أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص المغربي حسن الرموتي














المزيد.....

الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص المغربي حسن الرموتي


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3647 - 2012 / 2 / 23 - 01:33
المحور: الادب والفن
    


.
تكتسب القصة القصيرة قوتها و جماليتها من اهتمام كتابها المفرط بتكنيك الكتابة ، الذي يتميز بكثير من الدقة ، إذ لا مجال لدى كاتبها للمخاتلة و التحايل ، فالقصة القصيرة فن فاضح سرعان ما يكشف صاحبه على رؤوس الأشهاد ، فالقاص الفنان هو ذلك الذي يتحكم في عدته التقنية ، و يحسن توظيفها ، لتخرج القصة من بين يديه محكمة الصنعة ، متقنة ، صقيلة ، لا تشوبها شائبة .و يبقى الاهتمام بالتفاصيل الملموسة من أبرز هذه التقنيات ، التي تميز القاص البارع عن سواه ، خاص إذا استطاع صياغتها بلغة تناسب هذه التفاصيل بما يتلاءم مع طبيعة القصة القصيرة ، التي تميل نحو توظيف جمل قصيرة ، برقية ، متوترة ، و سردية بامتياز.
إن المطلع على المجموعة القصصية "مملكة القطار " للقاص المغربي حسن الرموتي سيفتتن -لا محالة- بقدرة القاص الفائقة على التقاط تفاصيل الحياة الملموسة ،ليدبج بها قصصة ، و كأني به يعي جيدا دور التفاصيل و الاشتغال على الملموس من خلال تجسيد الأحداث في إعطاء قيمة مضافة لقصصه ، فقد عمد الرموتي إلى عينه الخبيرة و الذكية لالتقاط التفاصيل ، التي تبدو للوهلة الأولى غير ذات أهمية ، لكن ما إن تقترن بغيرها حتى تصبح ذات معنى عميق ، يكسب القصة بعدا جماليا و دلاليا لا غبار عليهما ، يقول السارد في قصة "الحرب" تقدم عباس نحو الرجل ثم همس له في أذنه بشيء ، يبدو أنه لا يعرفه غيرهما، وضع الرجل إصبعه على فمه مشيرا لعباس ألا يتكلم ، ثم انقض عليه و عانقه طويلا . تبعه رجال القرية ، و جاء دور النساء و الاطفال ، الحوذي يتأمل المشهد ، و يبدو أنه لم يفهم شيئا . الكلب الوحيد الحاضر يتبول ، و قد أحدث حفرة في الأرض ، هر ثم اقعى على مؤخرته و انتصبت أذنيه مستسلما..".
و يصل هذا الاهتمام بالتفاصيل ذروته في قصة "المشهد " التي برع القاص في صيوغها مما يحيط به في عالمه الخارجي ، حيث تتجاور مشاهد متنافرة مشكلا كرنفالا يصيب المتأمل فيه بالحيرة ، لكن القاص جمع هذه الفسيفساء غير المتناغمة و خلق منها أثرا جميلا ، يقول السارد " رجال و اطفال و نساء ينتظرون ، منهم من أعياه الانتظار ، بعضهم يجلس على كراس خشبية قديمة ، لم تتغير منذ سنوات ، رجل يقترب من امرأة حتى ليكاد يلتصق بها ، بما زوجته ، لا أستطيع الجزم ..الباص لم يصل بعد.... على الرصيف رجل اصلع ذو لحية بيضاء ، الارتخاء يدب في أوصاله ، قصير القامة ، يرتدي سروالا قصيرا صيفيا... شرطي المرور البدين أعياه الوقوف في ملتقى الطرق ، أنف كبير و يبدو دون رقبة ".
في قصة" المحارب و المحطة" نلمس نفس التوق بالتفاصيل الملموسة مما يمنح القصة بعدا بصريا و تجسيديا محمودا ، يقول السارد " على الكرسي الممتد في المحطة ، كان المحارب قد استسلم لنوم عميق ، الناس ما يزالون يدخلون و يخرجون... القطارات تمر ، تتوقف قليلا ، ثم تمضي ، و اللوحة الالكترونية ما زالت تغير مواعيدها و أسماءها ، و نادل المقهى ينتقل بين الكراسي بفرح طفولي واضح.. و ابتسامته لا تتغير".
و تمضي قصص المجموعة على نفس المنوال تلتقط التفاصيل ، و تنتقي منها ما يخدم هدف القصة و القاص و هذا ما أهل القصص لتبرز قدرتها على التجسيد ، و نأى بها عن التجريد ، الذي يعيب الفن القصصي و يسيء إليه.
و مما يثير الانتباه في هذه المجموعة القصصية الجمبيلة عدم ارتكان القاص إلى وتيرة واحدة في السرد بل كان يعمد إلى التنويع ، لذا كان الحوار يتخلل جل النصوص ، و هو حوار فعال و وظيفي ، يساهم في تطوير الأحداث ، دون أن يتنازل على الوظيفة التجسيدية التي ارتضاها القاص لنفسه في كتابة قصصه ، يقول السارد
قال الآخر
انظر إلى وجه الرجل ، يشبه الطبل من أثر التخمة ، ثم أضاف ساخرا
-إنها نعمة الكادحين التي لم تصل إليهم.
و في قصة أخرى
قال أحدهم
- ملامحه تغيرت كثيرا ، يبدو أنه ليس عباسا الذي نعرفه.
و هكذا تتحالف كل مكونات القص و عناصره من وصف و سرد و حوار و غيرها لتخلق أثرا قصصيا جميل ، يشي بأن الأستاذ حسن قاص بارع يمتلك كل المقومات ليرسخ اسمه ضمن كوكبة القصاثصين المغاربة ، الذين يمضون قدما بهذا الفن الجميل ، لييتبوأ المكانة التي تليق به ضمن باقي الأجناس الأدبية الأخرى .



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس ...
- الفصل الأول من رواية -ابن السماء- لمصطفى لغتيري.
- حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه
- بلاغة الصورة الشعرية في عتبات العناوين عند الشاعرة رشيدة بوز ...
- وحي ذاكرة الليل إصدار جدد للأديبة العراقية رحاب حسين الصائغ. ...
- متعة أدب الرحلة في -من القلعة إلى جنوة- للكاتب المغربي شكيب ...
- إصدار جديد للشاعرة رشيدة بوزفور ..تقديم مصطفى لغتيري
- القصيدة العربية بين البعد الشفوي و الكتابي
- شهادة مصطفى لغتيري ضمن ملف الرواية المغربية في مجلة سيسرا ال ...
- المبدعون المغاربة والنقد... أية علاقة؟
- مرور عشر سنوات على صدور مجموعتي القصصية الأولى -هواجس امرأة-
- حب و برتقال ..مقاطع من رواية جديدة كتبتها ولم يحن أوان نشرها ...
- الدكتورة سعاد مسكين تحفر عميقا في متخيل القصة المغربية القصي ...
- **هواجس و تساؤلات حول الكتابة القصصية في المغرب
- المحاكاة الساخرة في القصة القصيرة جدا عند أحمد جاسم الحسين
- لغتيري يوقع رواياته في معرض الكتاب بالدارالبيضاء
- مغرب جديد يصنعه شباب 20 فبراير
- لماذا يجب النزول إلى الشارع يوم 20 مارس للتظاهر؟
- أيام معتمة- للكاتبة المغربية البتول محجوب أو عندما تشع الكتا ...
- لماذا سأنزل غدا إلى الشارع من أجل التظاهر؟


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- الغاوون,قصيدة(لحظة الفراق)الشاعر مصطفى الطحان.مصر.
- الغاوون,قصيدة(الطريق)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص المغربي حسن الرموتي