أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمد غريب - نزعة التخبط السياسي والتطرف بالرأي يؤدي الى الجمود















المزيد.....

نزعة التخبط السياسي والتطرف بالرأي يؤدي الى الجمود


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 3573 - 2011 / 12 / 11 - 18:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتغلب لدى ضيقي الأفق النظرة الأحادية في فهم التطورات التي تحدث أثناء مراحل التاريخ وتفسير المقولات والقوانين الاجتماعية بشكل مغلوط دون الأخذ بالحسبان المكان والزمان وبهذا يتغلب التطرف في النهج الاستراتيجي والتكتيكي مما يؤدي إلى كوارث كبيرة تصاب بها الحركات والأحزاب وحتى الأنظمة السياسية ولم يكن التطرف مهما كانت حججه إلا عبارة عن فشل في الرؤيا السياسية والفلسفية وفي التطبيق الأعمى الذي يحاول تفسير القضايا الملحة حسب المفهوم الضيق في الايديولوجيا التي ترى في مبدأ استعمال القوة لفرض الهيمنة والتسلط هو الذي يجب أن يسود لكي تنفذ الارادوية الفردية المطلقة متجاوزةً قوانين الطبيعة والمجتمع وهذه الرؤيا استخدمت في تطبيقات الكثير من الأنظمة السياسية الدكتاتورية والفاشية وكذلك المنظمات المتطرفة اليمينية واليسارية التي تلتقي كقطبين لمفهوم التطرف والنزعة للفردية وحل القضايا بالعنف الفردي أو الجماعي المعتمد على الارادوية كمفهوم سياسي وفلسفي، وتجلت هذه الموضوعة فيما طرحه الفيلسوف الألماني فرديدريك نيتشه بأن " إرادة السلطة هي الجوهر الاعمق للوجود " وقد استخدمت موضوعاته فيما يخص الإنسان الأعلى بعد ذلك من قبل الايديولوجيا الفاشية، ولم تقتصر سياسات الدول الدكتاتورية أو الأحزاب والمنظمات القومية والدينية المتطرفة وبخاصة في البلدان المتخلفة على الارادوية كحل بل سعت لتزوجيها قومياً ودينياً فظهرت الارادوية في النزعة القومية المتطرفة كما رأيناها في مرحلتي سلطة حزب البعث العراقي 1963 و 1968 وكذلك الدينية السلفية والأصولية وهي تتماثل في جمهورية إيران الإسلامية وأحزاب الإسلام السياسي المتنفذة في العراق، ولهذا نجد في تاريخ وسياسة هذه الدول والحركات الإسلامية السياسية نوعاً من التجاوز على أكثرية قوانين الطبيعة والمجتمع والخلط واعتماد مقولة " الغاية تبرر الوسيلة " كحل نهائي بدلاً من الاعتماد على التفسير الصحيح للتغيرات التي تتحكم فيها قوانين الاجتماع والتطورات التي تلازمها لكي تعالج وفق منظور علمي للوصول إلى الاستنتاج بعدما يجري تفسير ظواهرها ومعرفة الطريق لإيجاد المعالجة الواقعية، وقد يسأل القارئ عن معنى هذه المقدمة التي تبدو وكأنها بالضد من مصداقية النضال من اجل الحريات وقضايا الاستقلال ارتباطاً بموقفنا من النضال السلبي الذي يمارس العنف غير المبرر والذي يعالج قضية انهائها الدهر وانتهت ممارساتها منذ حقب تاريخية وظهرت في الفترة الأخيرة وكأنها علاج لحل المشاكل فنقول أن هناك اختلاف واسع ما بين القوى التحررية الوطنية والديمقراطية التي تستفيد من حركة التاريخ لصياغة برامجها الواقعية بدون القفز على المراحل ويتجلى التكتيك الذي أشار له لنين " عن ليبكنخت " في 1901 " إذا تغيرت الأحوال في 24 ساعة، تعين تغيير التكتيك أيضاً في 24 ساعة " أي أن التغيير يلزمه الوعي الذي يميزه ويستفيد منه وليس على أساس مزاجي لمجرد التغيير كمغامرة ذاتية، وبين التطرف الذي لا يرى التغيرات فيما حوله ويطبق في كثير من الأحيان بشكل جامد القوانين الاجتماعية فيما يخص مفهوم التحرير والعدالة الاجتماعية ويضع مستلزمات النضال في إطار آحادي الجانب أو يدير السفينة 180 درجة فكرية.
لقد تمثل التطرف السياسي الذي شغل القرن العشرين مكانة غير قليلة في عالم المعمورة وهذا ما جعل المهتمين بقضايا التحرير والخلاص من الاستغلال أن يستدركوا الأمر فوضعوا الخطوط الحمراء ما بين النضال من اجل حقوق الشغيلة والمواطنين وقضايا الحرية والاستقلال وبين التطرف الذي يضر اشد الضرر بالحركات الوطنية الشعبية ومن نافل القول أن نقول إن التطرف انتهى لمجرد استبيان الأضرار التي يخلفها في المجلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالحقوق المشروعة التي تناضل من اجلها شغيلة اليد والفكر وباقي الفئات الاجتماعية الفقيرة فما زال هذا التطرف يعيش بين أضلع المتطرفين إن كانوا يقودون السلطة أو أحزاب وتنظيمات تسعى للسيطرة على السلطة، فالتطرف الذي يقود السلطة يتبجح دائماً بوجود مؤامرة تدبر في الخفاء للقفز على السلطة وبهذا فإن تبني وسائل العنف وصولاً إلى التصفيات الجسدية للمعارضين لها وهي إذ تستخدم مقولة الجماهير لتوجه البعض من المؤسسات الأمنية باحتلال موقع الجماهير وتدفعهم باتجاه تنفيذ ما تسعى إليه لكي يتسنى لها إزاحة المعارضين والذين يخالفون نهجها ولعل تاريخ التطرف حافل بالخسائر الكبيرة التي منيت بها الشعوب أو القوى التقدمية وكان بالامكان انتهاج الرؤيا العلمية بين ما هو ذاتي أو موضعي وبدلاً من طريقة العنف إيجاد طريق للحلول بالحوار والتفاهم وبالنقاش والجلوس على طاولة المفاوضات بدلاً من التهديد والوعيد واعتبار الحقيقة ملكاً لطرف دون الآخر وقد يقود التطرف إلى شن حروب محلية وقطرية .
وما نشهده على الساحة السياسية العراقية من صراعات ومواقف متطرفة بين القوى المتنفذة الحاكمة نفسها وبين القوى التي تنتهج التطرف في سياستها وصراعها دليل ساطع على ما نقوله ففي الجانب المتنفذ ( المتقنفذ ) نجد المحاولات لتثبيت نهج الإزاحة للتفرد بالسلطة وممارسة شتى الأساليب بما فيها العنف وحتى المؤامرة للتخلص من الخصوم حسب تعبير نظرية التطرف وان كان الخصوم في الخندق نفسه أي بالمعنى الصريح مشاركون في العملية السياسية، وهناك نهج متطرف تمارسه هذه القوى بالضد من مبدأ المصالحة الوطنية على الرغم من الادعاءات بأنها تعمل من اجل ذلك، أما الجانب الآخر فالقوى المعادية للعملية السياسية تنتهج نهج التطرف بما فيها القيام بأعمال إرهابية تؤدي إلى التدمير وقتل المئات من المواطنين العراقيين الأبرياء تحت طائلة جملة من الحجج منها محاربة قوات الاحتلال ومنها شعارات قومية متطرفة وأخرى دينية طائفية وهلم جرا...، وهكذا يتجلى نهج التطرف الميال إلى العنف في أعمال وتحركات هذه الفرق بالرغم من أنها تتنكر لها وتحاول فلسفتها بشعارات المصلحة الوطنية والديمقراطية ( الديمقراطية حسب تفصيلهم ) إلا أن التطرف يبقى في كثير من الأحيان وفق مبدأ التقية التي تتحين الفرص لممارسته بشكل يراد منه تغطيته بوسائل وكأنها ممارسات ضرورية وقانونية، أما التطرف خارج السلطة فهو يندرج على اتجاهات يمينية متطرفة تتبناها قوى الإسلام السياسي السلفية منها والأصولية ولها قواعد تنطلق منها باتجاه مشروعها لإقامة الدولة الدينية بقوة القتل والعنف والسلاح وليس ببعيد ما قامت وتقوم به المنظمات التكفيرية والمليشيات المسلحة من التفجيرات والاغتيالات لأجل عرقلة بناء الدولة مستغلة الأداء الحكومي المبني على الطائفية والمحاصصة، وما جرى ويجري في العديد من المحافظات وفي مقدمتها العاصمة من غلق النوادي الاجتماعية والثقافية وصلات دور السينما والمسرح ومحلات بيع المشروبات الروحية للأخوة المسيحيين وغيرهم وفرض الحجاب على النساء في العديد من الدوائر وبعض الوزارات وعلى الطالبات ومحاولات فصل الطلاب عن الطالبات في معهد الفنون الجميلة وما جرى مؤخراً في الإقليم وبخاصة في زاخو ودهوك وسميل وزاويتة وبعض المناطق الأخرى من حرق وتدمير بحجة مخالفة الشرعية الإسلامية يدل على جوهر التطرف الديني المتمسك بإلغاء الآخرين وصولاً إلى تجريدهم من حياتهم وممتلكاتهم وأعمالهم ثم لفرض الأمر الواقع لسياسة اسلمة المجتمع كل المجتمع العراقي وان ينكر البعض حتى في السلطة علناَ ذلك، أما الجانب الآخر فهو التطرف اليساري الذي يحاول القفز على المراحل ويتبنى العنف من منطلق التخلص من العدو الطبقي بينما والحقيقة تقال أن هذا النهج هو الذي يساعد العدو الطبقي من التمركز أكثر في مواقعه وبذريعة العنف والتطرف اليساري المريض وبالتالي إلى إفلاس قوى التطرف اليساري وابتعاد الجماهير بما فيها الطبقة العاملة " شغيلة اليد والفكر " عن مشروعه ونهجه المتطرف الذي ينتج عنه أضراراً جمة تصيب مجمل القوى اليسارية التي تنتهج السياسة الواقعية من اجل بناء الدولة المدنية الحقيقية كبداية لمشروعها حول تحقيق العدالة الاجتماعية في ظروف الدولة البرجوازية المتزاوجة مع الشريعة وهذا ما نراه في الكثير من الدول العربية والإسلامية بحيث يظهر الطابع المدني للدولة إلا أن جوهر الكثير من القوانين المهمة التي تخص مفاصل المجتمع مثل قضايا المرأة وحرية الرأي والانتماء وحرية العقيدة والأحوال الشخصية وقضايا الثقافة والفن ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من الحريات المدنية تخضع بهذا الشكل أو ذاك إلى مفهوم الشريعة التي يراد منها غلق التوجه نحو بناء الدولة المدنية واستمرار هيمنة رجال الدين على القرارات السياسية بحجة الدين وبذلك يغلقون الطرق نحو التوجه لانتقال السلطة سلمياً ووفق قوانين الانتخابات العادل خوفاً من فقدان هيمنتهم وتحقيق فصل الدولة عن الدين وتوضيح وظائف كل واحد منهما فلا الدولة تتدخل في أمور الدين أو تستعين به لضرب المعارضين ولا رجال الدين يستغلون الدولة لمصلحة أهدافهم، وهذا التوازن هو الذي يخيف القوى المتنفذة التي تريد استغلال الدين من طرف ومن طرف تدعي المدنية وكذلك المرجعيات الدينية لكلا الطرفين ومختلف الاتجاهات الدينية الأخرى.
إن أمام بناء الدولة المدنية مهمات كبيرة ومتشعبة وفق مراحل زمنية وكذلك يلزم بتواجد القوى التي تؤمن بالحريات المدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان، تؤمن بتداول السلطة سلمياً وتعمل من اجل سن القوانين التي تنص على أهمية سيادة القانون واعتماد الدستور الذي يقر المواطنة بدون أي تمييز لا ديني ولا مذهبي لا قومي ولا عرقي عند ذلك سيكون التطرف والعنف عبارة عن مسبة لكل من يحاول انتهاجه أو استعماله وباعتقادنا أن هذا ما يحتاجه العراق في ظروفنا الراهنة وإلا سيزداد التطرف وتتوسع شقة الاختلاف وعند ذلك سيكون العنف سيد الموقف ما بين القوى المتنفذة نفسها بسبب تباين المواقف وسياسة نظام الإزاحة أو مع القوى التي تعمل على خلق مطبات وصولاً لحرب أهلية التي سيخسر فيها الجميع وفي مقدمتها الشعب العراقي بجميع مكوناته.





#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا أردنا التجديد والتغيير وقيام الديمقراطية الملتزمة فعلى ا ...
- معاني الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن
- 1 إدراك تسابق الوقت
- هل تُنسق الحكومة العراقية مع طهران بخصوص سكان اشرف؟
- محاولة بيع المسرح الوطني أو تأجيره دليل على هدف الخصخصة
- تمويهات عاشقة في غرفة الحديقة
- هل يُدفع العراق للسير إلى المصير المجهول ؟
- تأزم في العلاقات وتعميق الخلافات مع الكويت
- الأسلحة النووية تهديد لأمن وسلام منطقة الشرق الأوسط
- هل سيكون حزب الدعوة حصان طروادة للتحالف الوطني العراقي..؟
- الخطوة للخلف ستحيي الدكتاتور
- الوجه المخفي للعمليات الإرهابية في العراق
- معضلة عَلم النظام السابق وعلم الإقليم
- فرض الحجاب في المدارس للكسب السياسي الضيق بحجة الإسلام
- حجاج البرلمان العراقي والقوانين المسكينة المركونة
- دعوة كي تعرف الفرق ما بين..!
- تداعيات الفتنة الطائفية بالضد من الوحدة الوطنية المصرية
- المكارثية الجديدة وإرهاب المثقفين والعلماء والصحافيين في الع ...
- الكرد الفيلييون ومحنة المزايدة والمتاجرة بحقوقهم المشروعة
- تسويف مواد الفيدرالية في الدستور لمصلحة النهج الشوفيني


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمد غريب - نزعة التخبط السياسي والتطرف بالرأي يؤدي الى الجمود