عبد الجليل موراق
الحوار المتمدن-العدد: 3499 - 2011 / 9 / 27 - 22:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
احقدوا على البعث ما تشاؤون ولكن تبقى حسنته الشامخة انه جعل سوريا مستعصية على القمقم الوهابي السلفي الظلامي الذي يكره النور و التنوير, بل حافظ عليها منصة اشعاع فكري وثقافي ادبي و فني , مدرسة قائمة بذاتها تخرج منها فنانون عمالقة وأدباء كبار, ومنظرون أكاديميون مميزون ونقاذ وكتاب ومفكرون مبدعون مالم تنتجه دول الخليج الفارسي مجتمعة وتحررت فيها المرأة الى أبعد الحدود ,(في 2015 فقط تستطيع المرأة السعودية التصويت و الترشح ) بل جعلها نموذجا للتعايش العرقي والاثني و المذهبي و الطائفي و الديني (أزيد من 20 اثنية وعرق وطائفة) .وهذه حقيقة ساطعة نراها كل يوم ولن ينكرها ألا حاقد جاحد اقصائي أو اخوانجي عرعوري سفيه . . ولكن :
نتألم كل يوم للدم السوري الطاهر الذي يسكبه البعث غلا و حقدا وأنانية وبغباء منقطع النظير, نتألم لهذا الدم , لأن البلد في أمس الحاجة أليه أكثر من أي وقت مضى لبناء سوريا الرابعة ,والدخول بها الى عهد العصرنة والديموقراطية والحداثة والاستمرار في الهروب بها عن المد العرباني الصحراوي القاحل الشاحب المتخلف , نتألم لأن المقاربة الامنية الاسدية الغبية التى تسيئ الى سوريا عاجزة عن سماع صوت حركة التاريخ ومنطقه الفيزيكي الصارم الذي لافكاك عنه .نتألم لأن سوريا تدفع ثمن هذا العناد البعثي المراهقاتي الفارغ الذي يجرها الى العهد الطباشيري مباشرة ويفتح الباب للحاقدين المتربصين ليحولوها الى إمارة طالبانية غارقة في الشعوذة والخرافة وثقافة التغييب وانتظار السماء.
للحقيقة و التاريخ : سوريا اليوم أكبرمن أن يحكمها حزب البعث . البعث إحترقت أوراقه كاملة و نفذ مخزونه كليا ,لم يعد له مايقدمه لا للسوريين ولا لسوريا , مرجعيته الفلسفية أفلست و مشروعه السياسي تصدع و تآكل , وبدون قفزات بهلوانية نعترف أن فترته في الحكم اليوم تسلم الروح بحسناتها و سيئاتها .نعترف أنه قدم الكثير لسوريا و أخذ منها أكتر,خدمته أكثر مما خدمها .نقول له آن الاوان ليريح و يستريح ,لأنه يحتاج تحيينا و تجديدا لأطروحته وفكره وأدبياته ووجوهه ايضا .ومرحبا به من جديد إن هو أتى بجديد فسوريا تتسع للجميع . أما هذه المحاولات البائسة للتمدد والتمطط والفهلوة والاجترارفهي محاولات يائسة غبية مقيتة صبيانية لسبب بسيط هو أن جسد سوريا أصبح أكبر من قميصه بكثير. لذلك فأحسن مايقدمه في نهاية الخدمة هو الانسحاب بهدوء ليتوج مرحلة حكمه بنهاية مشرفة نحفظها له في قلوبنا تضاف الى رصيده يفخر بها أعضاؤه ومحبوه ويحترمها معارضوه و كارهوه ,أما هذا التشبت المرضي بالحكم فلن يجر عليه غيرمطاردات و لعنات التاريخ وله في الحزب الوطني المصري و الدستوري التونسي و لجان العقيد نموذجا , تهمة يهرب منها الجميع .
البديل وبمعطيات واقعية وبانتخابات حرة و نزيهة و باشراف دولي سيفوز التيار الاسلامي , ليس لقوة تنظيمه أو تماسك خطابه أو واقعية طروحاته ولكن لتظافر تلاث معطيات تخدمه في الظرف الراهن : سيصوت عليه الناخبون أولا ليس حبا فيه و لكن كرها وكراهية للبعث وأفاعيله على أن السوري الواعي والمتعلم إما غير مهتم نهائيا لأسباب متعددة و معلومة أو لأنه يعيش في الشتات بحثا عن لقمة أحسن و أفق أرحب , ثانيا لأثر و تأثيرو إغراء النموذج التركي الاردوكاني الذي قاد تركيا فعلا و حقيقة الى مصاف الدول الكبرى و هرب عن محيطه المتخلف بسنوات ضوئية و أنجح جدلية الاسلام و العلمانية وقدمها في تركيبة عملية إجرائية علمية بعيدا عن السفسطة والمزايدات الفارغة لأشباه المفكرين في فضائحيات العقم العربي ,ثالثا الزاد اللوجستيكي والاعلامي و العون المادي والسخاء الحاتمي الذي سيتلقاه التيار الاسلامي من الجيران إياهم طمعا في جعل سوريا الكبيرة ذيلية و تابعة ومؤتمرة بأوامرالدكتور أبو متعب لأسباب كثيرة على رأسها الرهاب الذي تسببه له إيران النووية . السؤال الان هل هذا البديل المفترض مبرر كاف لنخاف من التغيير و نقاومه؟ هل يملك التيار الاسلامي السوري ما بكفي من مسببات النجاح وقيادة بلد من حجم و قيمة سوريا ؟ هل راكم التيار الاسلامي السوري من التجربة السياسية و الخبرة الميدانية ما يكفي لاقناع المواطن السوري بإحقيته و أهليته وقدرته على الخروج بالبلد الى فضاء الديموقراطية ؟ و السؤال المحرج كم من الوقت سيصمد الاسلاميون في الحكم بخطاب مجتر مستهلك جامد لم يعد يقتتات غلى مائدته إلا من رفع عنه القلم ؟
الجواب : الخوف من صعود نجم التيار الاسلامي وامكانية وصوله الى دفة الحكم ومراكز صنع القرار ليس بالمطلق مبررا كافيا لتجنب التغيير والهروب منه بل العكس تماما . انها الديموقراطية في أسمى تجلياتها وهي أسمى ما نتمناه و نرجوه و نحتكم إليه, هم مكون من مكونات النسيج المجتمعي السوري لهم الحق كاملا في المشاركة والنجاح , رب قائل يقول انهم لايعرفون من الديموقراطية الا صناديق الاقتراع التي ستعطيهم فرصة الفوز و من ثمة الانقلاب عاى جوهرها فهم لا يحترمون جوهر الديموقراطية من حقوق اساسية و طبيعية فردية و جماعية و حقوق أقليات و حرية تدين و....وأنه بمجرد وصولهم سيعبثون بكل شيء ويتنكرون لكل اتفاق أو ميثاق وسيحاربون الفن والابداع الفكر و العلم ...و الحياة .وسيحملون سيف الكفر و سلاح الزندقة في و جه كل مختلف أو معارض لذا فالخوف منهم مبرر . ولكن هل يستطعون فعلا فعل ذلك بعد ان نضج وعي المواطن السوري السياسي و الحقوقي وطلق الخوف الى غير رجعة الى درجة المطالبة باعدام راس النظام الحديدي البعثي الجبار ؟ هل يستطيع أحد اليوم أن يفرض علينا نظاما لا نرتضيه ؟ و أن يضحك علينا ب شوية كلام عن الخلافة الاسلامية و الاقتصاد الاسلامي و الطب البديل الاسلامي والاعجاز العلمي الاسلامي والرقية الشرعية و الخلوة الشرعية....... و خبث اليهود و مؤامرات الصليبيين ؟ هل المواطن السوري الناقد بطبعه و الطموح بطبيعته يقبل أن يبقى تابعا للخليج الفارسي منتظرا شفقته و صدقاته ؟ وماذا تبقى للتيارات الاسلامية لتقدمه لعصر المعلومة بعد 1400 سنة من الدجل والفشل المدوي غير بناء المساجد وإعلاء الصوامع و الدعاء من فوقها و تحتها على أمريكا و أروبا و الصين و اليابان و الهند بالعقم و الدمار و الطاعون ؟؟ نتمنى صادقين أن يسلمهم البعث الحكم طواعية ان فازوا بالاغلبية فهذه فرصتهم التاريخية ليتأكدوا أنهم خارج التاريخ و أن خطابهم يثير الضحك و الشفقة معا, وأنهم مفلسون و ثرثارون , وان تباكيهم على الاخلاق خدعة قديمة وأن جعبتهم فارغة إذا تعلق الامر بالبناء والتصنيع والتطويروأن رأسمالهم الوحيد هو الكلام و الكلام و لا شيء غير الكلام التافه الفارغ الذي لاقيمة علمية او عملية له اللهم حرمان الناس من ممارسة حياتهم الطبيعية والتلذذ بما أحل الله وأنعم به والوصاية عليهم . وفي فترة زمانية قياسية سيرميهم السوريون في أقرب مزبلة و ينسى أنهم مروا من هنا ليتفرغ لبناء سوريا حرة عصرية حديثة تليق بنا ونليق بها ونفخر بالانتماء اليها . بالديمقراطية نهزم غير الديمقراطيين .
#عبد_الجليل_موراق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟