بالوطن ..
متى اللقاء سادتي بالقادم المرتهن ؟
ماذا يبتغي الزمان غير النهايات
فالقادمون من مدن الموت البعيدة
قد تخلصوا من أكفانهم
وتجردوا من ثقل السيوف
فشوق الرمال و اجتياز الأجساد
بات وشيكا...
ومن بين فتور الذات المتأخمة
تستمع إلى استرجاع ريقك
الهواء والعصف المنحبس
مع تيبس الريق يعلو في الزعيق
أيها القادم من وحل التاريخ
لا تسرف بالماء .. لا تبذر الماء
( حتى ولو كنت على نهر جار )(59)
فالماء سر الأسرار
وعصب الليل والنهار
فمن ظمأ المحيطات
سيعلن موتك المبكر
وستحكي قصة انكسارك
لماذا تستبيح حروف الظلام ؟
فالليل حكاية عاهرة برغم حشمته والسواد
يا هدير الجدول المبحوح ..
هلا أعلنت خبر وفاة الفرات ؟
وأنت تمتشق الهزيمة .. وتعلن قداسا للألق ؟
هي ذي المسافات تنأى
المطر العسير
يلثم الهامات الفارغة
كأنه قصف المستوطنات الحزينة
تلك التي تعلن بياضها السواد
أيها المحاصرون :
هيا انهضوا
شقوا الصفوف
ابنوا صروحا للحتوف
هيا انشروا أجسادنا جسرا للعبور
والضفاف النائيات
مرت على الصدر المخرم بالمناجل
والعظام المتحطبة كانون الزمان
يا موقد الجسد والوشائج
تحاصرنا الأنهار من دون ماء
والزمان يزف للدنيا موت الفصول
المرافئ العطشى تصدّر النواح
فالدفوف موسيقى الخيول
تبعث مرثية للشتاء ..
وذلك الراكب الذي استشاط
من دون رحلة او عناق
ينسج الألواح من لحن الحوافر والنبضات
يرسم ملحمة ونشيدا
هاهم القادمون الجدد
يزحفون زحفا سلحفاتيا
ينسخون مشرق الشمس
باللوث الجديد يعجنون المآثر
والمداد الدماء شاهد وشهيد
هيا اشهدي يا حذام
هيا اكتبي يا حذام
قصة الدماء الجديدة
فنبوءتك قبل فقء العيون
صارت ملاذا للزمان
والجيوش السرابية
تنتشر في القفار كأجنحة الليل
هيا اكتبي يا حذام
أغنية للرحيل
فاليمامة ما حطت على المنارة ..
إلا لتبصر ملحمة الإجتياح
واليمامة الزرقاء ..
سرنا الكبير
..حلمنا القديم الجديد
برغم زحام التأويل
فما زالت المآذن والأضرحة تعج باليمامات النائحة
ومن شاهق القباب
يرسل الهدير الإدانة
حذار ... حـــــــ ..ذ .... أ ..ررر
ها هم القادمون الجدد
يعيدون الحلم القديم
الوعد القديم .. العهد القديم
سأبقى أنوح ...
ولو فقأتم كل العيون
فإنكم لا تخرسون اليمامات
والحجر الواحد لمرتين
صار عالما من اللدغات
فما زلنا نسمع النواح
وما زلنا نسمع النداء
يا يمامتنا الزرقاء

***

هيا نسكن السحاب
نقيم خلف البعيد
فالراوي المأجور المذهول
ينسج عباراته من دهشة السامعين
يتحدر من بلاد الآتي
إذ لم يعد الليل طويلا
فالترانيم قداس الماء
تمسح الدم عن عين الزمان
والرياح الحبيسة ..
تمتطي صهوة الأفق
يا اشتهاء النار للخشب القديم
تقظم ليالي الانتظار بلا هوادة
تجتاز الحكايات المواعظ
هيا اسجنوا الريح
فعين النار لا تخشى الغرباء
والماء يرتل سّورة الموت والظمأ
والمدى الموشح بالأغنيات
يجتاز التباسات العقل
وأنا الطائف بين الترقب والتوجس
أرسل ليلا كالصهيل
امتطي لغة القرار
اخبيء جرحي بين الثنايا والضماد
انتظر ساعات الاحتضار ..
أركز ضلوعي المثابات
كيما يهتدي القافلون
فمتى يصير الموت حبا
ومتى يتعظ الدفان ..؟
يا زمن الموت ...
تلتمس الشطآن والمرايا
لا تبال بالآخرين
أصبحت لا تقوى على المسير
خذ أسمالك القديمة
وارحل .. صوب التخوم
فالشمس قد بددت أحلام النهار

***

الضوء المنحسر تسلل من الباحة
يتحكم بحجمه السرمدي الطويل
مرّ على امتدادات الطول والعرض
وتوزعات المدن المعقودة بمعاهدات مصطنعة
مسح الصحارى الغربية والجزيرة وسيناء
اغتراب الشنفرى ، وحدة ابي ذر ، وطواف طرفة
(أيها الفقراء شاركوا الأغنياء أموالهم ) (61)
هكذا انسابت عبارات المغتربين خلف القفار
لكن الأرباتيد (62) ما زال يتجدد رغم النداءات المستهلكة
والأسبرانتو (63) تجتاح الحجب الشاخصة
ترنو إلى وحدة متشرذمة
العصبة التي بلا هدف
يجمعها التشتت ...
تصغي لغناء الريح
الشمال الجنوب .. الجنوب الشمال
تشرع بسيوفها الصدئة
تنتظر العد العكسي
تنطلق بلا رحمة
تسمر العيون الخيبة
تزدان بالقطاف المؤجل
ستنطلق الحناجر تردد أغاني الثوار
وأناشيد البطولة .. وصيحات الفاتحين
الرايات الخفاقة الحمر ممزقة بالهفاف
أيها الفاتح الجريح :
سأشد يدك الدامية
ببقايا منديلي الممزق
أتحسس حرارة جسدك الفاترة
وأنفاسك المشتعلة ...
والنهايات البعيدة
تنتظر رحيلك المرتقب
يا جرح العالم الكبير
هيا احتمي بجروحي الصغار


***

العذارى يلبسن الأكفان
يضارعن الشموس ..
تنحدر السويلفات أغصانا يابسة
مرمية على طول الدروب
يبعثن النواح من خلف الهوادج
وحداء الركب الحداء
ومن خلف الغبار الجاثم كالموت
يسيح رتل المخدرات ..
من بين الطرق الترابية القلقة
في الخدر تعتمل الأرواح بزحام الهواجس
ومن فوق الأسطح الغافية
تطل الرقاب ممتدة الأعناق
تبصر الهاشميات اللواتي يقتحمن الأمثال
ها قد زحفت الفضيلة على المدن
وتيمنت نساء المدن الآثمة بالقادمات المصونات
وهن يحملن رائحة الكبرى والبتول
أختاه هلا رميتني بخرقة ما ، فالبركات معقودة ببيتكم
أختاه هل لنا بزيارة ، فشرفنا يكتمل بكم سيدتي
فصوت الجد الكريم ما زال يحدو الجزر والرمال
وصليل ذو الفقار متجدد مع تقادم الزمن
أختاه يا بنات الرسول حطّن الرحال
فقد غادرتنا البركات وبتنا نرقب عودتها الغابرة
أعدن إلينا هجرة الفصول
وأرجعن بسمة الرسول
فما برح طيف المصطفى مرسوما مع العقول
أختاه .. يا لغرابة الزيارة
سنزرع الطفوف وردا ..
سنعفر القفار بالأس والقرنفل
بالمواليد وأغاني الأطفال
لكنما العسكر الآثم يسمع سهام الكلمات
وهو يعد النجوم في ذلك الليل الطويل

***

النفس سوح من جند
تتصادم فيها الرؤى
تتلاحم الأكتاف الفائرات ببعضها
تنسلخ اللباب القشور
عن القشور اللباب
والفكر المعلب ينحت تماثيل من صمود
المواقف تسيح ..
تسيل كلعاب الجريح
تحتدم ملاحم القلب والروح
وحفار القبور يرقب ذلك القلق
مبتسما بغضب ..
يضرب معوله في صدر الزمن
السيف الموغل في الجسد
يوشم بشارته بصدر الأرض
الجسد الذي يئن .. والأرض المتصدعة
حكايتان تتحدان مع الزمن
بموت الأرض يصرخ الجسد
وباندحار الجسد تزدهر الأرض
وبين الشد والجدب
توصل الحكماء إلى السر البعيد
وراحوا يعقدون الندوات والجلسات
قال خبير في النفس :
إنهما خير من خبرا جيوش الذات
سلاحها ، أدواتها ، خططها ... بل كل شيء
وتعجب الأطفال الموهومون بأفلام الدمى
أحداثها الكارتونية ...
تعجبوا بأصحاب المآثر الجديدة
كان أبطالنا .. تلامذة فرويد وهتشكوك
لا يبالون بكل الأصوات
الخارجة منا .. والداخلة فينا
وفي حادثة للموت القريب
مات احد دعاة الدمى الآدمية
متأثرا بشبح النفس
وتوصل المحقق البارع ..
إلى معرفة الجاني .. المرآة

***

الجند المتعثر بآثامه
يترصد خطى القادم البعيد
يصغي للأصوات المحتبسة بأعماقه
وأناشيد النصر التي تغادره
ينصت لخشخشة السلاح
موسيقى السيوف .. والرقص الباكي
يسمع هزائمه قبل حدوثها
هناك من يغني في الظلام
ويحلم بطرد أشباحه
فكل منا له أشباحه .. وموسيقاه
.. جبهته المحتدمة
المحترقة بأنفاسه
قبل استفحال الشظايا
وهجرة النيران
كان الجند يلتجئ لمثاباته
ينغمر بها ..
يختنق بالمحمول
فالشجر أسمى من السيف
وسمفونية الأمل تداهم أطياف الأجل
تجهر بالتحدي .. والذكرى
والجند يغرس أجزاءه
يحلم بالسلام .. يرفع راية الاستسلام
يصلب نفسه على خشب الروح
يترقب زحف الموت
ستقلع الأشرعة من هذه الأنفس الغرقى
تهاجر .. تحلم بالمرافئ
ليبقى السديم ..
يترك ذكرى وأنات
يترك حجارة وزعيق وتراتيل
هيا اهطلي أمطار الحب
كيما يتبرعم الإنسان
احفري جداول النفس ..
واسقي شتلة الضمير

***

البراري الموحلة تبعث التماعا للشمس
وبعد الهدنة ..
وصلت مساعيهم الحميدة
ولهول المصادفة
انشغلت مساعيهم بالبريق المصدف
ابرقوا إلى لجان متخصصة أخر
تبحث عن سر التماع الصحراء
قال الخبراء :
لعله النف .. او اليورا...او الزئبق
وقال آخرون : بل آثار نمرود ونيبور ..ووو
لكن المسز براون قالت :
إنها بقايا جماجم حروب صليبية
ونصبت في صحارينا المغتصبة
كاميرات ومجسات وعيون
البعض منا تصور أن حلولا
جديدة سليمة تنتظرنا
وهكذا أسسوا بيوتا ومجمعات
ومطارات وقاعات .. وقواعد
وأخيرا .. نسوا قضية نزاعنا
صرنا نتحاور مع خصومنا
أصبحنا أصدقاء
كنا وخصومنا نلتمس هجرة اللجان
يا خصمنا ..
كن لي وسيطا ... التمسك
خلصني من هذي اللجان ؟

***

تترقبني الريح ..
دمي المتفجر من ثنايا الروح
وقصائدي السيوف
وصوت مني :
هل انثلم سيفك ؟
فالمدن الصامتة ما زالت تنتظر الفاجعة
كتّف الغزاة مجرى نهرنا القديم
قالوا : انه يحمل مرثية للجنوب
الفارس المرتقب لن يجيء
كنا نسمع بطولاته من جداتنا
قالوا عنه مرة :
إنه عجن الدماء بالسبخ
تخيلناه ..حلمنا بعودته ألف مرة
صار رمزا .. مهديا .. مخلصا
أخيرا .. نفد صبرنا
سمعنا من أطفال القرى المجاورة ..
أن فارسنا المخلّص منشغل بسن سيفه
وسهرنا الليالي نتضرع للجليل :
متى يا رب تكتمل ملحمة سن السيوف ؟
قالت عجوز متصابية :
إن فارسكم المنشود التقى شقراء
في حانة أمريكية ...
ونسي سيفه البتار بماكنة الحدادة
صار السيف لامعا جميلا
لكنه استقر في ...
خزانة هدايا حبيبة بطلنا الموعود

***


أيها الغريب ..
أين تولي وجهك ؟
هل تفتش عن وطن ؟
وطن سلبته الوعود
إذن خذني معك
كي نبحث عن وطن معا
وطن مات خلف الأمنيات
أما سؤالك عني
فاني من وطن لا مال فيه ولا دار
اسمه فلسطين
تبعثرنا فيه ..انقسمنا .. وتهنا
صرنا نجمع شتات الأناشيد
التي هاجرت إلى مدن التيه
توزعنا ..
صرنا نحلم بالعودة
العودة إلى وطن المولد
وسنعود سيدي الغريب
ولكن .. سنعود غرباء
نتضرع للمشاهد .. والحارات القديمة
للسور المهدوم .. والمغارات العتيقة
سيدي : صار لي لوحة كالعجلات
ذات يوم أضعت بطاقة انسيابي
وعادت مكبرات الصوت تعلن عن تيهي الجديد
غربتي المتفردة
وعدت من دونما اكتشاف
وحرصت على أن أتجنس مواطنا في وطني
وهكذا اكتظت منازل اليهود
في الجيتو والاشكناز (64)
وأنا أطوف .. ارتطم بالأعمدة
ومانشيتات الدعاية
أخيرا أمسكتني الماباي (65)
قالوا لي :
عد إلى وطنك أيها الغريب

***
من اطمار التاريخ
يتدحرج ظلي نحو جسدي المثقوب
ارتق فتحته الكبيرة
ترتطم صرخي .. صوتي
بوجه القادم الجديد
يرتد إليك زعيقا
والفم البلوري ..
منشغل بالمدح والتعظيم
يحلم بالتصفيق والهدايا
ومن بؤرة الغبش
تنسل الجحافل القلقة
فالليل جثة مباحة للساهرين
الغزاة المنتشرون بربوع الوطن
يصلبون الورد على قارعة الفضاء الممتد
والضفاف البحرية بيافا
تحمل النواح هدايا
فمتى تقترب خطاك ؟
تلامس يدي الباردة يدي التي أثلجها الانتظار
فالأماني الكاسدة سيدتي لا تخدم الثوار
والعباءات المهاجرة من بيوتاتنا
تغادر مع الفواخت
نحو أحلام الفقراء
تحلم بالعودة
والرايات الملطخة بالوحل
سينفض المطر أدرانها
يا سيدي :
هل تفتح ذاكرة الأمس
فطيور الليل قد مرت على قفارنا الحزينة
تصرخ بلا مجيب
والوجع المحلق فينا
دون انتهاء
سيقودنا إلى ضفاف السلام
تتكور أحداثنا .. تتقزم كالذكريات
تصرخ بالسكون
يا أنت ؟
يا من تتدثر بهزيمتك
ها هو الغراب قد حط على ساحة نصرك
وأنا اعبىء ظلي
احشره في ثنايا النفس
والصمت الموغل في
فجر أوردتي .. شراييني الثائرة
يا ترى : من يدلني على قبري
كيما اخط آخر قصائدي آخر الكلمات
يا عروس الموانئ الباكية
يافا ...
موانئك .. حزنها السرمدي
تبتسم .. تزدان بالبحارة
بالسفن الوقورة
والرايات الممزقة
تجدد رحلتها بعد مواسم السهاد
يا أنت ؟
يا من تخفي سفنك العجوز
ترسل زعيقها النفير
تقول : أيها القادم
احبس أنفاسك
فمن هنا مرّ المسيح

***
الأوراق المتساقطة من شاهق الروح
لم تزد شجر الحياة إلا اخضرارا
وثمرا حلوا .. مر المذاق
إنها المواقف سيدتي
واللحاء الكساء
غلاف الألباب
يستر شطحات النفس
فعندما يهرم الشجر
يموت واقفا كعادته
وينمو الوليد مستظلا ..
بالأم العقور
تمر الأمطار خجلى
تنتظر عودة القرص الناري
وباحتباس الدم
تتلوى الجروح
تنتفض ..
تمتطي الشجر تحت فيء الشجر الخجل
لكن رائحة الجروح النتنة
تنتشر في الغابة المجاورة
ومن جوف الأرض يخرج الأنين
يتبع الأرواح الهائمة
والنبض الرافض
يصير أغنية
يفجر النفس بالأمنيات
يفتح أبوابنا الموصدة
يسبل الدروب بالثورة
يفتق أفقا للعبور
وثمة مرافئ جديدة
تمتطي الذات وصولا للتحرر
***
المرافئ النائية في بحر النفس
لا تبلغها السفن الكهول
وفي بحار العتمة ثمة موانئ مستحيلة
تغفو على صخب وانين
البحارة الشاردون نحو المحيطات
يقتحمون الضباب الثائر
والدخان المهاجر المجنون
يحمل آثام الروح
وليس هنالك مجال للألق
فالرياح العاتية قد ألغت بارقة الأمل
وهجرة اللقالق تأجلت لأسباب مجهولة
والقبرة الراحلة تصرخ بلا مجيب
الأصداف التي حملت تداعيات الجزر النائية
والموج الذي يحمل زعيقا متجددا
راح يكشف عن زمن الجريمة
فهناك إذ يرقد الغرقى
أجسادهم مخابئ الأسماك
والعيون التي اتخذت ملاجئ للاحتماء
فنواح اليمام قد أفل
والموت قادم لا محالة
فهل من معين سيدتي ؟
هل من معين ؟
واليوم احترق حقلي
.. نضبت قوتي
نشرت استغاثتي على طول السبل
بلا مجيب
قال طفل مذعور من مشهد الاحتراق
ثمة رجل واحد في الحارة
هرعت نحوه
سيدي أيها المنقذ الأوحد
ذاك حقلي المتلاشي ..
مشمول بالإلغاء
التفت اليّ مبتسما
كان يحمل سجارة لما تشتعل
قال :
شكرا سيدتي
لقد أغناني احتراقك عن طلب القداحة
لكنما شهما آخر كان يرقب المشهد
اقترب مني واثقا ..
يحمل كاميرا وجهاز تسجيل كان آخر الرجال المنقذين
ابتسم اليّ
نشر آلتيه بحركات بهلوانية رشيقة
وقال منتصرا :
يا للسبق الصحفي















(58): يفسر الأطفال في جنوب العراق والوسط هديل الفواخت بهذه الأغنية الشعبية والتي جاءت متناسبة كالطقطوقة مع موسيقى الهديل . ولقد سمعت من احد الشعراء الشعبيين قوله :
اون واشجي حمام الدوح وانداي
على اللي ما يسمعون اشجاي وانداي
السيح ما يروي العطشان وانداي
متى ياتي الفرج واشرب بديه
(59) : القول للإمام علي (عليه السلام) لأبنه الحسن : يا بني لا تبذر الماء ، فأجابه الحسن : حتى ولو كنت على نهر جار . فقال : نعم ، حتى ولو كنت على نهر جار .
* مع اعتزازي بقصيدة الصديق الشاعر عبد العزيز عسير ( مسير الليالي الثلاث) .
(60) : حذام : هي زرقاء اليمامة ، من بني جديس باليمامة ، يضرب بها المثل في حدة البصر ، لما أقبلت جموع حسان بن تيم الحميري رأتهم فيما رواه الجاحظ عن مسيرة ثلاثة أيام وأنذرت قومها فلم يصدقوها ، فاجتاحهم حسان ، وكان من نتيجة صدقها أن فقئت عينيها . سميت زرقاء لزرقة عينيها ، وضرب بها المثل بقولهم : (إذا قالت حذام فصدقوها فنعم القول ما قالت حذام ) .
(61) : القول للصحابي الجليل ابي ذر الغفاري (رضوان الله عليه) .
(62) الاربارتيد : التمييز العنصري
(63) :الاسبرانتو (Esperanto) : لغة عالمية استخدمت بأغراض بعينها وقد اخترعها ل . ل . ل . زامنهوف (1859-1917) واتجه فيها إلى التبسيط فطبع قواعدها بطابع اللغات اللاتينية ، واشتق ألفاظها من ألفاظ اللغات الأوربية ، وقام المتحمسون لها بعقد المؤتمرات وتوجيه الحملات حتى حصلوا على الاعتراف الرسمي بها في كثير من البلاد . وقد نشرت مطبوعات هذه اللغة وانتشرت في نطاق واسع . والهدف من إقامة لغة عالمية لتسهيل المعاملات والنطق بين الناس وقد حاولت الصهيونية أن تستخدمها لإغراضها الخاصة .
(64) الجيتو : حي اليهود . و(الاشكناز) : منظمة تجمع اليهود .
(65)(الماباي) : حزب صهيوني حاقد على كل ما هو عربي ومسلم .



#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفوف (3)
- طفوف (2)
- طفوف (1)
- كتاب الحوارات - لعبة التضاد
- كتاب الحوارات ( بقايا الأثر)
- كتاب الحوارات (اقتفاء الطيف)
- 100قصة من 6 كلمات
- ادباء المزاح والضحك والسخرية
- بقايا سخام
- وطء على الجمر
- هناك في القبر
- الرصيف الثقافي
- مرثية لابن الرومي
- سرة ام مجيد
- المربد ..التاريخ والابداع
- ملحمة كلكامش
- طوة الغيب / الكتاب - الانتشار والاندثار -
- قصائد
- صور
- سطوة الغيب / ج1


المزيد.....




- تحت الركام
- ألعاب -الفسيفسائي- السردية.. رواية بوليسية في روايات عدة
- لبنان.. مبادرة تحول سينما -كوليزيه- التاريخية إلى مسرح وطني ...
- MAJID TV “تثبيت تردد قناة ماجد 2024” .. نزلها في خطوة واحدة ...
- الروائية ليلى سليماني: الرواية كذبة تحكي الحقيقة
- -الرجل الذي حبل-كتاب جديد للباحث والأنتروبولوجي التونسي محمد ...
- شارك في -صمت الحملان- و-أبولو 13?.. وفاة المخرج والمنتج الأم ...
- تحميل ومشاهدة فيلم السرب 2024 لـ أحمد السقا كامل على موقع اي ...
- حصريا حـ 33 .. مسلسل المتوحش الحلقة 33 Yabani مترجمة للعربية ...
- شاهد حـ 69 كامله مترجمة .. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 69 بجود ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - طفوف 4