|
المسجد أو الخمارة 1
عبد الجليل موراق
الحوار المتمدن-العدد: 3514 - 2011 / 10 / 12 - 15:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الواقع المادي الانساني الحياتي , العملي الاجرائي اليومي ، الصلاة أو الخمرة : أيهما يغيب العقل و الفكر ويجمد الاحاسيس ؟ أيهما يقتل الطاقة والفعل والتفاعل ويمنع تجددهما ؟ أيهما يسكن القلق والتوتر والضغط ؟ أيهما يخفف الانفعال والغضب والعنف ؟ أيهما يبرر العداء والاقتتال والقتل ؟ أيهما يداهن الضعف والعجز والهزيمة ؟ أيهما يملأ الوحدة والتيه والتيهان ؟ أيهما يداوي البؤس واليأس والضياع ؟؟ أيهما تغادر وأنت الوحيد في العالم :الفكر والقلم و الامير؟ أيهما تغادر وأنت الوحيد في "روما العظيمة " الذي يستحق الاحترام و التقدير ؟ أيهما تغادر وأنت الوحيد الذي يفهم أصل الحياة ومعنى الوجود وسر المصير؟ و قوافي قباني والمعري وشكسبير ؟ ويدرك مابين سطور الحلاج وابن عربي ويتفهم ابن كثير ؟ هل المعبد أم الحانة ما يجعلنا نشعر أفضل بصعوبة أيامنا ؟ ونستخف أكثر بهموم وجودنا ؟ ونتقبل أكثر نكسات حياتنا ؟ بل ونحولها الى فوائد ومصالح وحتى إنجازات ؟ أم أن هناك تشابها عظيما في العزاء الذي يقدمانه وكلا رواديهما سافل صغير ؟ جميعنا عثرمرة ومرتين و ثلاث و ربما فشل وسقط . حينما يعثر الانسان أو يفشل في تحقيق مأمول مبتغى أو هدف مرتجى أو تمسه نوائب الدهر تباعا ، يغضب غضب العاجز ، فيركب رحلة البحث عن المشاجب ( الخطأ دائما بسبب الآخرين ) ، فتختلط عليه الاحاسيس والتهيؤات ، وتتقادفه المخاوف و التمنيات ، وتتداخل عليه الحقائق و الاوهام و النهايات ، فيشعر أن الدنيا كلها تكالبت عليه ، وبات وحيدا مهجورا تنهشه عزلة موحشة مميتة . فيتسلل الى محرابه مختليا طالبا المدد و فرصة لفهم ما وقع وتفسير ما قد يقع ، لإعادة ترتيب الاوراق و تنظيم الصفوف وإعداد الرماح و رباط الخيل . ولكل منا غار حراءه الذي يلجأ إليه كلما بخلت عليه الحياة . غار ملهم نجلس فيه الى أنفسنا وننصت الى صوامتنا دون ازعاج أو نكد . مكان يسمح لنا بالتواصل مع عقولنا الباطنية وسبر أغوارها العميقة ، مكان نفحص فيه أنفسنا خارج ذواتنا بكل أبعادها ، فحصا و تفحيصا وتمحيصا ، بحثا و تفتيشا وتنقيبا عن التركيبة السليمة و التبرير الدامغ الشافي والجواب المقنع الوافي لـ : لمــــاذا فشلت ؟؟ لماذا أنـــــا ؟؟ لماذا أنـــا فشلت ؟؟؟ الجواب : لا تبحث عن معنى الحياة خارج الحياة ، الفشل جزء من الحياة . دع الفكرة تتفتح و تنمو ، تتجدر وتترسخ ، لأنها الوحيدة التي تسمح لنا بالنهوض و الانبعات و مواصلة الطريق . العثرات و السقوط و الفشل من قواعد لعبة الحياة ، جزء من الحياة ، وأحد قوانينها الفيزيائية الثابثة. الحياة ليست كلها نجاحات و انتصارات فقط ، بل أيضا عثرات واخفاقات . هذه الحقيقة ثابثة ، يجب أن نتقبلها بابتسامة عريضة هادئة ، ليس فقط لثبوثها وقوة وجودها ، وإنما ايضا لأهميتها و ضرورتها في سيرورة وسلامة مشوارنا المعيشي .إن السقوط والفشل ليسا سيئين تماما كما نراهما و نشعر بهما ، بل لهما حسناتهما و إيجابياتهما أيضا . لعل اولها إحساسنا بقيمة النجاح لأننا دقنا طعم الاخفاق و شعورنا بقيمة الانتصار لأننا ذقنا مرارة الهزيمة ، بل لعل فضيلة الفشل الكبرى هي حصولنا على فرصة لفهم وادراك الفرق بين ما نحن عليه والصورة المثالية التي نريدها لأنفسنا ، الشىء الذي يولد فينا احساسا مضنيا بالقلق والالم العميقين والمعاناة والعذاب الثقييلين اللذان يدفعانا الى مشاعر أكثر سلبية وقبحا و سوداوية و مواقف متطرفة تبدو قاتمة مخيفة و ربما قاتلة ، ولكنها في الحقيقة على غير ماتبدو عليه ، إنها مولد لا يتوقف للطاقة ، الطاقة التي تشبه المنبه الصعقة ، التي توقظنا من الحلم الجميل في ذاك المساء الجميل ، الطاقة التي تدفعنا الى البحث عن مصدر الالم و مسبب الفشل لمحاصرتهما وانهائهما والانفلات من آثارهما .الطاقة التي تحتوي الصدمة والنكسة و تهذبهما وتخلق منهما شيئا مثمرا وابداعا خلاقا . إن جبروت هذه الطاقة ــ التي يفرزها الفشل و يستفزها السقوط ــ والتي تسكن بواطن الذات الانسانية هو الذي يمنحنا القوة لتصحيح المسار و التمسك بالاصرار وإرادة الانتصار. و المثير أن هذه الطاقة الانسانية الجبارة التي تبعث الانسان من رماده لايولدها إلا الألم الفعلي و المعاناة والنكسات الحقيقية . من أجلها تمنى قاتل الالهة الرجل الالماني العظيم ف.نتشه للذين يعنيه شأنهم " العذاب و الكآبة و المرض و سوء المعاملة و الاهانات واحتقار الذات العميق و الشك في النفس و مسكنة المهزوم " فقط لأدراكه أهمية وثأتير هذه الطاقة وقوة دافعيتها وما قد تصنعه بانسان أنهكه السقوط وأذلته محن العجز و العوز و سوء الحظ وأفشلته . فهذه الطاقة هي التي تسهل احتواء الصدمات و مفرزاتها و تحويرهما و تهذيبهما و التحكم فيهما وتحويلهما الى ردات فعل ايجابية . فالحسد مثلا يؤدي الى الحزن والمرارة و لكن تهذيبه يجعل منه دافعا الى المزيد من البحث و العمل ويجعل منا متنافسين شرسين وشرفاء ، والقلق يؤدي الى الهلع و الارتباك والتردد و تهذيبه يؤدي الى صفاء الذهن ثم الى احساس متين صلب بالتقة ومحفز صارم للمحاولة وباعث لاثمام المسير من جديد . إذن فتفهم الفكرة وتقبلها وأجرأتها يصنع من كل واحد منا عنقاء لاتتعب ولا تكل من الانبعاث لتحقيق كل الاحلام و الطموحات . وعليه فكل شيء عائد ألينا بالكـــــــــــامل : تقبل الفشل كجزء من لعبة الحياة ،استغلال الطاقة التي يفرزها لتهذيب الاحاسيس السوداء وتحويلها الى ردات فعل ايجابية محفزة مثمرة و فعالة ثم الانطلاق للقمة من جديد . بيد أن الصعوبة المركبة لا تكمن في تقبل الفشل أو الاحساس بهذه الطاقة فقط ـــ إذ لو كان الامر كذلك لكان الجميع متفوقا وناجحا وربما سعيدا ـــ وإنما الصعوبة في الابقاء على هذه الطاقة حية متجددة و تهذيبها الدائم لتؤدي الدور المنوط بها كاملا دون نقصان و استغلالها الى أبعد الحدود في التعاطي مع الاخفاق . وهذا رهين كل الارتهان بالغار أوالمكــــان أوالفضاء الذي نتردد عليه ونهرب إليه وننزوي ونختلي فيه بانفسنا في لحظات ضعفنا وسقوطنا واستسلامنا . فـــأين تنزوين أنت وأنت وعلى أي فضاء تترددان حين تضغفان ؟؟ وممن تطلبان المدد حين تستسلمان......؟؟ هل يحـــــافظ لكما على طـــاقتيكما أم يقتلهـــا ؟؟ , للتي أوالذي يتردد على و ينزوي في المعابد والمساجد والائمة والزوايا و الحسينيات والاضرحة بحـثا عن هذه الطاقة و تفعيلها ، اسمح لي ــ لو تكرمت ــ لأسألك : ألا تدخل هذه الاماكن بدون حواسك الطبيعية : لا تفكر لاتشك لا تتسائل ؟ أليست هذه الاماكن بيوت المسكنة الزائفة المزيفة ؟ أليس فضاءات لعقيدة اللا تفكير وتحريم التفكير ؟ ألا تدخلها هروبا من وحدة كونية قاتلة وبحثا عن علاقة حميمية باطنية وهمية مع الله ؟ الا تدخل طمعا في رعايته لأن لا أحد يرعاك كما تريد ؟ ألا تدخل المساجد خوفا من ملاحقة الله لنوياك وأفعالك ؟ الا تشعر أن هذه الملاحقة منه سلوك عدواني اضطهادي ؟ ألا تشعرك هذه الملاحقة باللا ثقة وباللا نضج واللامسؤلية ؟؟ ألا تدخل طمعا في حور العين و الغلمان والخمرة والظل بدل الطمع في الطاقة و التجدد والتجديد ؟ ألايجيبك الرب إذا كنت وحيدا قلقا حزينا وغاضبا : "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الارض" وإذا كنت فقيرا بئيسا معدوما محروما ألا يجيبك الله : "ويحمى عليها في نار جهنم وتكوى بها جباههم وظهورهم " وأنهم سيصلون نار السعير ؟ أليس الواقع أشرس من هذا الكلام المغري الجميل ؟ أليست هذه الكلمات مجرد وعود واغراء وتغرير ؟ أليس الدعاء و كل تلك الاناشيد الميتة خدعة وتناحة و تخدير ؟ ألا ترتفع المساجد عن الواقع و التطور و التطوير ؟ ألا تنسي الاضرحة جمال الانسان والطبيعة و الكون ؟؟ تحية شوق صادقة الى ذ أمكور المهدي
#عبد_الجليل_موراق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا بعد البعث
-
الشبيحة تتفوق على الكتائب في : من سيقتل المليون..؟؟
-
بشار يقتل أبناءه حتى في باريس
-
هل ينجو المغرب ؟؟
-
عذرا للديموقراطية المغرب اسثتناء
-
الأنسان هو الأسلوب يا وفاء
المزيد.....
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
“شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال
...
-
قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
-
بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
-
السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
-
مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول
...
-
المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي
...
-
المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
-
بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|