أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - لا، يا سيدي، ليس للوقاحة حدود















المزيد.....

لا، يا سيدي، ليس للوقاحة حدود


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 19:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


"أنتم منذ أن عرفتكم البشرية تنتهجون الكذب" - أطاح بوجهي، دون إنذارٍ سابق، السيد وليد محمد ياسين ("الحوار المتمدن" - 2012 / 3 / 8)
"أنتم" هم اليهود طبعاً. ومن يمكن أن يكونوا غير اليهود؟ هل هناك قومٌ آخر انتهج الكذب منذ أن عرفته البشرية سوى الشعب الذي منح العالم "الوصايا العشر"؟

(على ذكر الوصايا العشر أذكر أن البروفسور عكيبة أرنست سيمون (1899-1988) كان يقول لتلاميذه في الجامعة العبرية: هناك بين الوصايا العشر وصية مؤلفة من كلمتين فقط جاءت بصورة أمرٍ إلهي مطلق، بلا شروط، بلا قيود وبلا تحفظات: لا تقتل - לא תרצח)

على كل حال الكاتب الذي تفتق ذهنه عن هذه الجملة الجميلة لم يسمع، على ما يبدو، عن "الوصايا العشر" لكنه يعرف أمراً أو أمرين عن الوقاحة. السيد وليد ياسين خبيرٌ بالوقاحة. وإلاّ كيف نفسر أنه اختار لمقاله، من بين كل العناوين الممكنة، العنوان التالي: "وللوقاحة أيضاً حدود!!" (علامات التعجب في الأصل)؟ وكأنه يريد أن يتحدانا ويقول: ها أنذا بطل الوقاحة الذي لا يعرف الحدود - هل من منازل؟

سألت السيد وليد ياسين في أية صفحة من كتاب "ماين كامبف" عثر على هذه العبارة. لم يجبني. ربما خجل. أو ربما أراد أن يحتفظ لنفسه بحقوق النشر والتوزيع. لا أعرف.
على كل حال، في محاولة يائسة أخيرة لإنقاذ ما تبقّى من سمعة "أنتم" المنهارة، قلت لصاحب المقال إنّ "أنتم" وإن انتهجوا الكذب منذ أن عرفتهم البشرية (وربما قبل ذلك. ماذا عن قايين وهابيل؟) إلاّ أن إسهامهم في الحضارة الإنسانية لا يمكن إنكاره. ولكي أثبت له ذلك ذكرت له اسماءً (كنت أعرف سلفاًً أنها لا تقول له شيئاً) مثل ماركس، فرويد وآينشتاين.
الجواب (على لسان واحد وائل أيوب وبلغة عربية هزيلة) جاء سريعاً حاسماً ولم يترك مجالاً للشك في المصير الذي ينتظر "أنتم":
" أثار الجرائم لم ولن تنساها التاريخ، منذ بزوغكم وتخليصكم من فرعون بفضل الله ونبيه موسى عليه السلام، كذبتوه وأشركتم بالله وعبدتم العجل. وثم حاولتم قتل المسيح عليه السلام."
(حاولنا قتل المسيح؟ لقد قتلناه يا أبله!)

وهناك أيضاً السيدة رانية مرجية التي بلغ إعجابها بالأستاذ المجتهد حد الأورجازما: " استاذ وليد انت صادق صادق صادق".
(سيدتي الفاضلة - قلت لها بعد أن هدأت - إذا كان أستاذك صادقاً فإن "صادق" واحد كان يكفي).

كل ذلك حدث عندما قرر السيد وليد محمد ياسين (كاتب صحفي ومترجم) أن يجمع عدداً من الأكاذيب وأنصاف الحقائق، يتقلد رمح دون كيشوت، يمتطي حصانه ثم يخرج لمحاربة طواحين الأبرتهايد في اسرائيل.

المواطنون العرب في اسرائيل يعانون من التضييق والتمييز القومي ضدهم. مواطنو اسرائيل العرب، أضافة الى ما قد تعانيه كل أقلية قومية في بلدٍ ديمقراطي، يعانون أيضاً من آثار الصراع الأسرائيلي-العربي. دولتهم اسرائيل في حربٍ مع شعبهم العربي الفلسطيني. هذا وضعٌ لا يطاق وهو يضع أمام القوى التقدمية والديمقراطية، اليهودية والعربية، مصاعب جمة.
هناك أيضاً الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية الذي يسمم الحياة السياسية والإجتماعية والأخلاقية داخل اسرائيل نفسها، هناك اليأس الذي أصاب أكثرية الشعب الإسرائيلي من امكانية الوصول ألى اتفاق سلام مع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وهناك الهجمة التي يشنها في هذا الجو المشحون اليمين، السياسي والديني، على الديمقراطية الإسرائيلية.
على رأس سدة الحكم في اسرائيل تقف حكومة يمينية متهورة ومواطنو اسرائيل العرب يعانون من التضييق والتمييز القومي. لكن اسرائيل ليست دولة أبرتهايد بل دولة ديمقراطية ذات مؤسسات مدنية، برلمان منتخب، صحافة حرة وقضاء مستقل.
اسرائيل، عزيزي وليد ياسين، وأنت تعرف ذلك جيداً، لا تقتل مواطنيها العرب "بدمٍ بارد". قد تكون الأحداث الأخيرة في سوريا أربكتك وشوشت تفكيرك. لكن اسرائيل ليست سوريا. ومن يقتل عربياً في اسرائيل يقدم للمحاكمة وينال قصاصه العادل وليس "كما كان ابان فترة الابارتهايد العنصري، حيث لم يحاكم البيض على قتل السود، هكذا لا يحاكم اليهود في اسرائيل حين يقتلون فلسطينيا".

أريد أن أكون واضحاً منذ البداية: أنا أتكلم عن اسرائيل لا عن الأراضي المحتلة. الأراضي المحتلة ليست اسرائيل. الأراضي المحتلة تهدد بابتلاع اسرائيل والقضاء على المشروع الصهيوني برمته. الوحيدون الذين يخلطون بين اسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة هم المستوطنون اليهود وكتابٌ عرب من أمثال وليد ياسين. وقديماً قالت العرب: وافق شنً طبقة.
كما أريد أن يكون واضحاً أيضاً: ليس قي ما أقوله دفاع ولو بالضئيل عن سياسة الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية وعن من يقف على رأسها الذي هو، في نظري، واحدٌ من أكبر المحتالين والمراوغين الذين عرفهم تاريخ اسرائيل.

رغم الهجمات الرجعية التي يشنها اليمين الإسرائيلي على المؤسسات الديمقراطية في اسرائيل دولة اسرائيل لا تزال دولة ديمقراطية عصرية ينص ميثاق تأسيسها، الذي يعرف باسم "ميثاق الإستقلال"، على أنها " تحافظ على المساواة التامة في الحقوق اجتماعيًا وسياسيًا بين جميع مواطنيها دون تمييز من ناحية الدين والعرق والجنس وتؤمن حرية العبادة والضمير واللغة والتربية والتعليم والثقافة" للجميع.
أول "قانون أساسي" سنّ في اسرائيل هو "قانون حرية الإنسان وكرامته".
هذا ما يعنيه اليسار الصهيوني عندما يقول: نريد اسرائيل دولة يهودية ديمقراطية ودولة كل مواطنيها.

لم أفهم أبداً أولئك المثقفين والكتاب العرب (من أمثال وليد ياسين) الذين يعرفون الحقيقة لكنهم يفضلون إخفاءها واستبدالها بأكاذيب كلما كان الأمر يتعلق بإسرائيل. أنا أدرس هذه الظاهرة منذ سنوات ولم أجد لها تفسيراً سوى ما أطلقت عليه مرةً اسم "العقدة الصهيونية". كل كذبة مرحبٌ بها في الحرب ضد "الكيان الصهيوني".

كل من رأى نائب رئيس الكنيست، عضو الكنيست العربي أحمد طيبي، يترأس جلسات مجلس النواب الإسرائيلي يعرف أن مشهداً كهذا لا يمكن أن يحدث أبداً في دولة أبرتهايد. وليد ياسين يعيش في اسرائيل ولابد أنه رأى هذا المشهد أكثر من مرةٍ واحدة. لماذا يقول إذن إن العرب في اسرائيل يعيشون في نظام أبرتهايد؟ (هناك أحمق آخر اسمه يامن زيدان يقول إن إسرائيل عبَرَت الابرتهايد بأشواط منذ زمن).

أقرأوا أيضاً ما يلي:
"دولة اسرائيل تحاكم النواب العرب لقيامهم بواجباتهم السياسية خلافا للاجماع الصهيوني"
هذه الجملة هي كذبة واحدة من أولها ألى آخرها. ليس هناك في اسرائيل من يستطيع أن يعتدي على حصانة النواب العرب. للنواب العرب في اسرائيل نفس الحقوق بالضبط، ونفس الحصانة القانونية بالضبط، كما للنواب اليهود وذلك رغم إنف اليهود الفاشست (ورغم إنف وليد ياسين). أنا أتحدى وليد ياسين أن يذكر لي اسم نائبٍ عربي واحد حوكم لقيامه بواجباته السياسية. قل لي، السيد وليد ياسين، ما اسم هذا النائب وما هو العمل السياسي الذي حوكم بسببه؟ إذا لم تستطع أن تفعل ذلك فإنني أتهمك بخدع القراء.

"اسرائيل تريد محاكمة من يحيي ذكرى نكبة شعبه" - كذبة غوبلوزية نموذجية ("إكذب ثم إكذت ثم إكذب"). انتبهوا الى عبارة: "اسرائيل تريد". من هي هذه ال"إسرائيل" التي تريد؟ اليمين المتطرف بالطبع يريد ذلك. ولكن أي مواطن عربي اسرائيلي حوكم حتى الآن لأنه أحيى ذكرى "النكبة" ؟ هل أحييت أنت هذه الذكرى يا سيدي الفاضل؟ هل حوكمت؟

ليس في مقال السيد وليد ياسين كلمة صحيحة واحدة. هذا المقال هو مجموعة من الأكاذيب لا يصدقها حتى الكاتب نفسه. وهذا يقوله إنسان قضى كل حياته في الدفاع عن حقوق المواطنين العرب في اسرائيل وفي محاربة التمييز القومي ضدهم
عن افتراءٍ واحدٍ لا استطيع أن اسكت. الكاتب يقول: (دولة اسرائيل تحاكم سبعة شبان عرب من مدينة شفاعمرو، بتهمة قتل ارهابي يهودي قتل اربعة من ابناء المدينة بدم بارد). هذا كذب ووقاحة وافتراء
القضاء الإسرائيلي يحاكم الشبان العرب لا لأنهم قتلوا إرهابياً يهودياً دفاعاً عن أنفسهم بل لأنهم قتلوا إنساناً مكبل اليدين بعد أن قبض عليه ونزع عنه سلاحه. السيد وليد ياسين ربما يريد أن يعيش في بلدٍ يجوز فيه التمثيل بإنسانٍ مكبل اليدين. السيد وليد ياسين قد يفضل العيش في بلدٍ يباح فيه قتل أنسانٍ بدون محاكمة. هذا شأنه. ماذا يريد منا؟ لماذا يريد أن يجرنا الى مستواه؟ هل هذا هو ما يريده لشعبه؟ اسرائيل ليست غزة أو ليبيا. اسرائيل هي دولة قانون. في اسرائيل لا يجوز التمثيل بأسيرٍ مكبل اليدين، ولا يباح فيها قتل أنسان بدون محاكمة. من يفعل ذلك يقدم للقضاء يهودياً كان أم عربياً.
قلت لوليد ياسين كل هذا الكلام لكن الغريب (بل ربما ليس غريباً) أنه لم يفهم أبداً ماذا أريد منه ولماذا أزعجه بحديث لا معنى له عن دولة قانون وعن تقاليد أنسانية متعارفٍ عليها. اسمعوا جوابه (سأتركه لكم بدون تعليق):
" بالتأكيد كنت انت ودولتك تريدون للارهابي زادة ان يخرج من شفاعمرو حيا بعد ان قتل اربعة مواطنين مسالمين كي تمجدوه وربما تمنحوه نيشانا كما منحتم نياشين لغيره". هذا الكلام المخزي يقوله مثقف عربي تقدمي.
(ومع ذلك سؤال واحد لا أتمالك الإمتناع عن سؤاله: ماذا يعرف وليد ياسين عني شخصياً بحيث يجعله يعتقد أنني أريد أن أمنح زادة نيشاناً لأنه قتل اربعة مواطنين عرب؟ هل هناك في تاريخي ما يشير ألى ذلك؟)





#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى اغتيال صديقي شهاب أحمد التميمي
- المعادلة
- من يريد أن يشطف دماغه؟
- العقدة الصهيونية
- -La Femme Fatale- أو: هي ليست جان دارك
- أخبار من العدو الصهيوني
- محامي الشيطان أو عمّن يدافع محمد نفاع؟
- الحكيم الذي لا تكفيه الإشارة
- قتلناهم وقتلونا
- إنتصار الأمهات
- لماذا ابتسمت أحلام التميمي؟
- שנה טובה! (سنة طيب ...
- ديالكتيكهم وديالكتيكنا - ستالينيتهم وماركسيتنا-2
- غوغاء لا حثالات ولا ثوار يقتحمون الباستيل
- إخفضوا رؤوسكم أنتم مصريون!
- ديالكتيكهم وديالكتيكنا - ستالينيتهم وماركسيتنا-1
- خطوة الى الوراء
- أي بيت فلسطيني تحتل يا يعقوب؟
- الخدعة الكبرى : نظرية التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي
- أنا إرهابي فخور


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - لا، يا سيدي، ليس للوقاحة حدود