الثورات الوطنية التحررية .. وقواها المحركة . في التاريخ المعاصر- 4

حميد غني جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 3640 - 2012 / 2 / 16 - 22:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

ما ذكرناه في الحلقة السابقة هو ما يتعلق بالساحة العراقية ومدى تأثرها بالحدث العاصف الثورة الاشتراكية الأولى في التأريخ وابتداءا من ثورة العشرين المجيدة وما تلاها من نضال فكري وسياسي لعدد من المثقفين التقدميين ذات الفكر الاشتراكي العلمي حتى توج نضالهم المتفاني – وعبر سنوات – بتشكيل أول حزب وطني وثوري يمثل مصالح العمال والفلاحين وجميع الكادحين تصدر نضال الشعب العراقي – منذ تأسيسه – 1934 – ضد الاستعمار البريطاني إلى جانب نضاله الطبقي في الدفاع عن قضايا العمال والفلاحين والمطالبة بحقوقهم حتى ظهرت أواسط الأربعينات أحزاب وطنية ديمقراطية لتشارك بمجموعها في النضال الوطني ضد الاحتلال البريطاني حتى تكلل نضالها وتضحياتها الجسام بالانتصار الحاسم في ثورة – 14 – تموز – 1958 – وكانت هذه القوى الوطنية ذات توجهات تحررية ديمقراطية – علمانية – بما في ذالك رجال الدين الذين كانوا من قادة ثورة العشرين ويتجلى ذالك بالأهداف التي أعلنوها – نظاما جمهوريا برلمانيا دستوريا - .
وهكذا كانت كل الثورات الوطنية التحررية في العالم ومنها منطقتنا العربية ففي بلدان المغرب العربي كانت الثورة الوطنية التحررية الجزائرية في العشرينات من القرن الماضي بقيادة – عبد القادر الجزائري – ضد الاستعمار الفرنسي وجميع تلك الثورات كانت من ذات المنطلقات الوطنية ومن ذات القوى الوطنية التحررية – العلمانية – ومن أبرز هذه الثورات هي الثورة الوطنية المصرية عام – 1919 – بقيادة الزعيم الوطني – سعد زغلول – زعيم حزب الوفد وخاض النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني من أجل الحرية والتحرر والاستقلال الوطني وفي عام – 1921 – كان ظهور الحزب الشيوعي المصري فكان النصير الأول للثورة الوطنية وسندا لها – منذ لحظة تأسيسه – وخاض النضال جنبا إلى جنب مع الثورة ضد الاستعمار البريطاني ولعب دورا مهما في توعية وتعبئة الجماهير المصرية وتوسيع قاعدة الثورة الوطنية بهدف التعجيل بالخلاص من الهيمنة الاستعمارية ولتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ،حتى عام – 1928 – حيث ظهرت حركة الأخوان المسلمين المعادية للثورة الوطنية وتوجهاتها التحررية الديمقراطية وكانت عونا لبريطانيا وتعاونت مع الانكليز ضد الشعب المصري وثورته الوطنية وفي عام – 1930 – حصل انشقاق – داخل حزب الوفد – وانقسم إلى كتلتين الأولى مؤيدة للثورة التحررية ضد الانكليز والثانية تؤيد الملك فؤاد – مع الانكليز – وكان هذا الانشقاق قد أضعف الثورة وحكومتها الوطنية التي كانت برئاسة – النحاس – لكن نضال الشعب المصري وقواه الوطنية التقدمية – العلمانية – ظل متواصلا من أجل الحرية والتحرر من السيطرة الاستعمارية حتى أواسط الأربعينات حيث تقسيم فلسطين هذا الحدث قد ألهب المشاعر الوطنية والقومية للشعوب العربية قاطبة وكان هناك أيضا انتصار الحلفاء على الفاشية الهتلرية في الحرب العالمية الثانية ونهوض المعسكر الاشتراكي كقوة فاعلة ومؤثرة في الساحة الدولية وكان هذين الحدثين الكبيرين حافزا وملهما للشعوب وقواها الوطنية الديمقراطية في تصعيد نضالها من أجل الخلاص من الهيمنة الاستعمارية المقيتة وبالنضال المتواصل والمتفاني نضجت الظروف الذاتية والموضوعية وخلقت البؤرة الثورة وبدأت القوى الوطنية الديمقراطية في التخطيط لثورة يوليو – تموز – في مصر – وزيادة في الإيضاح اقرأ كتاب – مجرد ذكريات – للكاتب اليساري المصري – رفعت السعيد – ففيه الكثير من التفاصيل عن ثورة - 1919 – سعد زغلول – وثورة يوليو التي أطلقها عبد الناصر ويذكر فيه بأن ثورة يوليو كانت من عقل وتخطيط القوى الوطنية التقدمية اليسارية ويذكر بعض أسماء القادة اليساريين ويؤكد بأن اتفاقا مسبقا بين مجموع هذه القوى التقدمية اليسارية على أن جمال عبد الناصر هو الذي يطلق بيان الثورة الأول ويذكر بأن عبد الناصر والسادات كانا في تلك الليلة – ليلة التنفيذ – في دور السينما وقد تم تبليغ ناصر في ساعة متأخرة من الليل بإطلاق البيان الأول صباح اليوم التالي وبعد انتصار الثورة المصرية التحررية ، عاود الأخوان المسلمين من جد-يد ضد الثورة وناصبوها العداء إلى جانب بريطانيا وظهرت بقوة هذه المرة حتى شن عبد الناصر حملة اعتقالات واسعة ضد أقطابها وأعد البعض منهم ثم حظر نشاطها التخريبي المعادي للثورة وأكدت بذالك ارتباطها بالغرب الاستعماري ..
وهكذا ايضا كانت الثورة الجزائريه البطله ثورة المليون شهيد التي اطلقت رصاصاتها الاولى ضد الاستعمار الفرنسي عام 1956 وبجبهه عريضة تضم كل القوى الوطنيه الديبمقراطية اليسارية هي – جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي يشكل فيها طرفا اساسيا الحزب الشيوعي الجزائري وانتصرت الثورة عام 1961 ومن بين زعماء الثورة اليساريين يوسف بن خدة وكريم بلقاسم وكان الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم النصير الاول للثورة الوطنيه الجزائرية حتى اقاموا له تمثال وسط العاصمة الجزائرية تكريما وتخليدا لدوره في دعم الثورة الجزائرية ..
وقد حظت كل هذه الثورات الوطنية التحرريه في العالم وفي منطقتنا العربيه بالدعم والاسناد المادي والمعنوي من قوى السلم والتحرر المتمثلة بالاتحاد السوفيتي السابق .. فليس من سياسي منصف وذات ضمير ان ينسى او يتجاهل موقف الاتحاد السوفيتي في نصرة الثورات الوطنية المعادية للااستعمار فلقد وقف اتلى جانب مصر في كل معاركها الوطنية والقومية منذ لحظة انتصارها حتى العدوان الثلاثي عام 1956 وعدوان الخامس من حزيران عام 1967 حيث امتد جسر جوي من موسكو الى القاهرة لنقل انواع الاسلحة والعتاد وكذالك حرب اكتوبر عام 1973 وايضا موقفه من ثورة 14 تموز العراقية عام 1958 الذي كان عاملا اساس في اتصار الثورة وترسيخها بفعل الانذار السوفيتي الشديد اللهجه الذي وحهه الى بريطانيا وامريكا بسحب اساطيلهما العسكرية من سواحل لبنان والذي اكد فيه بانه لم يقف مكتوف الايدي ازاء التحشدات العسكرية لضرب الثورة العراقية ...
يتبع
حميد غني جعفر

#حميد_غني_جعفر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات