أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - حقيقة ما حدث لى يوم ٨ إبريل ( الجزء الأول )















المزيد.....

حقيقة ما حدث لى يوم ٨ إبريل ( الجزء الأول )


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3652 - 2012 / 2 / 28 - 00:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذه الرسالة وصلتنى على بريدى وعلى صفحتى على الفيس بوك من احد ضباط 8 ابريل يشرح فيها ما حدث ... فهل نستطيع ان نقف بجوارهم حتى يعودون لنا ... لانهم دفعوا من مستقبلهم حتى ننعم نحن بالحرية ... هل نستطيع ؟!! لقد تركت الرسالة كما وصلتنى دون تدخل منى واليكم الرسالة :

الحمد لله حتى يرضى والحمد لله إذا رضى والحمد لله بعد الرضى .....
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله
أكتب اليوم حقيقة ماحدث لى يوم ٨ إبريل ليس إعتقادا منى بأننى شخصية تاريخية ويتعلم منها الآخرون ولكنى أردت أن أكتب هذه السطور لأخبر الجميع ما حدث لمجرد المعرفة لمن يهمه أمر المعرفة ولكن لا ليتعلم منها أحد . فأنا ككثير من الشباب تلهوه الدنيا عن الآخرة فى أشياء عديدة وحقا لا أرى نفسى مثلا لأحد يحتذى به أو حتى قدوة لابنى يقتدى بى . فكما قال الشاعر
والله لو علموا قبيح سريرتى لأبى السلام عليا من يلقانى .
ولأعرضوا عنى وملوا صحبتى ولبؤت بعد كرامة بهوانى.
فقد أردت أن أؤصل مبدأ المعرفة لا الإقتداء من هذه القصة التى يشوبها الكثير من الغموض حتى الآن .
كما أريد أن أوجه عناية القارئ لأن هذه الكلمات إنما هى من وجهة نظرى أنا وقد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة والله أعلم ولكن هناك ثوابت سأحاول بقدر الإمكان أن أركز على حقائق لا تخمينات أو تحليل أفعال وأحداث وأحاول أن أترك القارئ يحلل هو الحدث كما يرى .
والملحوظة الأخرى أنه قد أكون أغفلت عمدا ذكر بعض أشياء شخصية وأعتقد أنه ليس لنا علاقة بحياتنا الشخصية فنحن بصدد موقف معين نروى ما حدث فيه وهذه الكلمات قابلة للتعديل للزيادة ولن أنقص منها شيئا فى يوم من الأيام حتى ولو كان خاطئا فسأدرج تصحيحا لما قلته سالفا . فقد أخذت عهدا على نفسى ألا أحذف حرفا واحدا مما أكتب هنا .
بسم الله الرحمن الرحيم
أعرف نفسى إليكم أولا
الفقير إلى عفو ربه / محمود سامى بدير حنفى .
ضابط بالقوات المسلحة المصرية
سلاح المدرعات
الدفعة ١٠٠ حربية
حاصل على جميع الفرق الحتمية حتى مستوى قادة سرايا
التحقت بالكليه الحربية أكتوبر ٢٠٠٣
وتخرجت منها ١٩ يوليو ٢٠٠٦
تخرجت من الكلية الحربية بتقدير جيد
خدمت فى سفاجا ثم السويس ثم سيناء ثم انتقلت السويس مرة أخرى بشهر يناير ٢٠١١ أى وقت الثورة .
ومن السويس تبدأ القصة .
فقد كان يخدم معى فى السويس ملازم أول أحمد أبو الحسن وملازم أول مصطفى عبد المجيد والإثنان دفعتى .
ولكن كل منا فى وحدة مختلفة إلا أن أبو الحسن وعبد المجيد كانا يخدمان سويا فى نفس الكتيبة ولكن كان كل واحد مننا نحن الثلاثة مسئول عن تأمين مكان معين أو منطقة معينة فى السويس فى أيام الثورة .
وكنا نتجمع بصفة يومية نتناول الغداء سويا وأحيانا كثيرة العشاء أيضا .
وكنا أيضا أوقات نبيت ليلا فى نفس المسجد إذا أتيحت لنا الفرصه . وأحيانا يذهب أحمد أبو الحسن ليبيت على دبابته على طريق القاهرة السويس . ومصطفى عبد المجيد أيضا على دبابته .
وكنا أثناء تجمعنا نتناقش عن سوء أحوال الجيش وسوء أحوال البلاد من مستوى متدنى فى التعليم والصحة وانتشار البطالة والفقر . وكنا نؤيد الثورة لما نتوقع من حصاد هذه الثورة التى قد يفوق أحلامنا . ولكننا كنا ضد إهانة الرئيس المخلوع حسنى مبارك وكنا نظن أنه قدم للبلاد الكثير وكنا نعتقد أن مايحدث من ظلم وقهر وتعذيب وفساد وتزوير إنما يحدث دون علمه . وحزنت على رحيله بهذه الطريقة أنا وزملائى ولكن سرعان ما نسينا الحزن بفرحة عيون أهالى السويس المحتفلين ولم نشعر إلا وأن بعض شباب السويس ممن كانوا يشكلون لجانا شعبية ويسهرون معنا فى الشوارع يأتون إلينا ويصرون على إصطحابنا لنجوب أرجاء السويس فى هذه اللحظة وبالفعل ذهبنا وشاهدنا دموع الفرح فى عيون الجميع بإختلاف بيئاتهم ومستوياتهم ودياناتهم ففرحنا معهم مع الإحتفاظ بالحزن على إهانة من كنا نعتقده بطلا .
ومع توالى الأيام وإختراق مقرات أمن الدولة فى جميع محافظات الجمهورية فى وقت واحد وتوالى الإتهامات الموجهة لمبارك وملفات الفساد التى نراها يوميا فأدركنا وقتها أننا كنا مغيبين ولا نعى حقا من هو حسنى مبارك . ومع الأيام زاد الإحساس بالذنب تجاه هذا الشعب الذى ظننا أنه عبارة عن فرعون كبير أهان زعيم ورمز . وتكلمنا كثيرا فى أحوال البلاد وفساد طنطاوى ومجلسه والعديد من لواءات القوات المسلحة . فكنا كلما تحدثنا زادت النار فى قلوبنا . كما أن بعض الأحداث التى واكبناها أثناء تواجدنا فى الشوارع والمدينة قد أكد لنا أن المجلس يريد القضاء على الثورة التى كانت لنا الضياء الموجود فى نهاية كهف مظلم . فقد أصبح نجاح الثورة وإكتمالها حلما ومع الوقت أصبح مسئولية .
ولكن قبل أن أكتب كيف نزلنا إلى التحرير أريد أن أروى بعض المواقف التى حدثت معنا فى السويس والتى أثرت فى اتخاذ قرارنا بنزول التحرير .
فعندما تقدم لنا الإستغاثات للإستعانة بنا فقد كنا نبلغ قادتنا بالإستغاثة فما كان منهم إلا إصدار تعليمات بعدم مغادرة أى ضابط لموقعه مهما كانت الأسباب .
ومع الوقت تركنا أرقام هواتفنا المحمولة الخاصة لكل أهالى المنطقة ليهاتفونا عليها فى حين حدوث أى شىء فقد كان البعض يأخذ أرقامنا من بعضهم لدرجة أن البعض كان يتصل بنا ويعتقد أننا مركز عمليات ويعطينا نداء أو استغاثة .
وفى يوم من الأيام جاءت استغاثة لأحد الضباط أن هناك شخص ما اقتحم منزل سيدة وحيدة ويغتصبها وأن هذا الشخص مسلح وأهل البيت الموجود به هذه الشقة خائفون من التعامل معه . وهنا قام الضابط بتبليغ قائد اللواء عن الواقعة والذى بدوره نبه عليه عدم مغادرة مكانه وأنهم لا يتحركون إلا بأوامر فما كان منه إلا أن أغلق معه الخط وأخذ صف ضابط وجندى بسلاحيهما ومعه سلاحه الشخصى وذهبوا إلى مكان الإستغاثة وبالفعل وجدوا مسلح يغتصب هذه السيدة وتم القبض عليه وتسليمه للشرطة العسكرية لعرضه على النيابة وإتخاذ الإجراءات ضده .
وبعد ما حدث شكره قائد اللواء إلا أن الضابط نهره وقال له " طب لو كان بلاغ كيدى وكنت رحت اقتحمت الشقة كان زمانى فين دلوقتى ! وياترى كنت هتقف جنبى زى ما بتهنينى دلوقتى ؟ "
ومع الأيام شكلنا كضباط مع بعضنا سويا وأصدقائنا من باقى ضباط الوحدات الأخرى برتبة ملازم وملازم أول فريقا لتلبيه أى استغاثة فى نطاق تأمين أى ضابط من الفريق . فعندما يستقبل أى شخص أى استغاثة من أى مكان يقوم بالإتصال بنا ونقوم بالتجمع فى أقرب نقطة إلى مكان النداء ونذهب نحن بأنفسنا بسيارت ملاكى مع شباب من السويس يريد التعاون معنا فى تلبية أى نداء وإقرار الأمن فى المحافظة .
والحمد لله وبفضل الله قمنا بالقبض على العديد من المسجلين خطر والهاربين من السجون وعليهم أحكام بسنوات عديدة . وكنا نذهب إلى أوكارهم ونباغتهم ونقبض عليهم . وكنا بذلك نعرض حياتنا للخطر لأننا غير مؤمنين ( بتشديد الميم ) وندخل فى مناطق معروف عنها أنها صعبة الدخول من سنوات سابقة لكثرة مجرميها وكثرة السلاح بها وخطور أهالى هذه المنطقة . لدرجة أن الشباب المدنيين الذين كانوا معنا فى هذه الأحداث كانوا يتفاخرون بدخولهم مثل هذه المناطق ويزيد التفاخر بأنهم ساهموا فى القبض على مجرمين من هذه المناطق .
وفى يوم قبضنا على أربعة أشخاص مسجلين خطر ولكنهم ليست عليهم أى أحكام فعلمنا منهم أماكن هاربين وسارقى سلاح من أقسام الشرطة فى أحداث جمعة الغضب . وكتبت تقرير مفصل بأسماء الهاربين بالأحكام الموقعة عليهم وهاربين من تنفيذها فى أحداث هروب وفرار مساجين جميع السجون المصرية ومرفق بالتقرير أما كن تواجدهم والأماكن التى يترددون عليها . وذهبت لقائد الكتيبة الذى لم يهتم وأخذت التقرير لقائد اللواء فلم يبالى ثم قائد الفرقة فلم أجده توجهت إلى قسم أمن الفرقة لعرضه عليهم ليحركوا قوة من الفرقة لإتخاذ الإجراءات اللازمة . ولكن هيهات أن يحرك ساكنا دون علم قائد الفرقة الموجود فى بيته لقضاء أجازته الميدانية . فطلبت أنا الآخر أجازة ميدانية وتركت التقرير لأحمد أبو الحسن الذى تركه فى نفس اليوم لضابط بديله حيث موعد أجازته هو الآخر وقام هذا الضابط بالقبض على كل من ذكرنا اسمه بالتقرير هو وباقى الفريق الذى كوناه سويا خلال أيام معدودة وقبل عودتنا من الأجازة .
وكنا نجلس مع بعضنا كثيرا ونتحدث فى شئون البلاد ونحلل الأحداث . واتفقنا أنا وأحمد أبو الحسن على أننا مستعدين أن نفعل أى شئ فى سبيل إنجاح الثورة وتطوير أداء الجيش الذى لا يرضينا ولا يرضى العديد من السادة الضباط ولا الصف ضباط أو حتى الجنود .
وفى يوم من الأيام وبعد إنتظار الحلقة المرتقبة والسابقة لنوعها ولأول مرة على قناة دريم ٢ برنامج العاشرة مساءا وكان ضيوف الحلقة السادة أعضاء المجلس العسكرى .
اللواء / محمد العصار .
اللواء / مختار الملا .
اللواء / ممدوح شاهين .
وكانت هذه الحلقة محور جدل للجميع سواء المدنيين أو العسكريين والتى تحدث فيها مختار الملا عن الديموقراطية التى يتمتع بها الجيش فى إتخاذ القرار .
وهذا ما أثار حفيظة العسكريين خصوصا أن مختار الملا من أشهر قادة القوات المسلحة المعروف عنهم الدكتاتورية ونظره لتقلده منصب مدير الكلية الحربية أكثر من ثمانى أعوام وقبلها ثلاث نائبا لمدير الكلية الحربية . فقد تخرج على يده العديد من ضباط القوات المسلحة الموجودين حاليا بالخدمة من رتبة ملازم وحتى رائد .
وبالطبع كنا نفهم حديثه عن الديموقراطية فى اتخاذ القرار فقد قال كلمة حق يراد بها باطل . ولكنى لن أخوض فى شرح هذه الكلمات لخطورتها .
كما أن السؤال الأشهر فى هذه الحلقة التى وجهته منى الشاذلى لأعضاء المجلس العسكرى فى هذه الحلقة وهو " هل المجلس العسكرى يعترف بأن ما حدث فى مصر ثورة أم إنتفاظة أم مجرد مظاهرات ؟ "
وسرعان ما رد اللواء مختار الملا دون تردد أنها ثورة . وثورة عظيمة . وأيد كلامه العصار وشاهين .
وبعدها ببضعة أيام قليلة علمنا أن اللواء مختارالملا ذهب إلى معهد المدرعات وقابل الضباط هناك فى مؤتمر وقال لهم واصفا الثورة والثوار " دة لعب عيال وكبرت منهم شوية وإحنا هنلمها "
وبعادة مؤتمرات القوات المسلحة لو أقيمت فى أى مكان فإن خبر المؤتمر ونتائجه تكون معروفة فى ظرف يومين لجميع ضباط القوات المسلحة .

فشعرنا بأن المجلس العسكرى يعمل الآن على إخماد الثورة فعلا فيوحون للشعب أنهم معهم ولكنهم يعملون على تفريقهم ولم اللعبة اللتى كبرت منهم على حسب قول مختار الملا .
فشعرنا بالمؤامرة الخبيثة التى قد تحدث وخاصة وأن النظام كاملا مكتملا مازال يمارس حياته الطبيعية بيننا وطبعا لديهم دافع الإنتقام جميعا وشعرنا بأنهم سيتسغلون المجلس فى هذا طبعا حيث أنهم أصدقاء وتربطهم مصالح فاسدة مشتركة منذ سنين طويلة . وأعتقد أنه لا يستطيع ضابط بالقوات المسلحة أن ينكر أن أغلب المجلس فاسد تمام من أخمص القدم إلى خصلة الشعر.
وهنا فكرنا فى حسنى مبارك الموجود والمنعم فى قصره فى شرم الشيخ وزكريا عزمى وصفوت الشريف وفتحى سرور وعلاء وجمال مبارك ووالدتهم سوزان . وأن الجميع يعمل الآن لقمع الثورة والثوار . وهنا تحركت مشاعر الغيرة والخوف على الثورة . والتى كانت بالنسبة لنا كرامتنا وشرف أبناءنا وبناتنا ومستقبل مصر .
تحدثنا عن مساوئ طنطاوى ومجلسه وأنهم طيلة حياتهم لم يهمهم أبدا مصلحة أى شخص أو مصلحة الجيش أو الوطن والأدلة كثيرة وموجودة ولا يمكن إخفاءها فيستلزم إخفاء هذه الأدلة سنينا طويلة . بل كان همهم الأول والأخير مصلحتهم الشخصية وضمان مناصبهم وكسائر باقى مؤسسات الدولة بل وأكثر منهم كانوا يمارسون القمع والقهر وخطط الإشغال الدائمة حتى لا يجد أى شخص أى وقت ليفكر . ولو فكر فلن يجد من يسانده ولو وجد فلن يجدوا الوسيلة لتنفيذ أى شئ . فالقوانين موجودة وتمشى كالسيف على رقاب صغار الضباط والصف والجنود . ولكن القادة يدهسون هذه القوانين يالأحذية .
وفى يوم الخميس الموافق ٧ إبريل ٢٠١١
وجدت أحد أصدقائى يهاتفنى ويقول لى أنه سينزل التحرير هو وصديق له اسمه محمد وديع وسيرتدون الزى العسكرى ويعلنون تضامنهم مع الثورة ويقومون بتحذير الثوار من المجلس العسكرى .
ووجدت أحد أصدقائى الضباط على الفيس بوك ويدعى ( مومو ) يكتب عبارة لطالما سمعتها ولم تهز شعرة من رأسى ولكنى عندما قرأتها هذه المرة ارتعش جسمى وشعرت بها كما لم يحدث من قبل وهى " غدا لن يضيع أبدا " فقد علمت بأن يوم ٨ إبريل مليونية للشعب . فسألت صديقى ماذا تقصد بهذه العبارة . فقال أنه سينزل يوم الجمعة التحرير مرتديا زيه العسكرى ليعلن تضامنه مع الثورة . وعلى الفور قلت له " كان نفسى من زمان أعملها . أنا كمان نازل معاك بكرة " فسألته عن مكان التجمع فقال سنجتمع الساعة ٩ صباحا فى محطة قطار عين شمس المجاورة لمحطة المترو .
وأغلقت معه الهاتف سريعا لأزف الخبر لأحمد أبو الحسن الذى وافقنى على الفور دون نقاش . وتحدثت أيضا للعديد من أصدقائى الضباط وكان بعضهم فى عمله بعيدا وكان البعض لديه رهبة البداية وينتظر البداية وأخرين يرون فى المجلس سندا للبلاد ورفضوا بشدة . فلم يوافق أى شخص غير أحمد أبو الحسن . ولم أتحدث مع مصطفى عبد المجيد فى هذا الشأن لأننى أعلم وجهة نظره السابقة أنه ضد تدخل أى ضابط فى السياسة . فوجدت نفسى أنا وأحمد أبو الحسن فقط .
فقضيت ليلة الخميس بالصلاة والدعاء ولا يحضر إلى ذهنى إلا دعاء واحد فقط كنت أدعو به طوال الليل وهو " اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا إجتنابه " .
وفى تمام السادسة صباحا اتصلت بأحمد أبو الحسن والذى كان موجودا بوحدته هو ومصطفى عبد المجيد . فهاتفت أبو الحسن فلم يجب وهاتفت مصطفى عبد المجيد فرد عليا وكلمته وأيقظ أحمد أبو الحسن وأعطاه التليفون فكلمته وقلت له أننى سأذهب إليهم حيث أنهم فى طريقى إلى القاهرة . ونذهب سويا وفاجأنى بأن مصطفى عبد المجيد قرر ألا يتركنا وحدنا فى مثل هذه الظروف حتى ولو كان غير مؤيد لموقفنا ؛ كما أخبرانى بأن محمد رفعت دفعتنا أيضا سيأتى معنا وإبراهيم جعفرى أيضا . وبالفعل عندما ذهبت إليهم وجدتهم يرتدون ملابسهم . وانتظرنا إبراهيم جعفرى ومحمد رفعت ثم ركبنا سويا وذهبنا إلى القاهرة إلى محطة عين شمس . فوجدت أحمد الخولى دفعتنا أيضا على محطة قطار عين شمس .
ووجدت ضباط آخرين لا أعرفهم ومنهم رامى أحمد وياسر إبراهيم وحسين سعد ومحمد فهمى و( مومو : صاحب عباره غدا لن يضيع أبدا ) . وضباط آخرين منهم من تعرفت عليه لاحقا ومنهم من لا أعرفه حتى الآن . ولكنى لم أجد الضابط الذى هاتفنى وأخبرنى فى البداية أنه سيكون متواجد ومعه الضابط محمد وديع . فاستغربت كثيرا واتصلت به وقلت له " أين أنت ؟ " فقال لى أنه بالمنزل وأن والده عنده فى البيت ويمنعه من النزول " فاستغربت كثيرا وأغلقت الهاتف معه لنرى ماذا نحن فاعلون .
فوجدنا أنفسنا حوالى ١٩ ضابط مابين رتبة الملازم أول والنقيب .
وتحدثنا كثيرا حول مدى إمكانية نزولنا التحرير من عدمه . فاختلفنا فى هذا الأمر فمنا من يرى أن عددنا قليل ولن يؤثر فى شئ وأننا أصبحنا نواة لفكرة العصيان والتطهير داخل الجيش من ضباط الجيش وأننا نستمر فى جذب المزيد من الضباط حتى نكون أعدادا كبيرة قادرة على التغيير الحقيقى دون أن نقتل هذه البذرة المتمثلة فينا كضباط نرفض الفساد ونمقت المجلس العسكرى ومستعدين للتضحية . وكان من أصحاب هذا الرأى النقيب محمد فهمى وأحمد الخولى ومومو صاحب عبارة "غدا لن يضيع أبدا " ومعهم آخرين لا أستطيع ذكر أسماءهم لأنهم يعملون بوحداتهم طبيعيا وفشلت المخابرات الحربية فى التوصل لهوياتهم .
وكان الرأى الآخر وهو النزول مهما كانت العواقب والإفصاح للشعب بمدى فساد المجلس العسكرى القائم بإدارة شئون البلاد وكنا طامعين فى إستجابة الشعب لنا ومساعدتنا لتشجيع باقى ضباط القوات المسلحة للوقوف بجانب الثورة وإسقاط المجلس العسكرى . وكنا نحن مؤيدى هذا الرأى أنا محمود سامى بدير وأحمد أبو الحسن ومصطفى عبد المجيد وحسين سعد وياسر إبراهيم ورامى أحمد ومحمد الحنفى وإبراهيم جعفرى .
وذهبنا نحن إلى محطة المترو واتجهنا إلى ميدان التحرير .
وكنا ونحن فى عربة المترو أثناء الذهاب أخذت أنظر إلى عيون باقى الضباط لما هم مقبلين عليه فكنت أجد عيون قلقة وعيون تضحك لتدارى بعض القلق وشفاههم تتمتم بالقرآن والأدعية والتشهد . فهنا فقط علمنا أننا ذاهبين فى طريق لا عودة منه .
فوجدنا قبل التحرير بمحطة واحدة ؛ أحدنا يحثنا على النزول فنزلنا كلنا . فسألنا "هل أنتم واثقون من أنكم تريدون أن تفعلوها حقا ؟"
فأخذنا ننظر لبعضنا البعض ونحث بعضنا على ألا نعود على ماعزمنا عليه وجاء قطار المترو التالى فتركتهم أنا وإثنين آخرين وتوجهنا لنركب لكى لا نعطى فرصة لأنفسنا تضعف . فإن شجاعة هذا الموقف إنما هى لحظة إن فوتها تراجت وتخذالت . والحمد لله ركبنا جميعا ولم نتحدث ثانية إلى أن وصلنا محطة ميدان التحرير . لنجد أنفسنا وسط حشود هائلة وأناس كثيرة تستقبلنا وتهتف بصوت يهز نفق المترو ليقول " الجيش والشعب إيد واحدة "و " الله أكبر الله أكبر " وكانت هذه الهتافات تشعرنى بالقوة وأزالت مافى نفسى من رهبة الموقف وشعرت بالإرتياح والإقدام . ثم صعدنا إلى الميدان وتوجهنا إلى أول منصة الموجودة أمام كنتاكى لنتحدث إلى جموع الشعب الغفيرة والموجودة أمام المنصة .


جمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا جنزورى بدل ما تتسول رجع اموالنا المنهوبة
- الى زينب ....
- النوبيون أزمة حقيقة وجرح نافذ فى قلب مصر
- الاسراء والمعراج الاخوانى
- الحرية لضباط 8 ابريل و ضباط 27 مايو مطلب شعبى
- اطمئنى سيدتى
- مسدسات تطلق رصاصها فى قلب مصر
- الدون كريليونى محمد ابن عبد الوهاب مازال يحكمنا فى قبره
- لذلك اسميتها المرأة الاستثناء
- هذا هو غيفارا الرمز والأسطورة
- رغم الحشد المقدس يارجال الدين : رصيدكم نفذ
- ايتها الاستثنائية ... انقذينى
- الاصلاح السياسى المصرى يبدأ بدمقرطة المؤسسة العسكرية
- مشهد تخيلى بالعامية : بين واحد من حزب الكنبة واحد الثوار
- حب مزقته يد الخيانة
- يا عاصم عبد الماجد : افصح ما تكون القحباء اذا تحدثت عن الشرف
- التاريخ هو سياسة الأمس والسياسة هى تاريخ الغد
- طنطاوى ومجلسه العسكرى يقودون البلاد لفترة انتقامية وليس انتق ...
- اطفىء السيجارة التى فى يدك وقبلها التى فى يد غيرك
- سبب ما نحن فيه من بلاء ان المجلس العسكرى لايريد الخضوع لسلطة ...


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - حقيقة ما حدث لى يوم ٨ إبريل ( الجزء الأول )