|
الكُرد .. بينَ حساب الحَقل والبَيدَر
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 09:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هنالك بوادر على الأرض ، لمُخّططٍ خطير رُسِمَ منذ سنوات للمنطقة ، وبدأت ملامحه تظهر بعض الشئ .. ولعلَ تسريب نُتَفٍ منهُ خلال العشر سنوات الماضية ، مثل خطة بايدن لتقسيم العراق ، وبعد ذلك تقسيم بلدان اُخرى .. لم تَكن إلا بالونات إختبار ، لقياس ردود الأفعال المُتوقَعة ، وإضافة التعديلات اللازمة للسيناريو الأصلي . رغمَ تَوّفُر العديد من الأمور ، التي تجمع الكُرد من الأجزاء الاربعة : العراق / تركيا / إيران / سوريا ، من قبيل اللغة والدين والأرض المُترابطة والتأريخ .. إلا انه هنالك بالمُقابل ، نقاط ضُعف تعتري هذا التقارُب والوحدة المُفتَرَضة .. مثل إختلاف التطور السياسي الاجتماعي الإقتصادي ، في كُل جزء .. والفَرق في طبيعة أنظمة الحُكم في البُلدان الأربعة .. والتنافُس الحاد ، مابَين القوى والاحزاب السياسية الكُردية ، في هذه الأجزاء ، وفشلِها في خلق موقفٍ مُوّحَد ، وإتباع إستراتيجية واضحة ، تأخذ بنظر الإعتبار ، المصلحة الكردية الجامعة .. بل عجز المؤسسات السياسية والأكاديمية الكُردية لِحَد الان ، عن الإتفاق على " لُغة مُوّحَدة " تجمع مُختلَف اللهجات الحالية . من البديهي ، أن أقليم كردستان العراق " أو ما يحلو للكُرد تسميته كُردستان الجنوبية " ، في وضعٍ مُتقّدِم على بقية أجزاء كردستان ، للعديد من الأسباب ، لَعّل أهمها ، هي الثورات التي خاضَها الشعب الكردي والتضحيات الجِسام التي قّدمها ، في هذا الجُزء ، منذ وقتٍ مُبّكِر ، مُقارنة مع الاجزاء الأخرى .. إضافةً الى الإستفادة من الوضع الدولي المُستَجِد والتحولات الكُبرى ، في مطلع التسعينيات من القرن الماضي ... وفَرض الإدارة الذاتية الكردية ، تحت حماية المظلة الدولية ، منذ 1991 . ولم يجرؤ القادة الكُرد ، على إستغلال الإحتلال الأمريكي للعراق في 2003 ، والفوضى الكبيرة الناتجة عن ذلك .. في تكريس إنفصالهم عن العراق ، وإعلان إستقلالهم [ ورُبما كانوا مُحِقين في موقفهم آنذاك ] .. وكُل الذي إستطاعوا فعله ، هو تثبيت عدة مواد في الدستور الدائم الجديد ، تحفظ للكُرد حقوقهم ، وتردع الآخرين من العودة الى السياسات الشوفينية القديمة . غير ان الوضع في اقليم كردستان العراق ، منذ 2003 ولِحد الان ، هو في إعتقادي ، ليسَ مُجّرَد [ فيدرالية ] ، بل انه يتجاوز في بعض المفاصِل في الواقع العملي ، ليصل الى [ الكونفيدرالية ] .. والمُشكلة الأساسية ، هي ان مُطالبة الكُرد المُستمرة ، بتطبيق ( الدستور ) بحذافيره ، تُتيح لهم التصرُف كما الان .. فعدم تشريع قوانين في غاية الأهمية لِحد الان ، أي بعد مرور تسعة سنوات ، مثل قانون النفط والغاز الذي من المُفتَرض ان يُنّظِم ويُقّنِن إنتاج وتصدير النفط ، فغياب هذا القانون .. يسمح للكُرد بتوقيع عقود مع الشركات الاجنبية .. والتماطُل المُستمر من قِبَل بغداد ، في تطبيق المادة 140 ، يُقّدم ذريعة للكُرد ، في [ عدم الثِقة ] بالشُركاء الآخرين ، ويميلون الى التَشّدُد ورفع سقف مطاليبهم .. رُبما تحت ضغط الشارع الكردي ... وكذلك فُقدان المركز أو الحكومة الإتحادية في بغداد ، لأي نفوذ ( فعلي ) ، على الجيش او الشرطة والقوى الامنية ، في أقليم كردستان ، وحتى التشكيلات العسكرية او الأمنية [ الإتحادية ] المُتواجدة ، في الأقليم حالياً ، هُم من الكُرد . رغم كُل هذه المشاكل ، بين الأقليم وبغداد ، وبالتالي بين القادة الكُرد ، وقادة العملية السياسية في بغداد .. فأنني أرى ، بأن أعداد العراقيين من غَير الكُرد ، الذين أصبحوا يتفهمون الطموحات الكردية ، ويستوعبون إمكانية إنفصال الكُرد عن العراق في المُستقبل .. هذه الأعداد في تزايُدٍ مُستمر .. وأعتقد ان هنالك أملٌ حقيقي ، ان يَتُم ( الطلاق ) بين الطرفَين ، بطريقةٍ وِدية ، بعد أن يجري التفاهُم والتنسيق بينهما ، على الحقوق والواجبات وكيفية رعاية الأطفال !! .. والأطفال هُنا ، هُم المناطق المتنازع عليها ، وإدارة المياه والثروات المعدنية والمشاريع المُشتركة ..الخ . لا أتَصّوَر ، ان تقوم قائمة ل ( دولةٍ كُردية ) في شمال العراق ، من دون ضوءٍ أخضر ، أمريكي وغربي عموماً .. ولا أعتقد ان يجري ذلك ، من غير التفاهم والتنسيق بين أمريكا والغرب من جانب و [[ تُركيا ]] من جانبٍ آخر . وأرى ، بأن تُركيا ، هي حَجر الأساس بالنسبة الى هذا المشروع الدَولي .. وان الولايات المتحدة ، تُحاول حثيثاً ، ان تُقّرَبَ أكثر بين كُرد " العراق " وبين النظام التركي .. ولقد نجحتْ في هذا المسعى الى حَدٍ كبير لِحد الان ! . وتركيا ، قد غّيرتْ من تعامُلها مع أقليم كردستان العراق ، خلال السنوات الماضية حسب الخطة التي أرى أنها وِضِعتْ منذ سنين طويلة ، في الدهاليز المُتشابكة ، للأجهزة الامريكية والتركية . وليس من المُستبعَد ، أن تُشّجِع تركيا ، قيام دولة كردية في شمال العراق .. بشرط [[ أن تقوم بإتحادٍ كونفدرالي مع الدولة التركية ]] !. وبالضرورة وكشرطٍ لقبول تركيا لهذه الفكرة ، ستكون هذه الدولة ( مُعادِية ) لتوجهات حزب العمال الكردستاني وطموحاته في الاستقلال او الحكم الذاتي الواسع . ومن الممكن ، أن ( يُجَر ) كُرد سوريا جّراً الى الإنخراط في هذا المشروع . أعتقد ، ان على الساسة الكُرد ، ولا سيما في أقليم كردستان العراق ، وحزب العمال الكردستاني .. تَوّخي الحذر الشديد ، في التعامل مع هذا الملف الخطر . ففي كُل الأحوال ، أرى ان التنسيق والتفاهُم ، مع [[ العَرَب ]] ، سواءً في العراق أو سوريا ، سيكون أجدى وأنفع ، للكُرد وللعرب أيضاً .. وسيفيد العرب خصوصاً ، إذا تَبَنوا الطموحات المشروعة للكُرد في إقامة دولةٍ كُردية في شمال العراق ... وفي جميع الأحوال : ان التشرذم الكردي والإنقسامات الداخلية ، لن تُساعد على تحويل الطموح الكردي الى واقعٍ ملموس .. وكذا التشرذم العربي والخلافات البينية ، لن تُوّفِر للكُرد ، فُرصة حقيقية ، للتفاهمات الكُبرى على مُستقبل المنطقة . عموماً .. هنالك فُرص معقولة اليوم ، أن تُقارب حسابات البيدَر الكردي ، حسابات الحقل ... إذا تكاتفتْ الجهود الكردية ، وتصرفتْ بِحكمة ... وساندها بعض الحظ !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رئيسٌ ( كُردي ) للقِمّة ( العربية ) !
-
يبدو أن ( سّيداً ) قد ماتَ !
-
أسباب ضغط الدم والجَلطة
-
إحتيالٌ وتزوير
-
أنتِ الأفْضَل .. أنتِ الأرْوَع
-
ليسَ دِفاعاً عن - زينة التميمي -
-
اللُص يضرُط مَرّتَين
-
الأبنية المدرسِية
-
ألوضعُ ليسَ .. آخر حَلاوة
-
العَجَلَة من الشَيطان
-
الذي يَسْتَحِق العَيش
-
المسؤولين العراقيين وشَجرة الجّنَة
-
مَجلس النواب وعَودة حليمة
-
الطلاق .. محلِياً وفي المهجَر
-
الشعارات الخَطِرة
-
لَعّلَ وعَسى
-
التُفاح المُحتَضِر في دهوك
-
المرحلة الحمارية والمرحلة القردية !
-
معارِك آيات الله ، على السلطةِ والنفوذ
-
سوريا .. فوضى ومُستقبلٌ غامِض
المزيد.....
-
فيديو أشخاص -بحالة سُكر- في البحرين يشعل تفاعلا والداخلية تر
...
-
الكويت.. بيان يوضح سبب سحب جنسيات 434 شخصا تمهيدا لعرضها على
...
-
وسائط الدفاع الجوي الروسية تدمر 121 طائرة مسيرة أوكرانية الل
...
-
-بطاقة اللجوء وكلب العائلة- كلّ ما استطاع جُمعة زوايدة إنقاذ
...
-
في اليوم العالمي لحرية الصحافة: هل يعود الصحفيون السوريون لل
...
-
مسؤول عسكري كوري شمالي من موسكو: بيونغ يانغ تؤكد دعمها لنظام
...
-
صحيفة برازيلية: لولا دا سيلفا تجاهل 6 رسائل من زيلينسكي
-
-باستيل- فرنسا يغري ترامب.. فهل تتحقق أمنية عيد ميلاده؟
-
روسيا تعرب عن استعدادها لمساعدة طالبان في مكافحة الإرهاب
-
ترامب ينهي تمويل خدمة البث العامة وهيئة الإذاعة الوطنية الفي
...
المزيد.....
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|