أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - بول بريمر يتقمص شبح جوزيف غوبلز!















المزيد.....

بول بريمر يتقمص شبح جوزيف غوبلز!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3614 - 2012 / 1 / 21 - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يجرؤ مسؤول أميركي، منذ غزو العراق وحتى الآن، على الكذب والافتراء وتشويه المعلومات لتضليل الجمهور، إذا ما استثنينا أكذوبة بوش عن أسلحة التدمير الشامل العراقية المزعومة، كما تجرأ الحاكم المدني الأميركي السابق للعراق بول بريمر في مقالته المنشورة في صحيفة وول ستريت جورنال قبل أيام قليلة، والتي أعادت يومية "العالم" البغدادية ترجمتها ونشرها.
لقد تقمص بريمر شخصية وزير الدعاية السياسية النازي ذائع الصيت جوزيف غوبلز، صاحب المقولة الشهيرة ( اكذب و اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس!).
هنا، قراءة لأبرز الأضاليل و الأباطيل والأكاذيب التي أراد بريمر تسويقها أمام قراء "وول ستريت جورنال" لسان حال الاحتكارات الإمبريالية المتوحشة، وعبرها إلى الجمهور الأميركي:
أول جملة في مقالة بريمر تشي بالكثير من التحريض وسوء النية، فالعراق، كما يرى بريمر، يعيش إلى الأبد في جغرافيا معادية وجيران فظين، ولذلك كان حكّام العراق يجرون حسابات دقيقة للتعايش مع هذه الجيرة الفظة. بريمر هنا، يحرِّض ويستعدي العراقيين ضد جيرانهم، من دون أنْ يحدد بالاسم مَن هم هؤلاء الجيران، بل وبصيغة قد يُفهم منها أنه يقصد الجميع، ولكنه يقصد طرفا محددا يمكن حتى للرضيع معرفته من خلال عبارات مبثوثة هنا وهناك من قبيل "الإرهابيين الإيرانيين" وعبارة "وخاصة إيران". لسنا في معرض تبرئة إيران من تدخلاتها الكثيرة والعميقة في الشأن العراقي، أو التقليل من خطرها على مستقبل العراق، فنظامها السياسي الطائفي، بموجب المادة 12 من دستور دولة ولاية الفقيه، يتناقض مع الديموقراطية والعلمانية التي يتطلع إليها العراقيون بأمل وصدق كمنقذ من وحل المحاصصة الطائفية الذي غمرهم به الاحتلال. ولكن ما مناسبة تحريض بريمر العراقيين على جيرانهم ؟ هل هو لوجه الخير والاستقرار في العراق والمنطقة؟ لا، قطعا، بل هو يريد أن تدوم الاستعانة العراقية بأميركا ضد هؤلاء الجيران الأفظاظ ليبسط "اليانكي الأميركي" سيطرته المباشرة على كل مفاصل الإقليم، أما المنطق والقراءة الصحيحة والعلمية للواقع الجغراسياسي فتقول بأن على أي نظام وطني ومستقل و ديموقراطي "وليس طائفي" في العراق، أن يحاول، في المدى المنظور على الأقل، احتواء الخطرين الإيراني و السعودي، و يستعد جيدا إذا ما تفاقم الخطر التركي في موضوع تصحير العراق وتجفيف نهريْ دجلة والفرات.
الاحتواء البناء المطلوب يمكن أن ينفذ عبر نَسْجِ علاقات متوازنة مع دول الإقليم كلها باستثناء دولة العدو الإسرائيلي، وتقوم على رفض التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة وإقامة مشاريع مشتركة. إن الهدف من سياسة الاحتواء البناء هو التفرغ لبناء العراق وتحويله من بلد مهدم ومستباح سياسيا وعسكريا، يعيش شعبه على الغذاء المستورد بدولارات البترول إلى بلد ديموقراطي قوي ، يستطيع الدفاع عن نفسه ومواطنيه واستقلاله ويخوض غمار نهضة حضارية حقيقية. وهذا ما لا تريده أميركا!
كذبة كبيرة أخرى يطلقها بريمر حين يعلن أنّ رئيسه بوش هو من (أنقذ العراق من مخطط مخزٍّ لتنظيم القاعدة بقراره الشجاع لاعتماد استراتيجية الزخم وبإضافة قوات أخرى في وقت مبكر من العام 2007 ). يريد لنا بريمر أنْ نصدق أن بوش هو الذي أنقذ العراق من شرور تنظيم القاعدة، وأن ننسى أن بوش هو مَن جاء بسفاحي القاعدة وفتح لهم أبواب العراق عبر تبنيه للإستراتيجية العسكرية القائلة ( سحب العدو إلى داخل الميدان العراقي وسحقه هناك عوضا عن مقاتلته في شوارع نيويورك وواشنطن) غير أن ما حدث هو أن القاعدة وحلفائها تمكنوا من سحق رؤوس المدنيين العراقيين ولم ينل الأذى والشرر إلا أعدادا قليلة من عساكر بوش، فالإحصائيات الغربية تقول أن عدد التفجيرات التي وقعت في العراق من عام 2005 وحتى عام 2010 بلغ 23 ألف تفجير وهو عدد يفوق ما شهدته الكرة الأرضية كلها من تفجيرات خلال نصف قرن و كانت حصة الأهداف المدنية العراقية منها 18 ألف تفجيرا خلفت ما يقرب من مليون قتيل وجريح مدني عراقي، أما حصة الأهداف العسكرية الأميركية والعراقية فلا تتجاوز خمسة آلاف تفجير، تلك هي الثمار المرة لخطط الرئيس بوش وساعده الأيمن بول بريمر.
يحدد بريمر الأهداف الأمنية في العراق بثلاثة هي: " ضرب القاعدة والإرهابيين الإيرانيين" و "تدريب القوات العراقية" و " كبح التوترات على طول الخط الأخضر بين الشمال الكردي والجنوب العربي". بريمر يعتبر هذه الأهداف أميركية، وهو يتحسر لأن انسحاب القوات سيزيد من صعوبة تحقيقها. ولكن هل هذه الأهداف حقيقية ؟ لقد أخبرنا بريمر في موضع آخر من مقالته بأن خسائر المدنيين قد ( انخفضت هذا العام إلى 5% ، وبعد تحسن الأمن، ازدهر الاقتصاد العراقي) ويأتي بعدة أدلة على هذا الازدهار الاقتصادي، بعضها مضحك قليلا، كقوله إن استعمال الهواتف "ربما يقصد الهواتف النقّالة ؟" قد تضاعف خمسة مرات، وأن كمية المياه الصالحة للشرب تضاعفت إلى ثلاثة أضعاف عما كانت عليه في عهد نظام الدكتاتور صدام حسين.
حسنا، إذا كان الوضع بهذه الصورة الزاهية، فلماذا يريد بريمر أن يُبْقي قوات الاحتلال في العراق؟ الهدف الثاني أكثر بؤسا من سابقه فهو يريد البقاء في العراق للمساعدة في تدريب القوات العراقية! ولكن ماذا كان يفعل مائة وخمسون ألف عسكري أميركي في العراق طوال تسع سنوات تقريبا؟
أما الهدف الثالث، أي "كبح التوترات على الخط الأخضر بين الشمال الكردي والجنوب العربي" فهو صناعة أميركية من حيث نشأته، أو من حيث الهدف من الإبقاء على نيرانه مشتعلة أو قابلة للاشتعال. ومع ذلك، فلا يمكن نكران وجود خلافات ومآس إثنية وطائفية كثيرة تلقي بظلالها على الحاضر العراقي وخصوصا بسبب ما عاناه الأكراد العراقيون في عهد النظام الشمولي السابق، أما في عهد الاحتلال فقد اخترع المحتلون مشاكل جديدة، وحلولا تؤدي إلى مشاكل جديدة من قبيل " المناطق المتنازع عليها"، و "المادة 140 "، و "الفيتو الرئاسي"، و "فيتو المحافظات الثلاث" ومواد دستورية خطيرة أخرى. ويبدو أن الوقت قد حان ليستثمر بريمر هذه القنابل والألغام التي تركها خلفه.
وبعد هذا اللف والدوران، يفاجئنا بريمر بأن الداعي الحقيقي لبقاء قوات أميركية في العراق هو سياسي بحت، بمعنى أنه قفز على أهدافه الثلاث السابقة بحركة واحدة واعتبرها وكأنها لم تكن. وليدلل على أهمية وفوائد هذا البقاء ويؤكد صحة "الداعي السياسي" له، يستشهد بما يسميه (الحريق السياسي الذي شب في غضون 42 ساعة من رحيلنا). فقد ( أصدر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الشيعي، أمرا قضائيا بإلقاء القبض على نائب رئيس البلد، السني، الذي فرَّ إثر ذلك إلى المنطقة الكردية في الشمال). يلاحظ أن بريمر يتبنى وجهة نظر أكثر تطرفا من قائمة علاوي فهو يضع القضاء العراقي برمته في جيب المالكي (الذي أصدر أمرا قضائيا بإلقاء القبض على نائب رئيس البلد السني) الأمر الذي لم يزعمه لا علاوي ولا حتى الهاشمي، بل إننا استمعنا إلى نقد وجهه النائب حامد المطلك وهو من "العراقية" للهاشمي حين شكك، مجرد تشكيك، بنزاهة القضاء العراقي. إن ما يقوله بريمر هنا قد يبدو أقرب إلى كلام شخص يعاني من مشكلة نفسية أو عقلية ما، فهو يحاول أن يقنعنا بالتالي: لكي يعيش العراقيون بسلام، يشترط عليهم ألا تحدث عندهم حرائق سياسية كحريق الهاشمي، و عليهم، وهذا هو الأهم، الموافقة على بقاء جيوش أميركا على أرضهم وبحصانة يصادق عليها برلمانهم وهم صاغرون!
خبر كبير يطلقه بريمر في هذا السياق ومفاده أن مسألة بقاء قوات أميركية التي قدرها بعشرين ألفا حظيت بـ" عدم معارضة المرجع السيستاني" بفضل الدبلوماسية الهادئة التي استخدمتها أميركا. هذا الخبر يأتي مخالفا لما صدر من تصريحات نسبت إلى المرجع السيستاني والناطقين باسمه، ومع ذلك فإن على المرجعية أن تبادر سريعا إلى توضيح موقفها من هذا الخبر الخطير الذي أورده بريمر بمنتهى الثقة، إذْ ليس من مصلحتها السكوت عليه وإلا فسيكون أشد ضررا على صورتها من واقعة عدم الإفتاء لصالح الجهاد ضد الاحتلال في سنة 2003 وما بعدها!
وفي السياق، يعرب بريمر عن شكوكه في أن هناك أطرافا في الحكومة الأميركية كانت تتعمد عدم التوصل إلى اتفاق مع العراقيين حول مسألة حصانة القوات الأميركية المتبقية والتي كان الجانب الأميركي يشترط أن يصادق البرلمان العراقي عليها. وهذه الفكرة الساذجة، إن صحَّت، وكان لها من فائدة أو مبرر فهو لن يكون إلا تأكيدا على أن هزيمة أميركا في العراق كانت من القسوة لدرجة أنّ أطرافا حكومية أميركية كانت تريد عرقلة بقاء القوات بأي شكل كان، وإنهاء الوجود الاحتلالي، وتلك هي "الجائزة الكبرى" التي يتحمل بريمر شخصيا حصة كبيرة وربما الأكبر عن مسؤولية حدوثها.
وأخيرا، فإنّ المناحة التي يقيمها بريمر في ختام مقالته والتي يقول فيها و الدموع تكاد تفرُّ من عينيه ( لقد ارتكب الرئيس أوباما خطأ جسيما بسحبه كامل القوات الأميركية. لكن، لديه فرصة البدء بمعالجة النتائج، إلا أن لا وقت طويل أمامه ليضيعه )، هذه المناحة، لن تثير شفقة الكثيرين خصوصا في العراق، أللهم إلا أولئك الشواذ سياسيا واللصوص المحترفين والذين فقدوا الحامي والسند برحيل قوات الاحتلال ومعها أشباح بريمر وغوبلز!

*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جعجع في كردستان العراق: استثمارات نفطية بنكهة أميركية!
- مأثرة الملازم نزهان تهزُّ الوجدان العراقي وتطلق حملة رفضا لل ...
- العراق: مقام الرئيس الفخري يهزم حصانة النائب المنتخب
- زعماء «العراقيّة» في «نيويورك تايمز»: دعوة لاحتلال جديد؟
- قراءة عراقية في نظرية إرنست رينان حول الأمة والقومية
- قضية الهاشمي: ضرب عرب العراق ببعضهم !
- الأمة العراقية: جذور المصطلح وانبعاثه اللاعلمي
- العراق يدخل جهنَّم سياسيّة باكراً: هل من رائحة أميركيّة؟
- المالكي في واشنطن : ل-ترقيع السماء العراقية-!
- أشباح جورج بوش تختفي من -عين الأسد-!
- إعادة الاعتبار العلمي لمصطلح -الثورة-
- قانون جديد لاجتثاث البعث وتقليص المحكمة التي أعدمت صدام
- أوان الورد في كركوك.. نصرت مردان يوثق للصحافة والقصة العراقي ...
- مؤتمر يساريّي أميركا في العراق: ممنوع ذكر الاحتلال
- كركوك وخيارات المستقبل: مقترحات للحوار/ج4 والأخير
- صراعات الحكم من الشمال إلى الجنوب : بين آل البارزاني وبين ال ...
- بانتظار زيارة جوزف بايدن ..خرائط تقسيم العراق جاهزة
- الانقلاب البعثي في العراق: شيء لا يشبه شيئا !
- الاستفتاء على كركوك بين الشرعية الدستورية والاستحالة العملية ...
- الاتفاقية الأمنية : حساب السلب والإيجاب


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - بول بريمر يتقمص شبح جوزيف غوبلز!