عبد الجليل موراق
الحوار المتمدن-العدد: 3641 - 2012 / 2 / 17 - 08:39
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لم اكن اشاهد قناة الجماهيرية لليبية فقط لإنها نسخة من كل القنوات الرسمية وأن كانت ارحم من قنوات ما يسمى بالصحوة . و لكن لزاما علينا للحقيقة والتاريخ ان نسجل لجماهيرية القذافي و شخصه ما يلي :
1/ جماهيرية القذافي هي من أعطى لإفريقيا و لدولها السبعة والخمسين أول ثوراتها الحقيقية في التاريخ الحديث، هو الزعيم الافريقي الوحيد الذي وفر لإفريقيا تغطيتها المستقلة -الارسال- الشاملة في مجال الاتصال و المعلوميات :التلفزة،ا لمذياع ، إظافة الى تطبيقات اخرى من بينها : التطبيب عن بعد ، التعليم عن بعد . وهي المرة الاولى التي تحصل فيها القارة الافريقية على شبكة تواصلية حقيقية بثمن مقبول وتغطي ابعد الاماكن في المدار القروي و ذلك بنظام مايعرف ب: تقنية قنطرة راديودابل يو ماكس .
القصة بدأت سنة 1992 حين أسست 45 دولة افريقيا ما عرف براسكوم Regional African Satellite Communication Organization (RASCOM) لأمتلاك قمر صناعي افريقي لتخفيض ثمن الارسال ، على اعتبار أن الاتصال من والى افريقيا يعد الأغلى ثمنا في العالم . لإن افريقيا تدفع 500 مليون دولار لإوروبا كل سنة ثمن الاتصالات الهاتفية ، حتى بين الدول الافريقية نفسها ، بل داخل نفس البلد الواحد ، وهو ثمن نقل الكالمة عبر قمراوروبا (intelsat) . المحزن أن امتلاك كامل لقمر اصطناعي افريقي لن يكلف إلا 400 مليون دولار فقط ، و تدفع مرة واحدة بدل ثمن الكراء السنوي 500 مليون دولار ، وهو – أي 400 مليون - طلب القرض الذي كانت اوروبا وامريكا والعرب للإسف ظلوا يماطلون في قبوله للافارقة . اوروبا و أمريكا على حق ، فمن هذا الغبي الذي سيحرر زبونا ذليلا يدفع صاغرا 500 مليون دولار سنويا وفوقها بوسة ؟؟ أما العرب فلا نريد أن نعرف لماذا رفضوا مرارا و تكرارا طلب الافارقة . هكذا ظلت اوروبا وامريكا وصندوق النقد الدولي يجرجرون الافارقة 14 سنة كاملة ، الى حدود 2006 ، حيت قرر الزعيم الافريقي الراحل القذافي وضع حد لهذا التواطؤ الاوروأمريكوعربي حيت اقترح على الافارقة ان تدفع ليبيا 300 مليون دولار والبنك الافريقي للتنمية 50 مليون دولار وبنك الشرق افريقي 27 مليون دولار كدفعة اولى . وهكذا تمكنت افريقيا يوم 26 دجنبر 2007 من امتلاك اول قمر اصطناعي خاص في تاريخها. وتكفلت الصين وروسيا بالجانب التقني واطلاقه في جنوب افريقيا و انغولا والنيجر و الجزائر . و تم اطلاق قمر ثاني في يوليو 2010 . وهو ما لم تغفره اوربا لهاتين الدولتين الى اليوم. وبفكرة القذافي استطاعت افريقيا ان تمتلك اول قمر افريقي و فوق ارض افريقيا وهي الجزائر . القذافي بفكرته لم تخسر اوروبا فقط 500 مليون دولار سنويا ولكن ماكان يترتب على دفعها من ديون تتراكم لتغدو اكبر من الدين نفسه و هو ما يتقنه الغرب حقيقة بشكل مذهل .
2/ من نعم القذافي علينا كأفارقة أنه كان الرجل الافريقي الاكثر شراسة وتمسكا ورغبة في التخلص من قبضة فرنسا القاتلة فيما يتعلق بالعملة الافريقية المعروفة ب CFA والتي بها لازالت باريس تتحكم في رقاب الكثير من الدول الافريقية ، وعليه عمل بحرقة وبدافع انتماء جغرافي و قومي وأخلاقي وانساني محض ( لاربح مادي ولا سياسي ولا ديني ) عن فكرة تغيير العملة الافروفرنسية الى عملة افريقية خالصة في كل المحافل ، بل كاد ان ينتهي من من هذا الانجاز التاريخي لولا قتله من طرف الفرنسيين بأيدي همج ليبيين من وضع اللمسات الاخيرة على أحد أضخم المشاريع الافريقية الذي كان هو صاحبها وراعيها ومطبقها: الفيدرالية الافريقية التي نفذها في ثلات اليات محورية فريدة :
*/ البنك الافريقي للأستثمار و مقره سرت ولازل الى اليوم يشهد على رؤية القذافي لإفريقيا المستقبل .
*/ انشاء صندوق النقد الافريقي برأسمال وصل الى 40 مليون دولار و مقره ياوندي عاصمة الكامرون .الشيء الذي جاهدت فرنسا لإجهاضه بكل الوسائل (وهي قصة طويلة ) ولما أفشلها الزعيم الليبي الافريقي الراحل و تغلب عليها ، هرول الوفد الاوروبي الى ياوندي وطلب الاستثمار والانظمام الى البنك المركزي الافريقي بتاريخ 16 و 17 دجنبر 2010 وهو ما رفضه القذافي بشدة بمبرر أن المسألة مسألة افريقيا بحثة - أفريقيا للأفارقة - ، وهي الاهانة التي لم يستسغها الاوروبيون وفرنسا بالتحديد، ليصبح عدو فرنسا رقم واحد .
*/ البنك المركزي الافريقي و مقره أبوجا بنجيريا الذي كان سيعطي انطلاقة وتحرير العملة الافريقية من ربقة فرنسا والتي تتحكم في مصير الافارقة منذ 50 سنة ورأسماله هي حكاية 30 مليار دولار التي جمدتها امريكا واستولت عليها فيما بعد ، بعد غزو الناتو والتي كانت مخصصة لبناء هذا المشروع الضخم الذي انتظره الافارقة جميعا ولكن تبخر للأسف الشديد ، لإن باريس لم يرقها أن يتحرر الافارقة والافريقيات من استعبادها .
هذا يفسر الهستيريا التي سكنت قصر الاليزيه ونقمتهم واسراعهم الى الهجوم الغير قانوني عليه ، بل أصبح قتل القذافي و انقاذ فرنسا ورقة سياسية دسمة قد تمنح ساركوزي وحزبه ولاية رئاسية ثانية ، وسيلاحظ أي متتبع برود فرنسا فيما يتعلق الامر بالشأن السوري و ما خرجات الان جوبيه الاعلامية وتباعدها الا من باب رفع الحرج لا غير .
ولو استكمل القذافي مشرعه كان صندوق النقد الافريقي سيعوض كل انشطة صندوق النقد الدولي داخل الاراضي الافريقية الذي لا تتجاوز قيمة انشطته مجتمعة 25 مليار دولار ، والتي بها تركع القارة كلها و تسكت عن فظاعته في أقطارها . من بينها إجبارها على بيع المؤسسات العمومية الى شركات خصوصية و الفرنسية في مقدمتها .( مثلا – لا للحصر - في المغرب تستولي فرنسا على قطاع الاتصالات ،النظافة ، الماء ،الكهرباء ، مكاتب الدراسات ...اطار مغربي يحمل نفس دبلوم اطار فرنسي وفوق ارض مغربية يتقاضى عشرة مرات اقل : مدرب وطني يتقاضى عشرة ملايين سنتيم بينما الفرنكفوني يتقاضى ما يفوق 260 مليون سنتيم أي فارق 250 الف يورو ).
و عليه لا غرابة أن الطلعات الجوية التي قصفت باب العزيزية تستعد لقصف قصر المرادية في بلد افريقي كبير اسمه الجزائر.
يتبع
#عبد_الجليل_موراق (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟