أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حميد غني جعفر - نفحات من انتفاضة آذار المجيدة - 1991 -















المزيد.....

نفحات من انتفاضة آذار المجيدة - 1991 -


حميد غني جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 3661 - 2012 / 3 / 8 - 20:37
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما كان في حسبان الطاغية وأعوانه أن يحدث الذي حدث في مثل هذه الأيام الخوالد من آذار الربيع والعطاء ، وكان يظن - واهما - بأن الشعب بات طوع أمره وبنانه واستسلم لمشيئته خوفا من جبروته وبطشه وطغيانه ، وما درى بأنه وحاشيته الأوباش لوحده في واد - والشعب كله في واد آخر .. بركان يغلي ولابد أن يتفجر يوما .. وها هو بركان الغضب العارم يتفجر ليلقن الطاغية وحاشيته - من المرتزقة - درسا بليغا وقاسيا - لكنه لا يستحي .
فكانت الملحمة الرائعة لشعبنا العراقي عبر تأريخه الطويل المشرق والزاخر بالأمجاد والبطولات .. كان الشعب الغاضب - المسلوب الإرادة - يتحين الفرص للإنقضاض على النظام الدموي ومرتكزاته البوليسية القمعية .. حتى جاءت الفرصة التي انتظرها طويلا .. فما أن أعلن الطاغية انسحاب قواته من الكويت - بمذلة ومهانة - حتى تفجرت الأنتفاضة الشعبية العارمة بصورة عفوية - دون تخطيط مسبق - لكنها كانت نتيجة حتمية لعوامل ظلت تتراكم فعلت فعلها بين أبناء الشعب ولكن ليس بمعزل عن دور أحزاب المعارضة الوطنية في التوعية والتحريض وفضح جرائم النظام طيلة سنوات فبلغ التذمر والإستياء مداه وتمكنت الجماهير الشعبية الواعية من الوطنيين الغيارى من كسر حاجز الخوف والرعب الذي فرضه الطاغية ومرتزقته الجلادين وهب الشعب الموحد بقوة إرادته ليصرخ بوجه الطاغية وحاشيته .. كلا للطاغية وحروبه المجنونة .
ولقد سبق انطلاق الإنتفاضة في الأول من آذار .. تحركات لمنظمات شيوعية ووطنية أخرى وأبناء العشائر في العديد من المناطق في الناصرية رغم صعوبة وقساوة الظروف - حينذاك - إذ كانت الصلات التنظيمية - للشيوعيين - خيطية - ومحدودة جدا لكنها استطاعت تعبئة أوسع الجماهير حولها وقامت مجموعة من الشيوعيين الناشطين وأنصارهم ومعهم كل الوطنيين من أبناء العشائر الساخطة على النظام بمهاجمة مقر الفرقة الحزبية لحزب العفالقة ومركز الشرطة في ناحية - الحمار - واحتلوا الموقعين في - 27 - شباط - وسرعان ما انتشر الخبر إلى المناطق المجاورة - وتحفزت عشائر - آل غزي - وآل ازيرج - والحسينيات فاندفعت لمهاجمة مواقع السلطة في عدد من مناطق محافظة الناصرية .. وهبت جماهير ناحية - الفهود - والجبايش - وفرضت سيطرتها على البلدتين وتلتها ناحية - سيد دخيل - سيطر عليها المنتفضون في - 28 - شباط - وناحية - الاصلاح - سيطر عليها أبناء عشيرة - البو صالح - وتبعتها ناحيتي - الكرماشية - والعكيكة - وشاركت في كل هذه المعارك الوطنية أبناء مختلف العشائر وكانت معارك بطولية بحق وتتسم بالوعي الوطني يوحدهم بذالك الحقد المقدس على النظام الفاشي وتجمعت كل هذه القوى تحت شعار وطني واحد - يا صدام شيل ايدك - هذا الشعب ميريدك - وليس في هذا الشعار أي نفس قومي أو ديني أو طائفي - كما هو واضح - وكانت هذه المعارك - التي سرعان ما انتشرت اخبارها - الحافز والدافع القوي لانطلاق العاصفة في الأول من آذار - 1991 - من الجنود والضباط والمراتب الذين تمكنوا من الإفلات من جحيم حرب الكويت حتى وصلوا البصرة والزبير سيرا على الاقدام وقد أخذ منهم الغضب والجزع والجوع مأخذه وعبروا عن سخطهم بتحطيم جداريات الطاغية وتماثيله في كل مكان .. والتحمت جماهير البصرة الغاضبة مع الجنود والضباط والمراتب بانتفاضة عارمة اكتسحت من أمامها المؤسسات القمعية للنظام العفلقي - من مخابرات - وأمن - ومقرات الحزب العفلقي - ومعسكرات الحرس الجمهوري وانضمت وحدات من الجيش إلى صفوف المنتفضين وهرعت الجماهير لتحطيم أبواب السجون واطلقت سراح المعتقلين الذين كان بعضهم معتقلا منذ عام - 1978 - دون محاكمة وعثرت الجماهير على أعداد كبيرة من الكويتيين معتقلين فاطلقت سراحهم وهكذا سرت الانتفاضة الباسلة - كالنار في الهشيم - لتمتد إلى كل مدن وقصبات العراق في الجنوب والوسط والزحف نحو معاقل النظام واجهزته القمعية .. وكان ازلام النظام يولون الأدبار مذعورين والثوار في المدن يتولون مقاليد السلطة وبعض هؤلاء اندمج مع حركة الشعب الغاضب .. واستولى الثوار في اليومين الأولين على الناصرية والعمارة وفي اليوم الثالث هب الشعب في النجف والشامية والديوانية .. ودارت معارك ضارية مع مقرات الفرقة العسكرية الاولى في الديوانية ومقرات الاجهزة القمعية وفي اليوم الرابع من آذار هبت جماهير الحلة لتعصف بأجهزة النظام واتباعه وفي - 7 - آذار - هبت جماهير كربلاء والهندية والقرى المحيطة بهما وخاضت معارك عنيفة لضرب مقرات السلطة وفي خضم اوار هذه المعارك هبت جماهير كردستان وانطلقت من - رانية - وتلتها جماهير السليمانية ودارت معارك ضارية مع مرتكزات السلطة وامتدت إلى اربيل في اقضية ونواحي اربيل وفي العاشر من آذار انتفضت جماهير دهوك والقصبات التابعة لها لتضرب اوكار ومرتكزات السلطة .
أما في بغداد الحبيبة فقد شدد الطاغية قبضته عليها وحشد معظم قواه العسكرية والامنية التي يعتمد عليها وركز بشكل خاص على الاحياء الشعبية - كالثورة والشعلة والحرية - وكان البغداديون في أشد السخط والغضب لما تعرضت له الاحياء السكنية من دمار وبفعل الاجراءات العسكرية التي لم تراع مصير الناس إذ استخدم المدارس والمرافق المدنية الاخرى لاخفاء الصواريخ والمعدات العسكرية التي يرصدها الامريكان ويقصفونها ليلا وكان الديكتاتور يخشى أي تحرك ، ولذا أمر جميع كبار الضباط بسحب عوائلهم إلى بغداد لكي تكون تحت سيطرته ، وكنا في بغداد نتابع بشغف بالغ أنباء الانتفاضة - من خلال الاذاعات السرية لقوى المعارضة وكنا في حالة الترقب والاستعداد للمشاركة إلا ان القوى السياسية لم توحد جهودها كما ينبغي وكانت منظمة بغداد للحزب الشيوعي ضعيفة ، حتى أوفدت جماهير العمارة التي استتب لها الامر إلى بغداد وفدا يحمل رسائل الثوار والسلاح والعتاد إلى مدينة الثورة وتحركت جماهير مدينة الثورة فعلا في - 5 - آذار - وقد سيطر الثوار على 70 / بالمئة من المدينة وبدأوا يعدون العدة للزحف إلى مركز بغداد وانطلقت مظاهرة ضخمة في المدينة ،وكانت فرحتنا كبيرة بهذه الاخبار بأمل أن يأتي دورنا في المشاركة لنيل هذا الشرف العظيم ، لكن وللاسف كان اتساع التظاهرة وامتداد الانتفاضة وتعدد المشاركين فيها ظهرت بعض الشعارات البعيدة عن المنطلقات الوطنية التي انطلقت بها الانتفاضة شعارات ذات نفس طائفي لجذب عواطف الجماهير البسيطة الساذجة وحرف الانتفاضة عن مسارها الوطني وتحويلها باتجاه طائفي ،ولذا لم تستطع التظاهرة أن تتجاوز منطقة قناة الجيش حيث احتشدت هناك قوات كبيرة من الحرس الجمهوري بقيادة - وطبان ابراهيم - الاخ غير الشقيق للطاغية - وكانت هذه القوات على أهبة الاستعداد لإبادة المتظاهرين وأصدرت السلطة أمر منع التجول وحشدت المزيد من القوات لتطويق الاحياء الشعبية ، وقد أصاب الديكتاتور الرعب والفزع كما أصاب السعودية التي راحت تمارس الضغوطات على أمريكا بالسماح للعراق باستخدام الطائرات المروحية التي كانت أمريكا قد منعت العراق من استخدامها - وفق اتفاقية سفوان - وسمح فعلا القائد العسكري الامريكي للعراق باستخدامها لضرب الجماهير الثائرة في الجنوب والشمال للقضاء على الانتفاضة بكل وحشية وضراوة خلافا لكل الاعراف والقيم الانسانية وضرب حتى الاضرحة المقدسة لدى الشعب في النجف وكربلاء ، كما وتراجعت امريكا عن قرارها بإسقاط صدام وبذالك أطلقت لصدام العنان في قتل وذبح العراقيين ... فكانت إبادة جماعية - بكل معنى الكلمة - وهكذا كانت الانتفاضة في بدايتها - عفوية - كما أشرنا - وترفع الشعارات الوطنية والديمقراطية ، لكن بعض القوى الاسلامية التي كانت تتحرك من إيران انفردت بتوجيه الجماهير وجهة طائفية ورفضت التعاون مع القوى الديمقراطية وهكذا ايضا تحول العراق إلى مركز لصراعات مصالح بين الدول الاقليمية كل يريد السيطرة على الحكم للجماعات الموالية له السعودية - وايران - وامريكا ، وسحقت الانتفاضة الوطنية الشعبية بفعل تلك الصراعات والمزايدت لكنها ستبقى خالدة أبدا صفحات مشرقة في تأريخ شعبنا وقواه الوطنية المناضلة وستبقى انتفاضة وطنية خالصة وليست طائفية كما أرادها الطائفيون الذين أطلقوا عليها تسمية - الانتفاضة الشعبانية - في محاولة لاضفاء صبغة الطائفية عليها على أنهم أبطالها وحقيقة الواقع فإن البطل الحقيقي هو الشعب الذي هب بكل أطيافه ومكوناته من الجنوب إلى الشمال عربا وكرد مسلمون ومسيحيون وصابئة وايزيديون وكل مكونات شعبنا العراقي ، وكانت الانتفاضة درسا بليغا لكل الطغاة من الحكام العرب وفي ذات الوقت درسا أيضا لشعبنا وكل قواه الوطنية الخيرة في أن الوحدة والتلاحم وقوة الارادة والايمان بقضية الشعب هي الاساس في تحقيق الانتصار ، لكن هؤلاء الطائفيون لم يتعضوا من الدروس ففي أواسط السبعينات من القرن الماضي أطلقوا تظاهرة بذات التوجه الطائفي في كربلاء منطقة - خان النص - فكانت الحصيلة اعتقال المرجع الديني - محمد باقر الصدر - تم اعدامه وشقيقته وتصفية أعداد كبيرة من وكلاءه ومقلديه وتشرد منهم من تشرد وكانت ايضا احد العوامل في شن الطاغية حربه العنصرية ضد ايران فكانت الكارثة ، وتكررت في هذه الانتفاضة الباسلة فكانت المجزرة الرهيبة وسحق الانتفاضة بوحشية ، واليوم وهم على رأس السلطة لا زالت تتحكم بعقولهم النزعات الطائفية أيضا وهي السبب في كل ما تعانيه بلادنا وشعبنا من صراعات مدمرة تقود البلاد إلى الهاوية والضحية هو الشعب البائس ، فمتى يتعض هؤلاء السادة ... ؟
تحية إكبار وإجلال لكل شهداء الانتفاضة الوطنية الشعبية من كل القوميات والاديان
والمجد كل المجد لانتفاضة آذار الملحمة البطولية الخالدة أبدا .



#حميد_غني_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عجيب أمور ... غريب قضية
- ديمقراطية ... آم ضحك على الذقون ..؟؟
- كلام في سوق الصفافير
- الثورات الوطنية التحررية ... وقواها المحركة في التأري ...
- الثورات الوطنية التحررية .. وقواها المحركة . في التاريخ المع ...
- الثورات الوطنية التحررية ... وقواها المحركة في التأريخ المعا ...
- في ذكرى مجزرة شباط الرهيبة عام 1963
- الثورات الوطنية التحررية... وقواها المحركة في التاريخ المعاص ...
- ثورات التحرر الوطني ... وقواها المحركة ... في التاريخ المعاص ...
- عملية سياسية ... هجينية – 5 – والاخيرة .....
- عملية سياسية ... هجينية - 4 –
- عملية سياسية ... هجينية – 3 –
- عملية سياسية ... هجينية – 2 –
- لا تبخسوا الناس أشياءهم ....
- عملية سياسية ... هجينية - 1 -
- المصالحة الوطنية .. كيف .. ومع من وإلى أين ...!!
- دعوات التهدئة .........وما وراءها
- حكومة الشراكة الوطنية ... إلى أين
- الخطأ ... يولد الخطأ
- ياعرب كثروا الملاليح


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حميد غني جعفر - نفحات من انتفاضة آذار المجيدة - 1991 -