أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - طائفية الأمر الواقع في الدولة العراقية من 1921 وحتى الآن















المزيد.....

طائفية الأمر الواقع في الدولة العراقية من 1921 وحتى الآن


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3631 - 2012 / 2 / 7 - 04:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



لا تنص دساتير الدولة العراقية منذ تأسيسها في آب/ أغسطس 1921 وحتى الآن على أية مادة أو فقرة من مادة تُشَرْعِن الطائفية السياسية أو توجب توزيع المناصب الكبرى والرئيسية في الدولة وفق الانتماء الطائفي الديني أو حسب الوزن السكاني لهذه الطائفة أو تلك الإثنية. وبالمثل، لا تنص برامج أو دساتير الحزب الذي حكم العراق لأربعة عقود متواصلة "حزب البعث" على شيء من هذا القبيل. مع ذلك، فلا يمكن للمصادفة وحدها أنْ تكون هي السبب الذي جعل ثلاثة ملوك وخمسة رؤساء حكموا العراق قبل الغزو 2003 من طائفة العرب السنة فقط. لا بل أن الحاكم العراقي الوحيد الذي اعتبر "لاطائفيا" في نظر قطاعات واسعة من العراقيين، عبد الكريم قاسم وهو من أسرة متواضعة لأب من العرب السنة وأم من العرب الشيعة، قد عومل من طرف خصومه السياسيين، خصوصا من اليمين القومي، معاملة الخصم الطائفي الشيعي، وصُنِفَ حكمه باعتباره حكما "شعوبيا معاديا للعروبة والإسلام" في الأدبيات القومية والإعلام الحكومي العراقي والعربي طوال عقود. ومعروف أن حكم قاسم انتهى نهاية دموية إثر انقلاب عسكري قادته الجبهة القومية بزعامة البعث وبالتحالف الوثيق مع الاستخبارات الأميركية سنة 1963.
في المقابل، وضمن السياق المضموني ذاته، لا ينص الدستور العراقي الحالي، والذي شُرّعَ في عهد الاحتلال الأجنبي، على أية مادة، أو فقرة من مادة، تنص على وجوب أن توزع المناصب الكبرى والرئيسية في الدولة بموجب وزن وثقل "المكونات المجتمعية"، وهذا هو الاسم الجديد للطوائف الدينية والأقليات القومية في العراق. ولكن، ورغم ذلك، فقد حكمت العراق في عهد الاحتلال أربعة حكومات كان رؤساؤها جميعا من العرب الشيعة، فيما ذهبت المناصب الأخرى كرئاسة الجمهورية التي أصبحت شرفية إلى العرب السنة مرة في عهد غازي الياور ومرتين إلى الأكراد وبقيت رئاسة مجلس النواب في عهدة العرب السُنة حتى الآن.
قلنا، إن المصادفة لا تفسر لوحدها استمرار اللون الطائفي الواحد "العربي السني" لحكام العراق منذ الاستقلال وحتى الغزو الأميركي، وهناك حيثيات كثيرة أخرى تؤكد غلبة هذا اللون الطائفي ذاته في تولي رئاسات الوزارات والمناصب الرفيعة الأخرى في الدولة، ولا هي تفسر استمرار الحال على ما هو عليه مع انقلاب اللون الطائفي من طائفة إلى أخرى حيث أصبح المنصب التنفيذي الأول في الدولة من حصة "العرب الشيعة" منذ الغزو وحتى الآن، ولذلك أصبح البحث عن تفسير آخر أكثر عقلانية ورصانة ضرورة قصوى في الحاضر العراقي المضطرب.
إنّ رفض الاعتراف بوجود طائفية سياسية، يمكن أن نطلق عليها "طائفية الأمر الواقع"، سواء تعلق الأمر بعهد ما قبل الاحتلال أو بعده، لا يفيد أحدا في شيء. كما أن الاتكاء على شعار المطالبة بتعديل الدستور، على أهميته وضرورته، لا يعني شيئا ذا بال على الصعيد العملي. و هو لن يفيد في حلِّ هذا الإشكال والحالة السياسية المتأزمة الناتجة عنه إذا أجريت بعض العمليات التجميلية السطحية على العملية السياسية وبالتالي على طبيعة الحكم ومؤسساته بل عبر تدخل جراحي عميق يستهدف تحويل الحكم القائم من حكم أوامري براني جاء به المحتل الأجنبي إلى حكم ديموقراطي ينسجم ويتواءم مع آليات وتاريخية الوطنية العراقية المتشكلة خلال القرنين الأخيرين.
وحين نقول بأن الحل الحقيقي ليس في تعديل الدستور فذلك لأن الدستور لا يحتوي على مواد تحدد آليات وتوزيع وبناء المناصب الكبرى في الحكم حسب وزن الطائفة السكاني. نعم ، هناك لغو وتلميحات طائفية إنشائية يزخر بها متن الدستور الحالي وخصوصا في ديباجته، وهناك مواد تحتوي بعض التلميحات إلى ضرورة التوافق على توازن بين المكونات وتمثيلها في الحكم وبعض الاشتراطات التي تؤدي إلى نوع من التمييز والغلبة الطائفية والإثنية كما هي الحال في المواد التي تعطي حقوقا للأقاليم – والمقصود حتى الآن على الأقل هو الإقليم الكردي - على حساب المركز، ولكن هذه الأمور الصغيرة ليست هي السبب المباشر والحقيقي لوجود نظام المحاصصة الطائفية وترسخه مستقبلا. كما أنّ من المهم الإشارة أن هذا النظام المحاصصاتي وجد قبل سنِّ هذا الدستور، وتم ترتيب مؤسساته وبناه الفوقية المؤقتة بموجب اتفاقات وصفقات سرية بين أقطاب العملية السياسية التي أطلقها الاحتلال تحت الإشراف المباشر لجنرالاته وموظفيه السياسيين الكبار.
في هذا الصدد تحديدا، نتذكر كيف أصرّ زاعمو تمثيل العرب الشيعة على التمسك بمطلب أن تكون لهم الغالبية في المناصب وفي مقاعد مجلس الحكم على أساس أنهم الغالبية السكانية، حتى قبل إجراء أي إحصاء رسمي أو انتخابات تشريعية، وحينها وضع بول بريمر حجر الأساس العملي للحكومة الطائفية حين وافق على هذا المطلب ونفذه حرفيا. كان بريمر مضطرا أثناء التنفيذ إلى أن يحتسب على الكوتا الشيعية حتى عضو المجلس عن الحزب الشيوعي العراقي"جناح حميد مجيد"، على اعتبار أن هذا الأخير من أسرة شيعية. وكان له ما أراد ولم يستنكر "الرفيق الشيوعي" أو حزبه اعتباره ممثلا لطائفة وليس لطبقة! وفعل بريمر الأمر ذاته مع سياسيين عراقيين علمانيين فاحتسب بعضهم على الكوتا الكردية تارة وعلى العربية السنية تارة أخرى.
إنّ العرف، وتكرار حيثيات العملية السياسية، يجعل لطائفية الأمر الواقع قوة نفوذ وحركة لا تقل عن قوة الدستور، ولنا في نظام الحكم في لبنان خير مثال على ذلك، فالدستور اللبناني لا ينص صراحة على أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا أو رئيس الوزراء مسلما سنيا أو رئيس البرلمان مسلما شيعيا، ولكن هل يمكن لأحد أن يقترح شيئا مختلفا عن هذه التركيبة أو مخالفا لها دون أن يثير ضحك الجميع اليوم؟
إن حكم المحاصصة الطائفية في العراق ما يزال هشا و طريا فقد أكمل لتوه عقده الأول، ولكنه يسير على طريق التَرَسُّخ إن لم نقل التحجُّر بمرور الزمن وتراكم الكوارث وتجارب الاقتتال ووقائع التمييز والتمايز الطائفي والإثني.
إنّ البحث في حل لمواجهة ما دعوناه "طائفية الأمر الواقع السياسية" ينبغي أن يكون في تلافيف الوضع السياسي العراقي ذاته، داخل وخارج العملية السياسية الجارية ، وفي تفاصيل التشريعات والقوانين داخل وخارج الدستور. إن مضامين ومبادئ قانون الأحزاب مثلا سيكون أخطر بكثير من مواد الدستور لجهة تسريع أو تجميد أو مقاومة طائفية الأمر الواقع وكل حسب نوعية تلك المضامين .
إن العملية السياسية في العراق تسير منذ قيام الحكم بعد الغزو وحتى اليوم دون قانون خاص ينظم تكوين وعمل الأحزاب السياسية. وحتى كلمة "حزب" غير معترف بها رسميا لذلك تستعمل عبارة "كيان سياسي" بدلا منها . وحتى مشروع قانون الأحزاب الذي لا يزال مشروعا هو موضوع تجاذب وتنازع بين القوى السياسية ذات المَنازع والميول الطائفية والإثنية . ويمكن أن تكون لهذا القانون فائدة قصوى في حسم المعركة ضد الطائفية السياسية، إذا ما تم تأسيسه على أسس ديموقراطية وعلمانية. أسسٌ تفصل بين الطائفية التكوينية والطائفية السياسية فتعتبر الأولى من المواصفات و المنتَجات الطبيعية للمجتمع المتعدد والمتنوع والمؤلف من عدة مكونات، ويُحَرِّم ويُجَرِّم الثانية ويعتبرها، كما هي في واقعها، طريقا يؤدي حتما إلى النزاعات والصراعات والحروب الأهلية الطائفية.
ينبغي أيضا، استكمالا لهذا الأساس، فضُّ الاشتباك دستوريا بين الصفة الطائفية والسياسية للمواطن، ونقصد المواطن العام واعتماد مبدأ المواطنة الحديثة القائمة على المساواة والحرية فليس لرجل الدين أو رجل العلم أي امتياز على أي مواطن آخر، وله حقوق المواطن العادي في ممارسة السياسة بشرط التخلي عن العلامات والرموز الدينية أو الطائفية التي يحملها أو يرتديها وتفيد التمايز والتمييز المجتمعي. وسيكون من البديهي الفصل بين الأحزاب الدينية التي تبتغي إقامة الدولة الدينية الطائفية "الثيوقراطية" سواء كانت من نمط "دولة ولاية الفقيه الشيعية" أو من نوع " دولة الخلافة الراشدة السنية" وتحريم هذه الأحزاب ومنع نشاطها، وبين الأحزاب السياسية ذات التوجهات الدينية أي تلك التي تستوحي خلفيات برامجها الأخلاقية من قيم دينية والاعتراف لها بحق التكون والنشاط السياسي السلمي بشرط الاعتراف بحياد ومدنية وعلمانية الدولة.
في هذا الإطار النظري، وأيضا في العملي، سيكون من المفيد والواعد دراسة وتمحيص تجارب بعض الشعوب العربية الشبيه بالتجربة العراقية والتأسي بما أنتجته من نظم وقوانين ومبادئ وممارسات. ولعل من أَميز وأغنى التجارب في هذا الصدد، تجربة قانون الأحزاب الجزائري النافذ. فبموجب المادة 42 من الدستور الجزائري، يمنع أي حزب يقوم على أساس احتكار أحد ثوابت الأمة التي يشترك فيها جماع الشعب حيث "لا يجوز تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي.. ولا يجوز للأحزاب السياسية اللجوء إلى الدعاية الحزبية التي تقوم على العناصر المبينة في الفقرة السابقة". إن هذه المادة في الدستور الجزائر تثير الكثير من الأسئلة ولكنها ستكون يقينا أسئلة جديدة ومنتجة ومفتوحة على المستقبل وهي تستحق لهذه الأسباب مجتمعة وقفة خاصة بها وبمشمولاتها.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرار قادة -العراقية- على الهواء مباشرة !
- زوبعة سليماني: العراق لن يكون بيدقاً
- النزاع بين التيار الصدري والعصائب .. الخلفيات والتفاصيل
- بول بريمر يتقمص شبح جوزيف غوبلز!
- جعجع في كردستان العراق: استثمارات نفطية بنكهة أميركية!
- مأثرة الملازم نزهان تهزُّ الوجدان العراقي وتطلق حملة رفضا لل ...
- العراق: مقام الرئيس الفخري يهزم حصانة النائب المنتخب
- زعماء «العراقيّة» في «نيويورك تايمز»: دعوة لاحتلال جديد؟
- قراءة عراقية في نظرية إرنست رينان حول الأمة والقومية
- قضية الهاشمي: ضرب عرب العراق ببعضهم !
- الأمة العراقية: جذور المصطلح وانبعاثه اللاعلمي
- العراق يدخل جهنَّم سياسيّة باكراً: هل من رائحة أميركيّة؟
- المالكي في واشنطن : ل-ترقيع السماء العراقية-!
- أشباح جورج بوش تختفي من -عين الأسد-!
- إعادة الاعتبار العلمي لمصطلح -الثورة-
- قانون جديد لاجتثاث البعث وتقليص المحكمة التي أعدمت صدام
- أوان الورد في كركوك.. نصرت مردان يوثق للصحافة والقصة العراقي ...
- مؤتمر يساريّي أميركا في العراق: ممنوع ذكر الاحتلال
- كركوك وخيارات المستقبل: مقترحات للحوار/ج4 والأخير
- صراعات الحكم من الشمال إلى الجنوب : بين آل البارزاني وبين ال ...


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - طائفية الأمر الواقع في الدولة العراقية من 1921 وحتى الآن