أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - أفكارٌ بلون ٍ أحمر














المزيد.....

أفكارٌ بلون ٍ أحمر


حنين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


أفكارٌ بلون ٍ أحمر
لـ:حنين عمر
وقفت أمام واجهة محل الثياب أتأمل الفستان الأحمر المعروض الذي لم يكن موديله يعجبني كثيرا، إنما ما شدني للوقوف طويلا أمامه هو لونه الفلسفي العميق الذي جعلني فجأة استرجع بعضا من تاريخ هذا اللون سريعا في رأسي.
إذ يعد اللون الأحمر رمزا للكثير من التناقضات اللا منطقية حولنا، ويحق لي أن أعتبر حادثة اقتناء حذائي الشانيل الأحمر إحداها- خاصة أنه ليس من ألواني المفضلة ولم يسبق أن تعلقت بحذاء بهذا اللون الصارخ من قبل، بيد أن شيئا ما بداخلي جعلني أشعر أنه من الضروري أن اعتلي كعبا شاهقا بهذا اللون تحديا للطريق الطويل الذي يفصل الماضي عن المستقبل، لأن الأحمر لون يدخل غصبا عنا جميعا في ماهيتنا الوجودية ويحدد الكثير فيها: فهو مثلا لون الدم ...لون ذلك السائل الأحمر الذي يحمل سر الحياة ويسري في أجسادنا مشبعا بكل ذاكرتنا الخلوية، والذي مازال إلى حد الآن يحتفظ بالكثير من الخبايا الطبية ويرفض أن يكشف لنا كل حقائقه التي هي حقائقنا بصفة مطلقة.
لكن وإن كان تذكري للدم كمثال أول بديهيا جدا بالنسبة لطبيبة فإنني أراهن أن بقية الناس ممن لا ينتمون لعالم المآزر البيضاء لابد أن يتذكروا بشكل أولي ارتباطه بشيء آخر هو الحب : فقد ارتبط الأحمر منذ القدم بالرغبة والعشق والغرام، إن كل القلوب التي يرسمها العشاق لبعضهم بالضرورة حمراء، وإن كل الورود التي يهديها المحب لحبيبته بالضرورة حمراء، وهو دليل لا واع على أقصى حالات التعلق والصدق والوفاء والتضحية. وتعبير عن امتزاج هذه العاطفة بالدم، ولعله من الغريب فعلا أن يكون رمز العلاقة الشعورية الأسمى مرتبطا بشكل أو بآخر بمكون من المكونات المادية لكنه أيضا تلميح طبيعي لتوحد الذات الروحية مع الذات الجسدية. وربما يكون فستان العروسة الهندية الأحمر رمزا للتوحد أيضا، التوحد بين ذاتين برابط مقدس هو رابط الزوجية، خاصة أن الأحمر لون مقدس في الهند يدخل في صميم الحياة والطقوس اليومية. وهم ليسوا مخطئين تماما في هذا الاستعمال المبالغ فيه لأن علم النفس الحديث أثبت ن اللون الأحمر محفز ممتاز للكثير من وظائف الجسم ويساعد بشكل كبير في منح حالة من النشاط والتفاؤل والمرح والثقة بالنفس وتقبل الواقع.
غير أنه بعيدا عن هذا الواقع، يحضرني عنوان رواية :" الأحمر والأسود"- خاصة أن أزرار الفستان كانت سوداء- وهي قصة شهيرة جدا للكاتب الفرنسي "ماري هنري بيلي"، المعروف باسم "ستاندال" ككنية كنى بها نفسه نسبة لناقد ألماني كان الكاتب معجبا بكتاباته. ورغم كون هذه القصة لم تلقى رواجا كبيرا أثناء حياة كاتبها مثلها مثل جل أعماله الأخرى، إلا أنها بعد وفاته أصبحت إحدى أهم روايات الأدب الفرنسي، ومازلت أذكر إلى الآن مكانها في مكتبة والدي المدججة بكل كلاسيكيات الأدب الفرنسي بلغته الأم.
والحقيقة أنني إلى غاية سن متأخرة، لم تستهوني رواية ستاندال هذه، ولم أرغب بقراءتها مع أنني التهمت كل ما استطعت الوصول إليه من كتب فوقها وتحتها وحولها. ليس فقط لأنني لم استظرف شخصية بطلها "جوليان"، إنما ربما لأنني منذ طفولتي أعيش بمزاجية شديدة تجاه بعض الكتاب الذين يعتبرهم الآخرون من العظماء. وطفولتي هذه، لم تكن مزاجية فقط ...وتميل إلى اكتساب آرائها بنفسها، إنما أيضا تميزت بشغفي الشديد بفاكهة الكرز التي لها لون أحمر أيضا...وهو تماما لون الفستان الذي كان أمامي لحظتها.
وضعت صديقتي يدها على كتفي وسألتني مستغربة: حنين ... هل أعجبك الفستان ؟، التفت إليها وقلت:" لم يعجبني طبعا... إنما فقط أفكر في كتابة شيء يشبه هذا اللون ويكون ثقيل دم مثل هذا الموديل، وذلك لأسباب أعرفها أنا وحدي، ويعرفها قلب أحمر مازلت لا أعرف من رسمه في أجندتي هذا الشهر؟"/ طبعا ...لم تفهم صديقتي ما قلته كالعادة - ولن يفهم أحد-، فتنهدت وقلت لها بابتسامة خبيثة: تعالي نشتري بعض الشوكولا بمناسبة الحديث عن الأحمر !!!
حنين //



#حنين_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى مظفر النواب
- متى سنغيّر ما بأنفسنا؟
- أغنيات بتاريخ إنتهاء صلاحية
- العرب ... لديهم مواهب -أمريكية- !
- الحفاظ على الرأس المرتفع : دور الإعلام العربي في الثورات الش ...
- كل عام وأنت نزار قباني
- قبر الغريب
- اليوم العالمي للرجل
- المدن كالنساء
- فلسفة الكعب العالي
- سحر أبيض وأسود
- المصفقون
- هيباتيا: شهيدة النور
- أبطال من ورق
- لازاريوس بروجكت
- فنجان قهوة
- أنتَ ؟ : أنتَ الذّاكرة
- نقطة...أول العطر!!!
- في مديح المنفى البعيد جدا
- كامل الشياع : ليس كل الموتِ موتا


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - أفكارٌ بلون ٍ أحمر