أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمد غريب - الدستور العراقي والفيدرالية التي تثير الفتنة















المزيد.....

الدستور العراقي والفيدرالية التي تثير الفتنة


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 3641 - 2012 / 2 / 17 - 13:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البداية كي لا يكون هناك أي لبس أو سوء فهم وبدون انحياز مقصود إلى احد الجانبين ( الحكم المركزي ــ أو ـــ الحكم الفيدرالي ) فالمركزي هو نقيض الفيدرالي كنظام وحكم لدينا معه تجربة ومعاينة واقعية وزمنية، فقد عاش العراق بعد تأسيس الدولة العراقية 1921 تحت الحكم المركزي الملكي ثم الجمهوري وعهد النظام البعثي السابق ومازال لحد هذه اللحظة مع مفارقة وجود الإقليم كحالة فرضتها الظروف الموضوعية والذاتية بعد الانتفاضة في كردستان العراق وانسحاب الأجهزة الحكومية المركزية من الإقليم تحت الضغوط الجماهيرية التي رفضت النظام وأجهزته القمعية ومؤسساته في الإقليم وقد عانى الشعب منه الكثير ومن هذا المنطلق فنحن بالضد منه، أما النظام الفيدرالي فنحن على الرغم من القراءة والمتابعة النظرية لم نُجربه عملياً لكن تابعنا العديد من الدول التي اتخذته نظاماً للحكم ونجحت فيه بشكل مثير، والكثير من أبناء الشعب لديهم ضبابية في تفاصيله وأقسامه، ولا نملك تجربة في بلدنا إلا مثلما أكدنا وجود الإقليم دستورياً وبهياكله ومؤسساته التشريعية والقضائية والتنفيذية وهو يعتمد على نوع من الحكم المركزي داخلياً ، فالفيدرالية مثلما جاء في دساتير العديد من الدول تعني شكل من أشكال الحكم الذي تتقاسم فيه السلطات وفق دستور يسن ويحمل مواداً واضحة فما يخص النظام الفيدرالي وتتبع ذلك تقسيمات ووحدات دستورية بخاصية نظامها الأساسي الذي يحدد السلطات فيما يخص الحكم الذاتي لكل إقليم ومن هذا الجانب ولما فيه من خصائص بديلة عن الحكم الفردي المبني على الاضطهاد وحجب الحريات والتجاوز على حقوق القوميات الأصغر فنحن نصطف إلى جانبه، والحكم الفيدرالي منتشر على سطح المعمورة وتكاد حسب المصادر المختصة أن يتجاوز عدد الدول التي تتبنى النظام الفيدرالي حوالي ثلث دول المعمورة (*)، وهناك دول كبيرة تتخذ من هذا النظام للحكم مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا والبعض من الدول الأوربية مثل جمهورية روسيا وألمانيا وسويسرا وفي آسيا مثال الهند وعلى مستوى المنطقة العربية فاقرب مثال لنا دولة الأمارات العربية، أما بالنسبة للعراق وتوجهاته لبناء مثل هذا الحكم فقد جاء في الدستور العراقي وخاصة المادة ( 19 ) التي تنص على حق كل محافظة أو عدة محافظات على إقامة الأقاليم وأوضحت المادة والدستور الكيفية والشروط القانونية الكفيلة بالتطبيق ولم تترك المادة ( 117 ) الأمور على الغارب فقد أوضحت أن يقوم الإقليم بوضع دستور له ثم حددت الآليات والشروط لذلك الدستور
إذن الفيدرالية أو الأقاليم وقيامها مكفولة دستورياً في العراق لكنها بحاجة إلى تطبيقها بشكل لا يساء لها في ظروف طبيعية من حيث استتباب الأمن والاستمرار في بناء الدولة ومؤسساتها والعديد من الشروط من بينها ترسيخ المفهوم الديمقراطي بتداول السلطة سلمياً.
أن الذي جرى من تصريحات ومواقف تجعلنا نعيد التفكير فيما يخص سن الدستور ويجعلنا نستفسر ــ كيف جرى الاتفاق على وضع الفيدرالية ( الأقاليم ) في الدستور! وهل الاتفاق كان ضمن قناعات لحاجة العراق أم عبارة عن مساومات تنتظر مصيرها على حساب الزمن؟! وبخاصة تواجد القوات الأمريكية والبريطانية وحلفائهما لحين تمشية الأمور بالهيمنة على السلطة والقرار ولهذا عطلت العديد من المواد الدستورية وفي مقدمتها المادة (140) أو جرى التجاوز عليها وفق تصريحات " مصلحة العراق في الوقت الراهن تتطلب تأجيل التنفيذ والاستفتاء" وهنالك الكثير من الاستفسارات الأخرى مما يزيد الحيرة لدى الكثير من أبناء شعبنا عندما يستمع مثلاً لرئيس الوزراء نوري المالكي وتنظيراته حول الفيدراليات بالقول " من شأنها ان تثير الفتنة" أو " اندلاع حرب أهلية إذا ما طبقت " بسبب عدم الانتهاء من ترسيم الحدود بين المحافظات، ومتى يتم ترسيم الحدود وقد مرت حوالي تسعة سنوات على وجودهم في السلطة؟ هل يحتاج السيد نوري المالكي وصحبه من المهيمنين على السلطة إلى مئة عام كي يتم ترسيم الحدود ثم تطبيق بنود الدستور فيما يخص الأقاليم؟ ولم يكتف السيد نوري المالكي في تنظيراته في ( طويريج ) بل كررها في البصرة " الأقاليم كلمة حق يراد بها باطل" وأصر انه لا يمكن إقامة الأقاليم في الوقت الحالي وهي مرفوضة " جملة وتفصيلاً " لكنه حاول تهدئة الوضع بالقول عنها لحين استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار، وهل يدلنا متى سيتم ذلك! وهم جميعاً ينتهجون سياسة المكايدة والخصومات والصراعات غير المبدئية؟ وهل يعتقد ان هذا الرفض والتبريرات هي لإضاعة الحق والمطالبة بدلاً من وضعه على الطريق الصحيح!
النظام الفيدرالي ليس بالبعبع الذي يخيفون به المواطنين من خلال تصريحات البعض من الأطراف السياسية والطائفية وكتابات البعض من الشوفينيين والحاقدين والبهلوانيين الذين يتبارون ليس من اجل درء الفتنة بل هم الفتنة نفسها ، والفيدرالية أو ما جاء في الدستور، الأقاليم لا تحتاج إلى هذه الغبرة ومحاولات التشويه بقدر الحاجة إلى الممارسة الصحيحة لأساليب الحكم ومشاركة الجماهير في رسم السياسة والبناء بالاعتماد على منظمات المجتمع المدني كما تحتاج إلى حكومة صالحة في تدبير أمور البلاد والابتعاد عن التطاحن الحزبي لأغراض ضيقة.
فالذي يريد أن لا تكون هنالك فتنة عليه المباشرة في ترسيم الحدود بين المحافظات ووفق معطيات السبعينيات، وعليه القيام بالاستفتاء الخاص والعام والتفاهم مع القوى والكتل الأخرى والعمل على إصدار قوانين تخدم العملية السياسية من مفهوم ديمقراطي، ولا نفهم لماذا يرفض البعض العودة للحقبة التاريخية التي كانت بالنسبة لحدود المحافظات التي تلاعب بها النظام السابق من مفهوم قومي شوفيني إلا اللهم الحجة الغريبة " توسيع محافظات على حساب أخرى" لكنهم لم يحسبوا ان النظام وسع محافظات على حساب محافظات أخرى بدون وجهة حق وبدون موافقة المواطنين وبالضد من مصالحهم، فترسيم الحدود وإعادة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها حوالي ( 400 ألف ) دونم " التي مازالت تحت هيمنة الوافدين إلى أصحابها الشرعيين خطوة أولى لتحقيق قضية الأقاليم ووفق الدستور، أن المعارضة من قبل البعض في مجلس النواب أو الحكومة والكتل الأخرى دليل على أن النفس الشوفيني مازال يركب عقول البعض الذين يتمنون عودة الماضي وإقامة الدولة المركزية ويوجهون حقدهم بالضد من الكرد والقوميات الأخرى، لكن هذا التمني والحلم البائس لن يكتب لهما الحياة وسوف تنتصر قضية الحقوق القومية بما فيها قضية تحقيق إقامة الحكم الفيدرالي الديمقراطي الذي سيكون قوة إضافية لوحدة البلاد وليس تقسيمها مثلما يعلن البعض من هؤلاء.
ان رفض تشكيل الأقاليم تحت طائلة حجج مترهلة هدفها عرقلة التوجه لبناء الدولة المدنية دليل على العداء والشوفينية وفقدان بصيرة البعض ممن يقفون بالضد منه لأن ذلك هو الخطر الفعلي لتمزيق الوحدة الوطنية ودفع الأطراف المتطرفة لاتخاذ خطوات لزيادة الأزمات اعتماداً على النهج المعادي للديمقراطية وبناء المجتمع المدني، وهذا لا يعني أننا بالضد من اتخاذ إجراءات ملموسة وصحيحة ووفق منهج عقلاني يعتمد معايير وطنية وديمقراطية في البناء لتمكين الدولة المركزية من خلق مستلزمات بناء الدولة الاتحادية ومعرفة صلاحيات الأقاليم وفق الدستور والقوانين التي تحدد أساس الدولة الاتحادية ودور الأقاليم ومعرفة حدودها وتمسكها بوحدة البلاد مع تخلي الحكومة المركزية عن البعض من الصلاحيات التي تخص الإقليم أو الأقاليم، وهذا لا يعني الاعتقاد بالاستقلالية المطلقة عن الدولة أو الحكومة المركزية فلكل منهما دوره وصلاحياته، فالحكومة المركزية هي التي تقود البلاد سياسياً واقتصادياً وامنياً لكنها لا تتدخل بشكل مباشرة في خصوصيات الإقليم التي تمارسها بموجب الدستور الذي يضمن هذه الممارسة وليس على أساس معاهدة أو ميثاق بين الأطراف ولهذا وأسباب أخرى يعتبر النظام الفيدرالي الأصلح والأحسن للدول التي تتواجد فيها قوميات واديان وأطياف ومذاهب متعددة وهو يقوم على قواعد دستورية ضمن الدولة الواحدة التي تدار من قبل مؤسسات دستورية وهو اختيار هذه المكونات للاتحاد الطوعي مع الاستفادة " بنوع خاص من الاستقلالية الذاتية لكل إقليم "
لقد عانى الشعب العراقي طوال عقود عديدة من النظام المركزي والقرار الفردي للزعيم الفرد المطلق ومن هضم للحقوق المدنية والحريات الديمقراطية، كما عانت القوميات من التجاوز على حقوقها القومية المشروعة بما فيها شن الحروب والحملات العسكرية وخير مثال ما جرى في كردستان العراق، هذه الحروب الداخلية التي خلفت ورائها الكثير من المآسي والضحايا والخراب والتخلف والدمار وهجرة مئات الآلاف ولهذا يحتاج العراق اليوم إلى نظام فيدرالي دستوري توزع فيه الصلاحيات على أن يكون الدستور هو الحكم الذي يتم من خلاله توزيع السلطات وباعتقادنا أن هذا النوع من النظام سوف يقوي الوحدة الوطنية ويشيع الاستقرار والاطمئنان والأمان بالاتجاه نحو بناء الدولة الاتحادية الديمقراطية التعددية.



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات المؤتمر الوطني والحوار الوطني الديمقراطي
- لعبة الادعاء بمسؤولية مجالس الجاليات وغيرها في الخارج
- وزارة شؤون المرأة العراقية لا تمثل المرأة العراقية
- هل هو عداء إيراني تاريخي أو عداء آخر؟ .. أم ماذا؟
- مفهوم وحدة الدولة العرقية بين الحقيقة والادعاء
- حديقة بغداد الغيبية
- الجيش العراقي والتناقض ما بين الماضي والحاضر
- غبار لغلق الحكمة في التبصير
- أهداف التصريحات الطرزانية الموجهة!
- إلى متى يجري السكوت عن جرائم حكام تركيا ؟
- دمشق الحبّ والزيتون
- عام 2012 والفقر صفة ملازمة للأكثرية من العراقيين!
- هل الدعوة لحل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنهي الأ ...
- لماذا لا ترد أملاك الذين استولى عليها النظام السابق ؟
- هل وصل الصراع إلى حد الاحتراب واللاعودة؟
- العقلية المتخلفة التي ترى وجه المرأة فرجها في المجتمع
- صدى هبوب الغبار
- ديمقراطية راسبوتين بوتين والانتخابات الروسية الأخيرة
- نزعة التخبط السياسي والتطرف بالرأي يؤدي الى الجمود
- إذا أردنا التجديد والتغيير وقيام الديمقراطية الملتزمة فعلى ا ...


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمد غريب - الدستور العراقي والفيدرالية التي تثير الفتنة